ترسخ دبي مكانتها كإحدى الوجهات الرائدة للتسوق في العالم حيث تشير التقارير والدراسات والأرقام إلى أن قطاع التجزئة في دبي يحقق معدلات نمو لافتة سنويا. ويسهم بنسبة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي تصل إلى نحو 30%، ويتوازى هذا مع النمو في الواردات وإعادة التصدير.
ويرجع هذا إلى عدة أسباب ومن أهمها الرؤية الواضحة، والتخطيط السليم، والأهداف الطموحة، فخلال السنوات القليلة الماضية ازداد الاهتمام بالاستثمار في هذا القطاع لدرجة أننا شهدنا تشييد أكبر وأرقى مراكز التسوق على مستوى العالم، وتخطت دبي بهذا المعايير الدولية المتبعة في بناء وتشييد مثل هذه المراكز لترسم لنفسها خطا واضحا ونموذجا يصلح للأجيال القادمة أن تنتهج خطاه.
وكذلك ساهم مهرجان دبي للتسوق الذي انطلق في العام 1996، وكذلك "مفاجآت صيف دبي" في العام 1998، والعروض الترويجية المبتكرة والمبادرات الأخرى المتنوعة في النهوض بهذا القطاع إلى مستويات متقدمة لتؤصل من مكانة دبي كعاصمة التسوق في المنطقة، وتسحب البساط من تحت مدن عالمية شهيرة كانت إلى وقت قريب تتربع على عرش التسوق.
تقارير ودراسات
وصنف تقرير حديث لصحيفة «التلغراف» البريطانية دبي في مرتبة أفضل مدينة للتسوق في العالم، وأوضح أن عنصر التسوق يعد من عناصر الجذب الرئيسية للعديدين من زوار دبي، كما أنه يحتل ركناً أساسياً ضمن لائحة الأمور المفضلة للمقيمين فيها.
واستطرد أن مراكز التسوق المكيفة، وساحات المدينة التقليدية، أصبحت من أروع الأماكن للتواصل الاجتماعي. وجاءت هونغ كونغ في المركز الثاني، وباريس ثالثة، ومراكش في المرتبة الرابعة، ونيويورك خامسة، وبانكوك في المركز السادس، ولندن سابعة، ولوس أنجلوس8، وروما 9، وبرشلونة في المرتبة العاشرة.
ليس هذا فحسب بل إن "جونز لانغ لاسال" أشارت في تقرير لها إلى أن دبي ما زالت تحافظ على المركز الأول عربياً من حيث مساحات مراكز التسوق، وأن نصيب الفرد من مساحات التجزئة في مراكز التسوق في دبي هو الأعلى في المنطقة، إذ يصل إلى 1.6 متر لكل متسوق.
وتشير دراسات أخرى إلى أن قطاع التجزئة ومراكز التسوق في دبي تستحوذ على ثلث المراكز في دول الخليج. ويدعم ذلك ما أشارت إليه "بيزنس مونيتور انترناشيونال" بأن عائدات التجزئة في الإمارات ارتفعت بنسبة 5.3 % في العام 2011، متوقعة أن ترتفع إلى 120 مليار درهم هذا العام، و157 مليار درهم في العام 2015.
وتبوأت دبي مكانة مرموقة في قطاع التجزئة، حيث إنها جاءت في المركز الثاني بعد مدينة لندن في قدرتها على اجتذاب علامات تجارية عالمية في العام 2011، فقد اجتذبت حوالي 54% من ماركات التجزئة العالمية، وهي بذلك تكون من أكثر المدن المرغوبة لتجارة التجزئة في العالم.
دور مهم
وأكدت ليلى محمد سهيل، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للفعاليات والترويج التجاري، إحدى مؤسسات دائرة التنمية الاقتصادية في دبي أن قطاع التجزئة يعتبر رافدا مهما لاقتصاد إمارة دبي، وقامت حكومة دبي بإيلاء هذا القطاع أهمية كبيرة كونه يشكل الشريان الذي يغذي اقتصادها، ولاسيما أن دبي اشتهرت منذ الأزل بالتجارة، وكانت دبي أيضا مركزا مهما لإعادة التصدير، وهذا ساهم في تبوئها هذه المكانة الحيوية.
