أصبح ما يرد من اخبار عالمية، وبالاخص السلبي منها، يحكم تذبذب الأسواق المحلية بشكل كبير، وتبقى ارتفاعاتها متواضعة عند استقرار الاوضاع العالمية، ولا تساير الأسواق التحسن الكبير في المعطيات الاساسية على المستوى المحلي. والعامل الاساسي وراء ذلك هو عدم اليقين المحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي.
فمهما توافرت السيولة المحلية او بلغت التقييمات المبنية عن الارباح المتوقعة للشركات المحلية من مستويات مغرية فان المستثمرين لا يزال يسيطر عليهم الخوف والحذر بسبب عدم اليقين المحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي. ومع ذلك فاننا نتوقع ان نرى من آن الى آخر ارتفاعات غير متوقعة في بعض الاسهم وذلك بسبب استهدافها من قبل المستثمر المؤسسي سواء المحلي او الاجنبي، كما حدث خلال الفترة الماضية مع أرابتك وغيرها من الاسهم.
وقالت المستشار الاقتصادي بشركة الفجر للأوراق المالية، مها كنز، في تقريرها الأسبوعي حول أسواق المال المحلية: بدأت الأسواق الاسبوع الماضي بحالة من التفاؤل بسبب تبدد مخاوف المستثمرين تجاه الاخبار المتعلقة بخروج اليونان من منطقة اليورو، وذلك عقب صدور البيان المشترك عن زعماء دول الثماني بعد اجتماعهم يوم السبت الماضي، والذي أعلنوا فيه عن عزمهم المسانده لبقاء اليونان داخل منطقة اليورو، وتعهدهم بأخذ جميع الاجراءات الضرورية للتصدي للازمة المالية، وفي ذات الوقت احياء الاقتصاد العالمي الذي يواجه تهديدا متزايدا جراء ازمة الدين في منطقة اليورو.
وقد تفاعلت بشكل جيد الاسواق العالمية والاقليمية مع هذا الخبر الايجابي، وصاحب هذه الاجواء الداعمة لصعود اسواقنا المحلية ورود مجموعة من الاخبار الايجابية على الصعيد المحلي، كان على رأسها تعهد صندوق خليفة بتسوية ومعالجة مديونيات شريحة جديدة من المواطنين المقترضين المتعثرين، وهم من تقل قروضهم عن 5 ملايين درهم، سواء كانوا موقوفين على ذمة قضايا او صدرت بحقهم أحكام ويقومون بتسوية مديونياتهم عبر جداول تسديد حددتها المحاكم، لتضاف هذه الشريحة الى الشريحة الاولى من المتعثرين، والذين تقل مديونياتهم عن مليون درهم، والتي وضع الصندوق بالتعاون مع البنوك المقرضة آليات التنفيذ لها، وبدأ بالفعل اجراءات السداد.
معاودة المخاوف
وأضافت كنز: واصلت الأسواق حالة الصعود الهادئ حتى جلسة الاربعاء الماضي، التي بدأت على انخفاض جراء معاودة المخاوف من أن اجتماع الزعماء الاوروبيين المزمع انعقاده في بروكسل يوم الاربعاء قد لا يسفر عن خطوات جديدة لمعالجة أزمة الديون السيادية المتفاقمة للمنطقة.
واستقرت السوق المحلية عند نفس المستويات في جلستي الاربعاء والخميس مع احجام تداولات ضعيفة نسبيا في سوقي دبي وأبوظبي الماليين، مما يعكس حالة الترقب والخوف التي لا تزال مسيطرة على نفسية المتعاملين. فهل سيبقى الوضع على هذا المستوى ام ان المستثمر المؤسسي سيلعب دورا مهما فى المرحلة المقبلة؟
وتجيب كنز على سؤالها قائلة: اذا كانت معطيات الطرف الايمن من المعادلة تتلخص في قطاع مصرفي معافى قادر على المحافظة على سريان عمليات الائتمان، ويتمتع بسيولة عالية مع استمراره في التحفظ على الاقراض.
