ولت تلك الأيام التي كانت فيها الشركات الصينية تجد قاعدة كبيرة من العمالة المتوفرة للغرف منها. وقال تشينج كوينجهوا رئيس العمليات الصينية لشركة ريتال الألمانية في شنغهاي إن الصين أصبحت الآن سوقا للعمال ولم تعد سوقا لأرباب العمل. قال تشينج إن "العمال أصبح بإمكانهم العثور بسهولة على وظيفة أخرى. وتوظف ريتال 1200 عامل في صناعة لوحات التبديل الكهربائية وأنظمة تكييف الهواء وكذلك خزائن أجهزة خوادم الكمبيوتر والشبكات.
ويبلغ معدل الدوران الوظيفي بين العمالة غير الماهرة حاليا حوالي 13% سنويا، بينما يبلغ ذلك المعدل لدى شركات أخرى مستوى مرتفعا يصل إلى 25%. وتشهد السوق نقصا في العمالة ذات الإمكانيات الكبيرة، ويؤدي هذا النقص لمشاكل بالنسبة للشركات الصينية والأجنبية التي ترغب في التوسع بالسوق المتنامية. وكانت العمالة الصينية كلها في السابق تسعى إلى العمل لدى شركة أجنبية. لكن تشينج قال إن الأمر لم يعد كذلك الآن.
وتتمتع الشركات الألمانية واليابانية والأمريكية كلها بسمعة طيبة كأرباب عمل، لكن الشركات الصينية الآن تجعل نفسها بشكل متزايد أماكن جذب للعمالة. وقال مدير التسويق لدى ريتال كريستوف كاسليتز إن المديرين في الصين يضطرون إلى العناية بشكل أكبر بعمالتهم عما هو في الغرب عندما يتعلق الأمر بالتواصل والتحفيز. وأوضح: الأموال ليست كل شئ هنا، إذ يجب أن يشعر الموظفون أنهم في بيتهم.
وأصبح الأمان الوظيفي والتدريب وإمكانيات الترقية والتعاقدات طويلة الأجل وتحقيق ظروف معيشية وعمل جيدة وإجازة لرعاية الأطفال كلها أمور أصبحت مهمة فضلا عن القيام بنشاطات مشتركة مع موظفي شركات أخرى وممارسة الرياضة. وقال جو جياندانج رئيس العمليات الصينية لشركة "فونيكس كونتاكت" الألمانية في نانجينج: إننا نشترك في كل شكل من أشكال حياة موظفينا.
ولم يعد ارتفاع الأجور بأكثر من 10% أمرا غير عادي في الصين. ويحصل العمال غير المهرة عادة على ما بين 1500 و1800 يوان إجمالا أي 240 إلى 285 دولارا لكن المهندسين من ذوي الخبرة يحصلون على مبلغ كبير يصل إلى 100 ألف يوان. كما ارتفعت تكاليف التأمين الاجتماعي وكذلك بدلات المواصلات والإقامة. وفي المناطق الحضارية الأكبر مثل شنغهاي وبكين، ترتفع الأجور مع معدلات الدوران الوظيفي.
وقال مارك فوتشرر رئيس الوحدة الصناعية لدى شركة "سيمنس" بالصين إنه حتى الشركة الصناعية الألمانية الشهيرة بدأت تلمس هذا التغيير، مضيفا أن العثور على عمالة جيدة والاحتفاظ بها أصبح أمرا ليس بالسهل. وأضاف أنه في ظل عمل الشركة على مستوى العالم فربما يكون الأمر أسهل لكنه يظل يتعلق بالبرنامج التدريبي والمسؤولية والمزيد من التوقعات.
