قام وفد الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي مؤخراً بزيارة عمل للولايات المتحدة الأميركية استغرقت عدة أيام. حيث يؤسس المجلس لشراكات استراتيجية مع المؤسسات الاقتصادية الأميركية ترأس الوفد هاني الهاملي الأمين العام للمجلس برفقة الفريق التنفيذي للأمانة العامة. وشملت الزيارة عددا من مراكز صنع القرار والمؤسسات الدولية في الولايات المتحدة.
وأشار الهاملي الى ان العلاقات الاقتصادية الاماراتية-الأميركية تكتسب أهمية استثنائية، حيث تعد الولايات المتحدة شريكاً تجارياً رئيسياً بالنسبة لدولة الامارات ودبي. فمنذ تأسيس دولة الامارات تطورت العلاقات بين البلدين بصورة مطردة وشملت مختلف المجالات والأنشطة، حيث لم تقتصر على التبادل التجاري والاستثمارات، بل طالت العديد من المجالات الثقافية والتعليمية والسياسية.
أما بالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين دبي والولايات المتحدة، فان الامارة تحتفظ بسجل حافل في هذا المجال، حيث تتنشط المبادلات التجارية بين البلدين في مختلف المنتجات، اضافة الى الاستثمارات وحركة السياحة والنقل. هذا وتسعى حكومة دبي إلى تعزيز هذا الاتجاه بما ينعكس ذلك إيجاباً على قطاع الأعمال والمواطنين في البلدين.
وأشار الهاملي الى أن من بين أهم أسس العلاقات بين الامارات والولايات المتحدة هي الزيارات المتبادلة لقيادة البلدين، وآخرها الزيارة التي قام بها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة للولايات المتحدة الأميركية ومباحثاته مع القادة الأميركان حول العديد من مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري إلى جانب القضايا الثنائية والدولية، حيث ساهمت هذه الزيارة بترقية هذا التعاون إلى جانب تنشيطها للاتفاقيات والمشاريع القائمة بين البلدين والتي جسدت في مضمونها عمق العلاقات بينهما في مختلف المجالات من أجل الارتقاء بالمصالح وتحقيق الغايات المشتركة.
وقد أعربت القيادة الأميركية عن اعتزازها بالدور الإقليمي المؤثر الذي تلعبه دولة الإمارات في تكريس التنمية العالمية واستقرار الاقتصاد العالمي، وأن هذه السياسة محط تقدير كبير وفتحت أمام الدولة ودبلوماسيتها الفاعلة آفاقاً رحبة من التعاون والتنسيق والتفاهم مع الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، أبرم مسؤولو البلدين العديد من الاتفاقيات الثنائية الاقتصادية والتجارية والتي غطت مجالات شتى.
موقع استراتيجي
أشار الأمين العام الى أن مجتمع الأعمال الأميركي ينظر الى الامارات بعامة ودبي بخاصة كمنطقة جذب للاستثمارات الأميركية العالمية نظراً لما تتمتع به من موقع استراتيجي يربط الشرق بالغرب، ورؤية واضحة لمساراتها التنموية، وسياسات اقتصادية متوازنة، فضلاً عن سياسة التنوع الاقتصادي التي نجحت الدولة عبرها في التحول من الاعتماد على الطاقة الكربوهيدراتية الى قطاعات آخرى ذات قيمة مضافة عالية، مثل الصناعة والطاقة، ناهيك عن التطور الهائل في العديد من القطاعات غير النفطية مثل التجارة والسياحة واللوجستية.
كما تحتضن الدولة مجتمع أعمال أميركي يساهم بفاعلية كبيرة في برامج التنمية الاقتصادية. حيث توجد حوالي 750 شركة أميركية تتنشط في قطاعات استراتيجية، مثل الصحة والطاقة والنقل وغيرها، معظمها دخلت في شراكات مع الشركات الوطنية. وبالمقابل، يوجد في الولايات المتحدة مجتمع أعمال اماراتي يزاول مختلف الأنشطة اضافة الى مجموعة واسعة من الطلبة والباحثين في مختلف المجالات.
أكبر شريك تجاري
ورغم حالة الاضطراب التي تشوب الأسواق الأميركية والعالمية شهدت التجارة بين الإمارات والولايات المتحدة نمواً ملحوظاً العام الماضي 2011. وطبقاً لآخر التقارير بلغت قيمة التبادلات التجارية بين البلدين في العام المذكور أكثر من 18 مليار دولار (حوالي 65 مليار درهم) بزيادة بلغت 43% عن حجم التجارة بينهما في عام 2010. وبالمقابل نمت الصادرات الأميركية الى الدولة بنحو ثلث ما كانت عليه في عام 2010.
وأغلب هذه الصادرات تشمل الطائرات ومعدات التقنية، في حين تشمل الصادرات الاماراتية الى الولايات المتحدة الألومنيوم. كما شهدت حركة السياحة بين البلدين نمواً ملموساً، وقد طال ذلك حركة النقل الجوي، حيث تنامت الرحلات الجوية بين البلدين لاسيما عبر دبي، واليوم يصل "طيران الامارات" و "طيران الاتحاد" وبصورة مباشرة الى تسع ولايات أميركية.
