توقع تقرير أصدره صندوق النقد الدولي أن يزداد الطلب على العقارات في الإمارات بفعل تدفقات رساميل اقليمية، كما توقع أن يواصل نمو القطاع غير النفطي الإماراتي تعافيه في العام 2012. قائلاً: إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي يتوقع أن يزداد قوة إلى 3.5%، مدعوماً بقطاعات تجارية وسياحية ولوجستية وتصنيعية قوية. مضيفاً أنه في ضوء الزيادة المحتلمة المحدودة في الإنتاج النفطي في ظل المستويات الحالية القريبة من طاقاتها الإنتاجية، والعودة الجزئية المحتملة للإنتاج الليبي من النفط، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارات يتوقع أن يصل إلى 2.3%. فيما توقع أن يظل معدل التضخم منخفضاً عند 1.50%.
وصدر التقرير أمس الأول بعد أن اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى الإمارات التي قامت بها ما بين 28 فبراير و14 مارس 2012، وأصدرت بياناً أعربت فيه عن شكرها العميق للجهات المسؤولة في الإمارات على مناقشاتها الواضحة والبناءة، وحسن ضيافتها.
الموازنة العامة
وقالت البعثة في تقريرها، إن تعافياً بطيئاً، وعملية إصلاح للموازنة العامة حدثا في أعقاب أزمة 2009. فقد أنجزت عملية إعادة هيكلة دين «دبي العالمية»، غير أن هناك شركات أخرى شبه حكومية ما زالت منخرطة في عملية إعادة الهيكلة. كما عززت الجهات المعنية القطاع المصرفي من خلال دعم السيولة، وإعادة الرسملة، وضمان الودائع.
وأضاف التقرير أن النمو الاقتصادي واصل تعافيه في 2011، وفي الوقت الذي ما زال فيه القطاع الإنشائي والعقاري متباطئاً على خلفية أزمة 2009، إلا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 4.9%، مدعوماً بارتفاع أسعار البترول، وزيادة الإنتاج استجابة للظروف التي مرت بها ليبيا.
كما تعزز نمو القطاع غير النفطي إلى قرابة 2.7%، مدعوماً بتجارة قوية، وقطاع سياحي نشط. وفي ضوء المناخ الخارجي الداعم، ازداد فائض الحساب الجاري بصورة مستفيضة، ليصل إلى نحو 9% من الناتج المحلي الإجمالي. فيما ظل معدل التضخم منخفضاً عند 0.9%، بفضل الانخفاض في الإيجارات.
وأكد أن التعافي كان مدفوعاً بصورة كبيرة بتوسع السياسة المالية. مضيفاً أن العجز الرئيسي غير النفطي (بما فيه القروض والأسهم) ارتفع إلى قرابة 42% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في 2011، حيث زادت أبوظبي من إنفاقها التنموي، ودعمها للقطاع العقاري.
حيز واسع
وأشار الصندوق في تقريره إلى أن البنوك ظلت محافظة على حيز واسع من السيولة، مدعومة بسياسة مالية تكيفية، غير أن نمو ائتمان القطاع الخاص ظل على كبوته. وقال: إنه في ضوء أسعار الفائدة الأميركية الحالية، فإن السياسية المالية ظلت تكيفية في ظل نظام سعر الصرف الثابت، الذي واصل خدمة الاقتصاد بصورة ممتازة. مؤكداً أنه رغم زيادة القروض العاثرة، فإن القطاع البنكي ظل قوي الرسملة ورابحاً. وفي شهر أكتوبر 2011، حلت الجهات المعنية معضلة مصرف دبي من خلال عملية ترتيب استحواذ من قبل بنك الإمارات دبي الوطني.
النظرة المستقبلية
وقال: إن الجوانب السلبية من المخاطر تجاه النظرة المستقبلية تعكس اعتماد الإمارات على الصادرات النفطية، وروابطها الوثيقة بالأسواق العالمية. مضيفاً أن انخفاض أسعار النفط في ضوء آفاق النمو الضعيفة في الاقتصادات المتقدمة، من شأنه تقليص عوائد التصدير.
وفي الوقت الذي تحتفظ فيه الإمارات بمصدات قوية على صورة احتياطيات عالمية وأصول صناديق ثروة سيادية، فإن انخفاضاً مطولاً لأسعار النفط سينجم عنه في النهاية تراجع في الإنفاق المالي ونمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وتأثير معاكس على أسعار الأصول.
مخاطر إيجابية
وأشار التقرير إلى وجود مخاطر إيجابية على النظرة المستقبلية، قائلاً: إن أسعار نفط مرتفعة في سياق ما يحيط بالمنطقة من أحداث جيوسياسية متصاعدة، ستساهم في دعم العائدات، والحسابات الجارية الخارجية، طالما استمرت صادرات النفط بلا انقطاع. كما أن التوترات الإقليمية المتصاعدة يمكن أن تؤدي إلى تدفقات رأسمالية بحثاً عن ملاذات آمنة، وزيادة في الطلب على العقارات.
