خبراء يدعون «الهيئة» إلى إعادة النظر بالقرار

أوضاع السوق تعرقل تطبيق الضمان المصرفي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال خبراء ماليون ومديرو شركات وساطة مالية في أسواق الأسهم المحلية إن المستجدات والظروف الراهنة التي تعيشها اقتصادات إقليمية وعالمية، أثرت بقوة في أحوال أسواق المال في الدولة التي شهدت تراجعات كبيرة على مستوى أحجام وقيم التداولات على مدار العام الماضي بأسره مقارنةً بسابقه، مشيرين إلى أن مستويات السيولة لاتزال دون المستوى المأمول منذ بداية العام الجاري، الأمر الذي يحول دون جدوى تطبيق قرار الهيئة بشأن توفيق شركات الوساطة المالية العاملة بالأسواق لأوضاعها، بما يتماشى مع أحكام النظام الجديد لوساطة الأوراق المالية الذي أقرته هيئة الأوراق المالية والسلع في يوليو 2014.

وجددوا دعواتهم الهيئة بإعادة النظر بشأن شرط خطاب الضمان المصرفي الوارد في الفصل الثالث، مادة (11) من قرار مجلس الإدارة رقم (27) لسنة 2014، الذي يفيد شرط تقديم شركة الوساطة ضماناً لصالح الهيئة بقيمة 50 مليون درهم حتى يتسنى لها القيام بكامل أعمالها من تداول وتقاص وتسوية، بالرغم من قرار الهيئة أخيراً تمديد مهلة تطبيق قرار الضمان على مكاتب الوساطة حتى نهاية يونيو من العام الجاري.

ظروف غير مواتية

من جانبه، قال إياد البريقي، مدير عام الأنصاري للخدمات المالية، إن الظروف التي تعيشها أسواق الأسهم المحلية غير مواتية لدخول تطبيق قرار الضمان المصرفي حيز النفاذ، لافتاً إلى أن الخسائر الفادحة التي منيت بها أسعار النفط العالمية، وما كبدته من خسائر متتالية لأهم المراكز المالية والأسواق العالمية في أميركا وأوروبا وآسيا، أدت إلى تقلبات حادة شهدتها تداولات الأسهم المحلية على مدار عام 2015 بأكمله، الأمر الذي أدى إلى تراجع أحجام وقيم تعاملات الأسواق المحلية بصورة كبيرة مقارنةً بالمستويات المتحققة في عام 2014.

وأوضح أن تطبيق الهيئة للنظام الجديد الخاص بوساطة الأوراق المالية لاسيما خطاب الضمان المصرفي في الوقت الراهن سوف يؤدي إلى تقليص أرباح مكاتب الوساطة المالية العاملة في الأسواق المحلية التي تواجه تحديات تراجع شهية المستثمرين بصورة لافتة نتيجة تنامي المخاوف من تداعيات اقتصادات العالم على أسواق المال بالدولة.

ضغوط متزايدة

وأكد البريقي أن الضمان المصرفي يزيد الضغوط على وسطاء الأسهم المحلية من خلال زيادة العبء بتحمل مصروفات كبيرة في وقت تسجل فيه الأسواق المالية تراجعات في مستويات السيولة وتدفقات الأموال سواء من المستثمرين الأفراد أو المؤسسات، منوهاً بأن أغلبية شركات الوساطة العاملة لن تكون قادرة على الصمود والإيفاء بمتطلبات واحتياجات المستثمرين والعاملين فيها على حدٍ سواء، مبيناً أنها تعتمد بصورة رئيسة على ما تجنيه من أعمال الوساطة المالية التي تعتبر مصدر دخلها الوحيد.

مراجعة

ومن جهته، رأى علاء السيد، مدير عام شركة المستثمر للوساطة المالية ضرورة مراجعة الهيئة لقرارها بشأن تطبيق آلية الضمان المصرفي على شركات الوساطة المالية، موضحاً أنه وبسبب الظروف الراهنة التي تشهد ضعفاً في السيولة والتداولات، فضلاً عن مخاوف وتحفظات المستثمرين الأفراد والمؤسسات من الإقبال على التعاملات السوقية كما في السابق، لا يصب في مصلحة الأسواق المحلية، مشدداً على ضرورة التأني في التطبيق إلى حين استعادة الأسواق لنشاطها وحيويتها، الأمر الذي سيعزز ثقة المتعاملين بصورة أكبر، ويفتح شهيتهم الاستثمارية، وبالتالي سيرفع الأحجام والقيم إلى سابق عهدها من جديد.

