تقترض الحكومة المصرية التي تعاني من نقص السيولة من البنك المركزي على نطاق واسع منذ 12 شهراً، وهو إجراء غير معتاد يشير إلى احتمال نفاد الخيارات المتاحة لتمويل عجز الميزانية المرتفع.
وساعد هذا الاقتراض الحكومة التي عينها المجلس العسكري على تسيير الاقتصاد خلال فترة التحول الديمقراطي الدقيق لكنه يوضح أبعاد المهمة التي ستواجهها الحكومة الجديدة وهي تحاول حل المشكلات المالية العسيرة في مصر.
وقال اقتصادي يقيم خارج مصر: إن البنوك المركزية لا تقرض الحكومة على مثل هذا النطاق إلا حين تنفد الخيارات.
وكان للانتفاضة الشعبية التي اندلعت العام الماضي تأثير سلبي شديد على الاقتصاد، حيث أبعدت السائحين والمستثمرين الأجانب عن البلاد وأثارت سلسلة من الإضرابات العمالية للمطالبة برفع الأجور.
وفي يونيو 2011 رفضت الحكومة قرضا عرضه صندوق النقد الدولي لمساعدة البلاد في التغلب على الأزمة وتحولت بدلا من ذلك إلى السوق المحلية لتمويل العجز الذي يبلغ حاليا 8.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ودفع ذلك إقراض البنوك المحلية إلى حدوده القصوى وأدى لارتفاع كبير في تكلفة الاقتراض الحكومية.
وفي يونيو بلغت الفائدة على أذون خزانة لأجل 364 يوما نحو 16 بالمئة ارتفاعا من 10.44 بالمئة فقط قبل اندلاع الانتفاضة.
وقالت الحكومة المصرية في مشروع ميزانية السنة المالية التي بدأت هذا الشهر إنها تتوقع نمو العجز 12.5 بالمئة إلى 135.0 مليار جنيه مصري أي 22.26 مليار دولار. وتم تخصيص ربع الإنفاق العام لدفع فوائد الديون التي سترتفع 26 بالمئة.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي المصري ارتفاع صافي المطالبات على الحكومة بمقدار 71.7 مليار جنيه أي 11.8 مليار دولار إلى 186.4 مليار جنيه خلال السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو.
وهذا يعادل أكثر من نصف عجز ميزانية العام الماضي البالغ 120 مليار جنيه ويساوي نحو 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال اقتصادي لدى مؤسسة إقراض دولية: لو لم يفعل البنك المركزي ذلك كانت أسعار الفائدة سترتفع بشدة.
وهذا النوع من الاقتراض بمثل هذه المستويات المرتفعة لا يمكن تحمله على المدى البعيد. ويقول اقتصاديون إنه يجعل من الصعب على الحكومة أيضا بناء قوة دفع سياسية لخفض العجز .
وقد يؤدي إلى ارتفاع التضخم. وحتى الآن يتوازن إصدار الجنيهات المصرية بفعل إقراض البنك المركزي مع انخفاض متزامن للاحتياطيات الأجنبية وهي الجانب الآخر لعرض النقود.
لكن بعد أن تستنفد مصر احتياطياتها الأجنبية سيمثل أي إقراض للحكومة عملية استحداث خالصة للنقود.
