قال الدكتور عبد الرحمن الطيب طه الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات التابعة للبنك الإسلامي للتنمية أنه من الطبيعي أن ترتفع أسعار أقساط التأمين مع صعود المخاطر ، حيث تتحدد هذه الأسعار بحسب عاملين رئيسيين ، أولهما ،مقدار المخاطر ، وثانيهما ،الفترة الزمنية التي سوف يستغرقها التعرض للمخاطر، مشيرا إلى أنه رغم كون المؤسسة تعد جزءا من السوق ، وتتأثر بالتفاعلات والتطورات الدائرة فيه ، إلا أن هناك تفاهما بين المؤسسة ومزودي خدمات إعادة التأمين بأن تكون الأسعار في مستويات مقبولة بالنسبة للسوق .

وأوضح الدكتور عبد الرحمن الطيب في حديث خاص لـ "البيان الاقتصادي" أن المؤسسة تترقب تطورات الاوضاع في كل من سوريا واليمن لكي تستأنف نشاطها وعملياتها في مجال تأمين المخاطر القطرية ، وهي تتابع الأحداث الدائرة في هذه الدول بشكل يومي ، ولفت إلى أن ليبيا تعتبر في بداية التحرك على الطريق الصحيح للاستقرار ، وأن اليمن يشهد تطورات تحمل في طياتها انعكاسات إيجابية.

وأكد الدكتور عبد الرحمن الطيب أن المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تخضع في توجهاتها الاستراتيجية للإطار الاستراتيجي العام لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية ، مشيرا إلى أن هذا الإطار يركز في المرحلة الحالية على محاربة الفقر من خلال المساهمة في الارتقاء بالبني التحتية الموجودة في الدول الأعضاء ، وهو ما انعكس تلقائيا على استراتيجية المؤسسة للفترة الممتدة من 2012 إلى 2014 ، وعليه ، تركز المؤسسة على زيادة حجم أعمالها في مجال مشاريع البنى التحتية خاصة قطاعات الاتصالات والمواصلات ، ودار الحوار على النحو التالي

 

قفزة في حجم العمليات

ما هي أسباب القفزة في حجم عمليات المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات خلال عام 2011 ؟

شهدت عمليات المؤسسة قفزة كبيرة في عام 2011 ، مقارنة بالعام السابق عليه ،إذ ارتفعت قيمة حجم العمليات المنفذة إلى 3200 مليون دولار ،أي بزيادة 60% تقريبا عن العام الماضي(حوالي 2000 مليون دولار أمريكي).وعكست هذه القفزة التطور الكبير والأداء المتميز للمؤسسة خلال السنوات الثماني الأخيرة ، حيث سجلت العمليات معدلا سنويا للنمو يزيد على 40 % ، بينما لم يتعد إجمالي التعرض القائم للمخاطر 1.08 مليار دولار أمريكي.

وذلك لأنّ أغلب عمليات التأمين داخل المحفظة التأمينية للمؤسسة قصيرة الأجل، ويعود السبب وراء هذا النمو المتواصل في العمليات إلى تطبيق المؤسسة استراتيجيتها الرامية إلى استقطاب أكبر عدد من المصدرين والمستثمرين في الدول الأعضاء عبر تكثيف الجهود التسويقية، وكذلك نتيجة لزيادة الوعي لدى رجال الأعمال بأهمية هذه النوعية من الخدمات التأمينية في دعم الصادرات وتوسيع عملياتهم التصديرية عبر اقتحام أسواق جديدة واستكشاف فرص جديدة، والدور الهام الذي يلعبه تأمين الاستثمار في جذب الاستثمار الأجنبي إلى دولنا الأعضاء خاصة في الظروف الحالية.