يواكب ذلك استمرار ارتفاع المخاطر في الاسواق العالمية مدفوعة بأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو وتوجه عام بتحويل الاستثمارات بعيدا عن تلك الاسواق، فإنه بالتأكيد تكون النتيجة الحسابية للمعادلة تراجع العائدات. ومن اجل تلافي هذه النتيجة ستجد المصارف مرغمة على توجيه السيولة الى روافد للربحية أقل في المخاطر نسبيا، وذلك بتخفيف سياسة التشدد في الاقتراض واعادة ادارة الاستثمارات الى الداخل.
نمو رأس المال والودائع
وأوضحت كنز: تتمتع البنوك العاملة في الدولة بقاعدة صلبة لرأس المال والاحتياطيات، بالاضافة الى نسب عالية لملاءة رأس المال، تساعدها على تحمل أعباء اي مخصصات اضافية ضرورية لمقابلة محفظة القروض والسلفيات.
وأشار التقرير إلى أن قاعدة رأس المال للبنوك الوطنية سجلت ارتفاعا خلال الربع الاول من هذا العام بنسبة 7.9 ٪ ووصلت الى 278.8 مليار درهم. وقد اسهم هذا الارتفاع في زيادة نسبة ملاءة رأس المال لتصل الى 20.9 ٪ بعدما كانت مستقرة عند مستوى 20.8 ٪ بنهاية العامين الماضيين.
كما تجدر الاشارة الى ان نسبة الشق الاول من رأس المال قد وصلت الى 16.7 ٪ مقارنة بنسبة 16.3 ٪ بنهاية العام الماضي، وهو ما يفوق الحد الادنى وفق اتفاقية بازل 3 المقرر عند نسبة 7 ٪.
وأضاف: سجلت المصارف العاملة في الدولة ارتفاعاً كبيراً في الودائع خلال الربع الاول من هذا العام، حيث وصل اجماليها في نهاية شهر مارس الماضي الى 1146.1 مليار درهم بزيادة نسبتها 7.1 ٪ مقارنة بنهاية عام 2011. في حين ان معدل النمو في الودائع خلال العام الماضي كان 1.9 ٪. اما القروض فقد نمت بنسبة 0.28 ٪ في الربع الاول من هذا العام لتصل الى 1.074 مليار درهم مقارنة بـ1.071 مليار درهم بنهاية عام 2011.
توقعات بانخفاض أسعار الفائدة
وتوقعت مصادر مصرفية أن تشهد أسعار الفائدة في القطاع المصرفي مزيدا من الانخفاض، وان يبلغ متوسط هذا الانخفاض خلال الربع الثاني من العام الجاري ما يتراوح بين 1 ٪ الى 2 ٪، وقد بنيت تلك التوقعات على اساس عاملين، الاول يتمثل في زيادة حدة المنافسة بين البنوك على منح القروض الاستهلاكية للافراد، والعامل الثاني يتمثل في النجاح الكبير الذي حققته بنوك وطنية عديدة في اصدار صكوك جديدة خلال الشهور الماضية، مما اعطى مؤشرا على تحسن مستويات السيولة خلال المرحلة المقبلة، وبالتالي يساهم في خفض اسعار الفائدة بشكل عام.
وتابع التقرير: سجلت ادوات الدين المطروحة بالخارج ارتفاعا من خلال الاصدارات الجديدة التي طرحت في عام 2011 بمقدار 16.9 مليار دولار. وبلغ حجم الاصدارات الجديدة المطروحة من قبل المؤسسات المالية في الدولة 14.7 مليار دولار، كانت نسبة 51 ٪ منها قد طرحت في الربع الاخير من العام الماضي.
وأضاف: من خلال استعراض الحركة على اسعار الايبور في الفترة الاخيرة، نجد انها بلغت ادنى مستوياتها - عقب الازمة العالمية في شهر أغسطس الماضي، وانها مازالت على حالة من الاستقرار عند مستويات قريبة جدا من ادنى نقطة سجلتها. واضافة الى ذلك، هناك ميل الى الانخفاض في اتجاه اسعار الايبور بدأ هذا الشهر بعد حالة من الاستقرار دامت على مدار الثلاثة اشهر الماضية (فبراير، مارس وابريل).
