رغم انخفاض وجود العزاب في المناطق والأحياء المخصصة للعائلات بشكل كبير، إلا أنه لم يختف تماماً، ولقد ساهمت ظاهرة الإيجار من الباطن، وتحايل شركات إدارة العقار واستهتار بعض الملاك سعياً وراء المكسب الوفير في استمرار سكن العزاب كمجموعات كبيرة في العديد من البنايات العائلية، مما يشكل إزعاجاً وقلقاً للأسر وخاصة أولياء الأمور، الذين يشعرون بالخوف على أطفالهم من التواجد بالقرب من أشخاص غير موثوق في سلوكياتهم، بغض النظر عن الجنسية أو الدين واختلاف العادات والتقاليد، التي تنص على احترام حرمة البيوت وأصحابها.
السكن المناسب

يقول جهاد شهاب الدين: إنه من حق العزاب والعمالة الوافدة السكن المريح كذلك من حق الشركات والمؤسسات اختيار السكن المناسب من حيث الإيجاز وقربه من مقر العمل، مضيفاً: لا بد أن نفرق بين سكن العمالة المتأهلة بعوائلها والعمالة غير المتأهلة مع الأخذ في الاعتبار مستوى وتعليم ومهنة العمالة، فلا يمكن المساواة بين سكن الدكتور والمهندس والمتخصص بسكن العمالة الخدمية وكذلك يجب تقيّد أصحاب المؤسسات والشركات بالشروط النظامية في السكن.
وأضاف: من الملاحظ أن معظم سكن العمالة في الأحياء الشعبية تحوّل إلى حالة من الفوضى وبيئة حاضنة للعمالة السائبة والمخالفة، وهنا تكمن الخطورة ليس على السكان المجاورين فحسب بل خطرها يشمل أبعد من ذلك، وأرى من المناسب أن تنظر الجهات المعنية بجدية في معالجة سكن العمالة الأجنبية داخل الأحياء الشعبية وفق آلية يكون المعيار هو الحكم فيها ورفع حالة القلق التي يشعر بها المواطنون المجاورون لسكن العمالة من خوفهم على منازلهم من السرقة وعلى عوائلهم من المضايقات.
تباين العادات

ويعتقد محمد حجازي أن سكن العزاب من العمالة الوافدة مجهولة الهوية في مناطق العائلات يعد أزمة كبيرة. ويسهم فيها كل أفراد المجتمع لما تفرزه هذه العمالة من ضرر جسيم يهدد أمن الأسرة والمجتمع، ووجودهم يعني تغذية جرائم متعددة من جهة، ومن جهة أخرى تباين العادات والتقاليد والأفكار وما تسببه من قلق الأسرة المجاورة.
من الباطن

ويرى عابد فهيم أن السماح للعزاب بالاستئجار في مناطق السكن الخاص يثير الكثير من المشكلات لقاطني هذه المناطق، من أسر وأطفال ولذلك يجب منعهم من الاستئجار في تلك المناطق، حماية لحقوق الأسر من قاطنيها، لافتاً إلى أنه يمكن إيجاد سكن للعزاب في المناطق التجارية والاستثمارية، وبذلك نكون حافظنا على التنظيم الإداري للمناطق السكنية بشكل عام، مضيفاً: فلا بد من حصر هذه التجمعات والحد منها، مؤكداً على ضرورة الإسراع في وضع آلية تضمن عدم وجود العزاب وسط العائلات لتنتهي معاناة مستمرة لعدد كبير من السكان فضلاً عن الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لهذا الأمر، وذلك في ظل زيادة نسبة العقارات المؤجرة من «الباطن» لأشخاص آخرين أو شركات تعمل في مجال العقارات.
تفعيل القانون
ويشير ملهم حايك: إلى أنه لا بد من تفعيل قرار منع سكن العزاب وسط الأحياء السكنية بشكل تام خاصة أن هناك قانوناً يحظر سكن تجمعات العمال والعزاب داخل مناطق سكن العائلات والذي جاء ثمرة لسلسلة من الدراسات الاجتماعية التي قامت بها الدولة، إلا أن الكثير من العمال ما زالوا يقيمون وسط الأحياء السكنية ذات الكثافة الأعلى للعائلات.