مراكز صنع القرار
واستهلت زيارة وفد مجلس دبي الاقتصادي بمقر برنامج تطوير القانون التجاري (CLDP) التابع لوزارة التجارة الأميركية. حيث تم توقيع مذكرة للنوايا بين المجلس والبرنامج المذكور تضمنت الأطر العامة لاقامة شراكة استراتيجية بين الطرفين. هذا وقد وقع عن المجلس هاني الهاملي في حين وقع عن البرنامج ستيفان جاردنر، المستشار الرئيسي للبرنامج.
وفي كلمته أثناء مراسيم توقيع مذكرة النوايا، أثنى الأمين العام على التعاون القيّم الذي أبداه البرنامج مع المجلس خلال الفترة الماضية في مجال مراجعة عدد من مشروعات القوانين الاقتصادية الاتحادية والمحلية التي يعكف المجلس على دراستها وتقديم مرئياته بشأنها لتطويرها وبما يساهم في تعزيز الاطار التنظيمي للاقتصاد الوطني
يذكر أن برنامج تطوير القانون التجاري تأسس في عام 1992 ويستهدف مساعدة أكثر من 40 دولة حول العالم في اجراء الاصلاحات في القوانين التجارية من خلال تطوير تشريعاتها التجارية، مثل قوانين حماية الملكية الفكرية، والمنافسة، والتحكيم وما شابها.
تطوير علاقات الأعمال
أما الجولة الأخرى من زيارة وفد الأمانة العامة فقد شملت إدارة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة الأميركية. حيث التقى الأمين العام للمجلس بفرانسيسكو سانشيز وكيل الوزارة للتجارة الدولية، وتم بحث سبل اقامة تعاون استراتيجي بين المجلس والادارة لاسيما في المجالات ذات الاهتمام المشترك. وأشاد سانشيز بالدور المتنامي لدولة الامارات على المستويين الاقليمي والعالمي، فالامارات اليوم باتت مركز ثقل في مختلف الشؤون الاقتصادية والسياسية والانسانية.
كما أعرب عن ارتياحه بتطور العلاقات التجارية بين دبي والولايات المتحدة، موضحاً أن الفعاليات الاقتصادية في الولايات المتحدة تتطلع إلى تعزيز هذه العلاقات والاستفادة من الفرص التي توفرها دبي بوصفها مركزاً تجارياً واستراتيجياً ليس على مستوى دولة الامارات فحسب بل على مستوى منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط. ثم زار وفد المجلس مقر بنك الصادرات-الواردات الأميركي (US Exim Bank) بواشنطن العاصمة. حيث التقى الأمين العام بفريد هوجبيرك رئيس البنك.
وقد ناقش الفريقان سبل تعزيز العلاقات بين المجلس والبنك. وفي هذا السياق، أشار هاني الهاملي الى أن المجلس ومن خلال هذه الزيارة إنما يسعى الى التعاون مع بنك الصادرات-الواردات الأميركي باتجاه دعم البنك لقطاع الأعمال في دبي وخاصة المؤسسات التي لديها تعاملات تجارية مع الولايات المتحدة. من جهته استعرض هوجبيرك العلاقات التي يحتفظ بها البنك مع دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً الى تطلع البنك الى تعميق علاقاته مع دولة الامارات بعامة وإمارة دبي بخاصة وبما يعزز قطاع الأعمال فيها.
هذا وأعقبت زيارة وفد المجلس لمقر البنك حضور المؤتمر السنوي للبنك في العاصمة الأميركية والذي استمر على مدار يومين. وقد حضر المؤتمر كبار الشخصيات من الولايات المتحدة والعديد من دول العالم.
التجارة بين دبي وأميركا ازدادت 4 أضعاف خلال عقد
ازدادت قيمة المبادلات التجارية بين دبي وأميركا من 9.4 مليارات درهم في عام 2000 الى 17.5 مليار درهم في عام 2004، أي بزيادة بلغت نحو ضعفين خلال أربعة أعوام فقط. وبعد أن انخفضت في عام 2005 عاودت بالارتفاع الكبير لتصل الى 39.2 مليار درهم في عام 2007.
وبلغت قيمة هذه التجارة في عام 2009 حوالي 31 مليار درهم لتتجاوز ما كانت عليه في عام 2006. كما ازدادت قليلاً في عام 2010 لتبلغ 31.5 مليار درهم في عام 2010. أما في العام الماضي فقد بلغت قيمة هذه التجارة خلال الأرباع الثلاثة الأولى 33.7 مليار درهم. وذلك طبقا لورقة عمل أعدها الكادر التنفيذي في الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي عن تطور التجارة الخارجية بين دبي والولايات المتحدة.
وأجرت الورقة بعض التنبؤات والتي أشارت الى وجود فرص للنمو المستمر في هذه التجارة، حيث بداية- يتوقع ان تصل قيمة هذه التجارة العام الحالي 2012 حوالي 35.7 مليار درهم، أي بنمو يبلغ حوالي 5% عن العام الماضي. كما يتوقع ان تصل هذه التجارة العام المقبل الى 37.6 مليار درهم، وان تستمر بالزيادة لتبلغ 39.2 مليار درهم و 40.3 مليار درهم في العامين 2014 و 2015 على التوالي.
