أصبحت مهمة نيل ثقة ملاك العقارات من جانب شركات إدارة المرافق العقارية مهمة تستحق العناء لما تدره من عوائد ليست بالقليلة. ولكن ثمة تحديات تعتري طرق نيل تلك الثقة وفي مقدمتها 4 مطالب لا يبدو أن الشركات المعنية تجهزت واستعدت لها بما يكفي وهي الاستدامة العقارية وجودة وسرعة وتكلفة الخدمة المقدمة لأولئك الملاك. وتدرك شركات إدارة المرافق العقارية صعوبة إقناع أولئك الملاك من خلال ممثليهم في جمعيات تحمل اسمهم.

نيل ثقة الملاك العقارين والتحديات المحدقة بصناعة إدارة المرافق العقارية الوليدة والفرص الاستثمارية التي تنتظرها كانت محط اهتمام ونقاش جمعية الشرق الأوسط لإدارة المرافق "ميفما" في مؤتمرها الأول من نوعه في الشرق الأوسط الذي انطلق أمس ويستمر حتى اليوم بدعم من مؤسسة التنظيم العقاري "ريرا" الذراع التنظيمية لدائرة أراضي وأملاك دبي.

يركز المؤتمر على مدى 18 ساعة خلال يوميه على وضع استراتيجية كاملة لإدارة المنشآت على نطاق واسع في القطاع العقاري والتي تؤدي إلى تعزيز ثقة الملاك واتحادات أصحاب الملك بحضور خبراء عالميين في إدارة المرافق والبناء والتنمية المعمارية.

 

نمو

اختار جمال عبد الله لوتاه، رئيس جمعية الشرق الأوسط لإدارة المرافق "ميفما" أن يلهب حماسة العدد الواسع من المشاركين في المؤتمر بالإشارة إلى النمو غير المسبوق في صناعة إدارة الخدمات والعوائد التي تدرها على الشركات العاملة في هذا القطاع المهم والحيوي ببلوغها نسبة تتراوح ما بين 10% و15%.

متوقعاً أن يتابع هذا السوق نموه، شريطة الحفاظ على تطبيق أفضل الممارسات وتسويق المعايير عالية المستوى للمطورين والمهندسين المعماريين والملاك. وقال لوتاه: إن السوق في الوقت الراهن يقف على أعتاب مرحلة جديدة تفرض تكيف الأسواق مع الواقع الاقتصادي الجديد، فقد أصبحت قطاعات العقار تتماشى أكثر مع التقلبات التشريعية وتغيرات التكلفة ومع مطالب المشتري.

وأضاف لوتاه: إن نمو صناعة إدارة المنشآت والمرافق العقارية أمر طبيعي عقب كل طفرة عقارية تظهر هنا وهناك وهذا ما حصل في المنطقة بعدما أشعلت الإمارات شرارة نهضة عمرانية تنموية كبيرة وطفرة عقارية ضخمة وضعت دبي بقوة على خارطة أكثر الأسواق العقارية قوة.

ولفت لوتاه الذي يعتمر أيضاً قبعة الرئيس التنفيذي لشركة إمداد إلى أن قطاع إدارة المنشآت يشهد نمواً قوياً في المنطقة حيث من المتوقع أن تبلغ قيمته 8 مليارات دولار في العام 2013 (ما يعادل 29.5 مليار درهم)، مشدداً تأثير إدارة المرافق والمنشآت على النمو الاقتصادي وذلك في القطاع العقاري المحلي.

 

فرص

أرادت الجمعية لفت الأنظار والانتباه لها من خلال افتتاح مؤتمرها بكلمة متلفزة ألقاها ملك العقار والملياردير الأمريكي دونالد ترامب الذي أثنى بشكل واضح على الدور الذي لعبته دائرة أراضي وأملاك دبي بدعم صناعة إدارة المرافق العقارية وجهودها النوعية في صياغة التشريعات التي تعالج في إطار قانوني القطاع العقاري ما بعد الطفرة ولاسيما قانون إدارة الملكيات العقارية المشتركة.

