أكدت هيئة التأمين انها بصدد اتخاذ اجراءات عملية لضبط سوق التأمين وخاصة تأمين السيارات وفقاً لقانون إنشاء الهيئة رقم (6) لسنة 2007 والذي يخولها اتخاذ تلك الاجراءات لحماية مصالح الجمهور .

وقالت فاطمة العوضي نائبة مدير عام الهيئة: ان تطبيق هذه الاجراءات والتي قد يكون من بينها وضع حد لتعرفة التأمين ضد الغير يهدف أولاً إلى حماية حملة الوثائق وثانيا تجنيب الشركة مواجهة الازمات المالية داعية مجالس إدارة الشركات القيام بواجباتها لحماية مصالح المساهمين على الأقل.

لكن شركات التأمين بدورها ما زالت تنتظر وبفارغ الصبر قانون المسؤولية المدنية في التأمين ضد الغير وهو القانون الذي سيعمل على وضع الضوابط الخاصة بالتأمين ضد الغير الذي تقول شركات التأمين إنها تواجه خسائر بالملايين بسببه وهي تدفع بنفس الوقت تعويضات تزيد على 100 % من إجمالي اقساطها المتأتية منه.

وتقول الشركات إن سوق الامارات ورغم حيويته لكنه يحتاج الى مزيد من القوانين والتشريعات الحديثة التي تضبط سيره وتعزز من انجازاته وخاصة تأمينات السيارات التي تعود قوانينها الى ثمانينيات القرن الماضي، فضلا ان المتغيرات المتسارعة في القطاع وما جرى خلال الازمة العالمية الاخيرة بات يدفع باتجاه قوانين وتشريعات جديدة تواكب هذه المرحلة وتضع ضوابط للشركات والممارسات التي تحدث في السوق وبما يضمن مصالح جميع الاطراف.

 

شركات متحفظة

وهناك شركات في القطاع تجد نفسها أحياناً متحفظة على التأمين ضد الغير خصوصا بالنسبة إلى الأشخاص الحاصلين على حديثاً رخصة القيادة أو من تقل اعمارهم عن 25 عاماً وربما يذهب بعضها الى التشدد مع جنسيات بعينها وغير ذلك من ممارسات في هذا القطاع تؤكد حاجته الى مزيد من الضبط.

الشركات ورغم الجانب المؤلم من تأمين السيارات فإن بعضها يميل كثيرا الى التوسع فيه باعتباره رافدا مهماً من روافد السيولة بالرغم من ان كثيرا من هذه الشركات تعاني الخسائر الفادحة بعد ذلك مع التعويضات الكبيرة التي تدفعها والتي قد تزيد على 100 % من قيمة الاقساط. لكن آلام تأمينات السيارات تتجاوز ذلك خصوصا ان الاسعار ما زالت ثابتة منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وتؤكد بعض شركات التأمين ان قطاع التأمين على السيارات ما زال يعد احد اكثر القطاعات خسارة في اعمالها رغم انه يستحوذ على حصة كبيرة في اقساط التأمين كما ان اسعار هذا النوع من التأمين لم ترتفع منذ عشرين عاما وهي تقل كثيرا عن الاسعار التي حددتها وزارة الاقتصاد مما سبب خسائر كبيرة للشركات في هذا النوع من التأمين وتحديدا التأمين ضد الغير حيث سعر الوثيقة ووفقا لشركات التأمين يقل كثيرا عن حجم التعويضات الكبيرة التي تدفعها هذه الشركات التي تزداد معاناتها مع الارتفاع الكبير في قيم السيارات وارتفاع اسعار قطع الغيار وتكلفة اليد العاملة، اضافة الى التعويضات الكبيرة التي تفرضها المحاكم بالنسبة إلى الاصابات الجسدية.

وتؤكد فاطمة العوضي نائبة المدير العام في هيئة التأمين صحة شكوى شركات التأمين في هذا المجال موضحة ان هناك اسبابا كثيرة لذلك ابرزها سياسة التسعير الخاطئة التي تتبعها بعض إدارات شركات التأمين وغياب الرقابة التي يجب أن تمارسها مجالس إدارة الشركات على هذه السياسات.

 

الرقابة الداخلية

ان كل شركة تأمين في الدولة لديها عادة لجنة رقابة داخلية يفترض بها أن تراجع معدلات الخسائر في كل فرع من فروع التأمين وتقدم تقاريرها إلى مجلس الادارة الذي يفترض به أن يدرس الموضوع وان يوجه إدارة الشركة لتطبيق الاسس الفنية في التسعير وبما يتلاءم مع استراتيجية الشركة وملاءتها المالية.