أما على جانب العرض ،فان قيام المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات بطرح أدوات ومنتجات جديدة تتجاوب مع طلبات المستثمرين وأصحاب الأعمال ، قد ساهم هو الآخر في زيادة قيمة حجم عمليات المؤسسة ، خصوصا وأن هذه الأدوات حظيت بقبول ورضا واسعين النطاق . هذا الى جانب ما جاء من قرار مجلس محافظي المؤسسة في اجتماعه السنوي الأخير في يونيو الماضي بمدينة جدّة.

حيث وافق على زيادة رأس مال المؤسسة من 150 مليون دينار اسلامي (حوالي 235 مليون دولار أمريكي) الى 400 مليون دينار اسلامي (حوالي 615 مليون دولار أمريكي) أي زيادة بنسبة 167%، مما ادى الى توسيع المقدرة التأمينية للمؤسسة وتدعيم موقفها المالي وزيادة ثقة عملائها في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها . كما أنّ حصول المؤسسة للعام الرابع على التوالي على تأكيد تصنيف الملاءة المالية بدرجة Aa3 من وكالة »موديز« يعزز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها التأمينية، إضافة الى تعزيز مكانتها بين شركائها في أسواق التأمين.

 

المنتجات الجديدة

إلى أي حد ساهمت الأدوات والمنتجات الجديدة في زيادة الطلب على الخدمات التأمينية المقدمة من جانب المؤسسة ؟

يتحدث الاقتصاديون عن ما يسمونه بنقطة " التوازن " بين الطلب والعرض ، وهو هدف غير قابل للتحقق بمعناه الحرفي ، ولكنه يبقي كقيمة عليا ترنو إليها المؤسسات والشركات في أعمالها وخططها الاستراتيجية ، فهي تنشد الوصول إلى نقطة التوازن بين قطبين متضادين ، وهما الطلب والعرض ، فليس أمرا سهلا تلبية احتياجات السوق خصوصا بالنسبة لمؤسسة إقليمية كالمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات .

وربما تكون المسألة أكثر يسرا بالنسبة للشركات الخاصة التي يكون من السهل عليها استحداث التغييرات وابتكار المنتجات بشكل يجعلها أكثر انسجاما مع احتياجات السوق ،فبحكم أن المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تعتبر في المحك النهائي مؤسسة إقليمية ، فهي قد نجحت في تعديل نظامها الأساسي لكي يكون أكثر تجاوبا مع احتياجات السوق ، وبموجب ذلك ، بات مسموحا تقديم خدمات التأمين على ائتمان واردات الدول الغير الأعضاء خاصة ما يتصل بالسلع الرأسمالية وتمويل مشاريع البنية التحتية والسلع الاستراتيجية خاصة فيما يتعلق باحتياجات الغذاء.

وجاء هذا التعديل نتيجة لقناعتنا بأنه من المتعين على المؤسسة تقديم خدماتها في هذا المجال الحيوي ، بالنظر إلى حقيقة أن أغلب الدول الأعضاء في المؤسسة تنتمي إلى فئة الدول النامية التي قد تواجه مصاعب جمة في الحصول على تسهيلات ائتمانية من اسواق المال العالمية بسبب تصنيفها الائتماني المنخفض والذي يجعل خدمات تغطية مخاطر الائتمان باهظة التكلفة بالنسبة لها ، وبناء على إدراكنا بأهمية تقديم هذا النوع من الخدمات للدول الأعضاء ، جرى تعديل النظام الأساسي للمؤسسة ليشمل ليس فقط تأمين صادرات الدول الأعضاء.

وإنما كذلك تأمين جوانب معينة من وارداتها. بالإضافة إلى التحسينات ادخلت على بعض منتجات التأمين التي تقدمها المؤسسة التي بهدفت تعزيز كفاءتها وجعلها اكثر استجابة لاحتياجات الدول الاعضاء ، وكان من اهمها تقديم منتجات جديدة مثل " وثيقة التأمين ضد عدم الوفاء بالالتزامات المالية السيادية " ، ولابد من الاشارة الى ان مساهمة المؤسسة لا تقتصر فقط على خدمات التأمين ، اذ تتولى المؤسسة ادارة برنامج مجموعة البنك الإسلامي للتنمية للتعاون الفني لترويج الاستثمار (ITAP ) وهو برنامج يهدف الى مساعدة الدول الاعضاء في تحسين المناخ الاستثمار لديها، والتعريف بفرض الاستثمار الواعدة والترويج لها، الأمر الذي سيؤدي إلى تشجيع تدفق الاستثمار الأجنبي لتلك الدول من خلال بناء القدرات وتنمية المهارات وتقديم الخدمات الاستشارية .

