دخل سوق المقاولات في أبوظبي طور الإنتعاش خلال الأيام القليلة الماضية بعد أن بدأت كبريات الشركات الحكومية في طرح مناقصات المشاريع الجديدة والتي بدأتها شركة أبوظبي للخدمات الصحية "صحة" بمناقصة عن إنشاء مستشفى ضخم جديد واشترطت أن تتقدم له شركات مقاولات لايقل حجم أعمالها عن ملياري درهم وأن تكون قد أنجزت مشروعا بقيمة ملياري درهم خلال السنوات العشر الماضية. كما ظهرت في الأفق مؤشرات قوية على قرب البدء في المشاريع الضخمة التي وافق عليها المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن العديد من شركات المقاولات الوطنية أكدت على أنها لن تفوز بمناقصات المشاريع الضخمة مثل مشاريع المتاحف في جزيرة السعديات إلا أنها توقعت أن تفوز بنصيب الأسد في مشاريع إسكان المواطنين التي ستدخل التنفيذ خلال الأيام القليلة المقبلة.

وشهد سوق أبوظبي خلال الايام القليلة الماضية إرتفاعا في أسعار مواد البناء إذ قفز سعر كيس الأسمنت 50 كيلوجراما من 11.5 درهما إلى 13.75 درهما وفي بعض المناطق 14 درهما كما ارتفع سعر طن حديد التسليح من 2500 درهم إلى 2650 درهما كما زاد سعر متر الخرسانة الجاهزة بأكثر من عشرة دراهم للمتر الواحد.

وأكد مقاولون لـ"البيان الاقتصادي" أن سوق المقاولات في أبوظبي مقبل على زيادة تتراوح بين 10% و20%.

ووفقا لمقاولين وشركات مقاولات كبيرة في أبوظبي فإن سوق أبوظبي سيشهد ارتفاعا جديدا في أسعار مواد البناء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بنسب تتراوح بين 10% و20% حيث سينتهز تجار مواد البناء فرصة البدء في غالبية المشاريع الجديدة لرفع الأسعار بشكل مفاجيء.

وتأتي زيادة أسعار الحديد والأسمنت بصفة خاصة بعد مرحلة تراجع وانخفاض حيث إنخفضت أسعار طن حديد التسليح بمعدل مائة درهم لطن الحديد ونحو درهم لكيس الأسمنت وذلك بعد فترة إستقرار إمتدت منذ منتصف مايو الماضي حيث وصل سعر طن حديد التسليح 2700 درهم ، كما تراجع سعر كيس الأسمنت الذي يزن 50 كيلو جراما ليصل وفق أسعار أبوظبي 12 درهما أو 11.5 درهما بعد أن إستقر لفترة طويلة عند 13 درهما ثم عاد ليرتفع الأسبوع الماضي ليصل إلى 13.75 درهما .

 

زيادة مقبلة

ورأى أحمد المزروعي رئيس جمعية المقاولين في أبوظبي أن أسعار مواد البناء في أبوظبي بدأت الإرتفاع خلال الأيام القليلة الماضية مشيرا إلى أن ظاهرة الزيادة في الأسعار ستستمر خلال الشهور القليلة المقبلة خاصة مع بدء طرح المشاريع الجديدة التي أقرها المجلس التنفيذي ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار بنسب تتراوح بين 5% إلى 10% وقد ترتفع لاحقا إلى 20% حسب حالة السوق وبكل تأكيد فإن الأسعار ماضية بقوة في الإرتفاع.

ونوه إلى أن تراجع أسعار حديد التسليح والأسمنت خلال الشهور الماضية نتج عن ضعف الطلب على مواد البناء بصفة عامة عكس ماكان متوقعا مع بدء موسم النشاط بدءا من أكتوبر من كل عام، وقد واجه سوق أبوظبي عرضا أكبر من مواد البناء خاصة من الحديد الإماراتي والتركي والقطري إضافة إلى عرض أكبر من الأسمنت المحلي ، وقد أدى التباطؤ في إنجاز مشاريع وأعمال المقاولات سواء للقطاعات الحكومية أو الخاصة إلى إستقرار التراجع لكن منذ أيام بدأ السوق ينتعش مرة أخرى.

ونوه إلى أن أسعار حديد التسليح والأسمنت كانت مشجعة للمقاولين خلال الفترة الماضية لزيادة حجم أعمالهم ، إلا أن محدودية المشاريع المطروحة لم تمكنهم من الحصول على أرباح حقيقية بل إن بعض الشركات بدأت بالفعل تسريح عمالها ، وبلاشك فإن الأسعار الحالية سواء لطن حديد التسليح أو الأسمنت بعد زيادتها بنسب جيدة وتتنافس عشرات الشركات والمقاولين على المشاريع الجديدة سيدفع إلى مواصلة زيادة الأسعار. ويشير المزروعي إلى أن حجم مشاريع المقاولات تراجع خلال الفترة الماضية في أبوظبي كما أن كبار المقاولين تقدموا لمشاريع صغيرة ومتوسطة بدون توقع تحقيق أرباح حقيقية وفي أحيان كثيرة فازوا بمشاريع نفذوها بسعر التكلفة ليضمنوا لأنفسهم البقاء في السوق فقط ، وهناك منافسة قوية بين المقاولين على المشاريع الجديدة المحدودة وكان من المنطقي أن تتراجع أسعار مواد البناء.