دعم الاقتصاد
قال تقرير الصندوق: إن الإمارات في أعقاب التوسع المالي في العام الماضي، تعتزم البدء في تعزيز حساباتها المالية في 2012، مشيراً إلى أن الميزانيتين الاتحادية والمحلية تتضمنان تعزيزاً للموقف المالي من خلال 0.5% من النقطة كزيادة في رواتب الموظفين الاتحاديين، وزيادة كبيرة في الإنفاق التنموي في أبوظبي.
ووصف عملية التصحيح المالي بالمناسبة، وقال: إن التعافي سيستمر أيضاً مدعوماً بالموقف المالي التكيفي بموجب عملية الربط بالدولار الأميركي.
وأكد أن كلاً من أبوظبي ودبي تعتزمان موازنة حساباتهما المالية في المدى المتوسط. وقال: إن مصادقة أبوظبي الأخيرة على خطة إنفاق رأسمالية، ستكون عاملاً مساهماً هاماً في دعم الطلب، غير أن الزيادة واسعة النطاق المتوقعة في الإنفاق التنموي تشير إلى ضرورة توخي جانب الحذر في تقييم المشاريع لضمان أن يؤدي الإنفاق إلى نتائج مثمرة.
استدامة طويلة
وقال: إن مواصلة دبي لعملية ترسيخ وضعها المالي تعتبر مسألة حيوية لاستدامتها طويلة الأمد، في ضوء المخاطر المالية المتمثلة في الالتزامات الطارئة المتعلقة بالشركات شبه الحكومية. وفي هذا السياق فإن البعثة ترحب بخطط حكومة دبي لضغط الإنفاق المالي هذا العام، ومقاربة الحسابات المالية نحو التوازن في 2014.
مبادرات تنويع مصادر الدخل
أشار تقرير الصندوق الدولي إلى وجود عدد من المبادرات لتنويع مصادر الدخل الحكومية، وتحسين ممارسات الموازنة. وقال: إن الحكومة الاتحادية تعكف على عملية مراجعة شاملة للرسوم المتعددة المحصلة من قبل الوزارات الاتحادية، مع نظرة لخفض التكاليف المحصلة. وهناك تحضيرات فنية تجرى لإضافة ضريبة القيمة المضافة في نهاية المطاف، التي هي موضع نقاش على مستوى مجلس التعاون الخليجي.
كما تعكف الجهات المعنية على إجراء دراسة للتأثيرات الاقتصادية لضريبة دخل تجاري محتملة. ومن شأن تمرير مسودة قانون موازنة عضوية أن يساعد ممارسات الموازنة، حيث إنها تمهد لإطار إنفاق قصير الأمد للحكومة الاتحادية، وتتطلب استخدام خزانة حساب موحد للكيانات الاتحادية.
التنسيق المشترك
قال التقرير: إنه في ضوء التركيبة الحكومية، فإن التنسيق الحكومي يعتبر عاملاً رئيساً لتعزيز إدارة الطلب قصير المدى، والاستدامة المالية متوسطة المدى. وأضاف أن مشاركة المعلومات حول الموازنات، وغيرها من أوجه التمويل العام تعتبر شرطاً أساسياً مسبقاً لتنسيق مالي فعال، وإن البعثة ترحب بالتقدم المحرز في مشاركة المعلومات، الذي سهله مجلس التنسيق المالي، للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
والذي يشجع الجهات المعنية على توسعة مشاركة المعلومات لتشمل الشركات التابعة للحكومة، وإن نظرة إلى الأمام، فإن من الضروري توسعة عمل مجلس التنسيق المالي ليشمل التعاون الفعال لخطط السياسة المالية، بما فيها تحديد الإيرادات المجمعة، والإنفاق، والخطط التمويلية في ضوء اعتبارات اقتصادية كلية وسياسية أخرى، وتحويل تلك الأهداف إلى خطط للجهات المعنية على المستويين الاتحادي والفدرالي. وأبدى صندوق النقد استعداده لتقديم المساعدة وصولاً إلى مزيد من توسعة أنشطة مجلس التنسيق المالي.
إدارة المخاطر
قال التقرير: إنه بالرغم من أن تقدماً كبيراً أحرز، فإن الشركات التابعة للحكومة ما زالت تواجه مخاطر. وأضاف أنه في الوقت الذي تمت إعادة هيكلة ديون بعض الشركات التابعة للحكومة (بما فيما دبي العالمية)، فإن التقدم طال في حالات أخرى.
تمويل الشركات
وأضاف تقرير البعثة أن تحسن الشفافية، والاتصال من شأنه دعم التمويل السوقي لديون الشركات التابعة للحكومة. وأكدت البعثة ترحيبها بالتقدم الذي أحرز في مراقبة ديون الشركات التابعة للحكومة، ونشر معلومات ديون الشركات التابعة للحكومة، وخاصة مكتب إدارة دين أبوظبي.
تحسين القدرة الإحصائية
أكد صندوق النقد الدولي على أهمية إضفاء مزيد من التحسينات على القدرة الإحصائية. وقال إن الجهات المعنية أحرزت تقدماً مهماً في تأسيس قاعدة بيانات، وتحسين جودة الإحصاءات الاقتصادية.