أما على صعيد أنماط التجارة بين دبي والولايات المتحدة، فلقد لوحظ نمواً مطرداً للتجارة المباشرة بينهما. حيث ازدادت من 6.1 مليارات درهم في عام 2000 الى 10.8 مليارات درهم في عام 2004، اي بزيادة ناهزت الضعفين. وقد بلغت هذه التجارة ذروتها في عام 2008 حينما وصلت الى 37.6 مليار درهم بيد انها انخفضت قليلاً خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة.
وازدادت التجارة عبر المناطق الحرة بين دبي والولايات المتحدة من 3 مليارات درهم في عام 2002 الى 6.2 مليارات درهم في عام 2004، أي بزيادة بلغت نحو ضعفين. وبلغت هذه التجارة ذروتها في عام 2008 حينما وصلت الى 18.9 مليار درهم أي بأكثر من ستة أضعاف ما كانت عليه في عام 2002، سوى أنها انخفضت قليلاً في السنوات التي أعقبت عام 2008.
أما على صعيد هيكل التجارة بين دبي والولايات المتحدة، فقد شهدت نمواً ملحوظاً. فعلى صعيد صادرات دبي، ازدادت من 1.6 مليار درهم في عام 2000 الى 2.7 مليار درهم في عام 2006، أي بزيادة تجاوزت 68%، بيد أنها انخفضت خلال الأعوام التي تلته. أما أغلب هذه الصادرات فهي المعادن والأحجار الكريمة، والمكائن والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، والأجهزة الطبية، والأقمشة والمعادن.
أما ورادات دبي من الولايات المتحدة فقد استأثرت بالنصيب الأعظم من التجارة بينهما. حيث نمت من 7.2 مليارات درهم في عام 2000 الى 15 مليار درهم في عام 2004، أي بزيادة قدرها ضعفان. بعدها انخفضت بحوالي النصف في عام 2005 لتعاود الارتفاع وبشكل حاد لتبلغ أعلى مستوى لها في عام 2007 حينما بلغت 35 مليار درهم، ثم انخفضت قليلاً لتبلغ 28 مليار درهم في عام 2010.
في حين سجلت الواردات في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي 27 مليار درهم. وتركزت هذه الواردات على المكائن والأجهزة الكهربائية والالكترونية، والسيارات والطائرات والسفن ووسائط النقل، إضافة إلى المعادن والأحجار الكريمة.
أما تجارة إعادة الصادرات فقد أخذت نصيباً أقل من الصادرات والواردات بيد أنها شهدت نمواً مستمراً. حيث ازدادت من 657 مليون درهم في عام 2000 الى 878 مليون درهم في عام 2004، أي بزيادة بلغت 33%. ثم، ومنذ عام 2006 شهدت هذه التجارة طفرة كبيرة حينما بلغت في العام المذكور 1.3 مليار درهم ثم الى 2.5 مليار درهم عام 2008، بعدها انخفضت قليلاً خلال العامين الماضيين.
زيارات مهمة
زار وفد الأمانة العامة مقر مجلس الأعمال الأميركي-الإماراتي، حيث التقى الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي بداني سبرايت رئيس مجلس الأعمال. وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات التجارية بين دبي ودولة الامارات مع الولايات المتحدة وبما يحقق مصلحة البلدين. يذكر أن مجلس الأعمال الأميركي-الاماراتي يضم 100 عضواً يمثلون مختلف الفعاليات الاقتصادية من البلدين.
ثم زار الوفد مقر شركة لايثم وواتكنز، حيث التقى بديفيد دانتزك الشريك في الشركة. وتم خلال اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات بين المجلس والشركة في مجال تقديم المشورة القانونية لدعم جهود الأمانة العامة في تطوير واقتراح التشريعات القانونية التي تعزز الاطار التنظيمي لدولة الامارات. كما زار الوفد صندوق النقد الدولي.
حيث التقى الأمين العام للمجلس بسين هاجن المستشار العام. وتم خلال اللقاء بحث أوجه التعاون الاستراتيجي بين المجلس والصندوق في مجال التشريعات الاقتصادية وسبل تحسين بيئة الأعمال وبما يعزز عملية النمو الاقتصادي لدبي. وشملت زيارة وفد المجلس مقر سفارة دولة الامارات في العاصمة الأميركية واشنطن. حيث التقى الأمين العام بيوسف العتيبة سفير دولة الامارات لدى الولايات المتحدة الأميركية.
حيث أثنى السفير على الدور الحيوي الذي يقوم به مجلس دبي الاقتصادي في اقتراح المبادرات والسياسات التي تعزز عملية التنمية الاقتصادية في إمارة دبي ودولة الامارات. ثم التقى الهاملي مع عمر عبيد الشامسي وزير مفوض، رئيس الشؤون الادارية والمالية في السفارة.