ركز ترامب على الفرص الموجودة في أسواق العقارات في المنطقة والحاجة إلى خدمة متخصصة لإدارة المرافق للحفاظ على معايير عالية المستوى. ولفت ترامب إلى ضرورة تطبيق أفضل الممارسات في صناعة إدارة المرافق ودور الشرق الأوسط في دعمها.

وقال: إن وجود مبان غير جيدة الإنشاء أو لا تتمتع بالخدمات الجيدة أمر لا مفر منه لكن آثار ذلك غير محمودة على كل الأصعدة سواء الاستثمارية لجهة قيمة تلك المباني أو لصحة القاطنين فيها أو لسمعة السوق الذي تتواجد فيه.

وأشار إلى أن الأسواق العقارية العالمية لم تصبح على ما هي عليه من البراعة في إدارة المنشآت أو المرافق العقارية بين ليلة وضحاها ولكن تحقيق تلك الحرفية تطلب منها جهوداً مضنية ووقتاً طويلاً واستثمارات هائلة.

ثلاثية

لم يتأخر المهندس مروان بن غليطة المدير التنفيذي لمؤسسة التنظيم العقاري "ريرا" التابعة لدائرة أراضي وأملاك دبي في تسديد سهام النقد لبعض المطورين العقاريين الذين فضلوا الاهتمام بشكل المبنى الخارجي وزخرفته وتصميمه العمراني وإهمال جوانب فنية وإنشائية مهمة داخل المبنى.

واستعان غليطة بصور فوتوغرافية جمعها له فريق في مؤسسة التنظيم العقاري وأظهرت عيوباً في تركيب العوازل وفتحات التهوية والتبريد والتوصيلات الكهربائية فضلاً عن صور تعكس مدى إهمال أصحابها بصيانة المعدات وعلق ابن غليطة بالقول: هذه الممارسات على قلتها ليست مرغوباً فيها في سوق عقارات دبي.

وأضاف: إن المرحلة المقبلة في السوق العقاري بدأت مبكراً وتستدعي من المطورين العقاريين وشركات إدارة المرافق والمنشآت تشغيل المباني وصيانتها بحرفية عالية تواكب نجاحات الإمارة وتلبي متطلبات الملاك وترسيخ نضج السوق العقاري.

لافتاً إلى أن تقديم أفضل الخدمات للمرافق العقارية المتنوعة يضمن استمرارية الأداء العالي لتلك المباني ويلبي طموحات ملاك العقارات الذين أصبحوا اليوم أكثر وعياً من ذي قبل وباتت اهتماماتهم ملخصة في 3 مطالب هي جودة وسرعة وتكلفة تقدم الخدمة العقارية لعقاراتهم.

ونصح ابن غليطة شركات الإدارة بضرورة الاستعداد لتقديم إجابات مقنعة للملاك لأنهم غادروا السلوك الاستثماري القديم الذي كان يتركز على الشراء اليوم والبيع غداً بهامش ربحي. أما اليوم فهم يسألون عن المطور العقاري وشركة إدارة الخدمات وما إذا كانت جمعية الملاك ترصد حساب أموال احتياطي وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بخدمات ما بعد البيع.

ودعا ابن غليطة الشركات الاستشارية إلى التعاون مع شركات الإدارة منذ اللحظة الأولى للشروع بوضع التصاميم الهندسية للمشروع التي يمكن أن ينتج عنها تصاميم هندسية تساهم في نجاح أو فشل أعمال الصيانة والخدمات المطلوبة لاستمرار المبنى وزيادة عمره وقيمته السوقية.

 

نظرة مستقبلية

شهد المؤتمر عرضاً شيقاً قدمه الصحافي والمؤلف والمحاضر غريغ ليندساي المتخصص بإعطاء نظرة مستقبلية عن المدن الحديثة ومنها محاضراته التي جرت حديثاً في معهد السياسة العالمية وفي مبنى المتحف الوطني.

وتحدث ليندسي مطولاً عن أهمية الاستدامة العقارية على كل الأصعدة وقال: إن (تناقص الموارد العالمية وتدهور البيئة بشكل كبير على مستوى العالم يجعل من القرن الجديد منصة لإثارة تساؤلات جدية حول معايير الصحة والحياة في مدن المستقبل).

