توقع مركز دبي للسلع المتعددة أن يصل عدد الشركات المسجلة بحلول عام 2013 إلى نحو 7200 شركة، مستنداً في توقعاته إلى تضافر العديد من المقومات والعناصر الداعمة مع بعضها في جعل إنجاز هذا الهدف مسألة قابلة للتحقيق، منها، تسجيل أداء قوي في عام 2012، وتزايد الوعي في أوساط شركات السلع العالمية والإقليمية بشأن الفوائد المتحققة جراء التواجد في منطقة أبراج بحيرات الجميرا، وهي المنطقة الحرة التي يطورها مركز دبي للسلع المتعددة لتكون مدينة متكاملة لتجارة للسلع بمختلف أنواعها، إلى جانب اجتياز المصارف منحنى التعلم بشأن إدراك أهمية الاستثمار في قطاع السلع في تنويع محافظها الاستثمارية لتحقيق العوائد من جانب، والحد من مخاطر تقلبات الأسواق في مختلف المناطق.

وصاغ أحمد بن سليم الرئيس التنفيذي الأول لمركز دبي للسلع المتعددة توقعاته بشأن آفاق النمو خلال الفترة القصيرة المقبلة بإعرابه عن اعتقاده الجازم بأنه يتوقع أن يصل عدد الشركات المسجلة إلى 7200 شركة بحلول عام 2013، مشيراً إلى أن هناك شواهد عديدة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك بأن الوصول إلى هذا الرقم أمر في متناول اليد، فقد صار جميع المعنيين بتجارة السلع على معرفة وثيقة بمركز دبي للسلع المتعددة، وتسارعت وتيرة انضمام الشركات إلى مركز دبي للسلع المتعددة خلال الفترة الأخيرة بمعدلات كبيرة.

وتفيد الأرقام المنشورة أنه مع بداية شهر فبراير من العام الحالي، وصل عدد سكان منطقة بحيرات الجميرا إلى 35 ألف نسمة يقطنون 60 برجاً، وبلغ عدد الشركات المسجلة ما يزيد على 3750 شركة نشطة، وحازت المنطقة الحرة لمركز دبي للسلع المتعددة على مكانة أسرع المناطق الحرة نموا في دولة الإمارات.

وعلق أحمد بن سليم على نزوع شركات السلع نحو نقل مقار عملياتها إلى مركز دبي للسلع المتعددة بقوله : تنتقل الشركات إلى المركز بشكل دائم ومنتظم، ففي عام 2010، تم اجتذاب نحو 725 شركة، وتضاعف هذا الرقم في عام 2011 ليصل إلى ما يزيد على 1400 شركة، تشكل الشركات الجديدة ما نسبته 90 % من إجمالي الشركات المستقطبة.

وتابع حديثه بقوله :إن استقطاب ما يزيد على 7000 شركة يستلزم اتباع استراتيجية أعمال تتجاوز تجاوز المعنى الضيق للحملات الترويجية من خلال التركيز الاهتمام على مجالات أخرى، منها، بناء شبكات روابط الأعمال، والمعرفة العميقة بالشركاء التجاريين، وتلبية احتياجات الشركات الراغبة في إقامة مقرات أعمال لها في مركز دبي للسلع المتعددة، فهي تأتي إلى المركز ليست مدفوعة فقط باعتبارات تتعلق بمزايا الإعفاء الضريبي الكامل التي توفرها منطقة الحرة لأبراج بحيرات الجميرا، بل مدفوعة كذلك بحزمة متنوعة من الحوافز والمزايا الأخرى.

 

الاضطرابات الإقليمية

وأقر بن سليم بأن عدداً من الشركات المسجلة حديثاً جاءت من الدول المنطقة التي تواجه قلائل واضطرابات داخلية، ولكنه أشار إلى أن أعدادها مازالت محدودة، رغم تزايدها بوتيرة بطيئة، مؤكداً أنه يجري التعامل مع الشركات القادمة من الدول المضطربة وفقاً للطريقة التي يتوقعها مصرف الإمارات المركزي الذي يعمل جنياً إلى جنب مع الأمم المتحدة.

واستعرض أحمد بن سليم أبرز الفاعليات والأحداث التي سوف ينظمها مركز دبي للسلع المتعددة والتي سيكون لها بالغ التأثير في اجتذاب المزيد من الشركات والأعمال، موضحا أنه من المقرر استضافة منتدي دبي العالمي لتجارة الشاي، إلى جانب مؤتمر رابطة الحبوب العالمية التي نقلت مقر أعمالها من باريس إلى برج الألماس، فمن المقرر عقد فعاليات هذا المؤتمر في غضون الشهرين المقبلين.