وأضاف: الإمارات من أوائل الدول بالمنطقة تشجع على إنشاء مدن للعمال، وهو ما يعكس حرص الجهات المسؤولة على توفير مستوى معيشي مناسب للعامل البسيط، وتوفير الخصوصية للعائلات.
عقود الإيجار

وتوضح فايزة فلاح: أن بعض أصحاب البنايات السكنية يقومون بتخصيص شقق للعزاب، خاصة أن أسعار الإيجار للعزاب تفوق نظيراتها للعائلات، فالمالك يقوم بتقسيم الشقة على عدد الأفراد على خلاف تأجيرها لعائلة. لذلك من الضروري التصدي للظاهرة عن طريق التدقيق في عقود الإيجار قبل التسجيل من قِبل الدولة ومعاقبة كل من يتعدى على خصوصية العائلات.
كما أن الزيادة في سعر إيجارات شقق العزاب وراء غالبية حالات سكنهم في قلب العمارات السكنية، فالشقة التي يتم تأجيرها بـ 70 ألف درهم للعائلة يمكن أن تصل إلى 90 ألف درهم لمجموعة من العزاب، وتجلت هذه الظاهرة بعد قانون منع سكن العزاب في الأحياء السكنية، خاصةً مع البحث الدائم من قبل العمال عن مسكن داخل المدن والأحياء ليكون قريباً من غالبية الخدمات.
تحايل مقصود

وتقول جويس وايت إن بعض العزاب يقومون بالتحايل على الملاك بإيهامهم بأنهم متزوجون وأن عائلاتهم سيحضرون للدولة، ليتفاجأ المالك بعد التوقيع أن عقده هو للعازب، ولا يمكنه اللجوء للقضاء لأن البنود لا تشترط أن يكون الساكن عائلة، مؤكداً ضرورة التنبه لوضع شرط يضمن للمالك حق اللجوء للقضاء في مثل هذه الحالات، أي أن يتضمن العقد المبرم بين المستأجر والمؤجر شرطاً يؤكد أن الشقة لعائلة، وعليه لا بد من تخصيص بنايات للعزاب بعيدة تماماً عن سكن العائلات، فوجود بنايات مخصصة لسكن العمالة والعزاب لا يعتبر تعدياً على خصوصية العائلات، بعكس مزاحمة العزاب للمتزوجين في بناية واحدة تقيد من حركتهم، خاصةً مع الاختلافات الواضحة في أسلوب حياة كل منهم.
فوضي الأخلاق

ويؤكد وليد كفاح أن هناك تصرفات وسلوكيات من بعض العزاب لا تناسب عاداتنا وديننا، ونخشى من خلالها أن يحاصرنا العزاب في بيوتنا، ملمحاً إلى أن انتشار العزاب يثير الفوضى، فالكثير منهم لا يراعون مشاعر وشعور وظروف الآخرين، حيث السهر الطويل والصراخ والإزعاجات التي تسبب حالة من القلق للعائلات، ومع تقديري لحق العزاب في السكن اللائق، لكن وجودهم وسط العائلات يسبب العديد من المشكلات للأسر، لأن الرجال يذهبون إلى أعمالهم طيلة النهار ويتركون النساء والأطفال وحدهم في البيوت وسط العزاب وهذا أمر غير لائق، متسائلاً عن مدى جدية حملات التفتيش التي تقوم بها البلدية، وهل يتخذون العقوبات والإجراءات اللازمة بحق المخالفين.
العازب الموظف

