لا أحد يغفل آثار عمليات قرصنة البرمجيات المباشرة وغير المباشرة على قطاع صناعة تكنولوجيا البرامج، إذ ان تأثيرها ليس محصوراً به محلياً وعالمياً فحسب، لا بل يتعدى ذلك ليطال الصحة الاقتصادية للدولة بأسرها والاقتصاد العالمي.
ومن هذا المنطلق، إن عدم توافر حماية كافية للشركات المنتجة وحماية حقوقها التي تكفلها القوانين المرعية، يؤدي إلى تكبدها خسائر تتجاوز الملايين من الدولارات.
ومن التداعيات الاخرى لقرصنة البرمجيات هروب الاستثمارات المحلية والاجنبية من الدول خصوصاً تلك المنفتحة على اقتصادات العالم، بالاضافة إلى انخفاض فرص العمل في هذا القطاع خصوصاً وزيادة نسبة البطالة عموماً.
وكانت الدراسة العالمية السنوية التاسعة حول قرصنة البرمجيات التي قامت بها "جمعية منتجي برامج الكمبيوتر التجارية" (BSA) قد كشفت أنّ المعدل الإجمالي لقرصنة البرمجيات في الشرق الأوسط وأفريقيا بلغ 58% في العام الماضي، في حين وصلت القيمة التجارية للبرمجيات غير المرخصة إلى نحو 4.2 مليارات دولار.
وفي العام 2010، خلصت دراسة قامت بها "جمعية منتجي برامج الكمبيوتر التجارية" و"مؤسسة البيانات الدولية" (IDC) شملت 116 دولة، الى ان الحد من قرصنة البرمجيات بنسبة 10 بالمائة على الصعيد العالمي خلال فترة أربع سنوات، يسهم في ضخ 142 مليار دولار بحلول عام 2013 في اقتصادات الدول التي شملتها الدراسة، ما يحقق 80 بالمائة نمواً في قطاع الصناعات المحلية.
هذا بالاضافة إلى توفير ما يقارب 500 ألف فرصة عمل جديدة في مجال التكنولوجيا فضلاً عن زيادة حجم العائدات الضريبية الجديدة حول العالم إلى 32 مليار دولار.
ومن ناحية أخرى، أثبتت دراسة حول قرصنة البرمجيات والتنمية الاقتصادية أن الدول التي لديها ارتفاع في معدلات قرصنة المعلوماتية تعاني من تدني في معدلات النمو الاقتصادي.
لذا نرى الترابط الوثيق بين ضرورة تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية وزيادة النشاط الاقتصادي.
إن قرصنة البرمجيات لها أشكال وأساليب مختلفة تشمل التزوير، بيع البرمجيات من دون ترخيص، بيع الحواسيب محملة بنسخ غير شرعية من البرامج، شراء تراخيص أقل من عدد المستخدمين الفعلي، الحصول على رخص غير شرعية عبر المنتديات ومواقع الانترنت وغيرها.
وبغض النظر عن الاسباب والدوافع فما هو ليس مقبولاً في ضوء المتغيرات الحديثة التي تكتسب أهمية متزايدة في فهم دور الملكية الفكرية، ان يستمر تهديد صناعة البرمجيات وإضعاف هذا القطاع الذي يشكل الركيزة الاولى لمجالات العمل كافة.
وانطلاقاً مما سلف ذكره، نشجع الجهات الرسمية الرقابية المعنية بهذا القطاع وبحماية حقوق الملكية الفكرية وجمعيات مكافحة القرصنة وشركات البرمجة، وإن ايجاد الحلول الكفيلة بالحد من قرصنة البرمجيات يضمن الوصول إلى مجتمعات رقمية آمنة وقانونية ويؤدي إلى عدم تأثر التطور الاقتصادي المحلي وتعزيز ثقة المستثمرين ورفع حجم العائدات في الاقتصادين المحلي والعالمي.
