يتحدث كتاب «هؤلاء الفنانون العظماء ولوحاتهم الرائعة»، لمؤلفه صبحي الشاروني عن الفنانين العالميين المتميزين وعن لوحاتهم، راصداً مع ذلك روائع الفن بالتصوير الزيتي، خلال القرن التاسع عشر.
ويبين المؤلف أنه يعد الفنان الفرنسي «جاك لويــــس دافيد» مؤسس مذهب «الكلاسيكية الجديدة» عام 1748 في فن التصوير الزيت، والتـي تعتــــمد على فكرة إحياء التراث القــــديم أيام الإغريق والرومان.
ثم ينتقل إلى الحديث عن فرديناند ديلاكروا، موضحاً أنه ولد في إحدى ضواحي «باريس عام 1798.. وتميز بالثقافة العامة الواسعة واحترامه للتراث وتذوقه للآداب والفنون. أما لوحته «مذبحة ساكس» فرسمها عام 1824 .
حيث عرضت في صالون باريس حينذاك، وتصور مشهداً من المجازر التي ارتكبت في جزيرة «ساكس» اليونانية، كان ديلاكروا يمثل عبقرية فذة، فرسم مئـــــات اللوحات الضخمة..
وكانت له قدرة عظيمة على العمل السريع، كما أنه كان قادراً على التعبير بأساليب مختلفة إلى حد يثير الحيرة، وصور الأشخاص والحيوانات والزهور ومنــاظر المعارك الهائلة، ولهذا يعــــتبر الكثيرون أن ديلاكروا هو الذي فتح الـــــباب للمدرسة الحديثة في الرسم، ومات في عام 1863.
أما الفنان فرانسيسكو غويا فولد عام 1746، في إحدى قرى إسبانيا، وظهرت مواهبه الفنية في وقت مبكر، ويُوصف بأنه فنان «واقعي»، والواقع أنه كان رائداً مبكراً من رواد الرومانتيكية، تربع على عرش الفن في إسبانيا كونه رساماً للبلاط الملكي..
ولكنه لم يلبث أن تحرر من القيود الفنية المتوارثة وابتدع بأسلوبه الخاص ورسم بغزارة، فاستطاع أن يحقق أشكالاً متعددة متنوعة في فنه، أدت إلى احترام رواد المذاهب الفنية لأعماله، وتوفي عام 1929.
ويحكي المؤلف عن جون كونستابل، مشيراً إلى أنه ولد في سنة 1776 في قرية تعد من أخصب مناطق إنجلترا وأغناها بالمزارع، وكان جمالها منبعاً لإلهام الفنان والتحق بالأكاديمية الملكية للفنون الجميلة، فتعلم أسرار الرسم وأساليب الفنانين السابقين، ويمكن اعتبار«كونستابل» من الفنانين الطبيعيين بسبب لوحاته الأمينة في تصويرها للواقع، كما يوضع بين رواد الفن التأثــــري بســـبب أعماله الأصلية التي تهتم بتأثير الضوء الطبيعي.
وفي شأن الفنان الياباني هوكوساي الذي وُلد على مشارف مدينة طوكي، عام 1760، فإنه رسم على الخشب لوحات للطباعة الملونة تصور الممثلين على مسرح الشعب، ثم رسوماً للروايات الرخيصة، ومعظم كتب هوكوساي تضم لوحات نقلاً عن رســـومه الأصلية، وهو يذكرنا بما أنجزه جوياً من مجموعات مشابهة بأسلـــوب فن الحفر على الزنك للطباعة.
ويشرح المـــؤلف أنه يقترن المذهب التأثيري في الفن التشكيلي باسم كلود مانيه، 1840، إذ كان مشدوها بسحر الأضواء، فسافر إلى باريس 1859، ليلتحق بالأكاديمية السويسرية، ثم أرسل إلى الجزائر ملتحقاً بالجيش، لكن الحمى التي أصابته عجلت بتسريحه من الجيش. فعاد إلى باريس، وتوطدت علاقته مع الفنانين الشباب، أمثال: بافري، رينوار، سيسلي.
وأقام في منطقة أرجنتيل مرسماً عائماً داخل باخرة صغيرة، ليتيح له أن يتأمل التغييرات الساحرة والسريعة للضـــوء عندما يتراقص برشاقة على الماء. واستغل ثروته في إنشاء حديقة أشبه بالجنان الأسطورية، وأقام فيها مرسمه، وتوفي مونيه عام 1926، عن عمـــر بلغ السابعة والثمانين.
ويوضح الكتاب أنه ولد بيير أوغست رينوار في ليموج بفرنسا عام 1921، ثم بدأ حياته الفنية بزخرفة الأطباق بالثمار والزهور على منوال الفنانين السابقين على عصره وعندما بلغ الحادية والعشرين قرر تكريس حياته للفن، وقد بلغ من الحذق والمهارة في صناعته مبلغاً لا يدانيه أحد. التحق بمدرسة الفنون الجميلة ليتعلم أصول فن التصوير الزيتي..
وقد شارك بأولى لوحاته في «صالون باريس» عام 1869، حيث كان متأثراً بأسلوب الفن الواقعي وبأعمال فناني القرن الثامن عشر. تميز رينوار بميله إلى تصوير الأشخاص، كما كان أشد اهتماماً بإشاعة البهجة في لوحاته، وتوطدت مكانته بعد أن أقام معرضاً شاملاً، ضم نحو 70 لوحة من أبدع نتاجـــاته، وأصيب بالشلل في نهاية حياته، ثــم توفي في عام 1919.
وفي باريس وُلد ادغار ديغا عام 1834، والتحق بمدرسة الفنون الجميلة، لكنه لم يستمر في الدراسة سوى عام واحد، فسافر بعدها إلى إيطاليا ليدرس أعمال الفنانين الإيطاليين البدائيين« الاتروسك»، وفي هذه المرحلة اتجه إلى رسم موضوعات تاريخية بأسلوب الكلاسيكيين، لكنه أقلع عن هذه البداية، واتجه إلى تصوير الشخصية بكفاءة عالية.
ويتطرق الكتاب بعدها، إلى حياة وإبداعات مجمــــوعة مبـــدعين، بينهم: لوتريك وجـــورج سيراه وبول سيزان فنســـنت فان غوخ وبول غوغان.

