انطلقت صباح اليوم (الاثنين) في أبوظبي فعاليات المؤتمر السنوي السابع عشر لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي خصص هذا العام لموضوع " أمن الماء والغذاء في الخليج العربي" "  ، وسط تحذيرات متعاظمة من مستقبل غامض يواجه الامن المائي الغذائي الخليجي.

وأكد الدكتور جمال السويدي مدير عام المركز في كلمته الافتتاحية للحدث إن مفهوم الأمن المائي والغذائي برز كأحد التحديات الاستراتيجية التي تواجه حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث تقع هذه الدول ضمن أكثر مناطق العالم جفافا وفقرا بالموارد المائية الطبيعية وانه بالرغم من اعتمادها بشكل رئيسي على المياه المحلاة – وهو الحل الأكثر كلفة – بالإضافة إلى المياه الجوفية فهي لا تزال تواجه تحديات عدة من استنزاف لتلك الموارد بسبب تزايد عدد السكان ونقص الوعي بضرورة الحفاظ على تلك الثروة .

وحذر السويدي من أن الأمن الغذائي يواجه مستقبلا غامضا أيضا في دول الخليج العربي حيث تواجه إمداداتها الغذائية تهديدا متزايدا بسبب ندرة الموارد الطبيعية وتدهورها علاوة على اعتمادها على استيراد معظم احتياجاتها الغذائية من الخارج مما يجعلها عرضة لعدم الاستقرار اقتصاديا واجتماعيا نظرا لتقلبات الإنتاج العالمي للأغذية وتغيرات السياسات التجارية وتذبذب أسعار السلع الأساسية
.
من جانبه حذر معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد وزير البيئة والمياه ، من خطورة استحواذ القطاع الزراعي على حوالي 80 بالمائة من الاستخدام الكلي للمياه في المنطقة حيث تسبب الضخ المفرط من المياه الجوفي لتلبية متطلبات هذا القطاع بمستويات تفوق كثيرا معدلات التغذية الطبيعية في استنزاف نسبة كبيرة من المياه الجوفية وتدهور نوعيتها.

وقال في كلمة القيت نيابة عنه إن معظم الدراسات والتقارير تعزو التأثيرات السلبية لقطاع الزراعة إلى اعتماده على أساليب ري وممارسات زراعية تقليدية لم تقدر القيمة الاقتصادية الحقيقية للمدخلات الزراعية نتيجة الدعم الحكومي الواسع الذي تحظى به حيث ركزت على زراعة محاصيل ليس لها جدوى اقتصادية عالية .

وكشف عن أن أقل من 5 بالمائة فقط من المياه الجوفية في الإمارات يستخدم في إنتاج أصناف ذات جدوى اقتصادية في إطار ممارسات زراعية تقليدية.

وأشار إلى تقييم قطاع المياه في بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي أجراه البنك الدولي في العام 2005 الذي أكد أن الطلب على المياه زاد من حوالي ستة مليارات متر مكعب في العام 1980 إلى حوالي 27  مليار متر مكعب في العام 2000 في الوقت الذي انخفض فيه نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة بصورة متسارعة من 678 مترا مكعبا سنويا خلال العام 1970 إلى 176  في عام 2000 .

وكشف عن إن دول المنطقة تخطط لإنشاء المزيد من محطات التحلية ، مقدرا حجم الاستثمارات في هذا المجال بحوالي 100 مليار دولار بين عامي 2011 و2016 وذلك نتيجة للزيادة المتوقعة للطلب على المياه.

وأشار إلى ان الطلب على المياه في القطاع الحضري نما بأكثر من الضعف مما جعل معدل استهلاك الفرد من المياه في دول الخليج العربي واحدا من أعلى المعدلات في العالم وبالرغم من أن الأسباب الرئيسية لهذا النمو تعزى بصورة أساسية إلى الزيادة السكانية الكبيرة إلا أنه لا يمكن أن نغفل ظاهرة الاستهلاك غير الرشيد للمياه لا سيما في القطاع المنزلي والتي باتت واحدة من الظواهر المقلقة فعلاً في كل دول المنطقة.

وأوضح أنه بالنظر إلى التوقعات المستقبلية بزيادة الطلب على المياه المحلاة التي توفر حوالي 40  بالمائة من إمدادات المياه في الدولة في الوقت الحالي فقد تم الاهتمام بتطوير صناعة تحلية المياه،  مشيرا إلى أن رأس المال الاستثماري المتوقع لإنشاء محطات تحلية مياه وما يرافقها من شبكات توزيع مياه حتى عام 2016 يقدر بحوالي 51 مليار درهم ومن خلال الاهتمام بالتأثيرات البيئية لهذه الصناعة وذلك من خلال التخطيط لاستخدام الطاقة المتجددة والطاقة النووية في إنتاج المياه لتخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتخفيف من تأثيرات صناعة التحلية على نوعية مياه البحر وعلى الثروات المائية الحية.

من جهته قال الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية إن متوسط استهلاك الفرد الخليجي يوميا من المياه يبلغ حوالي 350 لترا لكننا بقادتنا ورؤيتهم الرشيدة قادرون على مواجهة كافة التحديات.

واعتبر الزياني في كلمة القيت بالنيابة عنه أن الأمن الغذائي حظي باهتمام قادة مجلس التعاون منذ اجتماع عام 1985 حيث وضعت قوانين وتوصيات ترسم أطر العمل الخليجي المشترك في استيراد الغذاء وسياسته وما يتصل بذلك من قضايا كشهادة الصحة الغذائية وتراخيص العبور الخاصة بالأغذية وتحديد ودراسة المحاصيل الموجودة في دول المجلس.

من ناحيته قال عبدو قاسم العسيري منسق المكتب الشبه الإقليمي لدول الخليج العربي واليمن لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة " الفاو" ممثل المنظمة في دولة الإمارات أن الأمن الغذائي العالمي يواجه تحديات كبيرة فمن المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم من سبعة مليارات إلى تسعة مليارات عام 2050، فيما سينتج عن التقدم الاقتصادي في البلدان الصاعدة زيادة الدخل للطبقات الفقيرة ومن ثم سيشهد الطلب العالمي على الغذاء زيادة كبيرة تتطلب زيادة الإنتاج بحوالي 70 بالمائة عالميا 100 بالمائة في البلدان النامية ما يقابله بنقص الاستثمارات في القطاع الزراعي.

وأشار إلى أن هناك تحديات عدة على مستوى الأمن الغذائي والمائي الإقليمي أهمها محدودية الموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة إلى جانب تحديات الأزمة المالية العالمية وتوقعات التغيرات المناخية الحادة.

وقال إن دول المنطقة مستورد حقيقي للغذاء وتسببت زيادة السكان وارتفاع مستويات الدخول في ارتفاعات كبيرة في واردات المنتجات الغذائية، مشيرا إلى ارتفاع قيمة واردات الأغذية في البلدان التي يغطيها المكتب شبه الإقليمي من 6.5  مليار دولار عام 1990 إلى 28  مليار دولار عام 2008، داعيا الى ضرورة تقييم ومراجعة الأنماط المتغيرة في استهلاك الغذاء ومعرفة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والصحية والغذائية.

واعتبر العسيري إن الموارد المائية في المنطقة تمثل أهم التحديات ليس للتنمية الزراعية فحسب بل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فهناك ندرة في الأمطار ويبلغ متوسط نصيب الفرد من المياه الجوفية أقل من 100 متر مكعب مقابل 6400 متر مكعب للفرد في العالم.