الإسلام دين لكل زمان ومكان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإسلام هو دين عدل ورحمة للناس أجمعين، والدليل نستقيه من القرآن الكريم في قول الله تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». ولم يقتصر الإسلام على تنظيم العلاقة بين المسلم وغير المسلم من أهل الدولة الواحدة، ولكن تطرق أيضا إلى تحديد المبادئ والأسس التي تقوم عليها العلاقة بين المسلم وغير المسلم بين الشعوب والدول المختلفة في حالة السلم والحرب، فالإسلام دين عالمي صالح لكل زمان ومكان. وهو ما يؤكده د.رشدي أنور شحاتة، رئيس قسم الشريعة بجامعة حلوان بمصر حيث يقول إن الإسلام دين ودولة.

موضحا أن غير المسلمين الذين يعيشون مع المسلمين هم نوعان ذمي ومستأمن، والذمي هو من يقيم إقامة دائمة مع المسلمين، أما المستأمن فهو مثل السائح الذي يطلب الأمان (تأشيرة) لفترة محدودة، وتابع أن الإسلام أوجب على المسلم أن يتعامل مع الذمي والمستأمن بأن لهما ما لنا وعليهما ما علينا.ويشير د. شحاتة إلى أنه يجوز للمسلمين الزواج من بناتهم والأكل من ذبائحهم والشراء منهم والبيع لهم ولا يجوز إلحاق أي نوع من الأذى بهم؛ مصداقا لقول الله تعالى «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى»، وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم «من آذى ذمياً فقد آذاني» ومن ثم لا يجوز إيذاء غير المسلم بنص القرآن والسنة.

وأضاف أنه في العصور الحديثة أصبح المجتمع نسيجا مترابطا وأصبح أبناء الوطن الواحد يشاركون في حماية وطنهم سواء من خلال الجيش أو الشرطة دون النظر إلى الديانة فالكل يشارك في الوظائف المدنية ويدفع الضرائب ويدافع عن الوطن.

ويبدأ د. أحمد طه ريان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، كلماته بقول الله تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» سورة الممتحنة.. مؤكدا أنه إذا لم يكن تسبب غير المسلم في إيذاء المسلم أو إخراجه من داره ولم يقم بالتضييق عليه فلا يجوز للمسلم إيذاؤه بأي حال من الأحوال، وإن التعامل بينهما يتم بشكل طبيعي في الأخذ والعطاء والبيع والشراء.

أما فيما يتعلق بغير المسلمين المحاربين الذين يناصبون الإسلام العداء ويأخذون من المسلمين حقوقهم بالباطل والزور، فأكد ريان أن على المسلمين أن يأخذوا موقفا معينا ضد هؤلاء وأن يتعاملوا معهم بشيء من الشدة مصداقا لقول الله تعالى «إنَّما ينهاكم اللّه عن الذين قاتلوكم في الدِّين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون».

وأشار إلى الاختلاف بين الآيتين السابق ذكرهما، ففي الآية الأولى يأمرنا الله بأن نقسط ونبر غير المسلمين ممن لم يتسببوا للمسلمين في أي أذى، بينما ينهانا الله عن موالاتهم في حال إذا قاتلوا المسلمين، بل يصف الله من يتولاهم بأنه من الظالمين، وأوضح أنه في المجتمعات الإسلامية الآن يعيش المسلم إلى جوار غير المسلم، بل من الممكن أن تجمعهم بناية واحدة وهو ما لم يكن موجودا في العصور الأولى للإسلام ورغم ذلك كان النبي يأمرنا بالتعامل معهم بعدل ورحمة رغم التباعد.

 

ديانات سماوية

ويقول د. أحمد عبد الرحيم السايح، أستاذ العقيدة والفلسفة : حسب تعاليم الإسلام ينظر المسلم الذي يؤمن بالله ورسوله إلى غير المسلمين نظرة تقدير وإكرام؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» وكذلك ينظر المسلم إلى غير المسلم باعتبار أن أصحاب الديانات مسلمون بنص القرآن الكريم.

وأشار إلى أن الديانة الإسلامية هي جزء من الديانات السماوية كلها فهي جزء من الديانة المسيحية وكذلك الديانة اليهودية بنص القرآن الكريم في قول الله تعالى «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه». وأشار إلى أن الديانات جاءت بمشيئة الله تعالى، لذلك يجب أن تكون نظرة المسلم هي احترام أصحاب الديانات جميعا، فالكل شريك في الوطن، فهناك مشاركة في المواطنة.. وتابع السايح أن هذا ما ينبغي ان يكون عليه المسلم لكن ما يؤسف له أن هناك أشخاصا عملاء لأعداء الأمة ينظرون إلى غير المسلمين من أهل الكتاب نظرة تكفير وإقصاء، وهم بذلك يبتعدون عن المنهج الإسلامي السوي الذي يريد للإنسانية أن تحترم بعضها.

وفي إشارة إلى غير المسلمين والذين ليسوا من أهل الكتاب، أكد د.عبدالرحيم ضرورة احترامهم أيضا وتقديرهم، فالقرآن خاطب الإنسان واحترمه وقدره، فقد ذكرت عبارة «يا أيها الناس» في القرآن أكثر من مرة؛ لأن الإسلام جاء إلى الإنسانية، وبالتالي على المسلم أن يقدر الإنسانية التي جاء إليها الإسلام.

وأضاف أن الإسلام أقر حقوق غير المسلمين بأنهم لهم ما لنا من حقوق، وعليهم ما علينا من واجبات. وأشار إلى ضرورة أن ننظر إلى معاهدات الرسول التي عقدها مع اليهود والنصارى وحين استقبل نصارى نجران.

وحول كيفية توعية الناس بالنظرة الصحيحة للعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين أكد أن ذلك يجب أن يتم من خلال الخطاب الديني المستنير بعيدا عن الشطط والغلو والتطرف، عن طريق رجال دين مستنيرين ليعلموا الناس ويزيدوا وعيهم بما ينبغي وما لا ينبغي في العلاقة والتعامل بين المسلم وغير المسلم.

 

 

Email