تنظيم التحويلات المالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما قدمت إلى الإمارات منذ 22 عاماً، التقيت بعامل من الجنسية الهندية يعمل فرّاشاً خلال الدوام الرسمي، ويدير تحويلات مالية بعد انتهاء الدوام. وأخبرني يومها أن عمليات "الحوالة" كما عُرِفت في ذاك الوقت كانت تديرها شبكات عنقودية متعدّدة القنوات وموزّعة بين الأحياء والمناطق، كانت أشبه بمصارف متحرّكة تضم موظفين من الدرجات الدنيا يعملون على تحويل الأموال إلى الهند وبعض الدول الآسيوية بطرق غير رسمية.

وإذا ما نظرنا إلى سوق صرف العملات الأجنبية والتحويلات المالية في الإمارات في يومنا هذا، نجد أنها تختلف جذرياً عمّا كانت عليه على امتداد العقدين الماضيين، مدعومةً بقرارات ونظم إدارية صارمة كانت كفيلة بالتغلب على تحديات قطاع الصيرفة وتحويل العقبات إلى انطلاقة جعلت من الإمارات الأكثر استحواذاً على التحويلات المالية عبر شبكة "سويفت" بين دول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي.

وما من شكٍ أن العمالة الأجنبية في الإمارات والتي تشكّل 70 % من إجمالي التعداد السكاني، فضلاً عن تدني معدلات سعر الصرف في عديد من الدول النامية ، إضافةً إلى تكلفة التحويل الأكثر تنافسيةً على المستوى العالمي ومنع إجراء التحويلات المجانية المخالفة للقوانين المحلية والدولية، جميعها عوامل أسهمت في رفع معدلات التحويلات المالية في الإمارات 10 % خلال النصف الأول من العام الجاري بعد أن سجلت 70.5 مليار درهم العام الماضي، ما نسبته 24 % من إجمالي التحويلات المالية في دول الخليج.

ويعود الفضل في تنظيم القطاع إلى سلسلة برامج وقرارات أصدرها مصرف الإمارات المركزي لوضع ضوابط مالية وقانونية لتطوير نظم التحويل المالي ومراقبتها وتعزيز آليات الحماية من الاختراقات من خلال درء الانتهاكات القانونية والحد من غسيل الأموال.

ورغم أنّ بعض هذه القرارات والأنظمة صدرت في تسعينيات القرن الماضي، لكنها لا تزال تنطبق على السوق العصرية. وبالنظر إلى التوقعات الأخيرة التي تتنبأ بارتفاع معدل التحويلات المالية في الإمارات بنسبة 8 % خلال السنوات الثلاث المقبلة لتصل إلى 515 مليار دولار أميركي بحلول 2015، تتجلى ضرورة استحداث قرارات جريئة تتماشى مع التطورات التي دخلت قطاع الصرافة وأحدثت تغيرات جذرية تتطلب رقابة مشدّدة، مثل خدمة التحويل المالي من الحسابات المصرفية وإتمام العمليات عبر الهاتف أو إلكترونياً.

 

 

Email