ماهي استراتيجية المؤسسة لتطوير أعمالها لهذا العام؟

تعتزم المؤسسة الاستمرار في زيادة حجم خدمات التأمين التي تقدمها لصالح دولها الاعضاء في مجالي تأمين الاستثمار والتأمين متوسط الاجل للمشاريع، كما تعمل على تعزيز الاداء المالي للمؤسسة من خلال تحسين نتائج الاكتتاب وتعظيم العائد على الاستثمارات معتمدة في ذلك على دعم الدول الاعضاء وتوجيهات مجلس المديرين وكفاءة وتفاني موظفيها .

كيف تقيمون أنظمة الحوكمة التي تتبعها المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات؟

تخضع المؤسسة لنظم حوكمة على درجة عالية من الكفاءة والفاعلية، فهي تعد جزءا من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ، ورغم كونها مؤسسة مستقلة ، ولديها مجلس إدارة مستقل ، إلا أنها تخضع في عملها لهيئات رقابية مندرجة ضمن مجموعة البنك الإسلامي للتنمية ، فمن جانب ، تختص إدارة المخاطر في المجموعة بمتابعة أداء المؤسسة وتوفير المبادئ الإرشادية والمعايير لإدارة مخاطر العمليات ، وكذلك لرصد ومراقبة تطبيقها .

ومن جانب آخر ، تتولى إدارة المراجعة في المجموعة مسؤولية مراجعة أعمال المؤسسة ، كما أن رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية يشغل منصب رئيس مجلس المديرين للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، وهكذا ، تخضع المؤسسة لأنظمة حوكمة عالية الجودة والكفاءة تحفظ حقوق حملة الأسهم وتحقق أهداف المؤسسة ،فمثل هذه الأنظمة تعد بمثابة صمام الأمان الذي يضمن سيرنا على الطريق الصحيح .

 

محاربة الفقر

ما هي القطاعات الاقتصادية التي تركز عليها المؤسسة في الوقت الحالي ؟

تخضع المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات في توجهاتها الاستراتيجية للإطار الاستراتيجي العام لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية ، ويركز هذا الإطار في المرحلة الحالية على محاربة الفقر من خلال المساهمة في الارتقاء بالبني التحتية الموجودة في الدول الأعضاء ،وهو ما انعكس تلقائيا على استراتيجية المؤسسة للفترة الممتدة من 2012 إلى 2014 ، وعليه ، تركز المؤسسة على زيادة حجم أعمالها في مجال مشاريع البنى التحتية خاصة قطاعات الطاقة والمواصلات.

ما هي تقديراتكم لتأثير صعود المخاطر في المنطقة علي أسعار أقساط التأمين ؟

من الطبيعي أن ترتفع أسعار أقساط التأمين مع صعود المخاطر ، حيث تتحدد هذه الأسعار بحسب عاملين رئيسيين ، أولهما ، مقدار المخاطر ، وثانيهما ،الفترة الزمنية التي سوف يستغرقها التعرض للمخاطر، والمؤسسة جزء من السوق ، وتتأثر بالتفاعلات والتطورات الدائرة فيه ، كما ترتبط أسعار أقساط التأمين علي اتفاقيات إعادة التأمين التي توقعها المؤسسة، وتعني عمليات إعادة التأمين مشاركة شركات اعادة التأمين في المخاطر والدخل المتحقق من أقساط التأمين ، وهناك تفاهم بين المؤسسة ومزودي خدمات إعادة التأمين بأن تكون الأسعار في مستويات مقبولة بالنسبة للسوق .

