تمثل رواية «ذوات أخرى»، لمؤلفتها بدرية الشامسي، إحدى نتاجات برنامج دبي الدولي للكتابة الذي يعد جزءاً من المبادرات التي تطلقها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، للارتقاء بمستوى المجتمع العربي فكرياً وأدبياً. وتتحدث المؤلفة في روايتها عن شخصية فتاه تمر بعدة مواقف ليجد القارئ نفسه في أحد هذه المواقف التي ربما يمر بها في حياته اليومية.

وتحكي الشامسي في فصول روايتها عن تفاصيل دقيقة تجعل القارئ يتصور ويعيش أجواء العمل كافة، خاصة مع حكايات ومعايشات «سلمى»، حيث تصف الكاتبة غرفة الطعام التي تجلس بها سلمى، مبينة أنها تتكون من طاولة خشبية ضخمة بلون بني محروق وكراس حريرية فيروزية اللون، مع ستائر ذات ألوان باهرة عليها رسوم أفيال صغيرة تتكرر في أعلاها وأسفلها، كذلك هناك لوحات تتحدث عن ملاحم وأساطير متنوعة في شتى الثقافات، إضافة إلى ثريات كريستال زرقاء صممت بناء على الطلب

..وتبدو لنا الأجواء تلك، في قالب الوصف الذي تقدمه المؤلفة، شبيهة بأجواء المطاعم الصينية، إذ ملأت البطلة المكان بالمرايا، بعد أن استشارت والدتها لهذا الغرض خبير «فونج شوي»، إذ اقترح وضع تلك المرايا في الغرفة لزيادة البركة والوفرة في المنزل، بما يفي بغرض أن يوحي بأن حجم الغرفة أكبر مما هو، رغم أثاثها الصيني الضخم الذي كان يجعلها تبدو وكأنها قائمة في منزل آخر.

وتكمل الكاتبة، لتتحدث عن حياة سلمى. فتسرد في الرواية أن سلمى عرفت أن عدوها ليس الكسل، بقدر ما هو الغباء المحيط بها في بيئة عملها. فهذا التوتر الذي تعيشه يومياً ويسيء إلى هرموناتها، هو ما يجعل خسارة الكيلوغرامات القليلة بصعوبة خسارة خمسين كلغ.

وكانت وظيفتها كرئيس قسم لإدارة الفعاليات المحلية والدولية في إحدى المؤسسات، وهو ما يوافق تخصصها وخبراتها. كما كانت لديها جملة وظائف أخرى والثالثة بينها لم تكمل فيها السنة الثانية. لكن، وبعد توليها الإدارة، لمس الجميع الفرق(التطور والنجاح)، داخل المؤسسة وخارجها.

وكانت سلمى من الجيل الصاعد الذي لم يتهيأ أو يستعد لتقبله الجيل القديم.. وكذا سوق العمل.. أو أيضاً من هم من الجنس الآخر: الرجال. إلا أنها، فعلياً، عرفت أنها ستنجح في أية وظيفة أخرى. لكن لسبب لم تعرفه، لم ترغب في التغيير.

ولم تكن سلمى، من النوع الذي يحاول إثبات ذكائه لأحد. لم يفهم أصدقاؤها انتقالاتها الوظيفية كل عامين، ولا مرد وأسباب تدفق العروض الوظيفية عليها، ولا كيف كانت تحافظ على جسور الوّد مع من تغادرهم. وهي عملياً، لم تكن تتعلق بمكان، بقدر تعلقها بأفكارها الداخلية، كما حدث في مواقفها وتجربتها مع عبدالملك، هذا الرجل الذي امتلك إحساسها لخمسة أعوام.

وتحكي الكاتبة في أحد الفصول، عن أجواء العمل عند سلمى فتقول: «خرجت سلمى من الاجتماع في خط مستقيم باتجاه مكتبها وعندما وصلت إلى الباب، خطرت لها فكرة المرور بميثاء في إدارة الموارد البشرية. كانتا من العمر نفسه وتجمعهما علاقة مودة. سلمت وجلست بدأت الحديث المتكرر. ميثاء تشتكي من خيانة جديدة لزوجها، وسلمى تتعاطف معها وتقول لها بأنه لا يستحقها».

كما تناولت الكاتبة جزءاً آخر من حياة سلمى لتضفي المزيد من المتعة والتشويق بالرواية. إذ تقول: ما إن أوصدت سلمى باب غرفتها حتى هاتفت خالد. لم يجب. فأرسلت تعتذر عن عدم ردها عليه. أرسل هو الآخر يعتذر لانشغاله بضيوف. حسناً، تصبح على خير حبيبي، ردت عليه. ظلت المقارنة بين خالد وعبدالملك تتسلل إليها. لم يكن عبدالملك ليلح ويكرر اتصاله. أحبت قلق خالد، حنون بطريقته يسأل عن أصغر الأشياء في يومها، بينما كانت الغيرة موضع نقاش دائم مع عبدالملك، كان يتمسح بثوب الدين كي تتحجب، القضية التي كانت تعنيه كثيراً، رغم تقصيره في أداء صلاته».