وحول دور هيئة التأمين في ضبط سوق التأمين ضد الغير اشارت العوضي الى ان هيئة التأمين، وهي جهاز الدولة المسؤول عن مراقبة أوضاع الشركات وحسن سير العمل في سوق التأمين وحماية مصالح المؤمن لهم تراقب هذه التطورات عن كثب، ذلك أن تأمين المركبات ( المسؤلية المدنية والفقد والتلف ) خاضع لتعريفة معينة تمثل الحد الاعلى الذي لا يسمح للشركات بتخطيه. وبإمكان الشركات اعطاء اسعار تقل عن الحد الاعلى المذكور حسب تقدير المختصين في كل شركة وهذا في مصلحة المؤمن لهم. إلا أن ما هو غير مقبول اتباع سياسة حرق الاسعار التي قد تؤدي إلى وقوع الشركة التي تمارس تلك السياسة في مشاكل مالية تؤثر في حقوق المؤمن لهم .

وقالت: انه وفي مثل هذه الحالات فان قانون إنشاء الهيئة رقم (6) لسنة 2007 يخول الهيئة اتخاذ اجراءات معينة لحماية مصالح الجمهور وستطبق الهيئة بعض الاجراءات الهادفة إلى تجنيب الشركة الوقوع في أزمة مالية على مجالس إدارة الشركات القيام بواجباتها لحماية مصالح المساهمين على الأقل.

وقالت العوضي: إن المنافسة بين الشركات ظاهرة صحية إلا انها تنقلب إلى ظاهرة مرضية حينما تخرج عن الاسس والقواعد الفنية والمالية التي تحكم مسيرة شركات التأمين، مشيرة الى ان هناك مقترحات عديدة ومن بينها مقترح وضع حد معين لتعرفة التأمين ضد الغير وسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة خلال الفترة المقبلة.

 

رفع نسب التحمل

وقال فريد لطفي مدير عام جمعية الامارات للتأمين: إن طبيعة السوق المفتوحة في الامارات تجعل من الصعب وضع تعرفة محددة لهذا النوع من التأمين، موضحا أن الحل قد يكون من خلال رفع نسبة التحمل لكنها في أوضاع السوق قد ترتفع وقد تنخفض.

لكن لطفي يؤكد أن حرية السوق ورغم انها تعزز من طبيعة المنافسة بين الشركات الا أن وجود أكثر من 60 شركة تأمين في السوق يزيد من حدة المنافسة ويدفع بكثير من الشركات إلى طرح أسعار بقيمة تقل كثيراً عن التعرفة المحددة وللعلم فان 10 شركات فقط تستحوذ على اكثر من 65 في المئة من اجمالي اقساط التأمين والبقية تتنافس على حصة لا تزيد عن 35 في المئة الامر الذي يجبر كثير من الشركات على تخفيض الاسعار وجمع اكبر حجم من أقساط التأمين.

واشار الى انه من الصعوبة بمكان إلزام هذه الشركات بتقليص حجم اقساط تأمين السيارات او حتى التوسع فيها لان ذلك يعتمد اساسا على تجربة كل شركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها ولا يوجد في القانون ما يمنع ذلك لكن الشركات مطالبة ايضا بسياسات اكتتابية واعية ودراسات مخاطر اكثر حصافة.

واضاف أن المشكلة قد لا تقتصر على الامارات بل هي قضية تواجه الكثير من الاسواق في العالم، فالتأمين على السيارات يبقى معضلة شائكة وتحتاج الى كثير من العمل بما فيها وعي المستهلك نفسه ونظرته الى التامين.

اسعار التأمين على السيارات ما زالت تتراوح بين 4 الى 4.5 في المئة وتقل بنسبة 35 في المئة عن التعرفة التي حددتها وزارة الاقتصاد بـ 6.5 في المئة الامر الذي يتطلب اعادة النظر في اسعار "التأمين على الغير" والذي يتراوح حاليا بين 300 الى 500 درهما في اغلب الاحوال ويزيد احيانا عن ذلك.

 

القانون هو الحل

ويؤكد عبدالزهرة عبدالله مدير عام الوطنية للتامينات العامة ان مشاكل التأمين ضد الغير في قطاع السيارات سببها تعود في المقام الاول الى غياب القانون الذي يضع الضوابط في هذا المجال، مشيرا الى ان الإمارات ودولتين فقط في المنطقة ما تزال دون قانون لهذا النوع من التأمين.

وقال: إن النظام المعمول به حاليا هو تعليمات للتأمين الالزامي على السيارات دون وجود ضوابط قانونية فيما يتعلق بالمسؤولية المدنية. واكد ان الكثير من دول العالم بما فيها اكثر من 16 دولة عربية لديها قانون تأمين الزامي ومنذ سنوات وقطاع التأمين بانتظار صدور القانون الخاص بالتأمين الالزامي والمسؤولية المدنية الذي سيضع حدا للكثير من المشاكل التي يعاني منها هذا النوع من التأمين بما فيها الخسائر الضخمة التي تتكبدها الشركات. واضاف ان مثل هذا القانون سيشمل مواد تحدد المسؤولية للطرف الآخر وقد يضع حداً ادنى لهذه المسؤولية.

