شهد سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد نائب حاكم الشارقة انطلاق صباح أمس فعاليات الدورة الثانية من ملتقى الشارقة للأعمال، الذي تنظّمه غرفة تجارة وصناعة الشارقة تحت شعار (نحو تعزيز العمل الاقتصادي الخليجي المشترك)، والذي يستمر لمدة يومين تتناول العديد من القضايا المشتركة، بحضور نخبة من المسؤولين وأصحاب القرار الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، وحشد من الأكاديميين ورجال الأعمال والمستثمرين والمهتمين.

وقد تضمّن حفل الافتتاح الذي أقيم في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، إلقاء مجموعة من الكلمات التي أكّدت على عمق العلاقات التي تربط بين دول مجلس التعاون الخليجي، وأهمية التعاون وتوحيد الجهود في سبيل النهوض بحركة التنمية الاقتصادية في هذه المنطقة.

ورحب أحمد محمد المدفع رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة كلمة الجهة المنظمة، بالضيوف القادمين من مختلف الدول الشقيقة والصديقة، وقال: إن استضافة الشارقة لهذا الحدث يأتي انعكاساً لما توليه الإمارة من اهتمام بالغ لتعزيز دور مجتمع الأعمال الاقتصادي في التنمية والتطوير وفي جميع الميادين ليس على الصعيد المحلي فقط بل وعلى كافة الأصعدة الإقليمية والدولية، تماشياً مع السياسة الرشيدة لدولة الإمارات والنهج الحكيم لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، المرتكز على ضرورة تعزيز التعاون والتكامل مع الدول الشقيقة والصديقة وتوفير مقومات العمل البناء لتحقيق المصالح الاقتصادية والاستثمارية المشتركة، كما يأتي تنظيم هذا الملتقى انسجاماً مع الرؤى الثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في وجوب استمرار دعم ومساندة فعاليات مجتمع الأعمال لتوسيع حجم إسهاماتها الإيجابية في تحقيق الأهداف التنموية بشراكة فاعلة وقوية داخلياً وخارجياً.

 

أحداث ومتغيرات

وأضاف: إنّ ما يمر به العالم من أحداث ومتغيرات متسارعة ومؤثرة على الخارطة الاقتصادية العالمية، يؤكد أن لدى منظومة مجلس التعاون الخليجي فرصة قيمة، لتعزيز مكانتها المتميزة على هذه الخارطة ودفعها قدماً لتصبح تكتلاً اقتصادياً مساهماً في ديناميكية حركة الاقتصاد العالمي ومؤثراً في آلياته وأدواته التنموية والتطويرية، خاصة وأن ما حققته مسيرة المجلس من إنجازات ومكاسب، وما يتوفر لدى دول المجلس من قدرات وإمكانيات وموارد تمثل رصيداً كبيراً للتحول نحو اعتلاء مركز متقدم وقوي في قاطرة الاستثمار والتجارة خلال حركتها الدولية، إلا هذا أن الأمر يتطلب بل ويستوجب أولاً أن تكون الانطلاقة الرئيسة بدءاً من تفعيل السوق الخليجية المشتركة.

ولفت الى أنّ ملتقى اليوم يحمل من الشارقة دعوة مفتوحة لشركاء الغرفة والحضور الكريم للإسهام في جهود تفعيل آليات العمل الخليجي المشترك داخل دول المجلس في أطره الاقتصادية والمالية والاستثمارية، والتي يمكن أن تساعد في إسراع الخطا لتوجه القطاع الخاص في دول المجلس نحو الاستفادة من فرص المشاركة في تنفيذ مشاريع تطوير وتوسيع البنى التحتية، وإنشاء صناديق ومحافظ استثمارية موحدة، وتحقيق المزيد من الدمج والتكامل بين الشركات الاستثمارية وخاصة الخدمية، إضافة إلى توسيع مظلة تأسيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإقامة المشاريع المشتركة مع القطاع الحكومي التي تجعل من السوق الخليجية المشتركة قوة ذات قدرات تنافسية إيجابية تسهم في تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية الكاملة لمواطني دول المجلس والتي تؤسس لمرحلة جديدة في التوجه نحو استكمال أركان الوحدة الاقتصادية، كركيزة لاستدامة التنمية الشاملة لدول مجلس التعاون الخليجي في مستقبل مسيرته المشرقة، التي نأمل لها كل توفيق وخير ونجاح في ظل استمرار الجهود القيمة التي تبذلها القيادات في كافة الأجهزة والهيئات المعنية.

