قال غي مكي ممثل الجالية الفرنسية في الجزيرة العربية والمرشح للانتخابات النيابية الفرنسية عن الفرنسيين المغتربين في منطقة الخليج واليمن: إن اقتصاد دبي ظل نشطاً ولم يتراجع حتى في أحلك أوقات الأزمة المالية العالمية، وأضاف في حديث لـ«البيان» انه وعلى الرغم من انعكاسات الأزمة المالية العالمية على قطاع العقار في دبي والذي ربطها بنشاط المضرابين والذين تسببوا على حد قوله بإيذاء دبي ولعب دور سيئ إلا إن دبي بما تمتلكه من بنية تحتية متينة وقطاع خدمي متميز ومكانة تجارية مرموقه في المنطقة والعالم جعلها قادرة على الاستمرار في هذا النشاط الاقتصادي.

وأكد مكي على أن اقتصادي دبي والإمارات بشكل عام سيبقى قوياً وقادراً على مقاومة أية أزمات مالية واقتصادية عالمية قد يواجهها العالم مستقبلاً ودعا العالم إلى أن يستقي من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في بناء دبي وتحويلها إلى واحدة من أكثر الوجهات جذباً في العالم وخلق نموذج ناجح لتعايش مختلف الشعوب والأعراق والأديان بسلام، قائلاً إنه أصبح اليوم من الصعب في العالم أن نجد إنساناً لم يسمع بدبي وإنجازاتها، ودعا البنوك في الإمارات إلى الاستمرار في نهج مراعاة نظام المديونية في النطاق السليم وتجنب الإقراض العشوائي والذي كان قد بدأته البنوك عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية، قائلاً: إن هذا النهج من شأنه أن يبقي تلك البنوك قوية وبعيدة عن أية مخاطر.

 

دبي تميزت عن العالم

ولم يخف مكي مشاعر الحب التي يكنها لدبي وانبهاره الشديد بإنجازاتها، حيث قال مخاطباً «البيان»: «أنا مغرم بدبي» وهذه ليست مجاملة ولكنها حقيقة وإحساس صادق أكنه لدبي والإمارات بأكملها، وعندما التقي بوزراء فرنسيين أقول لهم إنه ينبغي أن يكون هناك في العالم رؤية كرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والذي يمتلك رؤية بعيدة وطموحاً بلاحدود، والعالم بنظري يحتاج ليتعلم من رؤية سموه في كيفية بناء الدول، وهنا لا أخص فقط الجانب الاقتصادي ولكن أيضاً الاجتماعي.

حيث يعيش مختلف الأجناس والأعراق والأديان في دبي بسلام ووئام، هناك أكثر من 180جنسية يعملون ويعيشون تحت مظلة واحدة في دبي وبالتالي نموذج دبي في التعايش الاجتماعي والحضاري نموذج هو الأنجح ينبغي أن يحتذى به في العالم، وعلى العالم أن يستقي الدروس من رؤية سموه الحكيمة التي حولت دبي الصغيرة إلى وجهة عالمية فريدة يقصدها الناس من مختلف مناطق العالم، فصعب اليوم أن تقابل أي شخص في العالم لم يسمع عن دبي، وتابع قائلاً: أتمنى إذا ما تم انتخابي نائباً في الانتخابات النيابية الفرنسية المقبلة أن تتاح لي فرصة لقاء سموه واستقي من هذه الخبرات وهذه الرؤية الحكيمة والبعيدة.

دبي وعودة لأساسيات النمو

ويؤكد مكي على أن دبي أصبحت اليوم وجهة العالم ومن أكثر الوجهات جذباً في العالم وإنجازات دبي أصبحت حديث العالم، وبما أنني مصرفي سابق ومتخصص في علوم الاقتصاد كثيراً ما أسأل عن الأزمة المالية العالمية وإن كانت دبي قد خرجت منها وأجيب دوماً لمن يسألني بأن تداعيات الأزمة التي طالت دبي بفعل الأزمة العالمية كانت عقارية، فقد تسبب المضاربون في القطاع العقاري بايذاء دبي في عامي 2008 و 2009 ولعبوا دوراً سلبياً ترك بصماته على القطاع خلال الأزمة، كما حدث في بلدان كثيرة من العالم، ولكن بالتأكيد دبي كانت ولاتزال قوية في قطاعات عديدة رغم الانعكاسات التي لحقت بقطاعها العقاري في ذلك الوقت وستبقى دبي وجهة متميزة للخدمات، وعلينا أن ننظر إلى المطارات والموانئ ومراكز الخدمات وإنجاز المعاملات..الخ.