وبحسب أحمد بن سليم، يتطلع مركز دبي للسلع المتعددة، مع انعقاد هذين الحدثين البارزين العالميين إلى مشاركة المزيد من الشركات، وهو الأمر الذي سوف يسهم في زيادة وعيها بالفرص التي توفرها إمارة دبي لدعم تجارة السلع عالمياً وإقليمياً.

 

القوى العظمى الجديدة

ويعول أحمد بن سليم على ما اسماه بالقوى العظمى الجديدة في ضخ المزيد من الأعمال إلى المركز، وشرح وجهة نظره بقوله : مع ضرب الركود الاقتصاد العالمي خلال الأعوام الأخيرة، تصاعدت الآمال بعودة الاقتصاد الأميركي إلى مسار الانتعاش مجددا، بيد أن الحقيقة الماثلة للعيان أن وتيرة تعافي الاقتصاد الأميركي كانت على مدار ما يزيد على خمس سنوات أقل من التوقعات.

وأستدرك بن سليم في حديثه بقوله : هناك قوى عظمى جديدة تضم كلا من الصين وروسيا والبرازيل والهند، وهي تعد في الوقت الحالي دولا استهلاكية رئيسية للسلع بمختلف صنوفها، وإذا كانت الدول المنتجة للسلع فيما مضى تضع جل تركيزها على السوق الأميركي، أي أنها كانت تضع كل بيضها في سلة واحدة، لم يعد مثل هذا الوضع قائما في الوقت الحالي، ولم يعد كذلك خيارا ذا قيمة، حيث صارت الدول المستهلكة للسلع تتطلع إلى الاقتصاديات التي تحقق معدلات نمو إيجابية، وذلك على غرار دول مجلس التعاون الخليجي، وهي تنتهج في هذا المجال استراتيجية ترمي إلى تنويع الأسواق لكي تحد المخاطر لأدنى مستوى ممكن.

وتأتي هذه التقييمات على خلفية توقعات بشأن تأثر الاقتصاد الإماراتي بالانعكاسات المترتبة على تقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي الهندي خلال العام المالي المنتهي في شهر مارس من العام الحالي، حيث أفاد المصرف المركزي الهندي مؤخرا بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي الهندي سوف يتقلص إلى 7 % خلال العام المالي الحالي مقابل 8.5 % في العام السابق عليه، وتقدر قيمة الاقتصاد الهندي في عام 2011 بنحو 1.84 ترليون دولار أي ما يوازي 6.75 تريليونات درهم،.

وفي هذا السياق، قدر جيفاس جوكينت كبير الاقتصاديين في بنك أبو ظبي الوطني بأن الاقتصاد العالمي سوف يتأثر بالانعكاسات الناجمة عن تراجع نمو الاقتصاد الهندي، وتوقع أن يتراجع نمو الاقتصاد الهندي إلى حوالي 6.5 % في العام المالي 2012- 2013. مشيرا إلى أن أرقام نمو الاقتصاد الهندي ما زالت عالية.

وفي رأي أحمد بن سليم، يستقطب مركز دبي للسلع المتعددة شركات من كافة مناطق ودول العالم كبلجيكا والهند والصين، ولكن لم يتم اجتذاب يجتذب الكثير من الشركات الأميركية، فما زالت أعداد الشركات الأميركية المسجلة في المنطقة الحرة لأبراج بحيرات الجميرا ليست في المستوي المأمول والمتوقع.

ودلل على ضعف تواجد الشركات الأميركية بإشارته إلى تفوق أعداد الشركات الأميركية المشاركة في المعرض الدولي الصيني للمجوهرات بنحو 50 أو ربما 100 مرة على تلك المشاركة في الفاعليات المماثلة التي يجري تنظيمها في دبي. وخلص من المقارنة بين الحالتين إلى القول بأنه لم يطرأ تغير على هذا الوضع بعد.

وأكد أحمد بن سليم أن مركز دبي للسلع المتعددة يقوم بدراسة هذه المسألة، ويعمل مع مجلس الأعمال الأميركي بهدف تغيير تصورات ومدركات الشركات الأميركية بشأن فرص الأعمال التي توفرها إمارة دبي.

ورأى أحمد بن سليم أنه من الصعب إرجاع أسباب محدودية تواجد الشركات الأميركية إلى سبب واحد بعينه، بل أن هناك الكثير من الأسباب، يبرز في صدارتها، اعتياد الشركات الأميركية على مباشرة اعمالها انطلاقا من هونج كونج، وأعرب عن ثقته بزيادة أعداد الشركات الأميركية بقولة : سوف تأتي هذه الشركات إلى دبي بغرض الزيارة والمشاركة في المعارض، وأنها ربما تتجه إلى مباشرة عملياتها وأنشطتها انطلاقاً من مقرات أعمال تتواجد في المنطقة الحرة لأبراج بحيرات الجميرا، وذلك بمجرد أن يتزايد وعيها ومعرفتها بمدى مواتية وجاذبية مناخ الأعمال في دبي.