وتوضح هبة فتحي: أن الاختلاط في سكن العزاب أحد أهم المخالفات، وهو يكثر بين بعض الجاليات الوافدة، وهناك نوعان من العزاب هما العازب العامل، والعازب الموظف أو المهني، سواء كان طبيباً أو مهندساً أو ذا وظيفة مهنية وفنية، ويمنع منعاً باتاً سكن العمال في المناطق السكنية والمناطق السكنية التجارية، ويسمح لهم بالسكن في المناطق الصناعية فقط، أما العزاب المهنيون فيمكنهم السكن في البنايات الخاصة بالعائلات إذا حصلوا على موافقة مالك البناية على ذلك، أي إذا وافق مالك البناية على التأجير لهم.
60
حررت بلدية أبوظبي أكثر من 60 مخالفة، وتوجيه أكثر من 19 إنذاراً في حق المخالفين لقانون إشغال الوحدات السكنية، خلال العام الماضي 2016 لمكافحة ظاهرة التكدس السكاني في أبوظبي ومراكزها الخارجية، لتشمل هذه الحملات جميع المناطق الواقعة، ضمن نطاق اختصاصات بلدية أبوظبي، على محورين، الأول استهدف الوحدات السكنية، والفلل والبيوت العادية، والمحور الثاني ركز على مساكن العمال الدائمة والمؤقتة.
رصد
تشرف بلدية دبي على أكثر من 100 ألف مبنى قائم، بأنواعها المختلفة من مبان متعددة الطوابق ومباني خدمات ومباني صناعية وفلل سكنية وغيره، وتقوم برصد ومعالجة الأنواع المتعددة للمخالفات، وتقوم بتوجيه الإنذارات والتوجيهات للمتعاملين، لتصحيح الأوضاع، للحد من إقامة المباني العشوائية والإضافات والتقسيمات دون الحصول على رخصة من البلدية مخالفات سكن العزاب في المناطق المخصصة للعائلات أو تعدد العائلات في فيلا واحدة.
200
ينص القانون رقم 1 لسنة 2011، بشـأن تنظيم إشغال الوحدات السكنية على تغريم المخالف، بمبلغ يتراوح ما بين 10.000 درهم وبين 100 ألف درهم سواء كان مالكاً أو مؤجراً أو مستأجراً أو شاغلاً أو أي جهة توفر السكن للعاملين لديها.
وفي حال تكرار المخالفة فتبدأ المخالفة من 100 ألف درهم، ولا تزيد على 200 ألف درهم، وفي كلتا الحالتين يمكن للمحكمة أن تقضي بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف، وإخلاء الوحدة السكنية.
خصوصية
نتيجة للحملات المكثفة والمفاجئة، التي تقوم بها لجنة العزاب بدائرة البلدية والتخطيط في عجمان تم القضاء على انتشار ظاهرة تسكين العزاب في عجمان بنسبة 60 % في كل أنحاء الإمارة، وإعلان مناطق مشرف والجرف والزهرة مناطق خالية من العزاب، حيث تشكل إقامتهم وسط الأحياء السكنية مشاكل حقيقية، يخشى أولياء الأمور منها على أبنائهم، وتمس الجميع مواطنين ومقيمين في المحافظة على خصوصيتهم، واحترام العادات والتقاليد، وترتبط بمنع الجرائم المرتكبة من قبل البعض منهم تجاه الأهالي.
انخفاض الشكاوى في الشارقة

شهدت إمارة الشارقة انخفاضاً في عدد الشكاوى من سكن العزاب بمناطق العائلات، ما يؤكد انحسار الظاهرة في مناطق الأحياء السكنية بالشارقة مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تم تسجيل 2553 مخالفة خلال 2015 وتم حصر 20 ألفاً و307 مساكن يتم التفتيش عليها باستمرار، للتأكد من التزامها بالقوانين والتشريعات الخاصة بالبلدية، وأشارت البلدية إلى استمرار مساعيها في حملاتها التفتيشية المنظمة والمفاجئة، بالتنسيق مع الدوائر الحكومية المختلفة، لتوقيع العقوبات على المخالفين وفق القانون، ما أدى إلى انخفاض نسبة المخالفات عن عام 2014 بنسبة أكثر من 48%، حيث بلغ عدد المخالفات 4870 في عام 2014، لا سيما أن البلدية تفرض غرامة مالية على المخالفين تراوح بين 300 و500 درهم، وفي حال تكرار المخالفة من قبل الأشخاص تتم مضاعفتها.
صفحة تناقش اهتمامات القراء وتتفاعل معهم