تحول الاستثمارات إلى الداخل
واعلنت وكالة فيتش يوم الاربعاء الماضي ان نسبة حاملي اسهم ديون الحكومة الاسبانية والحكومة الايطالية من الاجانب في تناقص باطراد. ففي اسبانيا وصلت نسبة حاملي الاسهم الاجانب من الدين العام الى 34 ٪ في الربع الاول من هذا العام مقابل 40 ٪ اواخر العام الماضي واكثر من 60 ٪ في عام 2008.
ونشر خلال الاسبوع الماضي ملخص عن دراسة اجرتها شركة انفسكو ليمتد المتخصصة في ادارة الاستثمارات - ومقرها الرئيسي في ولاية جورجيا الامريكية اظهرت ان الصناديق السيادية الخليجية غيرت اولويات وجهاتها الاستثمارية من الخارج الى اسواقها المحلية، وأنها أصبحت تستثمر أقل في الاسواق الخارجية عما كانت تقوم به خلال السنوات الثلاث الماضية، وارجعت ذلك الى الازمة المالية العالمية وانعكاساتها على السوق الامريكية وازمة الديون السيادية في منطقة اليورو من جهة، وتداعيات الربيع العربي من جهة أخرى.
واشار التقرير الى ان الحصة التي وجهتها الصناديق السيادية الخليجية للاستثمار في سوق السندات المحلية هذا العام ارتفعت الى 14 ٪ من 6 ٪ في العام 2011، كما ارتفعت حصة تمويل المشاريع العقارية والبنى التحتية الى 13 ٪ و 14 ٪ على التوالي.
أسعار النفط وعائداته
وقالت كنز في تقريرها: خلال الاسبوع الماضي أيضاً نشرت صحيفة فاينانشيال تايمز ان انخفاض اسعار النفط بدرجة كبيرة في الاسابيع الاخيرة ادى الى انكشاف دول الخليج على التقلبات في اسواق النفط. وارى ان هذا التقرير قد جانبه الصواب.
فبالرغم من التحديات التي واجهتها أسواق النفط العالمية مع بداية عام 2012، لكن يبقى سيناريو 2008 -2009 بعيدا وهو عندما هبطت اسعار النفط من 147 دولاراً للبرميل الى 32 دولاراً للبرميل.
وكان من أهم التحديات التى تعرضت لها اسواق النفط العالمية هذا العام انعكاسات الصراع الغربي - الإيراني حول الملف النووي الإيراني، والتهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، والتهديدات المضادة حول إغلاق مضيق هرمز الحيوي، مما رفع مستوى أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل في البداية، ثم زيادتها إلى نحو 128 دولاراً لبرميل نفط برنت.
بالاضافة الى التداعيات الجيوسياسية والصراعات الداخلية التي تشهدها بعض دول المنطقة المنتجة للنفط (ليبيا السودان)، حتى وصل مجموع حجم توقف الإمدادات من هذه الدول إلى نحو مليون برميل يومياً.
ودفعت تلك التحديات الدول المستوردة للنفط للتفتيش عن دول مصدرة بديلة، بالذات من دول الخليج العربية (السعودية والإمارات والكويت)، وبالفعل زادت هذه الدول من طاقتها الإنتاجية، واستعملت جزءاً من طاقتها الإنتاجية الفائضة لتأمين طلبات زبائنها، وسد أي نقص للإمدادات في الأسواق العالمية. ووصل مستوى الإنتاج السعودي إلى نحو 10 ملايين برميل يومياً، كما ارتفع إنتاج الإمارات ليسجل نحو 2.7 مليون برميل يومياً.
وفي التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة سجل إنتاج نفط دول أوبك زيادة قدرها 1.5-2 مليون برميل يوميا ليصل الى نحو 31.5 -32 مليون برميل يومياً، مقارنة بسقف أوبك الإنتاجي المقرر والبالغ 30 مليون برميل يومياً، مما اعطى اشارة يطمئن بها الأسواق بوجود وفرة في الإمدادات رغم نقص النفط الإيراني بنحو مليون برميل يومياً.