وتفيد أرقام غرفة تجارة وصناعة دبي أن صادرات وإعادة صادرات أعضاء غرفة دبي إلى الولايات المتحدة الأميركية ارتفعت بنسبة 9.2% خلال العام 2011 مقارنةً بالعام 2010 لتصل إلى 601.8 مليون درهم في حين ارتفع عدد شهادات المنشأ التي أصدرتها الغرفة إلى الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 20.3% خلال العام الماضي مقارنةً بالعام 2010، كما تعمل نحو 1025 شركة أميركية في دبي حالياً ومسجلة في عضوية غرفة دبي، فيما احتلت الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الثالثة على لائحة شركاء دبي التجاريين خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي.

وتابع بن سليم قائلًا : تختلف العقلية والذهنية فيما بين الشركات، فبعضها يستهدف تحقيق أرباح قليلة مع تقبل التعرض لمخاطر محدودة، فيما يسعي البعض الآخر إلى جني أرباح كبيرة مع تقبل تحمل قدر عال من المخاطر، كما أن البعض منها يكون مدفوعا بعامل في اختياره أماكن معينة لمزاولة الأعمال، فعلى سبيل المثال، يعد عمل الشركات الأوروبية في دبي مسألة مألوفة ومعتادة، وينسحب الوضع ذاته على اعتياد شركات الإماراتية مزاولة الأعمال في الدول الأوروبية.

وخلص بن سليم إلى الإعراب عن اعتقاده بأن الجاذبية الأكبر لدبي بالنسبة للشركات الدولية تكمن في تحقيقها نموا متماسكا خلال السنوات الأخيرة، فبمعزل عن ما إذا كان هناك ركود من عدمه، تسجل تجارة الألماس نموا إيجابيا، كذلك الحال بالنسبة لتجارة الذهب، كما شهدت حركة السفر والطيران من وإلى دبي معدلات نمو ضخمة، وهكذا، باتت دبي تعد بمثابة هونج كونج الشرق الأوسط سواء شاء البعض أم أبوا.

وأضاف: تزدهر في الوقت الحالي تجارة السلع في دبي في وقت يخيم فيه الركود مراكز عالمية عتيدة في مجال تجارة السلع، وهو وضع يملي علينا أن نعمل على مدار الوقت بهدف تعزيز مكانة دبي كمركز عالمي لتجارة السلع، وهو ما تجلي في استقطابنا لأفضل الخبرات والعقول في مجال تجارة السلع. وأكسب ذلك المركز القدرة على ابتكار الأفكار وهو ما عزز تنافسية المركز.

واعتبر أحمد بن سليم هذه الإنجازات تشكل مجرد بداية انطلاق نحو المزيد من النجاحات في السباق على التميز والتفرد قائلا : رغم ما شهدته هذه الفترة من تحولات ومبادرات فارقة ومفصلية ساهمت متضافرة في تحويل منطقة بحيرات الجميرا التي كانت قبل عقد من الزمان مجرد قطعة من الصحراء القاحلة إلى منطقة حرة تعد الآن من أسرع المناطق الحرة نموا في إمارة دبي، وتشكل كذلك إحدى القوة المحركة لنمو اقتصاد إمارة دبي.

وأختتم حديثه بقوله : تعتبر هذه الإنجازات أبعد ما تكون عن نقطة النهاية، فهي قريبة الشبه بتدشين سيارة سباق جميلة، فما أن يكتمل بناؤها، يكون الوقت حان للانطلاق وخوض السباق.

استهداف استقطاب الشركات الأميركية

 

كشف أحمد بن سليم الرئيس التنفيذي الأول لمركز دبي للسلع المتعددة عن أن المركز عمل بشكل وثيق مع مجلس الأعمال الأميركي في التعاطي مع هذه المسألة، ولكنه أجاب في معرض رده على سؤال بشأن نوعية الشركات الأميركية المستهدفة بقوله : نحن لا نجبر أحدا على القدوم، ويتوقف الأمر على الأعمال الأميركية في تحديد ما هو مثمر ومفيد بالنسبة لها، إذ يتواجد في العراق الكثير من الشركات الأميركية، مع أن الأوضاع هناك تنطوي على الكثير من أوجه القلق والمخاطر، ولكن في نهاية المطاف، هناك شركات أميركية تريد العمل والتواجد في العراق، وهي مدفوعة برغبتها في جني أرباح ومكاسب عالية.