قال القاضي علي شامس المدحاني بمحاكم مركز دبي المالي ان مكاتب المحاماة المواطنة حققت درجة عالية من الوعي والنضج بحكم تواجدها في بيئة قانونية بالغة التطور كتلك الموجودة في دولة الإمارات، وأن الفرصة متاحة لها للحاق بركب مثيلاتها الأجنبية وأنه رغم مواجهة مكاتب المحاماة المواطنة منافسة صعبة، إلا أنه يجب عليها أن تستفيد من هذا المناخ في التطوير المستمر لكفاءتها، حيث تؤدي المنافسة في المحك النهائي إلى فرز الصالح عن الطالح، كما أنها تشكل قوة محفزة للإبداع والابتكار والإنتاج والتجويد.

واعرب المدحاني عن تأييده مطالب المحامين المواطنين الخاصة باستخدام اللغة العربية في المحاكم بما يعزز قدراتهم على المثول أمامها، مشيرا إلى أن هذا الموضوع مثار على مستوى صانعي القرار في القطاع القضائي، وأن الدراسة تتمحور حول إدخال اللغة العربية ضمن عمل المحاكم جنبا إلى جنب مع اللغة الإنجليزية، بحيث يكون لدى المتقاضيين الخيار في تحديد أي اللغتين يودون استخدامها في عمليات التقاضي، ولكنه اعتبر استخدام اللغة العربية ليس كافيا لتعزيز تنافسية مكاتب المحاماة المواطنة، فالمسألة غير محصورة على مجرد كسر حاجز اللغة فقط.

ورأى المدحاني في ححواره مع لـ "البيان الاقتصادي" أنه ليس مطلوبا أن تعمل كافة مكاتب المحاماة المواطنة داخل مركز دبي المالي، ولكن المطلوب أن تتوافر الكفاءة والجدارة والمصداقية في من يعمل بالمركز من هذه المكاتب، مشيرا إلى أن إجادة مكاتب المحاماة المواطنة أساليب التقاضي باللغة الإنجليزية أن يفتح فرصا ضخمة أمامها، حيث تعتبر اللغة الإنجليزية لغة الأعمال الدولية، وتزخر الإمارات في الوقت الحالي بالخبرات والكفاءات القانونية المواطنة وغيرها التي تلقت تعليمها باللغة الإنجليزية في جامعات دولية، ومن شأن استعانة مكاتب المحاماة المواطنة بهذه الخبرات المواطنين خريجي الجامعات الاوروبية في القانون الانجلو سكسوني (وهم كثر في الساحة الان ومنهم من يدرس القانون) أن يعزز قوتها التنافسية في مواجهة مثيلاتها الأجنبية.وفيما يلي الحوار الذي دار على النحو التالي :

ماذا عن تقييمكم لمدى كفاءة وفاعلية مكاتب المحاماة المواطنة؟

حققت مكاتب المحاماة المواطنة درجة عالية من الوعي والنضج، فهي تعلم علم اليقين مالها وما عليها وبحكم تواجدها في بيئة قانونية بالغة التطور كتلك الموجودة في دولة الإمارات، فهي تعمل في بيئة قانونية بالغة التطور والتي تحفل بأكثر من نظام قضائي، فعلى سبيل المثال في إمارة دبي، تتنوع خيارات التقاضي، حيث تطبق محاكم دبي النظام القانوني المدني باللغة العربية، فيما تطبق محاكم مركز دبي المالي العالمي القانون الانجلو سكسوني باللغة الإنجليزية، فضلا عن تواجد أكثر من مركز تحكيم يعمل كل منها بنظام قانوني مختلف، منها مركز التحكيم الإسلامي ومركز تحكيم المركز المالي، ومركز دبي للتحكيم الدولي، وبالتالي، يشتمل النظام القضائي في إمارة دبي على طيف متسع ومتنوع من الخيارات المتاحة للمتقاضين، وهو ما يكسبه تفردا وتميزا عن الأنظمة القضائية الأخرى، ورغم أن البعض قد ينظر بنظرة سلبية إلى هذا التنوع بأنه قدر من الارتباك، ولكن النظرة الإيجابية تثمن هذا التنوع بأنه يتيح خيارات للتقاضي بالإمكان الاستفادة منها بما يلائم عملاء مكاتب المحاماة المواطنة علي نحو يسهم في توسيع حجم أعمالها.

اود ان اشير الى ان تطور واتقان مهنة المحاماة دائما ما ينعكس ايجابا على تطور القضاء. فلا يمكن لأي نظام قانوني او قضائي ان ينسب لنفسه النجاح دون ان يشير الى ان وراءه محامين ناجحين هم من يوجهون القضاء بطلباتهم وآرائهم للعمل باتجاه معين وبالتالي هم الشريك الاستراتيجي الاهم في الوسط القانوني لجهاز القضاء.

