نظمها مجلس سموه بقصر البطين

محمد بن زايد يشهد محاضرة عن «المحادثة المباشرة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محاضرة بعنوان «كيف نستعيد المحادثة وجهاً لوجه في عصر منصات التواصل الاجتماعي؟» ألقتها أستاذة الدراسات الاجتماعية للعلوم والتكنولوجيا بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، البروفيسورة شيري توركل، وذلك مساء أمس في مجلس سموه بقصر البطين في أبوظبي.

وشهد المحاضرة معالي الدكتورة أمل القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.

وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة.

ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة وتنمية المعرفة، وأيمن الصفدي وزير الخارجية وشؤون المغتربين في المملكة الأردنية الهاشمية، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين والشخصيات العامة، وممثلون عن سفارات في الدولة.

تأثير

وركزت البروفيسورة شيري توركل على ثلاث نقاط في محاضرتها وهي التأثير النفسي للإعلام الاجتماعي والأجهزة الرقمية، واجتناب المحادثة وجهاً لوجه واللجوء إلى المحادثات النصية بدلاً منها، والإجراءات اللازمة.

وأعربت المحاضرة عن سعادتها لوجودها في دولة الإمارات وتوجيه الدعوة لها لإلقاء محاضرة في مجلس صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، وقالت إن لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيراً كبيراً على المجتمعات المعاصرة.

حيث سهلت التواصل بين الناس، إلا أنها في نفس الوقت عملت على تدمير الحياة الاجتماعية للأسرة حينما انشغل أفرادها بمتابعة ما تقدمه من خدمات، وتطبيقاتها الكثيرة التي تشغل النفس وتلهيها عن القيام بواجباتها الاجتماعية، فبعد أن كان أفراد الأسرة قبل دخول تلك الوسائل يجلسون مع بعضهم لساعات طويلة يتجاذبون فيها أطراف الحديث ويناقشون أمورهم الحياتية، شغلتهم حالياً وسائل الاتصال الحديثة عن ذلك.

وأوضحت أنه مع مرور الوقت أصبح معظم مستخدمي تلك الوسائل ينعزلون عن باقي أفراد الأسرة، حيث يجلسون في ركنهم الخاص، يتجولون في صفحات التواصل الاجتماعي وما تعرضه المواقع الإلكترونية، وما ينشره المدونون، الأمر الذي سبب ضعفاً كبيراً في التواصل بين أفراد الأسرة فضلاً عن مشكلات نفسية وعاطفية مع مرور الوقت.

حالة نفسية

ولفتت إلى أن تلك الوسائل أحدثت بمجيئها تأثيراً نفسياً جديداً يتمثل بشعور المرء بالوحدة رغم تواجده مع الآخرين، حيث جاءت بحالة نفسية جديدة أطلقت عليها اسم «أنا أشارك إذن أنا موجود»، فأصبح الناس يقولون «أشعر برغبة في إرسال رسالة»، بعد أن كانوا يقولون «لدي رغبة في إجراء مكالمة»، مبينة أن الحاجة إلى المشاركة والمقارنة خلقت نقاط ضعف جديدة في الناس، وخاصة فئة الشباب.

وأفادت بأن التقنية اختطفت الأبناء من واقعنا الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية من أجل أن يذهبوا إلى تلك الوسائل، وبالتالي ضعفت مهارات التواصل المباشر عند كثير من الناس نتيجة للإشباعات التي تحققها هذه الوسائل، مشددة على أن هذه هي إحدى الإشكالات التي تواجه المجتمعات والأسرة بشكل عام.

وأشارت إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، ظهر اتجاه جديد ومثير للقلق في آن واحد، حيث أصبحنا نلاحظ أن الناس بدأوا ينأون بأنفسهم عن الاتصال وجهاً لوجه، وباتوا يجتنبون المحادثة - على الأقل المحادثة المفتوحة والعفوية، والمحادثة التي نتداول فيها الأفكار، والتي تسمح للأشخاص بالحضور التام وإظهار الضعف والقوة.

ولكن أصبح الناس من كل الأجيال يقولون:«أنا أفضل إرسال الرسائل النصية على الحديث»، وهو ما يعني إنهم يريدون إبقاء تفاعلاتهم على الشاشة فقط ما أمكن، ولذلك هم يتحدثون عن إرسال الرسائل النصية ويتحدثون أيضاً عن الأسرة والأعمال على وسائل الإعلام الاجتماعية مثل الفيسبوك.

بحوث

وذكرت أن نتائج بحث عن المحادثة قامت عليه سابقاً، أظهرت أن العالم في وقت التغيير، وهم في نقطة انعطاف، حيث أن الناس باتوا مغرمين بالتكنولوجيا ولكنهم مختلفون حول الطريقة التي يستخدمونها بها، وأن هناك 89٪ من الأميركيين نظروا إلى هاتفهم خلال المحادثة الأخيرة، وأكد 82٪ منهم أن العلاقات الاجتماعية تدهورت في ظل الممارسات الحالية للأجهزة الذكية.