وأعرب المزروعي عن أمله أن يكون لشركات المقاولات الوطنية نصيب الأسد في المشاريع الجديدة مشيرا إلى أن لديه مخاوف من فوز الشركات الأجنبية بغالبية هذه المشاريع .وقال: نحن لانرفض فوز الشركات الأجنبية بمشاريع تخصصية في مجالها لكن أن تنافسنا على المشاريع التي أبدعنا فيها خلال السنوات الماضية فهذا أمر نتحفظ عليه ولابد من دعمنا كشركات وطنية.

 

مشاريع ضخمة

ويعرب الدكتور فؤاد الجمل مدير شركة تراست للمقاولات في أبوظبي عن حزنه من العديد من مناقصات المشاريع الجديدة والتي كان أهمها مناقصة إنشاء مستشفى ضخم لشركة صحة أبوظبي مشيرا إلى أنه تعجب عند قراءة إعلان المناقصة والذي نص على أن تكون الشركة المتقدمة لهذا المشروع لديها مشاريع لاتقل عن ملياري درهم كما أنها نفذت مشروعا بقيمة ملياري درهم خلال السنوات العشر الماضية ، وأشار إلى أن الإعلان يشير بوضوح أن الفائزين بهذه المناقصات هي الشركات الأجنبية والقليل جدا من الشركات الوطنية الضخمة وللأسف فإنني أتوقع أن لاتفوز شركاتنا الوطنية بمثل هذه المناقصات.

ونوه إلى أن شركات المقاولات الوطنية لن تجد أمامها خلال الفترة المقبلة إلا المشاريع الخاصة للمواطنين وخاصة بناء الفيلات مشيرا إلى أن هذه المشاريع ستكون محدودة جدا لأن المناطق الخارجية لأبوظبي وخاصة مدينة محمد بن زايد وخليفة أ وخليفة ب شهدت خلال السنوات الأربع الماضية حركة نشطة جدا في بناء الفيلات الخاصة للمواطنين بغية السكن أو التأجير وقد تم بالفعل إنجاز آلاف الفيلات إلا أن تراجع الإيجارات السكنية يدفع المواطنين حاليا إلى تأجيل مشاريع البناء الجديدة وبالتالي تواجه شركات المقاولات خاصة المتوسطة والصغيرة لصعوبات حقيقية.وقال: الفرصة أمامنا في مساكن المواطنين في العين والمنطقة الغربية ونتمنى أن يكون لنا نصيب ولو قليل في المشاريع الضخمة سواء في جزيرة السعديات أو غيرها.

وينوه الدكتور مهندس فؤاد الجمل رئيس شركة تراست للمقاولات إلى أن سوق المقاولات في أبوظبي بدأ مرحلة الإنتعاش حيث بدأت الأسعار في التزايد بعد أن شهدت مرحلة تراجع ، واليوم إرتفع سعر طن حديد التسليح يتراوح حاليا بين 2600 درهم للحديد الإماراتي و2650 درهما للحديد القطري و2610 دراهم للحديد التركي ، كما أن هذه الأسعار مرشحة للزيادة إلى 2850 درهما أي بنسبة قد تصل إلى نحو 10% وهذه النسبة ستزيد لأن التجار يتربصون حاليا وسيرفعون الأسعار لامحالة والأيام المقبلة هي أيام مكاسبهم .

ولفت إلى أن تراجع أسعار حديد التسليح والأسمنت خلال الفترة الماضية حدث بسبب تراجع حجم الأعمال بصفة عامة سواء في أبوظبي ، وكان من المتوقع أن تنخفض الأسعار أكثر خاصة وأن قطاع المقاولات في أبوظبي عانى من حركة تباطؤ، وقد نتج هذا التباطؤ عن إنخفاض الإنفاق الحكومي وتراجع حجم الإنتاجية بصفة عامة ، إلا أن قرارات المجلس التنفيذي للإمارة خلال الشهر الماضي وبدء طرح بعضها للمناقصة أنعش السوق مرة أخرى وغادر مرحلة النوم إلى النشاط والإنتعاش .

وقال: قطاع المقاولات في أبوظبي مرشح لانتعاشة قوية خلال الأشهر المقبلة وستتزايد حركة التمويل العقاري وبالتالي سترتفع الأسعار مرة أخرى، ولن يعود سعر كيس الأسمنت إلى 12 درهما للكيس كما كان سابقا حيث يعد هذا السعر مثاليا للمقاولين بصفة عامة وإن كانت مصانع الأسمنت لم ترض عنه وبلاشك فإن المصانع لم تحقق العام الماضي أرباحا كما كانت تتوقع ، وأعتقد أن الزيادة في السعر والإستمرار فيها سيحقق للمصانع مزيدا من الأرباح علما بأن تكلفة كيس الأسمنت من المصنع يتراوح حاليا بين 9 دراهم وعشرة دراهم وعندما يباع في أبوظبي بسعر 13.75 درهما فهذا سعر جيد وإن كان غير مقبول من المقاولين حيث يحد من أرباحهم لكن الزيادة ليست كبيرة والمهم أن تتوفر المشاريع ونحن نتحمل هذه الزيادة بدون شك ولاتعيق الشركات عن عملها والمهم هو وجود المشاريع على أرض الواقع.