كيف يمكن الحفاظ على وضعية متميزة لمكاتب المحاماة المواطنة داخل محاكم مركز دبي المالي على غرار ما هو حاصل في الأنظمة القضائية الأخرى داخل الدولة؟

لا تختلف المنافسة في مجال المحاماة عن المجالات الأخرى بشكل كبير، فهي تتضمن في جوهرها الشقين التجاري والقانوني بنسب متساوية، فالعلاقة بين المحامين وموكليهم تقوم في جزء منها على أسس تجارية، ويلجأ الموكل إلى محامي بعينة بناء على قناعته بأنه سوف يتم تمثيل مصالحه خير تمثيل اعتمادا على أحد خيارات التقاضي المتاحة، حيث أضحت مكاتب المحاماة اليوم أشبه ما تكون بالمحلات التجارية الكبرى، فهي تقدم طيفا متنوعا ومتعددا من الخدمات القانونية التي لا تقتصر على مجرد الدفاع عن الموكلين داخل ساحات القضاء فقط، بل تشمل تقديم الاستشارات والنصائح في مجالات المال والأعمال، وبما يغطي مختلف مراحل تطور الشركات بدءا من التأسيس ومرورا بالتوسع ووصولا إلى انهاء الاعمال والتصفية ، وقد تطورت أعمال مكاتب المحاماة إلى درجة صارت فيها أعمالهم المتعلقة بتمثيل الموكلين تمثل نسبة ضئيلة من الحجم الكلي لأعمالهم، ورغم أن مكاتب المحاماة المواطنة تواجه منافسة صعبة، إلا أنه يجب أن تستفيد هذه المكاتب من هذا المناخ في التطوير المستمر لكفاءتها، حيث تؤدي المنافسة في المحك النهائي إلى فرز الصالح عن الطالح، كما أنها تشكل قوة محفزة للإبداع والابتكار والإنتاج والتجويد.

أليست هناك مخاوف من أن تؤدي المنافسة إلى خروج مكاتب المحاماة من سوق الاستشارات القانونية بحكم التفاوت الضخم بينها وبين نظيرتها الدولية؟ وهل المطلوب تقديم الحماية لمكاتب المحاماة المواطنة بما يعينها على مواجهة المنافسة؟

ليست مكاتب المحاماة المواطنة محل نسيان أو تجاهل بشكل كلي، إذ تستحوذ هذه المكاتب على غالبية القضايا المرفوعة أمام المحاكم في مختلف إمارات الدولة، فضلا عن المحكمة الاتحادية العليا، كما يعمل المحامون الوافدون العرب من خلال مكاتب المحاماة المواطنة، وبالتالي، تحظى مكاتب المحاماة المواطنة بالحماية القانونية على مستوى العمل القضائي المحلي، وفيما يتصل بمحاكم مركز دبي المالي العالمي، فإن عدد القضايا المعروضة يعد ضئيلا مقارنة حتى بأصغر محكمة موجودة في الدولة.

فنحن إزاء الحديث عن عدد قضايا يحسب بالمئات فقط، وبالتالي، فهي لا تمثل أي نسبة مقارنة بما هو معروض أمام المحاكم الأخرى داخل الدولة، وحتى لو توقعنا تضاعف عدد القضايا المعروضة أمام محاكم مركز دبي المالي خلال السنوات الخمس المقبلة بمعدل 10 مرات، سوف تظل كمية القضايا ضئيلة مقارنة بالمحاكم الأخرى داخل الدولة، ورغم المخاوف التي تساور بعض القائمين على مكاتب المحاماة المواطنة، إلا أنه قد تكون هذه المخاوف مبالغ فيها بالنظر إلى محدودية أعداد القضايا.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن تعقد نوعية القضايا المرفوعة أمام محاكم مركز دبي المالي العالمي يستلزم إتقان مكاتب المحاكم أصول وقواعد التقاضي والمرافعات الشفوية بكل حذافيرها وتفصيلاتها، خاصة وأنه من المتوقع أن تصبح هذه المحاكم واحدة من المحاكم المهمة في مجال فض المنازعات التجارية خلال السنوات القليلة المقبلة، وبالتالي، لا زالت الفرصة متاحة لمكاتب المحاماة المواطنة للحاق بالركب، وما هو مطلوب منها هو أن تدرب نفسها على طريقة عمل هذه المحاكم، وأن تدرس القوانين المطبقة فيها، وذلك حتى يكون لديها القدرة على تمثيل الموكلين أمامها وتنويع خيارات التقاضي التي في جعبتها.

