قدر محللون في وكالة «ستاندرد آند بورز» لخدمات التصنيف الائتماني أن السيولة في النظام المصرفي الإماراتي لن تشكل مشكلة خلال العام 2012، مشيرين إلى أن الوضع العام للمصارف الإماراتية صار جيدا مقارنة بما كان عليه الأمر منذ عامين مضيا.
وأن مخصصات الديون المتعثرة سوف تواصل تراجعها خلال العام الحالي، وقدروا كذلك بأن أسعار الفائدة خلال العام 2012 سوف تبقى عند مستواها في العام الماضي دون حدوث تغييرات كبيرة، وأفادوا بأن انكشاف القطاع المصرفي الإماراتي على قطاع العقارات يصل نسبته إلى 25 % من إجمالي القروض.
جاء ذلك على هامش مؤتمر صحافي نظمته الوكالة أمس، بمناسبة نشر تقريرها المعنون تحت اسم «بنوك الخليج تنأى بنفسها عن اضطرابات منطقة اليورو لضمان مواصلة الانتعاش المطرد بعد أزمة عام 2008»، وتوقع التقرير أن تواصل البنوك الخليجية انتعاشها المطرد من آثار الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008 وأن تبقى في معزل عن الاضطرابات التي تشهدها منطقة اليورو خلال ما تبقى من عام 2012 والعام المقبل 2013.
وقال تيموسين إينجين محلل الائتمان في وكالة «ستاندرد آند بورز» لخدمات التصنيف الائتماني ان مسألة السيولة في النظام المصرفي الإماراتي لن تكون بمثابة مشكلة خلال العام 2012، وأوضح أن العنصر المهم يكمن في تراجع حجم مخصصات الديون المتعثرة، حيث ان تراجع معدل المخصصات بوتيرة منتظمة، من شأنه أن يساعد في تعزيز عوائد البنوك الإماراتية.
تراجع مخصصات الديون
وأضاف بقوله انه من المتوقع أن يتراجع حجم مخصصات الديون المتعثرة خلال العام 2012 ويزداد تقلصه، حيث باتت هذه المخصصات في مستويات مستقرة، ولم تعد المصارف في وضع يفرض عليها رصد مخصصات كبيرة لتغطية الديون المتعثرة، كما اعتادت في السابق، مشيرا إلى أن هذا الاتجاه كان واضحا في العام 2011 ومن المتوقع أن يستمر خلال العام 2012.
وواصل شرحه بقوله: ان المصارف الإماراتية كانت تتمتع بمعدلات سيولة وودائع عاليتين، وذلك قبل تفجر الأزمة المالية العالمية، ولكن منذ عام 2008، تراجعت معدلات الودائع في المصارف الإماراتية بوتيرة سريعة، ولكنها باتت الآن في مستويات قابلة للإدارة وفي وضع أفضل بشكل مؤثر، حيث أن معدل الإقراض المصرفي سيتجه إلى التراجع على نحو يعزز مستويات السيولة لدى المصارف الإماراتية.
وفيما يتعلق بمعدل نمو الودائع، قال تيموسين إينجين ان بيانات المصرف المركزي تبين أن معدل نمو الودائع عن الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي لم يكن في وضع سيئ، فهي أعلى من معدل نمو الإقراض، وتوقع أن تسجل المصارف الإماراتية نموا في حدود 4.5 % خلال العام 2012.
واستبعد تيموسين إينجين رؤية تغيرات كبيرة لمعدلات أسعار الفائدة في الإمارات خلال العام الحالي، موضحا أن أسعار الفائدة سوف تستمر عند نفس المعدلات التي كانت عليها في العام 2011. ولكنه قدر بأن التحدي الأكبر الذي سوف يواجه المصارف الإماراتية خلال العام 2012 يكمن في إعادة هيكلة انكشافاتها، مشيرا إلى أن معدل انكشاف هذه المصارف على قطاع الإنشاءات والعقارات في حدود معدل نسبته 25 %.
أزمة المصارف الأوروبية
وبشأن التأثيرات المحتملة لأزمة المصارف الأوروبية على المصارف الإماراتية، قال تيموشن انجين ان انكشاف البنوك الإماراتية على مثيلتها الأوروبية عند مستوى قابل للإدارة، مشيرا إلى أن مركز الاقتراض الخارجي للمصارف الإماراتية قابل للإدارة، وأنه ربما تنكمش موازنات المصارف الأوروبية.
ولكن لن يشكل هذا الوضع مسألة حيوية بالنسبة للمصارف الإماراتية. وأوضح أن معدل إقراض المصارف الإماراتية سوف ينحو نحو التراجع خلال العام 2012 على غرار الحال بالنسبة للعام السابق عليه، ومن ثم فمن غير المعتقد أن تشكل السيولة تهديدا كبيرا للمصارف الإماراتية.