 

سنوات عجاف

ويوضح عيسى العطية الرئيس التنفيذي لشركة قمراء للمقاولات في أبوظبي أن شركات المقاولات في أبوظبي تعيش حاليا حالة من الإنتعاش بعد حالة كساد وتباطؤ غريبين مشيرا إلى أن السنوات الثلاث الماضية شهدت إغلاق العديد من شركات المقاولات سواء الأجنبية أو الوطنية بسبب تراجع حجم الأعمال فضلا عن تخفيض الإنفاق الحكومي كما أن المناقصات القليلة التي تم طرحها لاقت منافسة قوية جدا بين شركات كبرى ومتوسطة ولأول مرة في أبوظبي وجدنا أكثر من 45 شركة مقاولات منها شركات كبرى تتنافس على مناقصات صغيرة الحجم وبلاشك فقد عاش السوق حالة صعبة جدا .

وينوه العطية إلى أن السوق في أبوظبي بدأ ينتعش خلال الأيام القليلة الماضية مشيرا إلى أن هذه الحالة من الإنتعاش بدت واضحة في بدء صعود أسعار مواد البناء حيث ارتفع كيس الأسمنت بنحو درهمين وحديد التسليح بنحو 150 درهما وبلاشك فإن طرح المزيد من المشاريع سيؤدي إلى مزيد من الإنتعاش وزيادة أسعار مواد البناء.

وأعرب العطيه عن أمله أن يكون للشركات الوطنية نصيب الأسد في المشاريع الجديدة وقال: نحن كشركات وطنية عشنا سنوات عجافا وتعرضت فيها شركات عديدة لخسارة كبيرة وسرحت موظفيها وأغلقت مكاتبها ولم تصمد في السوق إلا الشركات القوية العريقة علما بأن هذه الشركات عانت الكثير وقد بدأت الغمة تزال ولابد أن يكون لنا نصيب كبير من المشاريع الجديدة لأن الشركات الأجنبية لايهمها إلا الربح فقط ولاتوظف المواطنين لديها بل إنها شركات مهاجرة مرتبطة بالمشروع الذي تنفذه عكس الشركات الوطنية التي تعد رافدا قويا من روافد إقتصاد الإمارة.وقال: نحن نصاب حاليا بالياأس عندما نرى مناقصات تطرح بمليارات الدراهم وليس لنا كشركات وطنية نصيب منها مطلقا ولايجوز أن نعيش على الفتات بل لابد من دعمنا كشركات وطنية وتخصيص نسبة من هذه المشاريع لنا لأننا الأحق بها فنيا وهندسيا ووطنيا.

 

 

 

أسعار المواد غير مستقرة في السوق المحلية

 

أكد المهندس محمد جمال مدير المبيعات بشركة تراست للمقاولات في دبي إلى أن أسعار الأسمنت ليست مستقرة في السوق المحلية خاصة في أبوظبي ، حيث شهدت زيادة ملحوظة في الأسعار خلال الفترة الحالية، ومن المستبعد في الوقت الحالي أو العام المقبل حدوث تراجع في أسعار الأسمنت وقد ترتفع إلى أكثر من 14 درهما للكيس ، مشيرا إلى أن عامي 2009 و2010 شهدا مزيدا من انخفاض الطلب على مواد البناء نتيجة تباطؤ أعمال البناء بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية ، وقد أدى إستمرار مصانع الأسمنت في إنتاجها المعتاد إلى تراجع الأسعار لأنه يصعب على المصانع تخفيض الإنتاج لما يتطلبه ذلك من إجراءات معقدة تتعلق بتشغيل المصانع، وقد إستقر هذا الإنخفاض عند مستويات 12 درهما للكيس الواحد لفترة طويلة وقد حدث الإرتفاع مؤخرا كما ارتفعت أسعار الحديد بنحو 150 درهما للطن لأن الارتباط السعري بين الحديد والأسمنت يحدث خلال فترة الرواج الاقتصادي وأعتقد أن أبوظبي مقبلة على مرحلة أخري من الرواج خاصة مع بدء تنفيذ مشاريع المجلس التنفيذي الجديدة.

ويطالب المقاولون وشركات المقاولات حكومة أبوظبي بأن تنتبه إلى تلاعب العديد من التجار في الأسعار مؤكدين على أن حدوث زيادات كبيرة مفاجئة قد تشكل ضررا على السوق ويعود إلى حالة التباطؤ مرة أخرى الأمر الذي يستدعي مراقبة قوية من الحكومة مما يؤدي إلى مزيد من الإستقرار.