أكد مسؤولون وخبراء مصرفيون أن التعديل الجديد الذي أدخله المصرف المركزي على نظام القروض الشخصية الذي سمح لأي مقترض بنقل قرضه أو تمويله من بنك أو شركة تمويل لأي بنك آخر أو شركة تمويل أخرى من شأنه أن يشعل المنافسة بين البنوك وشركات التمويل العاملة بالدولة متوقعين أن يؤدي هذا التعديل إلى انخفاض أسعار الفائدة على القروض الشخصية بنسبة تتراوح بين 2 و3% خلال الأسابيع المقبلة.
وقالوا في تصريحات لـ"البيان الاقتصادي" أمس إن التعديل الجديد سيرفع حدة المنافسة بين البنوك وشركات التمويل ليس فقط بخفض أسعار الفائدة ولكن برفع مستويات الخدمات المقدمة وتقديم مزيد من الحوافز للعملاء، مشيرين إلى أن معظم البنوك العاملة بالدولة شرعت بالفعل في وضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع الواقع الجديد الذي فرضه التعديل الذي أدخله المصرف المركزي على نظام القروض الشخصية.
حزمة معايير متكاملة
وقال محمد جميل برو الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال إن تأثير التعديل الجديد الذي أدخله المصرف المركزي على نظام القروض الشخصية سيتفاوت من بنك لآخر، مشيرا إلى أن التنافس بين البنوك العاملة بالدولة لا يقتصر على مستوى أسعار الفائدة على القروض والودائع فقط ولكن يشمل جوانب أخرى عديدة.
وأضاف أنه من المعايير الأساسية التي تجعل عميل يميز بنكاً على آخر سواء في حال رغبته في الحصول على قرض أو أية خدمات مصرفية أخرى مستوى الخدمات المقدمة وقوة ومتانة واستقرار البنك والثقة التي يتمتع بها إضافة إلى سعر الفائدة والرسوم المنخفضة على القروض بالطبع. .
وكذلك أسعار الفائدة المرتفعة على ودائع العملاء وعوامل أخرى عديدة مثل مدى قرب البنك من العميل. وأكد أن هذه الحزمة المتكاملة من المعايير هي التي تميز بنكاً عن آخر وليس سعر الفائدة فقط مدللا على ذلك بأنه لو كان التنافس يعتمد على سعر الفائدة فقط لكان كل العملاء المقترضين اتجهوا للبنك الذي يعطي أقل سعر فائدة ولكان كل المودعين اتجهوا للبنك الذي يعطي أكبر سعر فائدة على الودائع وهذا ما لا يحدث على أرض الواقع.
وأضاف أن هذا لا يمنع أن التعديل الجديد سيكون له آثار كبيرة وسيكون سعر الفائدة من العوامل الأساسية التي ستراعي البنوك أن تكون معقولة وغير مبالغ فيها وإلا ستتسرب شريحة من المقترضين من البنوك التي تقرض الأفراد بأسعار مرتفعة.
انخفاض تدريجي بالفائدة
وتوقع عبد الله بن خلف العتيبة المدير العام للمجموعة المصرفية للشركات ونائب مدير عام القطاع المصرفي للشركات والاستثمار ببنك أبوظبي الوطني أن يؤدي قرار المصرف المركزي الجديد إلى انخفاض تدريجي في أسعار الفائدة على القروض الشخصية بعد أن أزال التعديل الجديد العوائق أمام المقترضين القدامى قبل صدور النظام الجديد للقروض الشخصية قبل حوالي عام وبعد أن أصبح من حق أي مقترض نقل قرضه أو تمويله من أي بنك أو شركة تمويل عاملة بالدولة.
وأوضح أن النظام الجديد ينظم عمليات منح القروض المصرفية والخدمات الأخرى المقدمة للعملاء الأفراد حيث حدد للمرة الأولى في تاريخ القطاع المصرفي أسعارا للعمولات والرسوم والاستقطاعات والتحميلات المفروضة على القروض والتسهيلات والخدمات المصرفية بهدف تحديد وتنظيم العلاقة بين البنوك وشركات التمويل التقليدية والإسلامية العاملة بالدولة من جانب والعملاء الأفراد من جانب آخر. كما يهدف إلى توفير اكبر قدر من الشفافية والوضوح في الخدمات التي تقدمها المصارف للأفراد حتى لا يفاجأ عملاء بأن هناك بعض الأمور التي يجهلونها عند حصولهم على الخدمات المصرفية.