 

وزير الدولة للشؤون الخارجية

وبدوره ألقى معالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية كلمة، قال فيها:»إن عقد هذا الملتقى يأتي في إطار اهتمام غرفة تجارة وصناعة الشارقة بالمستجدات الاقتصادية على الساحة الإقليمية والدولية، وتشارك وزارة الخارجية في هذا الملتقى في إطار التعاون بين الوزارة وشركائها الاستراتيجيين لتطوير القطاع الاقتصادي والتجاري بالدولة وتوثيق الروابط الاقتصادية لدولة الإمارات مع مختلف دول العالم».

وأضاف:»تتبوأ الإمارات مكانة اقتصادية وتجارية عالمية وتتنامى أهميتها باعتبارها بوابة عالمية على خارطة التجارة الدولية وأصبحت بفضل ما تزخر به من إمكانيات مركزاً إقليمياً للتجارة والاستثمار، وفي ظل اقتصاد عالمي تتداخل فيه المصالح وتتنوع فيه النشاطات، وما يشهده العالم من تغييرات سياسية واقتصادية متسارعة، فإن ذلك يفرض علينا العمل الجاد لدعم اقتصادنا الوطني في كافة قطاعاته وتسخير كل الطاقات والإمكانيات المتاحة في سبيل دعمه داخلياً وخارجياً وتمكينه من مواجهة التحديات والأزمات.

وأكد على ان العلاقات السياسية بين الدول في عالمنا المعاصر أصبحت لا تقوم على أساس سياسي فحسب، وإنما أصبحت الجوانب الاقتصادية ذات تأثير مباشر في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين بلدان العالم» و»لقد سعت وزارة الخارجية كجزء من توجهها الاستراتيجي إلى دعم وتعزيز الخارطة الاستثمارية للدولة ومؤسساتها وقد وجدنا أن مثل هذا الدور مهم ورئيسي في ظل اختلاف الظروف القانونية والبيئة الاستثمارية من دولة إلى أخرى.. وجزء من هذا الدور تكمن أهميته في دعم الحضور الاستراتيجي للدولة في بعض القطاعات المحددة، ولا يخفى عليكم أن فاعليتنا في هذا الدور تتطلب المزيد من التنسيق.

وفي إطار هدف الحكومة الاستراتيجي بشأن التركيز على دعم القطاع الاقتصادي الوطني فقد جعلت وزارة الخارجية هذا الهدف من أهم أولوياتها وأساس تحركاتها على الساحة العالمية، حيث تم تطوير القطاع الاقتصادي بالوزارة لاستيعاب المتغيرات الاقتصادية الدولية بما يتناسب مع توجهات الوزارة لدعم استثمارات شركاتنا في الخارج والمحافظة على حقوق مؤسساتنا في الخارج وحل العقبات التي تعترض عمل استثماراتنا في الخارج وتوفير الدعم القانوني والدبلوماسي لهذه الاستثمارات وتزويد المستثمرين بالمعلومات اللازمة عن الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية وتطوراتها في مختلف الدول وخاصة البلدان ذات الاقتصاديات الناشئة».

 

فعاليات اليوم الأول

ناقشت الجلسة الأولى من ملتقى الشارقة الثاني للأعمال الواقع الاقتصادي والتجاري الخليجي- الخليجي، واستضافت الجلسة التي أدارتها الإعلامية نوفر عفلي، كمتحدثين فيها عبد الرحيم حسن النقي الأمين العام لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، والشيخ خالد بن عصام القاسمي، مدير عام دائرة الطيران المدني في الشارقة، ومروان السركال، المديرالتنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق).

