جمال البنا واحد من المفكرين الإسلاميين المثيرين للجدل بأفكارهم وآرائهم الفقهية، ودائمًا ما يصطدم بكتاباته الجدلية في الموضوعات الإسلامية مع العلماء والكتاب الإسلاميين، فهو إضافة إلى آرائه الفقهية من أمثال أن المرأة لها حق الإمامة مثل الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن، يرى - أيضا - أن التيارات الإسلامية لم تقدم إضافة للفكر الإسلامي، موضحًا أن آخر همهم الدين وأن همهم الأول المصلحة الشخصية.

وفي حواره مع "البيان" تحدث البنا عن الديمقراطية في الإسلام، ورأيه في التيارات الإسلامية الآن والمعارضين لفكره والاجتهاد من وجه نظره:

دائما ما تثير فتاواك الجدل، فما هى مرجعية هذه الفتاوى وما ردك على من يتهمك بالبحث عن الاستعراض الإعلامي؟

- لم أكن يومًا باحثًا عن الشهرة؛ لأن الشهرة لن تفيد في شيء، ولا أسعى إلى كسب مال لأنني والحمد الله عندي موارد ذاتية تكفيني، ولكن هو فرق بسيط جدًا يعرفه المنتقدون لي وهو أنني أرجع إلى القرآن مباشرة في أي آراء لي، وهم يرجعون إلى كلام الأئمة، فهؤلاء الذين ينتقدونني ينظرون إلى ماضي آبائهم بينما أنا أعمل بالقرآن مباشرة وأعتمد عليه كمصدر رئيس لي في كتاباتي الدينية.

ماذا تقصد بقولك إن المنتقدين ينظرون إلى ماضي آبائهم؟

هم يعيشون على علم عمره 700 سنة مضت فيها أوروبا وتقدمت بعدما كانت تسير معنا بنفس الدرجة، فجاء مارتن لوثر والثورة الفرنسية وقضوا على الكنيسة وعلى الهيمنة الدينية، أما نحن فلم نفعل ذلك واستسلمنا لآبائنا ونقوم بتدريس أشياء وضعت من مئات السنين وكانت وقتها جيدة ولكن الآن أصبحت حجرة عثرة في سبيل التقدم.

 

استخدام العقل

ما هي الآليات التي تستخدمها في اجتهادك تجاه تأويل بعض النصوص؟

أنا أستخدم العقل، دعك من الآليات وكل المذهبيات والمناهج؛ لأنها اتباع لأفراد، فكل ما يتطلبه الأمر عقل ذو درجات ذكاء متزنة وثقافة وقراءة ومثابرة ومقارنة المذاهب بعضها ببعض.

كيف تفرق بين النصوص التي هي صالحة للزمان والمكان ونصوص أخرى انتهت بانتهاء المناسبة والتي تسبب الخلاف بين التيارات الدينية؟

أولاً ما هي النصوص؟ فالنصوص إذا كانت قرآنًا تختلف عنها إذا كانت سُنة عنها إذا كانت كلام فقهاء، أما القرآن فيفهم بمجرد السماع ويتأثر به قارئه وسامعه، وعندما يفكر يجد أن القرآن يهديه إلى العقل وإلى الحرية وإلى قيم معينة، فيأخذ بذلك ولكن إذا اعتبرت هذا النص تفسيرًا للقرآن فهنا لابد أن نسأل:

من الذي قام بالتفسير، هل تعلم جيدًا؟ ما هي درجات تعليمه؟ من هم الأساتذة الذين أثروا فيه؟ ما هو عصره؟ ما هو نظام الحكم الذي يعيش فيه؟ فكل هذه العوامل تجعل لدينا مفسرًا يحمل صفات عصره ويضيفها إلى القرآن.