فقد أصبح من السهل على الناس في العالم اليوم اتمام معاملاتهم وخدماتهم في دبي عن أي مكان آخر في العالم، والإمارات بشكل عام ستبقى دولة ذات اقتصاد متين وقوي وخاصة في قطاع البنية التحتية والخدمات والتي عجزت أي دولة من دول الجوار تجاوز أو حتى منافسة دبي في هذه القطاعات، الأزمة المالية العالمية جعلت دبي تعود إلى أساسيات النمو القائمة على التجارة والخدمات.

تجنب الإقراض العشوائي

عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية في 2008 و 2009 كانت فرنسا الأكثر تضرراً في العالم من هذه الأزمة والسبب وراء ذلك أنه كان في الثمانينيات لدينا وزيرة فرنسية (اسكرفنر) سمي القانون الذي أطلقته في ذلك الوقت باسمها وهو قانون (اسكرفنر) والذي يشدد على أن السداد الشهري للمقترض يجب أن لا يتجاوز 30 % من دخل المقترض وأذكر أن ذلك القانون أحدث ثورة كبيرة بين المصارف لأنه أحجم المصارف عن التمويل العشوائي وهذا ما حصل في الإمارات، وبالتالي بنظري انه ينبغي على المصارف في الإمارات الاستمرار في مراعاة نظام المديونية في النطاق السليم والذي بدأته بالفعل عقب اندلاع الأزمة المالية العالمية، وبرأيي أنه ومع هذه المراعاة من قبل البنوك في الإمارات ستبقى هذه البنوك قوية وبعيدة عن أية مخاطر.

 

التنويع سيخدم الاقتصادات الخليجية

خليجياً لا يزال النفط يشكل صمام الأمان للاقتصادات الخليجية والارتفاعات التي نشهدها في أسعار النفط تخدم الاقتصادات الخليجية إلى جانب أن البلدان الخليجية لم تعد تعتمد اعتماداً كلياً على النفط في اقتصاداتها ولكنها اعتمدت التنوع في قواعدها الاقتصادية وبالتالي هذا سيخدم مستقبل تلك الاقتصادات والأجيال الخليجية القادمة. أما بالنسبة لاقتصادات بلدان الربيع العربي فلاتزال هشة قد تتعرض لهزات جدية ترتبط إلى حد كبير بالتطورات السياسية الحاصلة على الأرض.

علاقات فرنسية إماراتية متميزة

ترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات تاريخية عمرها أكثر من 100 عام وهي علاقات متينة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية. وتجارياً احتلت فرنسا المرتبة التاسعة كأكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى العالم في عام 2011 ويعمل في الإمارات نحو 250 شركة فرنسية في قطاعات عديدة في الإمارات وعلى رأسها قطاع الفنادق والخدمات والقطاعات البترولية إلى جانب قطاعات أخرى عديدة.

كما أن هناك مكاتب تمثيلية لكبريات الشركات الفرنسية في أسواق الإمارات وخاصة في قطاع الصناعات النفطية والخدمات والتجارة. وسجل إجمالي صادرات فرنسا للإمارات ما قيمته 4 مليارات يورو في عام 2011 ، فيما كانت واردات فرنسا من الإمارات بحدود المليار ونصف المليار يورو ، فيما يعتبر النفط والمشتقات النفطية أهم تلك الواردات. كما تعتبر فرنسا المصدر الأول للإمارات للسلع الفاخرة، فيما تعد الاستثمارات الإماراتية في فرنسا كبيرة تتركز بشكل أكبر قي قطاعي العقار والصناعة.

وهناك شركات فرنسية عالمية كبيرة لها تواجد في الإمارات مثل توتال ولوريال وشانيل..الخ وكذلك مراكز تسوق غذائي فرنسية ضخمة مثل كارفور وكازينو، أيضاً هناك تواجد لخمسة بنوك فرنسية في الإمارات، كما ساهمت الشركات الفرنسية في تصميم وتشييد العديد من المشاريع العقارية الكبرى في الإمارات، ويعيش في الإمارات نحو 17 ألف فرنسي ولدينا جامعات فرنسية عريقة في الإمارات مثل جامعة السوربون في أبوظبي.

وهناك أيضاً متحف اللوفر العريق في أبوظبي أيضاً وعندما تم بناء اللوفر في أبوظبي طلبنا من جامعة السوربون إنشاء قسم لتعليم الفنون الجميلة وسيكون هناك تعاون ما بين البلدين على مستوى الخبراء في مجال الفنون الجميلة وخاصة الفنون الشرقية، وكل هذه الجهود هي لجعل الإمارات عاصمة الثقافة والفنون في منطقة الشرق الأوسط إلى جانب الاهتمام الثقافي الكبير بين البلدين، كما تم تأسيس جامعة اسمود إنترناشيونال دبي وهي جامعة لتدريس الفاشن والأزياء.