حيث أكّد النقي أنّ التكامل الاقتصادي فيما بين دول مجلس التعاون الخليجي أمامه فرص كثيرة وجديدة، لكن ذلك لا ينفي وجود العديد من العوائق والتحديات، مشيراً إلى أن القطاع الخاص الخليجي يساهم بصورة كبيرة وفاعلة في تحقيق التكامل الاقتصادي. وقال:»أهم العوائق التي تواجهنا في تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي، ليست في التباين القائم بين الأنظمة وإنما في آلية تطبيق القرارات، والخلل في الدول العربية عامة هو مشكلة الهياكل الاقتصادية».

وذكر النقي أن أحد أبرز العوامل في تأخير تفعيل القرارات وتطبيقها على أرض الواقع، هو أنّ أيّ قرار يصدر عن مجلس التعاون الخليجي ينتظر صدور مراسيم سيادية لكي يطبق على أرض الواقع، وتساءل النقي: «ألم يحن الوقت لإعطاء القطاع الخاص الخليجي الدور الريادي الذي يستحقه».. وقال:القطاع الخاص يشغل أكثر من 80 % من القوى العاملة في دول الخليج العربية، وعلى دول المجلس أن تنتبه إلى أهمية هذا الدور وتشرك القطاع الخاص في إدارة العملية الإنتاجية كما هي الحال في كثير من بلدان العالم».

وأضاف: «إنّ عدم إعطاء القطاع الخاص دوره الكامل، وعدم تطبيق القرارات الصادرة عن المجلس مباشرة على أرض الواقع هي أهم المعوقات في طريق التكامل الاقتصادي».

وأكّد النقي على ضرورة إفساح المجال أمام رواد الأعمال الشباب للمشاركة بالعملية الإنتاجية بشكل فاعل لأنهم قوّة عظيمة لا يمكن تجاهلها إلّا أنّه توقّف عند مسألة اعتبرها في غاية الخطورة، وتشكّل واحدة من المشكلات الكبيرة التي يعاني منها العالم العربي بشكل عام، وهي عدم امتلاك إحصائيات دقيقة في ظلّ غياب شبه كامل لمراكز البحث العلمي. واختصر النقي حديثه بالإجابة عن السؤال فيما إذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على الانتقال من التعاون إلى الوحدة، قائلاً: في الدول الخليجية لدينا كلّ شيء موحد، لذلك فإن الانتقال من التعاون إلى الوحدة ممكن جداً، لكن في وجود الإرادة السياسية».

 

توصيف لدور قطاع الطيران

أمّا الشيخ خالد القاسمي فقد قدّم توصيفاً لدور قطاع الطيران في الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة (نموذجاً)، مؤكّداً على أهمية استثمار هذا الدور في التعاون المشترك ما بين دول مجلس التعاون الخليجي، والمساهمة في زيادة الناتج المحلي لها و»يساهم قطاع الطيران بنسبة 6 % من الناتج المحلي، وهذه النسبة مقسمة على كل ما يتعلق في هذا القطاع من مطارات وأنشطة تخدم القطاع إلى إنفاق موظفي المطارات، وإذا ما أضفنا إليه قطاع السياحة المرتبط ارتباطاً مباشراً بالطيران.

فإن المساهمة في الناتج المحلي تصل إلى 14.7 %، ما يعادل 145 مليار درهم، ناهيك عن أنّ قطاع الطيران يوظف 224 ألف شخص من القوى العاملة، ما يعادل 7.1 % من هذه القوى، وإذا ما أضيف إليه قطاع السياحة فإنه يوفّر 433 ألف وظيفة، وهذه تعادل 13.8 % من القوى العاملة، فما بالك إذا تمّ تعميم هذه التجربة على جميع دول مجلس التعاون الخليجي؟».

وأشار القاسمي إلى مشكلة يعاني منها التعاون في قطاع الطيران الخليجي، وهي بحث بعض شركات الطيران عن مصالحها الخاصة، دون الاهتمام بما يمكن أن يقدّمه التعاون في هذا القطاع من فوائد جمة لمختلف دول مجلس التعاون، ولاسيّما إذا ما تمّ فتح الأجواء لمختلف الدول، بطريقة مدروسة تقدّم الفوائد للجميع».