 

غمامة انقشعت

كيف ترى الصراع الدائر بين مدرسة النقل ومدرسة العقل؟

موضوع النص والعقل والرأي قديم جدًا. فالأحناف كانوا يمثلون الرأي والحنابلة يمثلون النص وكانت بينهما حروب في يوم من الأيام وكان أبناء المدرستين لا يصلّون خلف بعضهما والآن انقشعت هذه الغمامة كلها وظلت ظلالاً ليس لها أي قيمة الآن، ولا يوجد فرق بين الشافعية والمالكية والحنابلة كلهم مسلمون.

كيف ترى إسقاط المفاهيم السياسية الحديثة على الإسلام مثل الديمقراطية والليبرالية الإسلامية؟

كل عصر له طابعه، وكل جنس له أصول، وهذان مع بعضهما ينتجان تعريفات تتفق مع المبادئ أو الأفكار حتى تتبلور الأفكار أو المبادئ، فيقولون الديمقراطية، والمسلمون لا يعرفون الديمقراطية، ولكن يعرفون الشورى فكل مجموعة لها طبيعتها.

هل ترى أن هناك أصولاً جامعة بين التيارات الإسلامية أم أن كلا منهم يعمل في جزيرة منعزلة؟

هناك أصول طبعًا، ولكن المصلحة هي التي تسيرهم، فإذا كانت المصلحة في أنهم يتكتلوا فسوف يتكتلوا وإذا لم تكن هناك مصلحة فلن يتكتلوا، وأقصد بالمصلحة الشخصية وليست مصلحة الدين.

وكيف ترى مستقبل الإسلام في ظل تناحر التيارات الدينية المختلفة؟

هم لم يقدموا إضافة للفكر الإسلامي، ولن يقدموا إضافة في الحكم الحديث، وأنا أرى أن المستقبل غامض وسيمر بفترة من القلق.

 

أثر عكسي

طلب مجلس الشعب في مصر بمنع المواقع الإباحية على الإنترنت. هل ترى أن فكرة المنع في عالم مفتوح ذات جدوى؟

مطلقًا، فكرة المنع لا تنفع ولكن ستؤدي إلى أثر عكسي، ولكن التعامل الصحيح هو تقوية الأشياء النبيلة في المجتمع.

ما رأيك في حالة الصدام بين التيارات الدينية بسبب المادة الثانية من الدستور التي يطالب فيها السلفيون بإحلال كلمة أحكام محل كلمة "مبادئ"، وما هو الفرق بين أحكام الشريعة ومبادئها؟

هناك فرق طبعًا بين الأحكام والمبادئ، فالمبادئ واضحة والأحكام هي الفهم المعين لهذه المبادئ، فهي تفهم المبادئ في ظل عوامل معينة ليست مطلقة. فالأحكام بنت عصرها أم المبادئ فهي ثابتة.

هل تعتقد بوجود صراع قائم بين الأزهر والإسلاميين على الشارع؟

بينهم تنافس الأكفاء وتنافس الزملاء في الحرفة وحتى الآن ليس لصالح الإسلام ولكن من الممكن أن يتكتلوا، لكن الأهم من ذلك يجب أن يعرف الجميع هو أن الإسلام أمة وليس دولة فهو ليس سياسة ولكن دعوة هداية.

 

استقلال الأزهر

كيف يمكن إصلاح الأزهر حتى يعود منارة إسلامية ومؤسسة اجتهادية بحق بعد حالة الاستقطاب السياسي في ظل النظام البائد؟

الأزهر يجب أن يتمتع باستقلال، ولن يكون ذلك إلا إذا اعتمد على موارده وأوقافه، وفي هذه الحالة من المفترض أن يكون جامعة عالمية للإسلام يكون لديها القدرة على إطلاق آراء سياسية منطلقها الإسلام ولكنها لا تتورط مطلقًا لا في الحكم ولا في المناورات الحزبية.

كيف ترى المرأة المسلمة الآن؟

مظلومة حتى الآن، فهي تحاول أن تتحرر فتجد أمامها الحواجز والسدود والقيود.

هناك من دعا في تونس إلى تطبيق نظام الجواري؟

لا يجوز تطبيقه الآن فهذا الموضوع كان ابن زمنه وكل ما يدور حول موضوع الجواري الآن هو زنا محض.