كيف اختلفت أسعار أقساط التأمين في عام 2011 عن تلك التي كانت سائدة في عام 2010 ؟

ليس بالإمكان التحديد القطعي لمقدار اختلاف أسعار التأمين في عام 2011 وهو العام الذي شهد تطورات واحداثا إقليمية ضخمة ، بالمقارنة مع العام السابق عليه ، حيث تختلف هذه الأسعار من بلد لآخر ومن حالة لأخرى ، بل تختلف هذه الأسعار بحسب تغييرات الأوضاع في البلد الواحد ، فعلى سبيل المثال ، كان من الصعب على شركات التأمين تقديم خدماتها لمصر خلال إحدى المراحل الصعبة التي اجتازتها ، نتيجة غياب عامل اليقين بشأن ما سوف تؤول إليه التطورات ، ولكن التغير النسبي للأوضاع ، استأنفت شركات التأمين على المخاطر القطرية عملها في مصر، وتراجعت أقساط التأمين من نطاق يتراوح بين 1.5 و 2 % إلي حوالي نصف بالمائة ، وهو ما يعني أن مزودي خدمات التأمين بدأوا يشعرون بالطمأنينة حيال تطورات الأوضاع في مصر .

هل ما زالت المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تباشر تقديم خدماتها التأمينية لكل من مصر وتونس ؟

تباشر المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات أنشطتها في تغطية مخاطر الائتمان في كل من تونس ومصر ، حيث تتميز هاتان الدولتان بأن لديهما مؤسسات مالية عريقة ومتطورة ، ورغم التطورات والأحداث الضخمة التي شهدها البلدان، إلا أن هذه المؤسسات حافظت على استمرارية عملياتها وأنشطتها ، ولم تتوقف قط عن مواصلة عملها ، وبالتالي ، لم تتوقف المؤسسة عن تقديم خدماتها التأمينية لدعم كل من تونس ومصر.

ماذا عن موقف المؤسسة حيال تغطية المخاطر في كل من سوريا واليمن وليبيا ؟

تترقب المؤسسة تطورات الاوضاع في كل من سوريا واليمن لكي تستأنف نشاطها وعملياتها في مجال تأمين المخاطر القطرية ، وهي تتابع الأحداث الدائرة في هذه الدول بشكل يومي ، وفيما تعد ليبيا في بداية التحرك على الطريق الصحيح للاستقرار ، فان اليمن هي الأخرى تشهد تطورات تحمل في طياتها انعكاسات إيجابية . تغطية مخاطر تعثر الحكومات

 

قال الدكتور عبد الرحمن الطيب طه الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات التابعة للبنك الإسلامي للتنمية أن المؤسسة طرحت منتجا للتغطية الشاملة للمخاطر السيادية تحت مسمى «عدم الالتزام بالالتزامات السيادية»، وجاء إطلاق هذا المنتج كاستجابة من جانبنا حيال بروز مشكلة تعثر بعض الحكومات في دفع مستحقاتها المالية.

وأوضح أن هذا المنتج يغطي مختلف أشكال المخاطر. بما في ذلك المخاطر التجارية والسياسية والسيادية، وبالتالي، تقوم المؤسسة بتعويض الجهات المؤمن عليها في حال عدم تلقيها المدفوعات المستحقة لها، و وأشار إلى أن هذا المنتج قد حظي بإقبال كبير مما ساهم في زيادة الطلب على خدمات المؤسسة التأمينية، ولاحظ أن مشاكل المديونيات السيادية قد لفتت الانتباه إلى أهمية وضع تعريف واضح ومحدد لمفهوم الالتزامات المالية السيادية، وذلك بالنسبة للشركات والمؤسسات التابعة للحكومات، وعدم التركيز المفرط على الغطاء السيادي المفترض للشركات على حساب التحليل المتفحص لأوضاعها من الداخل.