وبينت أن إحدى الدراسات أظهرت أنه حتى عندما يكون الهاتف في وضعية صامتة على طاولة الغداء فإنه يؤدي لحدوث أمرين، الأول: تكون المحادثة مقتضبة حول الموضوع ولا نمانع في أن يقاطعنا أحد، وثانياً نشعر بأننا أقل ارتباطاً مع بعضنا البعض، وأقل استثماراً في بعضنا البعض.

وبالتالي ليس من المستغرب أن نرى في السنوات الثلاثين الماضية انخفاض مؤشرات التعاطف بين طلاب الجامعات بنسبة 40٪، علماً بأن معظم هذا الانخفاض حدث في السنوات العشر الماضية، ويعزو الباحثون هذا الانخفاض إلى وجود الأجهزة الرقمية.

جوانب إيجابية

وتناولت المحاضرة الجوانب الإيجابية في هذا التحول، والمتمثلة في القدرة على الصمود، حيث أظهرت إحدى الدراسات بأنه وفي غضون خمسة أيام فقط في مخيم صيفي دون أجهزة إلكترونية، بدأ الأطفال يتعرفون مجدداً على مشاعر الآخرين، وأصبحوا يتحدثون مع بعضهم البعض.

وأكدت أن المحادثة وجها لوجه هي أكثر الأمور البشرية والإنسانية التي نقوم بها، ويمكننا استعادتها في العمل، وفي المنزل، وفي التعليم، مقترحة في هذا الخصوص نقطتين للبدء في تمهيد الطريق للمحادثة، وهما خلق المساحات «المحرّمة» حيث يمكنك ترك أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية في المنزل جانباً، وتكون أول محطة من المطبخ وغرفة الطعام، والسيارة.

وكذلك في التعليم والعمل، فلا بد من جعل الفصول الدراسية خالية من هذه الأجهزة الإلكترونية، وفي العمل، يمكننا عقد اجتماعات خالية من الأجهزة، وثانياً لا بد من رعاية العزلة، ففي العزلة يجد المرء نفسه، ويبدأ بتجهيز نفسه لخوض المحادثات، وسواء في المجال الخاص أو في المجال العام، يجب تعلم إجراء محادثات مع أنفسنا، والتفكير الذاتي الذي هو حجر الزاوية في تطورنا والذي يستمر طيلة الحياة.

حلول

وأجملت البروفيسورة الإجراءات الواجب اتبعها للحد من تلك الممارسات الخاطئة في تثقيف النخبة وعموم المستخدمين حول الممارسات الصناعية التي تضر بمصالحنا، والبدء في مراقبة الممارسات الصناعية والسيطرة عليها، وجعل استخدام هواتفنا أقل إدماناً، وإنشاء مساحات «محرمة» في المنزل والمدرسة والعمل يحظر فيها استخدام الأجهزة الرقمية، فضلا عن تثقيف الأسرة والمدرسة وبيئة العمل حول أهمية الوعي التكنولوجي والذي يعني خلق مساحة للمحدثة الحقيقية وجهاً لوجه.

وطالبت الأسر قبل أن ينغمس أبناؤهم في عالم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي أن يتعلموا كيف يتعاملون معهم وأن يكونوا مشاركين لهم في كافة فعالياتهم ومشاركاتهم عبر تلك الوسائل، وان لا يتركوهم في غرف مغلقة.

سيرة

البروفيسورة شيري توركل، أستاذة الدراسات الاجتماعية للعلوم والتكنولوجيا بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية، مؤسسة ومديرة مبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حول التكنولوجيا والنفس البشرية وتعد هذه المبادرة بمثابة مركز أبحاث حول ولا قوة العلاقات التي تنشأ بين البشر والأدوات، بروفيسورة وكاتبة ومستشارة وباحثة أمضت السنوات الثلاثين الأخيرة في البحوث النفسية حول علاقات البشر مع التكنولوجيا.

بحثت موضوع التداخل بين التكنولوجيا الرقمية والعلاقات البشرية منذ بدايات استخدام عموم الناس للكمبيوتر وصولاً إلى عالم الإنسان الآلي والذكاء الصناعي والشبكات الاجتماعية والاتصال المتنقل، حاصلة على دكتوراة مزدوجة في علم الاجتماع وعلم نفس الشخصية من جامعة هارفارد وهي طبيبة نفسية سريرية مرخصة.

لديها العديد من الإصدارات مثل «كيف نستعيد المحادثة وجها لوجه في العصر الرقمي؟» والذي يركز على أهمية المحادثة في الثقافات الرقمية.

Email