وأكد أن التعديل الجديد سيزيد حدة التنافس بين البنوك عن طريق تخفيض أسعار الفائدة ورفع مستوى الخدمات المقدمة معربا عن اعتقاده بصعوبة قيام البنوك بالاتفاق فيما بينها بحيث لا تنخفض أسعار الفائدة على القروض الشخصية عن مستويات معينة على غرار ما يحدث في قطاعات أخرى غير مصرفية تجنبا لانهيار الأسعار.
وقال إن مثل هذا الاتفاق سيكون صعبا من الناحية العملية نظرا لزيادة عدد البنوك بالقطاع المصرفي وارتفاع أحجام القروض وتنوعها وتفاوت أسعار الفوائد عليها، مشيرا إلى أن اتفاق كهذا سيكون في غير صالح القطاع المصرفي أو الاقتصاد الإماراتي بوجه عام الذي يعتمد سياسة السوق الحر والاقتصاد المفتوح دون قيود تعيق الحركة أو توجه السوق في اتجاه محدد. معرباً عن اعتقاده بأن المصرف المركزي لن يسمح بأي نوع من هذه الاتفاقات التي ستكون غير صحية وضد مصلحة العملاء وضد المنافسة الحميدة وتجويد الخدمات المقدمة.
المستفيد الأول
من جانبه أكد أشرف بيبرس نائب الرئيس لتنفيذي الأول ببنك الاتحاد الوطني لقطاع الخدمات المصرفية أن العميل المقترض سيكون المستفيد الأول من التعديل الجديد متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة منافسة شرسة في القطاع المصرفي، مشيرا إلى أن كل بنك سيتحرك في هذا المجال على نطاقين الأول سيتمثل في بحث تقديم مميزات إضافية قد تصل في بعض الأمور إلى تخفيض نسبي بمستويات الفائدة للقروض طويلة الأمد القائمة وذلك للمحافظة على المقترضين الحاليين. والثاني في تقديم حوافز إضافية لجذب المقترضين من بنوك أخرى قد تكون أسعار إقراضها مرتفعة.
وقال بيبرس إن التنافس المتوقع سيكون على القروض القديمة الممنوحة للأفراد قبل بدء سريان النظام الجديد للقروض الشخصية ـ الذي دخل حيز التنفيذ مطلع شهر مايو 2011 والممتد لسنوات عديدة قائمة ـ والتي تتجاوز نسبة كبيرة منها نصف الراتب الشهري للمقترض وكان هؤلاء العملاء لا يستطيعون تحويل قروضهم من البنوك الأصلية المقرضة لهم مهما كانت المصاعب التي تواجههم فكانوا ملزمين بالاســـتمرار حتى مع ارتفاع أسعار الفائدة بصـــورة مبالغ فيها في العديد من الحالات أما بعد التعديل الجديد فقد تغير الأمر تماما.
وأشار إلى أن النظام الجديد الذي أصبح ملزما للبنوك وشركات التمويل التقليدية والإسلامية العاملة بالدولة يرتكز على نظام الفائدة المتناقصة التي يتم وفقاً لها احتساب قيمة الفائدة على القروض الشخصية والسحب على المكشوف وأرصدة بطاقات الائتمان ومنع البنوك العاملة في الدولة استقطاعها مقدماً كما يحدد شروط قرض السيارة بما لا يزيد على 80% من قيمتها وقائمة بشروط القرض الشخصي للعسكريين حيث لم يطبق النظام الجديد على القروض والتسهيلات السابقة فيما يخص بمعادلة احتساب الفائدة وإنما على الجديد منها فقط وعلى كامل الخدمات الجديدة والقديمة فيما يخص الرسوم أو العمولات.
وأوضح أن النظام الجديد للقروض الشخصية حدد مبلغ القرض الشخصي بما لا يزيد على 20 ضعف الراتب أو الدخل الإجمالي للشخص المقترض وعلى البنوك وشركات التمويل التأكد باستمرار من عدم تجاوز هذا الحد وتعامل القروض المقدمة للمؤســــسات الفردية والشركات والمضمونة براتب المالك أو برواتب الشركاء معاملة هذه القروض.
