الإسلام يعزز من قيمة الوقت و مبادئ استغلاله

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس خافيا على أحد أهمية الوقت في كل زمان ومكان، ولطالما سمعنا المقولات الكثيرة كالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ... الوقت هو الحياة... الوقت من ذهب.. الوقت هو المال... الخ، مقولات وأمثال مقصدها ومؤداها وفحواها ومغزاها ومعناها تعزيز قيمة المحافظة على الوقت وتأصيل مبادئ حسن استغلاله فيما هو مفيد ونافع وإيجابي ومثمر، بل وترسيخ قواعد الاهتمام به وعدم الاستهتار بالوقت البتة.

إن مما لا شك فيه أن كل الأديان والشرائع وحتى القوانين في زماننا حضت على حسن التعهد بالوقت في أداء المطلوبات والأمور اللازم عملها وتأديتها سواء أكان أمرا دنيويا أو دينيا. وكما هو معلوم للجميع أن هذه السنين والشهور والأيام والساعات اللحظات والدقائق والثواني إذا انقضت لن ترجع إلينا أبدا.

فالوقت مهم والمحافظة عليه ضرورية وعدم استغلاله والاستهتار به أمر بالغ الخطورة.

كتاب موقوت

والذي يحز في النفس ويكدر صفوها ويؤرق الواحد منا أن يرى الاستهتار بالوقت هو السائد في زماننا ويظن البعض أن الغرب هم الأولى بمراعاته وهذا أمر حق وباطل في آن واحد؛ أما الحق الأول فهو حق يراد به باطل، والباطل في هذه الجزئية وهو تمجيد الغرب وحضارته؛ والأمر الثاني هو باطل من جهة أخرى لأننا نحن العرب والمسلمين - أهل المحافظة بالوقت أصلاً وابتداءً. وهذا موضوع إثباته يطول وهي قضية حقيقة طويلة الذيل لعلنا نتناوله بالشرح والتفصيل يوما؛ ولكنني هنا ومن خلال هذه الأسطر أحاول أن أقرر وأشدد على حقيقة أهمية الاهتمام بالوقت وعدم الاستهتار به معززا ذلك قدر استطاعتي بالأمثلة والواقع الذي نعيشه ونتعايش معه وفيه هذه الأيام.

ديننا الإسلامي حث على حسن الاهتمام بالوقت وعدم الالتفاف إلى كل أمر يضيعه؛ فالصلاة مثلا محددة بوقت زمني إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا - سواء أذانا أو إقامة، والأمر منطبق أيضا على الصلوات الأخرى كالاستسقاء أو الكسوف أو الخسوف أو العيدين وغيرها، وكذا الصيام محدد بشهر معين شهر رمضان - والحج في ذي الحجة كذلك ...الخ.

وسورة العصر نزلت تعزز الفكرة ذاتها والهدف نفسه؛ ولكن الناس عن فهم ذلك وإدراك حقيقته غافلون متغافلون سامدون نائمون إلا من رحم ربي. ومن العجب العجاب أن تعجب أيها القارئ من الأمثلة الكثيرة والكثيرة جدا ما يدلل على الاستهتار بالوقت بصور شتى ونماذج متعددة في زماننا وللأسف! فترى مثلا ضياع الأوقات على التلفاز فيما هو غير مفيد بل المضر الساعات الطوال، والجلوس مع الأصحاب مع إهمال الأولويات الحياتية والدينية في كلام لا طائل من ورائه ولعلهم مع إضاعة الوقت يقعون في المحرمات بقصد أو بدون قصد، والتسكع في الشوارع والطرقات ولعل ذلك يعتريه مقارفة منكر.

الفروض والواجبات

ولك أن ترى نماذج أخرى كالشاب الذي يتكلم مع أصحابه أو الشابة مع صاحبتها الأوقات الطويلة يضيعون فروضا وواجبات كثيرة غير ملتفتين لها ولا مبالين لضياعها وغير مكترثين أنها أوقات تذهب من عمره يحاسب عليها - وعن عمره فيما أفناه. هذا ناهيك على قضاء الأيام على النت فيما هو غير إيجابي ومفيد ناهيك عن الوقوع في مستنقعات المحظورات وبؤر الفساد الموبوءة وكهوف الرذيلة! وكذا أيضا النوم الطويل جدا والتسوق في المراكز التجارية الساعات تلو الساعات.= وأرى أنه من المناسب هنا أن أعرج على جانب آخر من جوانب عدم الاهتمام بالوقت وتوقيره وإعطائه حقه وهو التخلف عن المواعيد المحددة بوقت معين . هذا أمر يشيب له الولدان حقيقة، ويهرم لهوله الغلمان - في عالمنا العربي. وهي مشكلة أقضت مضاجع المهتمين بالوقت والمصالح المتعلقة به وأرقت منامهم. ولكم أن تروا أن مواعيد في المستشفيات لا تحترم لا من المراجع أو حتى الطبيب أو المستشفى؛ وكذا الأمر في مسألة الحضور والغياب في كثير من المؤسسات، وهي قضية مؤرقة للمسؤولين المعنيين؛ والتقيد بالمواعيد والالتزام بها في المدارس والجامعات أمر محير وتأخذ وقتا كبيرا في علاجها والنظر إليها فيما سواها وغيرها من الأوقات المهمة - والتي يجب أن نصرفها فيها -في العملية التعليمية أو الرسالة الجامعية.

حسن الاستغلال

بل على مستوى الاجتماعي، فيتخلف عن الموعد معك أناس يضيعون عليك أمورا أهم من جراء انتظارك لهم؛ ويأتيك معتذرا اعتذاره المعتاد السمج وقد فعلها معك بدل المرة سبعين مرة!! أو غير معتذر أو مكترث لما صنعه معك!! وأنا أقول بملء الفم :جاهلٌ من لا يعلم أن الوقت في الغرب الثانية بثمن وسعرها باهظ، أحيانا والخبراء الذين يفدون إلى بلادنا يكلفونا أموالا طائلة للوقت الذي سيقضونه معنا جراء إعطائنا الخبرة والمعرفة التي نريد. والذي لا يعلم أن التقيد بالمواعيد مقدس هناك لأن أساس ربحيتها وأساس نجاحها هو بالتقيد بكل دقيقة بغض النظر على الإنتاجية هناك. أنا أقول هذا الكلمات من واقع خبرة هناك وليس لهدف إعطاء هالة هم لا يستحقونها أو من باب الانبهار بحضارتهم، لا وألف لا! أرى أننا لو تكلمنا في سرد الأمثلة والتفنن في ذكرها التفصيلي في سردها فلن ننتهي؛ ولكن المهم هو العلاج.

والعلاج يكمن في تقديري في معرفة أهمية الوقت وأنه إذا انقضى فلن يعود أبدا إلى يوم القيامة، وأن المحافظة عليه من أسس ديننا الحنيف، وأن حسن استغلاله فيما هو مفيد من أهم مقومات الحضارة وأسباب النهضة

Email