وفيما يتعلق بمدى إقبال العملاء من الشركات الأجنبية على مكاتب المحاماة المواطنة، فان الأمر يرتهن باختيار الأفضل والأكفأ، وقد يقال أن المحامي الأجنبي لديه فرصة أفضل في الفوز بالقضايا المعروضة على محاكم مركز دبي المالي بسبب عامل اللغة، وأنه لا يوجد أي إمكانية للمحامي المواطن أن ينافس مثيلة الأجنبي.

ولكن بمقدور مكاتب المحاماة المواطنة التغلب على هذه العراقيل من خلال التطور والتعلم المستمرين، فمن شأن إجادة أساليب التقاضي باللغة الإنجليزية أن يفتح فرصا ضخمة أمام مكاتب المحاماة المواطنة، حيث تعتبر اللغة الإنجليزية لغة الأعمال الدولية، وتزخر الإمارات في الوقت الحالي بالخبرات والكفاءات القانونية المواطنة وغيرها التي تلقت تعليمها باللغة الإنجليزية في جامعات دولية.

ومن شأن استعانة مكاتب المحاماة المواطنة بهذه الخبرات المواطنين خريجي الجامعات الاوروبية في القانون الانجلو سكسوني (وهم كثر في الساحة الان ومنهم من يدرس القانون) أن يعزز قوتها التنافسية في مواجهة مثيلاتها الأجنبية.

فليس المطلوب أن تعمل كافة مكاتب المحاماة المواطنة داخل مركز دبي المالي، ولكن المطلوب أن تتوافر الكفاءة والجدارة والمصداقية في من يعمل بالمركز من هذه المكاتب، فالمكاتب الدولية لا تعمل جميعها في مركز دبي المالي العالمي، كما أنها لا تركز في أعمالها على الدعاوى القضائية فقط، بل تعمل بشكل رئيسي في مجال تقديم الاستشارات القانونية والاقتصادية والمالية.

 

المعاملة التفضيلية

هل ترون أنه من الملائم تمييز مكاتب المحاماة المواطنة في مركز دبي المالي ببعض المزايا التي تعزز قدرتها التنافسية في مواجهة مكاتب المحاماة الدولية؟

نحن نعيش في دولة تحرص على إكفال المساواة بين مختلف فئات وشرائح المجتمع، كما أن الجميع متساوون أمام القانون، ومن الصواب القول بأن مكاتب المحاماة المواطنة تنتمي في المحك النهائي إلى القطاع الخاص، ومن الصواب القول بأنه يجب إعطائها قدرا من المعاملة التفضيلية بأن تمنح بعض المزايا، ولكن يقع العبء الأساسي على مكاتب المحاماة المواطنة ذاتها، فهي مطالبة بأن تكيف وتأقلم نفسها مع طبيعة العمل في سوق الاستشارات القانونية.

هل تشاطرون الرأي القائل بأنه إذا كان العبء الأساسي يقع على عاتق مكاتب المحاماة المواطنة، فإن محاكم مركز دبي المالي العالمي مطالبة هي الأخرى بأن تقدم بعض الأفضليات؟

ليست محاكم مركز دبي المالي العالمي هي الجهة المسؤولة عن تنظيم مهنة المحاماة، وليست الجهة المسؤولة عن تحديد ماهية الممارسين لمهنة المحاماة، وبالتالي، تخول المحاكم مسؤوليات الترافع والتمثيل والتقاضي أمامها إلى كل من حاز على ترخيص بمزاولة المهنة من قبل الجهة المختصة بذلك، وكل ما فعلته محاكم مركز دبي المالي أنها اشترطت فيمن يترافع أمامها أن تكون مرافعته باللغة الإنجليزية، إلى جانب حصوله على ترخيص بمزاولة مهنة المحاماة.

كم عدد مكاتب المحاماة المسجلة لدى محاكم مركز دبي المالي العالمي؟

يصل إجمالي عدد مكاتب المحاماة المسجلة لدى محاكم مركز دبي المالي العالمي إلى 80 مكتبا، ويقل إجمالي أعداد مكاتب المحاماة المواطنة عن 20 مكتبا، أي بحصة تبلغ 20% من إجمالي عدد مكاتب المحاماة المسجلة، وربما هذا الوضع ناجما عن عدم توافر الوعي والمعرفة لدى بعض مكاتب المحاماة المواطنة بشأن محاكم مركز دبي المالي العالمي، وهو ما قد يعبر عن تقصير لدى الجانبين، ولكن تقع المسؤولية الكبرى على مكاتب المحاماة المواطنة بأن تكون على معرفة ودراية كاملين بالأنظمة القضائية الموجودة في الدولة بما في ذلك النظام القضائي لمحاكم مركز دبي المالي العالمي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