نقلة نوعية
وتشير سهيل إلى أن دور مؤسسة دبي للفعاليات والترويج التجاري كان واضحا وبارزا منذ البداية في ترسيخ مكانة هذا القطاع منذ انطلاقة الدورة الأولى من مهرجان دبي للتسوق في العام 1996، باعتباره واحدا من القطاعات المهمّة التي تحرص المؤسسة على ضمان نموه واستمراريته، ولهذا قامت على مدى السنوات الماضية بلعب دور حيوي في تحفيز الشركات على تقديم أفضل العروض والحملات الترويجية خلال المهرجانات والأحداث التي تنظمها. وشددت أن المؤسسة تساهم في إحداث نقلة نوعية في القطاع.
وقد تعزز دور المؤسسة أكثر فأكثر من خلال الصلاحيات التي أضيفت إلى مهام المؤسسة وفق لوائح القانون رقم (30) لسنة 2009 الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله) بتاريخ 28أكتوبر2009 بشأن المؤسسة والأطر العامة لعملها وأهدافها والمسؤولية الملقاة على عاتقها.
وتنظيم وإقامة وتطوير الفعاليات والمهرجانات وغيرها من الأنشطة الترويجية التجارية في الإمارة. وإقامة الأسواق الدائمة والموسمية وتنظيم وتوجيه عمل برامج القطاعات التجارية في الإمارة بهدف دعم الفعاليات والمهرجانات ومراكز التسوق وأنشطة المؤسسة المرتبطة بقطاع البيع بالتجزئة.
استراتيجية طويلة المدى
وقالت إن المؤسسة وضعت استراتيجية طويلة المدى للنهوض بهذا القطاع إلى آفاق جديدة تتماشى مع السمعة العالمية التي تتمتع بها دبي كوجهة عالمية لسياحة التسوق، وذلك لما تزخر به من مقومات لا مثيل لها من بنية تحتية متطورة، ومراكز تسوق راقية، كما تضم مجموعة كبيرة من الماركات العالمية.
فضلا عن كونها تربطها علاقات قوية ومتينة مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص، كما تقوم المؤسسة ومن خلال المهرجانات والأحداث التي تنظمها والتي تشمل:"مهرجان دبي للتسوق"، و"مفاجآت صيف دبي"، و"العيد في دبي" و«رمضان في دبي» بالترويج لدبي كوجهة رائدة في المنطقة في مجال تجارة التجزئة، وتساعد هذه المهرجانات والأحداث على تنشيط الأسواق وتحقيق معدلات نمو مرتفعة.
وتوضح أن المؤسسة أنها ستعمل مع قطاع التجزئة في دبي خطوة بخطوة سواء من خلال دعمه أو وضع السياسات العامة الخاصة به، واستشارة أهم الشركات العاملة فيه من أجل النهوض به إلى مستويات متقدمة، وأيضا اختيار الأوقات المناسبة لإقامة المهرجانات والفعاليات التي تتزامن مع المواسم التي يرتئيها قطاع التجزئة مناسبة له وتسهم في انتعاشه.
مفاجآت صيف دبي
استمر حدث "مفاجآت صيف دبي" منذ انطلاقته الأولى في العام 1998 بتسجيل معدلات نمو سنويا في حجم الإنفاق والزوار، وبلغت هذه الإحصاءات رقما قياسيا في العام 2011، حين أعلنت المؤسسة عن نتائج الدورة الرابعة عشرة لمفاجآت صيف دبي، والتي أظهرت أن مفاجآت صيف دبي 2011، التي استمرت لمدة خمسة أسابيع من 22 يونيو وحتى 31 يوليو، استقبلت حوالي 4 ملايين زائر، فيما بلغ معدل إنفاق هؤلاء الزوار 8.8 مليارات درهم، توزعت على قطاعات التجزئة والسفر والضيافة بشكل أساسي، بالإضافة إلى العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى في إمارة دبي.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن عدد الزوار الدوليين للحدث بلغ ما يقارب من 890 ألفا بمعدل إنفاق بلغ 5.9 مليارات درهم، بينما بلغ عدد الزوار من داخل الدولة أكثر من 3 ملايين زائر أنفقوا 2.9 مليار درهم، فيما أكد 73% من الزوار أن حدث "مفاجآت صيف دبي" يعزز من جاذبية إمارة دبي كوجهة للعطلات الصيفية الممتعة. وكشفت الدراسة ذاتها على أن 9 من أصل 10 زوار تقريباً شاركوا في الاستطلاع يعتبرون أن التسوّق هو من أهم عناصر الجذب خلال حدث المفاجآت.
