أكد خبراء ماليون في دبي أن رضا العملاء شرط لتحقيق أرباح مستدامة في البنوك، مشيرين إلى أن اكتساب رضا وولاء العملاء أصبح من أهم التحديات في الإمارات والمنطقة عموماً، خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية.

وأن مصارف المنطقة بشكل عام غير قادرة على تحديد مستوى رضا قاعدة عملائها بدقة، مما يجعل مهام وأهداف خدمة العملاء في البنوك ضبابية المعالم، ويعيق تحقيق القيمة المستدامة في البنوك. وقال ايمانويل يو، الخبير المالي في شركة بين آند كومباني للاستشارات، إن الاستراتيجية التي اتبعتها مصارف الدولة والمنطقة بعد الأزمة العالمية بهدف جذب المزيد من العملاء لم تعد مجدية، نظراً لتراجع وتيرة النمو في السوق مقارنة مع فترة النمو الكبير الذي شهده القطاع المصرفي الإماراتي من عام 2002 وحتى بداية الأزمة المالية في 2008 من جهة.

ووصول البيئة التنافسية إلى أوجها من جهة ثانية. وأضاف يو في تصريحات لـ «البيان الاقتصادي»: على الرغم من أهمية رضا العملاء كعامل أساسي في تحقيق القيمة والربحية، إلا أن الشركات لا تزال غير ملمة تماماً بمستوى رضا قاعدة العملاء الخاصة بها. وخير دليل على ذلك ما جاء في دراسة بين التي تشير إلى أن 80 % من البنوك على يقين أنها توفر تجربة ممتازة لعملائها، في حين أن 8 % فقط من العملاء اكدوا رضاهم.

أبعاد المنافسة

ويعد التمييز في تجارب العملاء من أهم الموضوعات التي يتناولها المسؤولون التنفيذيون في منطقة الشرق الأوسط اليوم من أجل تعزيز القدرة التنافسية للمصارف التابعين لها. ويبرز في هذا الإطار تحد كبير في القدرة على المنافسة وخفض التكاليف المترتبة على التسويق والاستحواذ إزاء اكتساب ولاء العملاء.

من جانبه قال توم دي وايلي، مدير الخدمات المالية للشرق الأوسط في بين آند كومباني: في ظل تنامي البيئة المتماسكة والتنافسية بين القطاعات المصرفية في منطقة الشرق الأوسط، سيتوجب على المصارف الإقليمية مواجهة الضغوط ومتطلبات المساهمين للتركيز على إنتاج القيمة، لا على نمو الإيرادات. غير أن الدراسة التي اجرتها بين آند كومباني على مجموعة واسعة من الشركات العاملة في مختلف المجالات عبر 12 دولة حول العالم تؤكد صعوبة تحقيق ذلك.

وتؤكد أن شركة واحدة فقط من أصل ثمانية خلال العقد الماضي قد تمكنت من تحقيق القيمة المستدامة في اعمالها، مسجلة 5.5 % من حيث معدل المبيعات السنوي ونمو الأرباح بعائد أعلى من المتوسط على حقوق المساهمين.

كبر الحجم

وأضاف وايلي أن أحد أبرز العوامل المساهمة في تحقيق القيمة المستدامة هو كبر الحجم. فكبار اللاعبين في القطاع المصرفي السعودي على سبيل المثال هم الأكثر ربحية. وبالنظر إلى أهمية الحجم في هذا المجال، لا بد من الإشارة إلى ضرورة تركيز المصارف على المحافظة على قاعدة عملائها وتوسيعها من خلال تعزيز رضا العملاء. وقد كشفت دراسة «بين» أن الشركات القادرة على تحقيق القيمة المستدامة تتمتع بمعدل رضا عملاء يفوق منافسيها بحوالي 2.5 ضعف.

وقال: على خلاف التطورات الكثيرة التي حققها القطاع في مجال قياس الأرباح المالية على مدى أكثر من قرن من الزمان، لم تشهد أدوات قياس رضا العملاء وتيرة مماثلة من التقدم حتى الآن، بل إن معظم أدوات القياس تواجه تحديات عدة، منها محدودية مصادر المعلومات، وعدم وفرة المعايير، وعدم التركيز والتنسيق بين مختلف أقسام الشركة الواحدة، واعتماد عمليات مرتجلة وغير متسقة لجمع البيانات.

وعلاوة على ذلك، تميل الأدوات المستخدمة لقياس الولاء إلى أن تكون مرهقة، حيث تغطي نسبة ضئيلة فقط من العملاء ولا تحقق نتائج كبيرة وملموسة. وهنا تبرز ضرورة حصول المصارف على نظام جديد لإدارة رضا العملاء بفعالية.

استفتاء شامل

ويرى الخبراء أن إجراء استفتاء واحد وشامل قد يعود بالنفع الأكبر على الإدارة، مقارنةً بالدراسات المفصلة القائمة على مجموعة من العوامل المعقدة. ومن هذا المنطلق، عمدت بين آند كومباني إلى تطوير نظام قياس يدعى نت بروموتور قائم على سؤال واحد وجوهري، هو «على مقياس من 0 إلى 10، ما هو احتمال أن توصي هذه الشركة لصديق أو زميل؟». ويتم حساب سجل نت بروموتور من خلال أخذ النسبة المئوية من العملاء المنتقدين للشركة (الإجابات من 0 الى 6) وطرحها من نسبة العملاء المروجين للشركة (الإجابات 9 و10).

وإلى جانب سهولة استخدامه، يعد نت بروموتور أداةً قوية للحصول على نتائج مؤكدة في قياس ولاء العملاء. ووفقاً لدراسة اجرتها «بين» على العملاء في المجال المصرفي، أثبت المروجون قدرتهم على البقاء لمدة أطول، حيث بلغ معدل تضاؤل عدد المروجين 67 % أقل من المنتقدين. وعلى شراء المزيد، حيث وصلت حصة المروجين من الإنفاق في المصرف الأساسي الخاص بهم إلى 44 % أكثر من المنتقدين.

وإخبار الأخرين، حيث بلغ عدد المروجين العازمين التوصية بالمصرف خمسة أضعاف عدد المنتقدين. ويشار هنا إلى القيمة الإجمالية للمروجين، حيث اسهموا خلال فترة خمس سنوات من تحقيق ايرادات بلغت 2.4 ضعف ما حققه المنتقدون.