وأضاف ليندسي: إن (مدننا وبلداتنا تحولت في القرن الماضي وبشكل كبير من نسيج يتميز بالكفاءة إلى ضواح منخفضة الكثافة مترامية الأطراف. وهذا التحول لم يؤثر بشكل سلبي على الموئل الطبيعي في المناطق فقط لكن أيضاً ساهم في استنفاد حيوية وتنوع مناطقنا الحضرية التقليدية).

لافتاً إلى أن (ثقافة الضواحي خلقت المجتمعات المكتفية ذاتياً مع مراكز للعمل والتسوق ومجمعات مكتبية وتخلت عن المركز والمرونة ومالت إلى أساليب قادت إلى التدهور ومعاناة البشر). وأشار إلى أن معظم المدن التقليدية وممارسات البناء تطورت من قبيل الحاجة وليس بسبب أيديلوجية قائمة على العرض. لذا فإن إحساس تلك المدن بالاستدامة بزغ نتيجة وجود تناغم مع الطبيعة وحركتها وتطورها الدوري.

وأوضح ليندسي أن (تلك المدن التقليدية صمدت بوجه الزمن واستجابت لمجموعة كبيرة من الاحتياجات الوظيفية. وكان الكثير من سحر المدن قائماً على طريقة اتصالها وعلاقتها بمزايا الحي وفسحت في ذات الوقت مجالاً للتعبير الديمقراطي عن ذلك التفاعل).

لكنه أشار (إلى أن القرن الماضي شهد انحسار سحر وقيمة تلك المدن التقليدية وهذا راجع إلى ممارسات البناء العصرية التي تجاهلت محدودية الظرف البشري وبدأت توظف التقنية المبالغ بها لحل المشاكل بالجملة. إن المعايير وتقديم مواد البناء الرخيصة والنمذجة بكميات كبيرة واستهلاك موارد الطاقة ساهمت في مزيد من التهميش للممارسات التقليدية).

ولخص ليندسي أهمية التحول إلى الاستدامة بتطبيق المبادئ التوجيهية لتصميم المشاريع المستدامة تحت 5 متغيرات رئيسية هي: 1- البيئة البشرية 2- المحافظة على الطاقة 3- المحافظة على الأرض والموارد 4- جودة الماء 5- جودة الهواء.

 

ورشة عمل

يتضمن المؤتمر ورشة عمل بعنوان "الاقتصاد الجديد الوقت المناسب والمكان المناسب لإدارة المرافق" من تنظيم الجمعية العالمية لإدارة المرافق (جلوبال إف إم) وتشكل جزءاً رئيسياً من مؤتمر جمعية الشرق الأوسط لإدارة المرافق "ميفما". ويستضيف المؤتمر اليوم الاثنين روبرت الان المعروف باسم "الرجل العنكبوت" والذي تسلق حتى الآن 85 مبنى وبرجاً حول العالم من بينها برج خليفة أعلى برج في العالم.

وتحدث في المؤتمر مديرو أهم الشركات الناشطة في المنطقة وذلك على نطاق إدارة المرافق والمنشآت كشركات إي. سي هاريس وإي. إف. إس، وإي. سولوشن ماكسيمو وفيفوتك وترانسفيلد مناعي لإدارة المرافق وشايورا وحيدر للاستشارات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "مساندة" محمد المهيري وهو أيضاً عضو مجلس إدارة في جمعية الشرق الأوسط لإدارة المرافق "ميفما": أصبحت إدارة المنشآت المقياس لاقتصاد متنام لأن وجودها يثبت أن المشاريع الجديدة أنجزت وسلمت مع تركيز تام على الاتفاقات المتعلقة بمستوى الخدمات.

وأشار المهيري إلى أن صناعة إدارة المرافق تعمل على الحفاظ على قيمة المباني الموجودة بواسطة المجهود المتواصل في الخدمات العملية والتنفيذية مما سوف يسمح للمستثمرين بالتركيز على أشغالهم الخاصة وليس على أعمال تتعلق بإدارة المباني وتشغيلها.

لافتاً إلى تركيز المؤتمر على الأسباب التي تقف في طريق تطبيق هذه المعايير التي لها تأثير مباشر ومهم على قيمة الأصول والمباني.