، وتطبق محاكم مركز دبي المالي العالمي برنامجا دوريا يهدف إلى زيادة الوعي بأعمالها وأنشطتها من خلال تنظيم الندوات واللقاءات وورش العمل والمحاضرات للقانونين والعامة، وفي إطار هذا البرنامج، جري استهداف و استقطاب المحامين المواطنين لحضور هذه الفعاليات، ولكن للأسف، عندما وجهنا الدعوة لحوالي 200 محامي مواطن لحضور ندوة تعريفية عن المحاكم، حضر منهم 5 محامين فقط في احدى المرات، وقد يكون هناك بعض القصور لدى المحاكم في التعريف بنفسها، ولكن المحاكم موجودة منذ عام 2004، أي مضي ما يقرب من ثماني سنوات على تأسيسها، وهي أصبحت الآن تتمتع بسمعة عالمية، فإذا ما كان هناك محامي يعمل داخل الدولة وليس لدية معرفة بالمحاكم، فإن المسؤولية المباشرة تقع على عاتقه، فهو مطالب بتحديث معارفه ومعلوماته بشكل منتظم ومستمر.

كما أنه من حيث المبدأ مطالب بمعرفة القوانين والمراسيم المعمول بها في الدولة، بما في ذلك محاكم مركز دبي المالي العالمي التي تم تأسيسها بناء على قانون، وتحث دائما المعاهد القضائية في الدولة المحامين على الارتقاء بمهارتهم والمشاركة في الندوات والبرامج التدريبية ومناقشة القوانين، بالنظر إلى أن البيئة القانونية تتميز بسرعة التغير، وهو ما يستلزم ضرورة أن يعمل المحامين على مواكبة هذه التغييرات والتطورات.

ماذا عن مطالب المحامين المواطنين بشأن استخدام اللغة العربية في عمليات التقاضي بمحاكم مركز دبي المالي العالمي؟

نحن ندعم مطالب المحامين المواطنين الخاصة باستخدام اللغة العربية في المحاكم بما يعزز قدراتهم على المثول أمامها، كما أن هذا الموضوع مثار على مستوى صانعي القرار في القطاع القضائي، وتتمحور الدراسة حول إدخال اللغة العربية ضمن عمل المحاكم جنبا إلى جنب مع اللغة الإنجليزية، بحيث يكون لدى المتقاضيين الخيار في تحديد أي اللغتين يودون استخدامها في عمليات التقاضي، خصوصا وأن هناك قضاة مواطنين يعملون في المحاكم.

ولكن استحداث اللغة العربية ضمن أعمال المركز ليس نهاية المطاف، بل يجب كذلك أن يكون المحامون المواطنون على دراية كاملة بالأنظمة القانونية المطبقة بالمحاكم التي تعد بمثابة مدرسة قانونية متميزة ومختلفة كليا عن الأنظمة القانونية المعمول بها في دولة الإمارات، وما أود التأكيد عليه أن استخدام اللغة العربية لن يكون كافيا لتعزيز تنافسية مكاتب المحاماة المواطنة، فالمسألة غير محصورة على مجرد كسر حاجز اللغة فقط.

 

إطلاق برامج لرفع وعي مكاتب المحاماة المواطنة

 

لم يستبعد القاضي علي شامس المدحاني حدوث تغييرات في وضعية مكاتب المحاماة المواطنة ، موضحا أن محاكم مركز دبي المالي العالمي قامت بوضع برنامج خاص يستهدف تعميق معرفة المحامين المواطنين بأساليب وطرق عملها والأنظمة القانونية المطبقة فيها، كما يكمل هذا البرامج أساليب وبرامج توعية أخرى متبناة، منها نشر قوانين وقواعد المحاكم في الموقع الإليكتروني للمحاكم على شبكة الإنترنت، والتخطيط للبث الحي لجلسات المحاكم عبر شبكة الإنترنت، وتأسيس آلية تدريب للمحامين المواطنين من خلال التعاون مع المعهد القضائي الاتحادي.

كما جري توقيع اتفاقية مع وزارة العدل التي أبدت استعدادا كبيرا لتدريب وتثقيف المحامين المواطنين، ورفع قدراتهم على الترافع أمام محاكم مركز دبي المالي العالمي . وأكد أن المحاكم تحرص على إعداد وتأهيل المحامين المواطنين لدعم وضعيتهم في المحاكم عندما تتزايد هذه القضايا في المستقبل من الناحيتين الكمية والكيفية، وهو أمر متوقع حدوثه خلال السنوات القليلة المقبلة.