وأشار إلى أن أسواق المال في الدولة تأثرت بالسلب كنظيراتها في مختلف دول العالم بفعل معطيات خارجية، أولها النفط الذي نزلت أسعاره حول العالم إلى مستويات متدنية جداً، إلى جانب الأنباء المتواترة بشأن التباطؤ في اقتصادات عالمية في مقدمتها العملاق الصيني، إضافةً إلى الأوضاع الجيوسياسية المضطربة في دول الجوار بالمنطقة العربية.

واقترح السيد أن يتم ربط قيمة خطاب الضمان المصرفي بقائمة خيارات عن الخدمات المقدمة من قبل مكتب الوساطة المالية، لافتاً إلى أن خدمتي الوساطة والتقاص تعدان من صميم مهنة الوساطة المالية التي لا غنى عنها، بحيث تعمل الهيئة على توفيرها وبموجب ما يختاره الوسيط من خدمات إضافية كإقراض الهامش على سبيل المثال، أو التوسع عبر تقديم خدمات المشتقات المالية وغيرها تتم زيادة قيمة الضمان بما يتلاءم مع الخدمات المتاحة، منوهاً بأن عملية تجميد ما يزيد على ملياري درهم بصورة ضمانات لدى الهيئة في حال استجابت شركات الوساطة المالية كافة مع القرار يعتبر أمراً مستحيلاً من الناحية العملية.

خسارة

وبدوره، ذكر خالد أبو زاهر، مدير عام شركة الفجيرة للأسهم والسندات، أن تطبيق قرار الهيئة المعني بزيادة خطاب الضمان المصرفي وتحديداً بالتوقيت الراهن لأسواق الأسهم المحلية يعني خسارة الأخيرة لعدد كبير من شركات الوساطة المالية التي ستضطر للخروج نهائياً منها نظراً للتكاليف العالية التي ستفرض عليها بفعل الرسوم الباهظة لهذه الضمانات في ظل التراجعات الكبيرة في أحجام وقيم التداولات في السوقين.

وأوضح أن شركات الوساطة المالية منذ تراجع مستويات التداول في أسواق الأسهم تتحمل أعباء كبيرة، معتبراً أن قرار التأجيل لمدة 3 شهور لا طائل من ورائه، حيث إن الأسواق المالية المحلية بحاجة لفترة أطول حتى تسترد عافيتها لتستعيد أولاً ما خسرته خلال عام 2015 ومن ثم يتم تحديد وقت تطبيق القرار. وتوقع بمجرد دخول القرار حيز التنفيذ في ظل الظروف الحالية للأسواق أن تفقد الأخيرة كفاءات مهنية نظراً لاحتمالات الإغلاق لشركات وسيطة بصورة نهائية من الأسواق بسبب التكاليف التشغيلية العالية عليها.

جديرٌ بالذكر، أن هيئة الأوراق المالية والسلع اعتمدت خطاب الضمان المصرفي في قرارها الخاص بنظام الوساطة في الأوراق المالية في يوليو من عام 2014، على إثره طلبت من شركات الوساطة الراغبة بالاستمرار في تقديم خدمتي «التداول والتقاص» لعملائها تقديم ضمان مصرفي بقيمة 50 مليون درهم، في خطوة تهدف إلى توفير حماية أفضل للمستثمرين في أسواق المال المحلية، حيث كان من المزمع تطبيقه بنهاية شهر مارس المقبل.

