الإعجاز العلمي في القرآن يثبت أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم هو إحدى القضايا التي طرحت نفسها أخيرا على ساحة الفكر الإسلامي، فبينما يرى كثير من أنصار التوسع في دراسة آيات الإعجاز العلمي أن هذه الآيات تعطي زخمًا مستمرًا لقضايا الإيمان وتؤكد أن القرآن الكريم الذي نزل قبل أكثر من ‬14 قرنًا يحمل بين ضفتيه ما يدل على أن كتاب الله تعالى صالح لكل زمان ومكان، وأن معجزاته لا تنتهي بل تتجدد مع تجدد المعرفة العقلية، إلا أنه على الجانب الآخر هناك فريق يرى في ربط كل اكتشاف علمي جديد بالآيات القرآنية ما يمثل مساسًا بقدسية القرآن الكريم، خاصة وأن العلم التجريبي متغير بينما النص المقدس ثابت.

وفي محاولة لفهم أبعاد هذه القضية الشائكة جاء هذا الحوار مع د. عبد الناصر توفيق مدير المركز المصري للفيزياء النظرية بالقاهرة وهذه تفاصيل الحوار..

هناك خلاف بين من يتصدى لتفسير الإعجاز العلمي في آيات القرآن الكريم، فكيف يمكن تفسير أسباب هذا الخلاف؟

أسباب هذا الخلاف قد تكون في الخلفية الثقافية والعلمية لمن يتصدى للحديث حول الإعجاز العلمي، ومثال ذلك من له ثقافة دينية أكبر بكثير من اطلاعه على التطورات العلمية نراه يتعامل مع الآيات القرآنية باحترام وحساسية شديدين، والعكس نرى في كلامه جرأة وأحيانا تجاوزا في التعامل مع الآيات القرآنية.

وهل هناك مدارس مختلفة فيما يتعلق بالتفسير العلمي للقرآن الكريم؟

هناك ثلاث مدارس: الأولى ترى أن بعض الآيات تحمل إشارات علمية، وكثيرا ما يحدث أن تنتزع هذه الآيات من سياقها القرآني، والثانية ترى أن لكل آية صدى حتميا، والثالثة ترى أن الإشارات العلمية عارضة بمعنى أنها غير مقصودة.

وهل يمكن أن تعطينا أمثلة لبعض الآيات الإعجازية وعلاقتها بمدارس أخرى؟

مثل قوله تعالى }أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ{، وتفسر هذه الآية على أنها دليل قرآني على خلق الكون «نظرية الانفجار العظيم»، هذا التفسير يعتمد على المدرسة الأولى التي ترى أن بعض الآيات بها إشارة إعجازية ولا تتعرض للسياق القرآني، وإذا أخذنا السياق القرآني في الاعتبار فإن الآية المشار إليها قد تعني خلق الأرض وفصلها عن الشمس.

وما هي نظرية «الانفجار العظيم»؟

هي نظرية علمية ظهرت في الستينات من القرن الماضي وتقوم عليها دلائل علمية عديدة، وتعتبر هذه النظرية أن خلق الكون جاء منذ ما يقرب من ‬13 ألف مليون عام، وفي هذه اللحظة ترى أن الكون كان بكل ما فيه من مادة وزمن ومسافات وغيرها متمركزًا في نقطة واحدة هائلة الطاقة والحرارة وضئيلة الحجم، ومع حدوث الانفجار العظيم بدأ الكون في التطور والنمو إلى أن وصل إلى الحجم الهائل الذي عليه الآن، ومن خلال مسار تطور الكون وبعد زمن طويل بدأت المجرات والنجوم والكواكب في التكوين.

لكن بعض المشككين في الإعجاز العلمي ينكرون أن يكون القرآن الكريم قد تضمن أي إشارات للإعجاز العلمي بين دفتيه، فكيف ترد على ذلك؟أقول لهم إن القرآن الكريم فصّل كل المجالات العلمية، وحتى هؤلاء يعترفون بأن القرآن الكريم لم يترك قضية إلا وتعرض لها، بل إن جميع التطورات العلمية لها صدى في كتاب الله المعجز بآياته.

 

العلم والإيمان

وهل القرآن الكريم كان يهدف بالأساس منح المؤمنين به إيمانا أو علما؟

القرآن الكريم أعظم وأوضح معجزة جاء بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والهدف الأبرز والرئيسي هو الإيمان، ثم تأتي الأخلاق، ثم الإشارات العلمية تالية له، لكن هناك من يخلط بين هذه الأهداف الثلاثة فيقدم العلم على الإيمان أو يقدم الأخلاق على الإيمان أو يبرز فقط نوعًا واحدًا من هذه الأهداف.

وكيف نحكم على مكتشفات العلم الحديث في ضوء ما جاء من إشارات في القرآن الكريم؟

بالنسبة لي كعالم مسلم أرى أن القرآن الكريم يمثل المرجعية الأساسية، حيث يحمل إلينا المعرفة المنزلة المقدسة غير المتغيرة، وأرى أن العلم الحديث إنما هو متغير دائما ويتطور ويتم إحلاله بنظريات جديدة بشكل مستمر، وعلى هذا فالمرجعية هي للعلم الثابت المقدس.

 

إعجاز وبراهين

لكن أحيانا قد تتعارض المعرفة العلمية الراهنة مع بعض ما جاء في القرآن الكريم، فكيف يمكن أن يجد الباحث المسلم حلا لهذا التعارض؟

من الممكن أن يكون الباحث المسلم أكثر حظا من نظيره غير المسلم لأسباب؛ أن لديه القرآن الكريم بما يحمله من آيات إعجاز وبراهين محسوسة ومنطقية، ولديه العلم الحديث بما يحمله من تطورات متعددة، لكن قد يواجه معضلة من نوع عدم تناسق ما يقوله العلم الحديث مع ما يؤمن به ويقرأه في القرآن الكريم، وقد يكون من الذكاء بحيث يستطيع توظيف ما يؤمن به وما يقرأه في القرآن الكريم في مجالات علمية حديثة.

 

 

 

 

 

Email