الإسلام يعلي رعاية حقوق القرابة والصداقة والجوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

الروابط والصلات التي تربط الناس بعضهم ببعض كثيرة منها رابطة النسب والمصاهرة ورابطة الصداقة والمحبة ورابطة القرابة ورابطة الزمالة في العمل ورابطة الجوار والسكن وعلى هذه الروابط تقوم الجماعات والأمم، ومتى قامت هذه الروابط على أساس البر والمحبة والرحمة وسارت في سبيل التعاون والعطف عظمت الأمة وقوى شأنها أما إذا أهملت حقوق القرابة والصداقة والجوار شفيت الأمة وحل بها التفكك والدمار ولهذا جاء الإسلام الحكيم بمراعاة هذه الروابط وتقويتها وتمكينها وإحاطتها بما يحفظ وجودها ويعلى أمرها وجعل لها حقوقاً وواجبات فصلة النسب لها حقوق وللصداقة حقوق وللقرابة حقوق وهكذا ثم جعل الإسلام لتلك الروابط كلها رابطة عظمى وصلة كبرى وهى رابطة الدين فالمسلمون جميعاً تربطهم صلة الإسلام وإن لم يكونوا أقارب وأنساب وجيران وأصدقاء قال تعالى «إنما المؤمنون إخوة» ومن الروابط التي دعمها الإسلام وأوصى بمراعاتها وشدد في الإبقاء عليها رابطة الجوار فأوصى بالجار خيراً وحث على معاملته بالحسنى والمعروف ومناصرته في الشدة وتهنئته في الرخاء ومجاملته والإخلاص له في القول والعمل وحفظ سره وستر أمره والعفو عن زلته وتحمل سقطته قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يصمت».

ما من قرية أو مدينة إلا وأهلها متجاورون فلو أحسن كل إلى جاره أسعد الجميع ولو رعى كل جار حق جاره لانتظم الحال، ولقد بلغ حق الجار درجة جعلت أمين الوحى جبريل عليه السلام يكرر على المصطفى صلى الله عليه وسلم حق الجار حتى قال صلى الله عليه وسلم «مازال أخي جبريل عليه السلام يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» جعل للجار حق الشفعة فإذا أردت بيع دارك أو أطيانك فالإسلام جعل لجارك حق الأولوية في الشراء وفضله على غيره لما له من مصالح قد تتأذى بغيره من المشترين وهذا حق سارت عليه القوانين الوضعية فوافقت بذلك الشريعة الإسلامية ولقد كان للجار عند المسلمين منزلة الأخ الشقيق تصان حرمته وتحفظ غيبته فأصبحنا وحق الجار بيننا ضائع وحرمته منتهكة ومكانته منعدمة بل أصبح الجار يخاف جاره وينظر إليه نظرة العدو ويخشى سره حل التقاطع بين الجيران ودبت بينهم الفرقة والتباعد والعزلة يستتر الجار من جاره فيخفى عنه فقره أو مصيبته خوفاً من شماتته أو التشهير به ويدارى عنه أمره خوفاً من تعييره بعد أن كان الجار سنداً لجاره وعوناً له يكاشفه بكل أمره ليستعين برأيه أو يستفيد بمعونته أصبح الجار لا يأمن جاره ولا يطمئن له ولا يثق به.

ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يأمن المرء جاره وكان منه على حذر وحل الخوف منه محل الرجاء والأمن كان كل جار منقطعاً عن جاره وهذا هو عين التفكك في الأمة والانحلال في الجماعة فتموت روح التعاون والتساند.

فلقد أوصى المصطفى عليه الصلاة والسلام أمر بمراعاة إحساس الجار والمحافظة على شعوره وعدم جرح كرامته ولو بطريق سلبي إبقاء على الصلة وحفظاً للرابطة

Email