مع العلم أن الملابس والإكسسوارات والعلامات التجارية العالمية جاءت في المرتبة الأولى من حيث اهتمامات المتسوقين من خارج الدولة بها كمشتريات مفضّلة، حيث قام 4 من أصل 5 زوار بشراء إحدى هذه البضائع.
في حين قام ما يقارب 3 من أصل كل 5 زوار بشراء العطورات، ومستحضرات التجميل والعناية بالبشرة خلال الحدث. كما يُذكر أن زوار الحدث من داخل الدولة أنفقوا 1.2 مليار درهم على التسوق.
وتعتبر المعدات والأجهزة الإلكترونية (بما فيها أجهزة الحاسوب الشخصية والمحمولة، وأجهزة الهاتف المتحرّك) من جهة، والملابس والبضائع ذات العلامات التجارية المشهورة والإكسسوارات من جهة أخرى، مشتريات مفضلة لدى الزوار من سكان الدولة، حيث يحرص نصف زوار الحدث المحليين على شراء سلع هاتين الفئتين (47% و45% على التوالي).
مهرجان دبي للتسوق
وعززت هذه المكانة أيضا النتائج التي حققها مهرجان دبي للتسوق 2011 عكست جانبا مهما من جوانب نمو قطاع التجزئة حيث بلغت نسبة إنفاق الزوار الإقليميين والدوليين من إجمالي حجم الإنفاق خلال مهرجان دبي للتسوق 2011، والذي بلغ 15.1 مليار درهم، حوالي 40% (5.9 مليارات درهم). وبلغ حجم إنفاق المتسوقين من الإمارات ما يقارب 6.2 مليارات درهم.
كما أظهرت الدراسة أن أكثر من 78% من الزوار الإقليميين والدوليين أكدوا أن المهرجان يمثل حدثاً عالمياً رائداً، فيما أكدت نسبة 83% من الزوار بأن العروض والتخفيضات التي يشهدها مهرجان دبي للتسوق قد لعبت دوراً "هاماً إلى حد ما" أو "هاماً للغاية" في اختيارهم دبي كوجهة ترفيهية لقضاء إجازاتهم.
وبلغ عدد الزوار الذين تواصلوا فعلياً مع فعاليات المهرجان عام 2011 على مدى شهر كامل حوالي 3.98 ملايين شخص، في حين بلغ عدد الزوار الإقليميين والدوليين لدبي أثناء فترة المهرجان 884660 شخصاً أتت غالبيتهم العظمى من الهند والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية (11% و8% و8% على التوالي).
وقد تم تأكيد تأثير المهرجان الإيجابي على قطاع التجزئة من خلال البيانات التي تم جمعها من تجار التجزئة المشاركين؛ وقد أشارت نسبة 60% منهم إلى أن الإقبال كان "يماثل" أو "أفضل من" الإقبال الذي شهدوه في دورة العام 2010.
دلالات
نجاح دبي في استقطاب نحو 9.3 ملايين سائح العام الماضي، له دلالات واضحة على أن الإمارة بلا منازع تعد من أفضل الوجهات في العالم من حيث الأعمال والتسوق والسياحة.
كما يعزز ذلك قدرة "دبي مول" على استقطاب أكثر من 54 مليون زائر بنمو15% مقارنة بعدد الزوار الذي بلغ 47 مليوناً خلال 2010، ليصبح "مول دبي" وجهة التسوّق والترفيه الأكثر اجتذاباً للزوار في العالم، حيث تجاوز عدد زواره إجمالي السياح الذين زاروا نيويورك خلال العام 2011، وبلغ عددهم 50.2 مليوناً. وكذلك الحال بالنسبة للعديد من مراكز التسوق التي شهدت زيادة واضحة في أعداد المتسوقين والزوار.