بنوك عديدة ستستفيد
ومن جهته أعرب بول تروابريدج المدير التنفيذي للبنك العربي المتحد عن اعتقاده بأن هناك بنوكاً عديدة ستستفيد من التعديل الجديد خصوصا البنوك التي كانت لا تبالغ في رفع أسعار الفائدة على الإقراض.
وأضاف أن البنك العربي المتحد سيسعى للاستفادة من التعديل موضحا أن البنك يقدم أسعارا تنافـــسية على القــــروض الشخصــــية بعد أن يدرسها جيدا ويتأكد من الضمانات التي تقل نسب المخاطرة في منح هذه القروض موضحا أن هذه الأسعار ستمكن البنك من جذب مزيد من العملاء خلال المرحلة المقبلة بعد أن أعطى التعديل الجديد الحرية للعميل في نقل قرضه للبنك أو لشركة التمويل التي يرغب في الانتقال إليهــــا بعد استيفاء الرسوم اللازمة لذلك.
حرق الأسعار مستبعد
من جانبه استبعد المحلل الاقتصادي محمد الظاهري أن يؤدي التعديل الجديد إلى لجوء بنوك عاملة بالدولة إلى عمليات حرق أسعار مؤكدا أن البنوك لديها قدر كبير من المسؤولية والإدراك بأن حرق الأسعار قد يؤدي إلى خسائر كبيرة لها بوجه عام. وأضاف أن بعض البنوك ستضطر لخفض أسعار الفائدة على الإقراض حتى تكون قادرة على الاستمرار في المنافسة المتوازنة متوقعا أن تنخفض أسعار الفائدة بوجه عام بنسبة تتراوح بين 1% و3%.
وقال إنه على سبيل المثال إذا كانت الفائدة على القروض الشخصية بحدود 9% فإن البنك يقوم بحسابها على أساس أن تكلفة الأموال (أسعار الفائدة على الودائع) بحدود 5% و3% تكلفة المخاطر ويتبقى ربح البنك بحدود 2% موضحا أن التنافس بين البنوك سيكون في تخفيض النسبة المتمثلة في ربحه من عملية الإقراض فقد يكتفي البنك بربح 1% فقط أو 0.5% فقط سعيا لجذب عملاء (مقترضين) جدد أو المحافظة على المقترضين الحــــاليين لديه ولكن لا يستطيع البنك في هذه الحالة تخفيض الفائدة أكثر من 1.5%.
عمولة نقل القرض من بنك لآخر
وجه معالي سلطان بن ناصر السويدي محافظ المصرف المركزي إشعارا أمس لكافة البنوك وشركات التمويل العاملة بالدولة يبلغهم فيه بأنه تم تعديل المادة 20 المتعلقة بالقروض القائمة حاليا من نظام القروض المصرفية والخدمات الأخرى المقدمة للعملاء الأفراد الصادر بتاريخ 23 فبراير 2011 بإضافة فقرة جديدة إلى هذه المادة ليصبح نصها:
تنطبق أحكام هذا النظام على كافة البنوك وشركات التمويل الإسلامية بالنسبة للقروض والتسهيلات المصرفية المقدمة من هذه الجهات فيما يتعلق بالقروض الشخصية الاستهلاكية وقروض السيارات والقائمة حاليا ما عدا العمولات والرسوم أو أية غرامات تم احتسابها عليها قبل تاريخ العمل بهذا النظام فتعتبر منتهية.
ويحق لأي مقترض نقل قرضه أو تمويله من أي بنك أو شركة تمويل عاملة بالدولة مقابل دفع عمولة سداد مبكر لا تتجاوز 1% من الرصيد المتبقي للقرض أو 10 آلاف درهم أيهما أقل ويحق لأي بنك آخر أو شركة تمويل أخرى عاملة في الدولة بغض النظر عن كون رصيد القرض أو التمويل يتعدى الحدود المسموح بها في هذا النظام إلا أنه في هذه الحالة لا يسمح بزيادة رصيد القرض أو التمويل عن طريق منح قرض أو تمويل إضافي للمقترض.