وتوقع تيموسين إينجين، أن تواصل معظم البنوك في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي خفض مخصصات خسائر القروض، ما سينتج عنه المزيد من التحسن على مستوى صافي الأرباح، على الرغم من الظروف المعاكسة في منطقة اليورو والأسواق المصرفية الدولية.
وأوضح أن تمويلات وسيولة المصارف الخليجية باتت في وضع أفضل، حيث ان المصارف في السعودية والكويت تعتمد بشكل كبير على الودائع وليس على الاقتراض الخارجي، حيث تعد موردا رئيسيا لرؤوس الأموال في الأسواق العالمية، وتمتلك قاعدة أصول قوية.
واتفق ستيوارت آندرسون المدير الإداري في «ستاندرد آند بورز» مع هذا التقييم، موضحا أن المصارف الإقليمية سوف تنهض بجزء كبير من الدور الذي تلعبه المصارف الأوروبية فيما يتعلق بالإقراض، فضلا عن أن المصارف الآسيوية سوف تلعب دورا قويا في عمليات تمويل مشروعات البنية التحتية وأنشطة الشركات العامة.
فضلا عن أن التطور الذي تشهده أسواق الأسهم المحلية يمكن أن يوفر مصدر تمويليا مهما، ولفت إلى أنه من الملاحظ أن عمليات تمويل المشروعات في منطقة الخليج تتجه إلى الاعتماد على إصدارات الصكوك عوضا عن القروض المجمعة التي كانت المصارف الأوروبية تكتتب فيها، ودلل على ذلك بالتزايد الواضح في حجم إصدارات الصكوك في المملكة العربية السعودية، واتجاه الشركات العائلية، كمجموعة الفطيم، إلى إصدارات الصكوك لتمويل مشروعاتها.
ومن جانبه، قال بول هنري بروفوست، محلل الائتمان في «ستاندرد آند بورز»: «تتميز بنوك دول مجلس التعاون الخليجي بمحدودية تعرض أنشطتها الإقراضية والاستثمارية لمخاطر منطقة اليورو. وتمثل المستويات المرتفعة لرأس المال لدى هذه البنوك نقطة قوة رئيسية أيضاً، حيث توفر لها جداراً واقياً من أي ضغوط غير متوقعة قد تطال نوعية أصولها.
نمو الائتمان
وتوقع التقرير الصادر عن وكالة «ستاندرد آند بورز» أن ينمو الائتمان في النظام المصرفي الإماراتي خلال العام 2012 بمعدل من رقم واحد، حيث مازالت تكتتب مصارف إمارة أبوظبي ومنذ العام 2012 في قروض جديدة، وإن كانت بوتيرة معتدلة.
كما لم تشهد دفاتر الإقراض لدى مصارف إمارة دبي نموا بوتيرة كبيرة، ولفت التقرير إلى أن مصارف الإمارات سوف تواصل انتهاج النهج المتحفظ، حيث ان الجهات التنظيمية في الإمارات وضعت سقفا على اقتراض الشركات الحكومية، وهو الأمر الذي سوف يقود إلى تقييد نمو الاقتراض.
وأفاد التقرير أن هناك قدرا كبيرا من إعادة هيكلة الانكشافات في النظام المصرفي الإماراتي، وهو الأمر الذي ينطوي على تأثيرات بالنسبة لمعدل الديون الرديئة، حيث قامت المصارف بتغطية كامل خسائر القروض على مدى العامين الماضيين، وأشار التقرير إلى أن المصارف في الإمارات واصلت تعزيز احتياطاتها في مواجهة خسائر القروض، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال العام 2012.
تحسن الربحية
وأورد التقرير الصادر عن وكالة «ستاندرد آند بورز» الإشارة إلى أنه منذ بداية الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وعلى الرغم من تباطؤ نمو ميزانياتها العمومية، حافظت معظم البنوك الخليجية على مستوى أرباح جيد قبل استقطاع المخصصات. وعلى الرغم من استمرار وجود بعض المخاطر، إلا أن نوعية الأصول في تحسن مستمر، وبالتالي لا تحتاج هذه البنوك إلى خصم الكثير من المخصصات لتغطية خسائر القروض المحتملة.
ويساعد هذا التوجه المتمثل في تحسن نوعية الأصول وانخفاض مخصصات خسائر القروض في دفع عجلة تحسن الأرباح بالنسبة لمعظم البنوك في منطقة الخليج.
وأفاد التقرير بأن وكالة «ستاندرد آند بورز» لا تتوقع أن يكون لاضطرابات منطقة اليورو تأثير كبيرٌ ومباشر على البنوك الخليجية، نظراً لكون اعتماد صافي متطلباتها التمويلية على البنوك الأوروبية ومؤسسات التمويل الخارجية بشكل عام، محدوداً إلى حد كبير.