لكن زيادة كمية المعروض من النفط الخام وتجدد المحادثات مع ايران حول برنامجها النووي أدى الى تهدئة اسواق النفط العالمية، ومن ثم انخفضت الاسعار من 128 دولارا لبرميل نفط برنت الى نحو 105 دولارات للبرميل، وهو مستوى قريب من مستوى الاسعار المستهدف من قبل الدول المنتجة الكبرى في اوبك، لانه يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على السواء.
وبالرغم من ان التوقعات العالمية لاسعار النفط يشوبها ايضا عدم اليقين، فان وكالات الطاقة الرئيسية لا تزال تتوقع زيادة نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2012 بمعدل أكبر مما كانت عليه في عام 2011.
وحتى بافتراض ان تلك التوقعات متفائلة، يبقى انها تشير الى اننا لسنا في اتجاه سيناريو 2008- 2009 حين تراجع الطلب العالمي على النفط وهوت الاسعار من 147 دولاراً للبرميل في يوليو 2008 الى 32 دولاراً للبرميل.
الامر يحتاج فقط الى تخفيض منسق بين الدول الاعضاء لمنظمة أوبك للابقاء على الاسعار عند حدود 100 دولار للبرميل. حتى بافتراض ان اسعار النفط ستهوي الى قرب 45 دولاراً للبرميل فان هذا المستوى سيبقى على حالة من التوازن بين المصروفات والايرادات العامة للدولة، وان كان سيقل معه الانفاق الحكومي الى الحدود الدنيا.
الودائع والقروض في البنوك الوطنية بـ(المليار دولار)
القيم بالمليار درهم ديسمبر 2009 ديسمبر 2010 ديسمبر 2011 مارس 2012
ودائع نقدية 186.26 194.4 222.51 -
ودائع شبه نقدية 517.14 553.43 561.66 -
ودائع بالعملة الاجنبية 88.59 120.35 112.42 -
ودائع الحكومة 192.61 183.16 174.81 -
إجمالي الودائع 982.6 1049.63 1069.75 1146.1
معدل النمو 6.5 ٪ 6.8 ٪ 1.9 ٪ 7.1 ٪
إجمالي القروض 1017.7 1031.3 1071.0 1074.0
معدل النمو 1.34 ٪ 3.8 ٪ 0.28 ٪
أرباح الشركات الإماراتية وفق القطاعات بـ(المليون)
القطاع الربع الأول من 2012 الربع الأول من 2011 معدل التغيير
البنوك 5879.4 6054.8 -2.9 ٪
التأمين 514.2 431.6 19.1 ٪
الخدمات 4015.3 3270.1 22.8 ٪
الصناعة والفنادق 1098.8 643.0 70.9 ٪
إجمالي الأرباح 11507.7 10399.5 10.7 ٪
نمو أرباح الشركات
سجلت الشركات الاماراتية ارباحا صافية خلال الربع الاول من العام الحالي بقيمة 11.51 مليار درهم بزيادة نسبتها 10.7 ٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2011 والتي بلغت ارباحها 10.4 مليارات درهم.
وجاءت ارباح قطاع البنوك بقيمة 5.88 مليارات درهم مسجلة انخفاضا بنسبة 2.9 ٪ مقارنة بالربع الاول من العام الماضي، فيما ارتفعت ارباح القطاعات الاخرى وهي الخدمات والعقارات والصناعة والتأمين بنسب 71 ٪، 55 ٪، 23 ٪، و19 ٪ على التوالي.
ويجب التنوية بان انخفاض ارباح قطاع البنوك راجع في المقام الاول الى انخفاض ارباح بنك الامارات دبي الوطني أكبر البنوك الاماراتية من حيث الاصول - حيث سجل البنك انخفاضا في الارباح بنسبة 54.6 ٪ بسبب ارتفاع المخصصات المأخوذة خلال تلك الفترة، وفي المقابل عوض هذا الانخفاض ما حققته البنوك الكبرى الاخرى من نمو في ارباحها.
وكانت "اتصالات" اكبر الشركات تأثيرا في الارباح المجمعة للشركات حيث بلغت ارباحها للربع الاول من هذا العام 2.14 مليار درهم بنمو 5.8 ٪ مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، كما سجلت طاقة ارباحا فصلية بقيمة 740 مليون درهم وبزيادة نسبتها 203 ٪.