أسعار النفط العالمية تنعكس على تقلبات الأسهم العام الماضي

شكا متعاملون في أسواق الأسهم المحلية أن التقلبات الحادة التي شهدتها التداولات خلال العام الماضي قد أضرت بمصالحهم، مشيرين إلى أن مستويات الأرباح المتحققة لهم خلال عام 2014 ذهبت أدراج الرياح نتيجة التراجعات الكبيرة التي سجلتها التداولات بفعل المخاوف من تأثيرات سلبية لعوامل خارجية على رأسها أسعار النفط العالمية. وذكروا في استطلاع لـ «البيان الاقتصادي» شمل نحو 30 مستثمراً في أسواق المال بالدولة أن الأوضاع الحالية تدلل على حالة غير مشجعة للمتعاملين في ضخ استثماراتهم، الأمر الذي أدى إلى استمرار التراجع في مستويات الأحجام والقيم منذ بداية العام الجاري، لافتين إلى أن الظروف الراهنة للأسواق لا تبعث على الاستقرار ولا تشجع على الإقبال من قبل المستثمرين من أفراد ومؤسسات.

تداول بالهامش

وطالب عدد كبير من المتعاملين في الأسواق كلاً من الهيئة والأسواق بتعليق خيار التداول بالهامش خلال المرحلة الحالية نظراً لتأثيرها السلبي المباشر على نزول المؤشرات السوقية بفعل ضغوط البيع المكثفة التي تلجأ إليها شركات الوساطة المالية بهدف التسييل في حال تراجع أسعار الأسهم إلى مراكز سعرية متدنية، الأمر الذي أصبح متعارفاً عليه بصورة دورية قبيل نهاية كل شهر.

وأشاروا إلى أن التوقيت المناسب لاستخدام المستثمر خيار التداول بالهامش يعتمد على الحالة التي تمر بها الأسواق، حيث إن أجواء التفاؤل تزيد من فرص استخدام المستثمرين لهذا الخيار من أجل الاستفادة من الارتفاعات المحققة، أما في الوقت الراهن وتحديداً في حالة التراجعات المسجلة في تداولات الأسهم المحلية فهذا الاختيار غير مناسب نظراً لأنه يزيد التشاؤم لدى المتداولين عوضاً عن الثقة، لاسيما أن المستثمر فوّض الشركة الوسيطة صلاحية التصرف المطلق في الأوراق المالية الممولة بالهامش وبيعها دون الرجوع إليه في حال انخفضت نسبة الملكية عن هامش الصيانة المتعارف عليه، بما يسحب بالمؤشرات السوقية إلى الأسفل مع نهاية كل جلسة تشهد حالات ما يعرف بـ «استدعاء الهامش».

ملاءة مالية

وأوضحوا أن تعاملات الأسواق المالية مع توفير خيارات أدوات الدين تتطلب أولاً ملاءة مالية كبيرة لدى شركات الوساطة حتى تتمكن من تقديم هذه الخيارات بصورة فاعلة تؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج مجدية، من خلال مساهمتها في تعزيز تدفقات السيولة إلى أروقة الأسواق بصورة يومية، لافتين ثانياً إلى أن «التداول بالهامش» يعود بالنفع على شريحة محدودة من المستثمرين الذين يمتلكون الدراية الكافية بآليات العمل بهذا الاختيار الاستثماري.

مسلسل

أفاد خالد أبو زاهر أن العام الجاري مستمر في مسلسل التحديات في أروقة أسواق الأسهم المحلية التي فرضتها مجمل المعطيات العالمية والإقليمية خلال العام الماضي، مشيراً إلى أن مستوى التعاملات السوقية لايزال يرزح تحت وطأة الظروف الصعبة التي تعصف بالاقتصاد العالمي ككل، حيث إنه لم يتخلص بعد من حالة الذعر التي تسيطر على معنويات المستثمرين وتحكم قراراتهم.

صعود

قال الخـبراء إن الحالة السائدة في الأسواق المحلية لا تنم عن اقــــتراب بــــوادر دورات صــعــــود جــديدة، حـــيث إن مســتويات التعاملات بالأسهم أصبحــت مـــقيدة بمــــعدلات الإقبال من قبل المستثمرين التي يتحكم فيها عاملان رئيسان هما «الثقة» و«الشهية الاستثمارية»، منوهين بأن المخاوف لاتزال تتحكم في قرارات المتعاملين الذين ما إن يرون انفراجة ما في أسعار الأسهم وارتفاع المؤشرات إلى مستويات أعلى حتى طل قرار «جني الأرباح» الضاغط على نشاط الأسواق ليعيد المؤشرات من جديد إلى المربع الأحمر.

Email