ويمكن السيطرة عليه، من وجهة نظرنا. فالبنوك الأوروبية تعتبر تقليدياً من مزودي التمويل في أسواق الائتمان الدولية، وتعمل اليوم على تضييق دائرة تعرضها للمخاطر الخارجية، بينما تحاول الحفاظ على مستويات السيولة ورأس المال لديها بما يتماشى مع المتطلبات التنظيمية المتزايدة والتحديات التي تفرضها الأزمة في منطقة اليورو.
واظهر التقرير أنه باستثناء مملكة البحرين (تصنيفها الائتماني عند BBB/A-3مع أفق سلبي)، ظلت دول الخليج الأخرى في معزل إلى حد كبير عن الآثار غير المباشرة للاضطرابات السياسية التي شهدتها أجزاء من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وتضم الدول الخمس الأخرى التي تشكل مجلس التعاون الخليجي كلاً من الإمارات العربية المتحدة (غير مصنفة)، المملكة العربية السعودية (A-1+/AA- مع أفق مستقر)، سلطنة عُمان (A/A-1 مع أفق مستقر)، دولة قطر (AA/A-1+ مع أفق مستقر)، ودولة الكويت (AA/A-1+ مع أفق مستقر).
نمو الإقراض
أوضح التقرير أنه لا تزال التوقعات بخصوص نمو أنشطة الإقراض في الكويت والإمارات محدودة، ولكنها مستقرة بالنسبة لكل من المملكة العربية السعودية وقطر وعُمان. وبالنسبة لمعظم البنوك في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، فقد تحسنت ملامح التمويل بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية، على خلفية تراجع نمو في ميزانياتها العمومية. وافاد التقرير بأن ربحية المصارف الخليجية سوف تشهد تحسنا خلال العام الحالي، معللا ذلك بتراجع مخصصات الديون المتعثرة بالنسبة لإجمالي خسائر القروض، مشيرا إلى أنه على الرغم من الاضطرابات في الأسواق الإقليمية، إلا أن المصارف تمكنت من الحفاظ على صافي هوامش الفائدة.
كما تمكنت من الحفاظ على قدرتها في تسعير القروض عند مستويات معقولة، وأوضح أن هناك مؤشرات وعلامات قد بدأت في الظهور تدل على استقرار مصادر توليد العائدات للمصارف الخليجية، ومن المعتقد أن يستمر هذا الوضع خلال العام 2012.
مشيرا إلى أن هذه المصارف تمكنت من السيطرة على النفقات التشغيلية، وهو ما عوض تراجع العائدات. وأوضح التقرير أن ودائع العملاء ظلت المصدر الرئيسي لتمويل المصارف الخليجية، حيث أظهرت بيانات المصارف المركزية الخليجية بنهاية العام 2011 أن معدلات القروض إلى الودائع في السعودية الكويت عند مستوى مريح ، حيث يبلغ 78 % و 84 % لكل منهما على التوالي، فيما يبلغ 107 % في الإمارات و111% في قطر.
تصنيفات أربعة مصارف إماراتية
1- بنك أبوظبي التجاري: يتمتع بأفق مستقرة على نحو يجعله لاعبا رئيسيا في دولة الإمارات، وفي ظل افتراض عدم حدوث تغييرات كبيرة في وضعه المالي وأنشطة أعماله، فإنه من المتوقع أن تبقى العائدات الرأسمالية لبنك أبوظبي التجاري عند مستوى مستقر، وأن يكون معدل العائد المعدل بالمخاطرة على رأس المال عند مستوى 10 % خلال العامين المقبلين.
2- بنك المشرق: يتمتع بأفق مستقرة على نحو يعكس توقع عدم حدوث تغييرات كبيرة في الوضع المالي للبنك، فضلاً عن أنشطة أعماله، وذلك خلال العام أو العامين المقبلين، ومن المتوقع أن يبقى معدل الرسملة والعائدات عند مستويات مستقرة، ومن المتوقع كذلك وأن يكون معدل العائد المعدل بالمخاطرة على رأس المال عند مستوى 10 % .
3- بنك أبوظبي الوطني: يتمتع بأفق مستقرة، وهو ما يعكس التوقع ان يواصل البنك مكانته التجارية الرائدة، ومع عدم وجود تغير في هيكل حملة الأسهم خلال فترة التقييم التي تغطي العامين المقبلين، فإن مكانة البنك الرائدة سوف تظل قائمة في خط موازٍ مع علاقاته القوية بحكومة أبوظبي، وهو وضع من شأنه أن يجعل أداءه التشغيلي قوياً، ومن وجهة نظرنا فإن قدرة البنك على توليد الدخل الرأسمالي سوف تظل قوية، ومن المتوقع أن يكون معدل العائد المعدل بالمخاطرة على رأس المال عند مستوى تتراوح نسبته بين 16 % و 17 % خلال العام أو العامين المقبلين.
4- بنك الشارقة الإسلامي: يتمتع بأفق مستقرة، ومن غير المتوقع أن يشهد البنك تغييرات في وضعه المالي، فضلاً عن أنشطة أعماله خلال العام أو العامين المقبلين.


