أكاديميون يؤكدون الحاجة لإعادة النظر بالتخصص المُغيّب

إدراج «الطب النفسي» في الجامعات ضرورة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبر أكاديميون أن ارتفاع تكلفة علاج المرضى النفسيين سببه قلة الأطباء العاملين في المجال، وأن الأمر يحتاج إلى «قرار رسمي» بضرورة النهوض بقطاع الصحة النفسية من خلال توجيه مؤسسات التعليم العالي لفتح برامج دراسية في علم النفس، إذ غالبية الجامعات لا يوجد فيها تخصص مستقل في علم النفس يمنح درجة البكالوريوس، وقالوا إن هذا الواقع المثبت بإحصائيات يؤكد الحاجة لإعادة النظر بهذه التخصص المغيب في الجامعات وفتحه في درجة البكالوريوس والدراسات العليا ضمن خطة متكاملة.

وقالوا إن هناك نقصاً في الكوادر البشرية القادرة على تقديم خدمات الصحة النفسية، إضافة إلى أن عدد العيادات النفسية المنتشرة غير كافٍ لتأمين الاحتياجات اللازمة وأن تكلفة العلاج فيها مرتفعة نسبياً، لافتين إلى حالة الخلط بين الاختصاصي الاجتماعي والنفسي، واقترح البعض إنشاء مراكز نفسية تربوية يقضي فيها الشخص يومه ويستفيد فيها من الخدمات العلاجية من أجل إعادة التأهيل والإدماج.

نقص الوعي

الدكتور عبد الله منيزل الأستاذ في قسم التربية بجامعة الشارقة أكد أن نقص الوعي بالأمراض النفسية والخجل المرتبط بتشخيص هذه الأمراض، شكل أهم العوائق المؤدية أمام الاهتمام بهذا المجال بالصورة المطلوبة مؤكداً الحاجة إلى أن يكون علم النفس أساسياً في المجتمعات، مشيراً إلى عدم وجود تخصص بحد ذاته في الجامعة، وذكر أن التغيرات الحياتية وزيادة الضغوط والتحديات تحتم علينا النظر إلى هذا المجال الحيوي بصورة أكثر شمولية..وذكر أنه لا يوجد مجتمع يمكن له الاستغناء عن علم النفس لأنه علم الحياة ويجب أن لا يدخل فقط في حياة من يعانون من المرض وإنما عند كل الإفراد فالأم مثلا تحتاج إلى أن تكون على دراية ومعدة نفسياً بكيفية التربية والتعامل مع الأبناء وكذلك الأب لتنشئ الأسرة تنشئة صحية نفسياً وبدنياً وأكد ضرورة التركيز على توعية المجتمع بالأمراض النفسية، بعيداً عن وصم المريض وعزله وتهشيمه.

تخصصات طبية

أكد الدكتور محمد الحوقاني، الوكيل المساعد في كلية الطب بجامعة الإمارات، أهمية ودور الطب النفسي مع تطور العلوم الطبيعية، وتطور المشكلات وإفرازات الحياة العصرية، وما يواجهه الإنسان من ظروف صعبة لها انعكاسات على صحته النفيسة.

وأضاف: كما هو معروف فالطب النفسي قديم جداً، ومر بعدة مراحل من التطور، فهو فرع من فروع الطب التخصصي لدراسة وتشخيص ووقاية وعلاج الاضطرابات النفسية التي تأخذ أشكالاً عديدة ومختلفة، منها ما هو شديد ومنها ما هو بسيط، وهناك فرق بين الطب النفسي وعلم النفس على الرغم من كونهما يسعيان إلى مساعدة الأشخاص للتخلص من العديد من الاضطرابات التي تشمل السلوك والمشاعر والإدراكات وطرق التفكير، إضافة للفرق بطرق العلاج والتشخيص في أمراض الفصام والاكتئاب والقلق.تأهيل المختصين

وأوضح الحوقاني أن كلية الطب بجامعة الإمارات أولت هذا التخصص الطبي اهتماماً خاصاً من حيث طرح التخصص، أو تدريسه في المراحل الدراسية التي يمر بها الطالب وأضاف أن هناك تعاوناً مشتركاً بين كلية الطب والمركز الوطني للتأهيل، في طرح برنامج دبلوم الطب النفسي، الذي يؤهل العاملين في القطاعات الصحية المختلفة التعامل مع المرضى المصابين بالأمراض النفسية، وأشار إلى أن تخصص الطب النفسي في مناهج كلية الطب بجامعة الإمارات، يجد اهتماماً خاصاً نظراً لتطور إفرازات العصر وتنوع الثقافات والعلاقات الاجتماعية وتطور المشكلات حسب العادات والثقافات، وهو جزء مهم من المساقات الأكاديمية التي يدرسها الطالب مما يؤهل طلابنا لمعرفة الأساسيات المتعلقة بالأمراض النفسية وطرق تشخيصها وعلاجها، حيث يقوم الطلبة بالتدريب لمدة شهر كامل في قسم الطب النفسي في مشفى العين، ويستمر التدريب الميداني في السنة الرابعة في العلوم النفسية والاجتماعية لمدة شهرين قبل السنة السريرية، يتم إعداد طالب كلية الطب ليس فقط في طب الأدوية والجراحة والأمراض الباطنية والقلبية، إنما ننظر لجسم الإنسان نظرة عامة وشاملة من كافة الجوانب، بحيث تكون الرعاية الصحية متوفرة.

الضغوط النفسية

من جانبه أشار الدكتور أسامة توكل، أستاذ الطب النفسي المشارك في كلية الطب بجامعة الإمارات، إلى أن هناك عوامل متعددة من بيئية واجتماعية ووراثية ونفسية، تؤثر على الإنسان، وتؤدي لظهور الاضطرابات النفسية.

وتعد الضغوط النفسية، وقلة توفر الدعم المعنوي النفسي الإيجابي، من العوامل المهمة المؤثرة سلبياً، فقد تعقدت الحياة بشكل مطرد، ولم تعد بنفس البساطة التي كانت عليها منذ عقود ليست ببعيدة.

وفي خضم هذا المنظور للحضارة الحديثة والمتطورة بشكل غير مسبوق على مر التاريخ، فقد الإنسان جزءاً من مشاعر الاستقرار والإحساس بالأمان والتي تعد أساسية لتحقيق الاستقرار النفسي له ولذويه.

ومع إضافة الأعباء والمتطلبات المتزايدة لاستمراريته في البقاء هو ومن يعولهم زاد التهديد تجاه الهدف الرئيسي من وجوده، ولا عجب إذاً من تنامي التداعيات النفسية والبدنية السلبية، فزّادت اضطرابات القلق والتوتر والرهاب والخوف الاجتماعي واضطراب ما بعد الصدمة، واكتئاب ما قبل الحيض وغيره من العلل النفسية المهمة والمعوقة للأداء ولسلاسة المعيشة.

تطور مذهل

أوضح الدكتور أسامة توكل أن الكثير على دراية بالتطور المذهل في مجالات الطب المختلفة وتكنولوجيات علوم الدواء التي أنجبت أجيالاً من الأدوية النفسية الفعّالة، وكلها متوفر بالدولة، مما أدى إلى تقدم غير مسبوق في علم الطب النفسي التشخيصي والعلاجي، وبأعراض جانبية أقل مما كان عليه في السابق.

وتقدمت علوم العلاج النفسي غير الدوائي باستعمال الوسائل النفسية المدعومة بأصول وإثباتات علمية موثقة، ومنها على سبيل المثال العلاج السلوكي المعرفي.

Email