وأضافت في تقريرها ان تأسيس مكتب الإحصاء الوطني، ومكاتب إدارة الدين كانت خطوات مهمة في تطوير القدرة الإحصائية. وأكدت ضرورة إحراز مزيد من التقدم في عملية الامتثال، والتنسيق بين وكالات الإحصاء المختلفة في الإمارات، وباتجاه تحسين المنهجيات، والتجميع الملائم، ونشر الإحصائيات الأساسية، بما فيها ميزان المدفوعات، والحسابات الوطنية، والحسابات المالية.
حوكمة البنوك الفعالة
قال تقرير صندوق النقد الدولي إنه بالرغم من إصدار البنك المركزي أنظمة حوكمة خاصة بالقطاع المصرفي، فإنه في ضوء ضبط الحكومة للبنوك، وانكشافها العالي على الشركات التابعة للحكومة، فإن ثمة حاجة ماسة لإطار حكومة لضمان النزاهة المالية للبنوك.
وأضاف ان البعثة تشجع البنك المركزي في تبني مبادئ عالمية جديدة متطورة خاصة بمعايير الحوكمة للبنوك، وتوصي بإجراء عملية تشخيص لحوكمة البنوك في إطار برنامج تقييم القطاع المالي المقبل.
المركزي يعزز الأنظمة المركزية
نوه تقرير بعثة صندوق النقد الدولي بدور البنك المركزي في الإمارات في تعزيز الأنظمة البنكية. ولمست البعثة تشجيعاً بجهود البنك المركزي في تحفيز البنوك على زيادة المخصصات العامة والمعينة، وكفاية رأس المال، بما في ذلك تقييد توزيع الأرباح في بعض الأحوال. حيث تبقى هناك أحجام هامة من القروض المعاد هيكلتها والتي يجري التفاوض عليها في النظام البنكي، والتي قد تتحول إلى معضلات في المستقبل.
وأضاف أن وضع آلية نظام إنذار مبكر لمخاطر النظام الأوسع (بما فيه الشركات التابعة للحكومة، والقطاع العقاري) سيكون مناسباً في هذا الإطار. كما أن البعثة تشجع الجهات المعنية على تطوير إطار اقتصادي كلي لمعايرة الأنظمة من وجهة نظر منهجية.
وقال تقرير البعثة: إن الانكشاف الصافي للنظام البنكي في عام 2011، على المؤسسات الحكومية والعامة، ازداد بنحو 44 مليار درهم، وان بعضاً من تلك الانكشافات لا تصنف بالضرورة عبر الميزانيات العمومية للبنوك، والحسابات الحكومية المالية، والتي قد تؤدي إلى عدم الشفافية في امتثال تنظيمي غير شفاف للبنوك. وأضاف أن ثمة مخاطر بأن تتحول الشركات التابعة للحكومة بصورة متزايدة نحو البنوك المحلية في احتياجاتها التمويلية في حال مواجهتها للمصاعب في تمويلات الأسواق الخارجية.
سلامة القطاع المالي
قال صندوق النقد الدولي إن النظام المالي في الإمارات حافظ على مصدات هامة لمواجهة مزيد من التداعي في جودة الأصول، رغم أن بنوكاً فردية قد تتأثر. وقال: إنه بالرغم من المخصصات المرتفعة، فإن البنوك حافظت على ربحيتها، غير أنها ستبقى محتواة بفعل نمو الائتمان الحذر، والمخصصات الحالية المطلوبة لتغطية القروض العاثرة المحتملة. وأضافت البعثة في تقريرها أن اختبارات الجهد الأولية أظهرت أن النظام البنكي المحلي قادر على امتصاص الزيادة الهامة في القروض العاثرة.
المركزي يواصل مراقبة سيولة البنوك
قالت بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت الإمارات في تقريرها، إن البنك المركزي في الإمارات سيواصل عن كثب مراقبة سيولة البنوك الفردية، وتشجيعها استباقياً لإدارة مخاطر السيولة. وأضافت أن تمويل هيكلة النظام البنكي تسحن بصورة كبيرة منذ أزمة 2009.
ورغم ذلك ومنذ الصيف الماضي، ونتيجة لانعكاس تدفق الودائع جزئياً، زادت البنوك من التزاماتها للبنوك الأجنبية. ورغم أن النظام البنكي حافظ على سيولة مريحة، فإن صدمة تمويل أجنبية قد تولد شحاً في سيولة العملات الأجنبية في القطاع البنكي، والذي يتطلب إدارة، وخاصة على مستوى البنوك الفردية.
ويعتمد البنك المركزي بصورة أساسية على شهادات الإيداع لإدارة سيولة النظام البنكي، ولقد بدأ العمل نحو خلق تسهيلات هامش إقراض كوسيلة لتوفير سيولة قائمة عند الحاجة. وفي النظر إلى المستقبل ترى البعثة أن تطبيق بازل 3 في السنوات المقبلة، يجب أن يكون مدعوماً بتطور أسواق المالي المحلية والسندات. ومن شأن ذلك تبسيط إدارة البنوك للسيولة، والسماح في نهاية الأمر للشركات في جمع التمويلات من أسواق الرساميل المحلية.