 

70 مليار دولار

أمّا مروان السركال فأشار إلى أنّ حجم التجارة البينية الذي يبلغ 70 مليار دولار، مازال ضعيفاً مقارنة بما تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي من عوامل تقارب، ومميزات جغرافية واستراتيجية، وقال:»هناك معوقات كثيرة تواجه قطاع الأعمال، أبرزها ضعف ثقة المستثمر الخليجي، بهذا القطاع، ما يدفعه إلى الاستثمار في الخارج، إضافة إلى ضعف البنية التحتية مقارنة بالدول المتقدمة»وقدّم أربع نقاط مهمة يمكن الاعتماد عليها في تطوير العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج العربي. هي:الاستفادة من الملاءة المالية والواقع الاستراتيجي والجغرافي لمنطقة الخليج العربي وتفعيل القوانين وتطبيقها على أرض الواقع والعمل على توفير الفرص الاستثمارية المناسبة وعرضها على المستثمرين وتوضيح الفرص الاستثمارية.

 

أوغلو: حكام الخليج أحسنوا القيادة

 

قال البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي:»يسعدني كثيراً أن أحظى بالمشاركة للمرة الثانية في اجتماعٍ لملتقى الشارقة للأعمال، «لقد حبا الله هذه الأرض الطيبة بقادة فضلهم بشرف الأعراق، ونبل الأخلاق، وجعل عهدهم الميمون حافلاً بالخيرات، وترادف النعم، فلا غرو أن نعِمت شعوبهم وبلادهم بالتقدم والازدهار، وأضحت دول الخليج العربي بفضل الله من أكبر المراكز المالية والاقتصادية والتجارية في العالم، بما سخّر لها الله سبحانه من الموارد الطبيعية، ومن قادة أحسنوا القيادة ووصلوا بشعوبهم إلى أفياء التنمية والنهضة.

كما أصبح اقتصاد دول الخليج بالتالي اقتصاداً مميزاً بالصدقية والرصانة والقوة في الساحة الدولية وفي هذا الملتقى الاقتصادي التنموي تتجهالشارقة نحو ميدان لا يقل أهمية عن الثقافة والتعليم، ويقيننا أنها ستنجح وتتألق في هذا المجال الاقتصادي بفضل الرأي الحصيف لحاكمها وأميرها الذي يسهر على مصالح سكانها وتقدمها.

وقد انصبت جهودنا في منظمة التعاون الإسلامي على تدعيم العمل الإسلامي المشترك من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم بأسره، إضافة إلى تحقيق تنمية الشعوب الإسلامية ورفاهيتها.

ويحدونا في هذه الجهود المستمرة أمران الأول سياسي وجداني مرتبط بوحدة الانتماء المشترك للدين الإسلامي، وتعزيز الأخوة الإسلامية والدفاع عن القضايا الإسلامية، والثاني توفير الدعم الاقتصادي المشترك، بما يكفل قيام منظومة إسلامية اقتصادية متكاملة تساعد على الاقتراب من مرحلة الاكتفاء الذاتي، وبناء مجتمعات إسلامية نموذجية قادرة على توفير الأمن والأمان الاجتماعي والاقتصادي لكافة الشعوب الإسلامية، وخلق سوق إسلامية مشتركة تزيد من ترسيخ وشائج التعاون الإسلامي.

 

التجارة البينية

وقال:»وصل حجم التجارة البينية الآن ما نسبته 17.30 % من مجموع المبادلات التجارية للدول الأعضاء، مرتفعة من نسبة 14.50 % التي سجلت في عام 2004 قبل خلق نظـــام الأفضليات التجارية.

وفي المعيار النقدي، فإن المبادلات التجارية قد ازدادت من 205 مليارات دولار في عام 2004 إلى مبلغ 539 مليار دولار في عام 2011 وسيتيح نظام الأفضليات التجارية للمشاركين دخول سوق منظمة التعاون الإسلامي، الذي يصل إلى 1.7 مليار دولار والذي له قيمة سوقية تصل إلى 3 مليارات دولار وقد تم التوقيع على الاتفاقيات الثلاث وعلى البروتوكول لنظام الأفضليات، كما تمت المصادقة عليها. وبدأ العمل بموجبها منذ 7 أغسطس عام 2011.»