واشار الى ان وضع تعرفة تتراوح بين 4 الى 5 % لن تكون كافية لضبط السوق في ظل وجود ذلك العدد الكبير من شركات التأمين في السوق وفي ظل المنافسة الحادة في القطاع وقلة السيولة وغيرها، والقانون وحده هو الحل الذي سيضع ضوابط فعلية ناجعة للقطاع.

 

القسط غير موازٍ للخطر

وقال جورج اشقر مديرعام جيت واي انترناشيونال اشورنس: إن ما يجري في سوق التأمين ضد الغير يتمثل في ان القسط الذي تتقاضاه شركات التأمين لا يساوي الخطر الذي تأخذه، فالقسط الذي تتقاضاه الشركات والذي لا يزيد في بعض الاحيان على 500 او 1000 درهم لا يوازي الخطر الذي تأخذه شركات التأمين والذي قد يتعدى في بعض الحالات نصف مليون درهم او حتى اكثر من ذلك وهذا لحادث واحد فقط، أي إنه خطر غير محدود وبالتالي فان خسائر الشركات تتوالى خصوصا تلك الشركات التي تتوسع في تأمينات السيارات. واضاف ان الحل يكمن في تحديد قيمة المبلغ الذي تتحمله الشركات وهو مبلغ يجب ان يتحدد في وثيقة التأمين وبمبلغ معين.

وأضاف أن المنافسة بين الشركات في هذا القسم بالذات ونعني به تأمين السيارات ادت الى تراجع مستوى الخدمة الذي تقدمه لعملائها، بدليل وجود اكثر من 8 آلاف شكوى من العملاء ضد شركات التأمين، ما يعني ان هناك حاجة إلى مزيد من الضبط في هذه السوق ومزيد من الرقابة حتى في ظل مبدأ السوق الحرة او المفتوحة.

واشار الى انه ورغم الزامية التأمين في قطاع السيارات والتي تقضي بتأمين المركبة لمدة 13 شهرا فإن المطلوب حاليا هو تحديد مسؤولية شركة التأمين وخاصة فيما يتعلق بالاصابات الجسمية التي تكبد الشركات مبالغ طائلة تدفعها سنويا دون وجود ضابط، خصوصاً في ظل تلك الثقافة السائدة عن التأمين بين شريحة كبيرة في المجتمع.

واكد الحاجة الى مزيد من الوعي في المجتمع وتثقيفه بمفهوم التأمين وحاجة الناس إليه ومسؤولية كل طرف في المعادلة التأمينية.

 

الأقساط المكتتبة

 

تشير بيانات هيئة التأمين خلال العام الماضي ان الأقساط المكتتبة لفروع تأمين الممتلكات وتأمين المسؤوليات 17.5 مليار درهم والتي يندرج تحتها تأمين السيارت تصل الى 17.5 مليار درهم فيما بلغ إجمالي التعويضات التحميلية لفروع الممتلكات وتأمين المسؤوليات قبل خصم حصة معيدي التأمين 10 مليارات درهم. وبلغت نسبة احتفاظ شركات التأمين الوطنية من الأقساط المكتتبة لفروع الممتلكات وتأمين المسؤوليات 53 في المئة.

اما إجمالي الأقساط المكتتبة لتأمين الأشخاص وعمليات تكوين الأموال فقد بلغ في عام 2010 أربعة مليارات درهم وكان نصيب الشركات الوطنية منها 34.2 في المئة والشركات الأجنبية 65.8 في المئة. وبلغ نصيب الشركات الوطنية من إجمالي الأقساط المكتتبة لفروع الممتلكات وتأمين المسؤوليات 77.8 في المئة من الإجمالي البالغ 18 مليار درهم فيما بلغ نصيب الشركات الأجنبية 22.2 في المئة. ويتوقع أن ينمو حجم الأقساط المكتتبة لشركات التأمين في الدولة خلال العام الجاري بنسبة حوالي ( 10 ) في المئة إلى (24) مليار درهم مقارنة بـ(22) مليار درهم عام 2010.

ويأتي هذا النمو الجيد مرافقا لاستمرار النمو في الأقساط المكتتبة خلال الأعوام الماضية في تحقيق معدلات نمو جيدة تراوحت بين ( 7 - 10 ) في المئة. إذ نما حجم الأقساط المكتتبة بنسبة ( 51 ) في المائة بين عامي 2007 و2010 وبنسبة ( 10 ) بالمئة بين عامي 2009 و2010، مما يعكس التطور الكبير المتواصل الذي تحققه سوق التأمين في الإمارات .