اللدغة في الحكاية.. مغامرات مع النحل الطنان

غلاف الكتاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ديف غولسون هو باحث شهير في علوم الحياة، وأستاذ البيولوجيا في جامعة «ستيرلينغ» البريطانية. لكن شهرته الكبيرة تعود إلى كونه أشهر الباحثين البريطانيين، بل ربما الأكثر شهرة على الصعيد العالمي في كل ما يتعلّق بأنواع النحل المعروفة بـ«النحل الطنّان، اليعسوب». وقد جعل في مقدّمة اهتمامه الكتابة في الصحف والدوريات والمجلات العلمية المختصّة في هذه الأنواع من النحل، والتعريف بالدور الذي تؤديه في الطبيعة، وضرورة المحافظة عليها من الانقراض.

ويشير المؤلف في هذا السياق إلى مسألة البحث العلمي الذي غدا مقتصراً على بضعة عشرات المختصّين الذين يتبادلون نتائج الأبحاث في ما بينهم، هذا في الوقت الذي تتطلّب فيه حماية عدد من أنواع الحيوانات الصغيرة ذات الفائدة الكبيرة، وأن يفعل البعض شيئاً ما من أجل حماية نوع من النحل، وهو ما يكرّس له كتابه الأخير الذي يحمل عنوان «اللدغة في الحكاية».

اختار المؤلف لهذا الكتاب عنواناً فرعياً يقول: «مغامراتي مع النحل الطنّان». وحدد منذ الأسطر الأولى أن هدفه من سرد هذه المغامرات هو «إثارة اهتمام الجمهور العريض»، للتعريف بهذه الحشرات الصغيرة التي يصفها بـ«المهمة جداً»، ويؤكّد أنها «أكثر لطفاً» من النحلات اللواتي لا يتورعن عن اللدغ.

النحل الطنّان، كما يقدمه الأستاذ الجامعي الشهير، هو ناقل فعّال لغبار الطلع، بل لا يتردد في التأكيد أنه عنصر حاسم من أجل إعادة إنتاج الكثير من الخضراوات، مثل الطماطم التي ربما كان للبشر أن يعرفوها بدونه، كما يشير إلى أن أحد البلجيكيين من المهتمين بعالم النحل اكتشف في عام 1985 أن النحل الطنّان ناقل بارع لغبار طلع الطماطم، من هنا بدأ الاستثمار «التجاري» لهذا النوع من النحل عبر تربية مزارع منه، ذلك بعد التغلّب على عقبة صعوبة تربية النحل المعني في مزارع مغلقة.

ويشير المؤلف بهذا الصدد إلى أنه يوجد في العالم اليوم «أكثر من ثلاثين مصنعاً تنتج كل سنة أكثر من مليون مستعمرة من النحل الطنّان، من أجل القيام بعمليات تلقيح نباتات الطماطم، وعدد من النباتات غيرها، عبر نقل غبار الطلع».

ويشرح المؤلف في هذا الإطار أن عدد الفراشات قد تناقص في جنوب بريطانيا بنسبة 40% خلال سنوات 1968 -2007، وأن النحل الطنّان قد انحسر بصورة شبه كاملة. ويشير إلى أنه عند ولادته عام 1965 كان النحل الطنّان ذو الأجنحة القصيرة يجول في أجواء جنوب إنجلترا، وعندما ذهب إلى الجامعة عام 1984 كان قد انطفأ تقريباً.

ومن السمات الخاصّة التي يؤكّدها المؤلف في النحل الطنان أنه يحافظ دائماً أثناء طيرانه، حتى عندما تكون حرارة الجو 5 درجات فقط، على درجة حرارة 35 درجة، أي ما يقارب حرارة جسد الإنسان. وهو يحافظ على تلك الحرارة عبر «رفّات جناحيه» التي تقارب الـ200 رفّة في الثانية.

ويعتمد المؤلف في تحليلاته على الكثير من الإحصائيات والمشاهدات، مثل تبيين كيف أن الزراعة بالمعنى الإنتاجي أنهت 98% من البراري البريطانية الغنيّة بالزهور منذ الحرب العالمية الثانية حتى اليوم. وتناقص الزهور يعني بالضرورة تناقص النحل الطنّان، وما يترتب عليه «النقص في تنوّع المورثات»، ثم الاختلال في أنظمة حمايات البيئة، وتمتد السلسلة وصولاً إلى الأخطار التي تهدد البشر.

Email