ترتبط بالموروث الشعبي والبيئي لأبناء الإمارات

أوراق «الغاف» غذاء ودواء

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تروي غاية الظاهري، الباحثة في الوثائق الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة، أن شجرة الغاف ترتبط ارتباطا وثيقا بالموروث الشعبي والبيئي لأبناء دولة الإمارات بشكل عام ومدينة العين بشكل خاص، فهي الشجرة الصديقة لهم، وكسبت هذه الشجرة المعمرة مكانة مميزة وتحت ظلالها الوارفة عقدت أهم الاجتماعات واللقاءات، واتخذت أصعب القرارات تشهد عليها منطقة عود التوبة في مدينة العين التي استمدت اسمها من شجرة الغاف، التي مازالت تقف شامخة وشاهدة على مرحلة مهمة من التحولات التاريخية، وتقع أمام دوار قصر المضيف من جهة مدخل البريمي، ولعب الأطفال على أغصانها أجمل الألعاب وعاشوا أحلى الذكريات، وعلى موائدهم كانت أطباق سلطة «المجيجة» من ألذ الأطباق، ومن عصير ومسحوق أوراقها كان العلاج من العديد من الأمراض.

وكان المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان المؤسس والباني لدولة الإمارات، قد أصدر قوانين وتعليمات بمنع قطع شجر الغاف، ولها طرق خاصة في التقليم ولكل مرحلة من مراحل عمرها ونموها اسم خاص.

علاقة وطيدة

فيما مضى، كانت شجرة الغاف المحصول الثابت الذي لا ينضب أبداً مصدر غذاء ضرورياً للناس والحيوانات الأليفة والأحياء البرية، وفي شهور الصيف الحارة، وخصوصاً خلال فترات الجفاف الشديدة، عرفت الغاف بكونها المصدر الوحيد للغذاء والظل لمختلف الأحياء البرية والحيوانات الأليفة.

ترجع العلاقة مع شجرة الغاف الى حياة البداوة في الصحراء. وبسبب خصائصها وفوائدها كملجأ ومصدر غذاء ودواء الإنسان والحيوان الذين يعيشون في الصحراء، فإن البدو يعتبرون شجرة الغاف عضواً مهماً في العائلة وذات مكانة متميزة، وقد لعبت دورا مهما مكملا لنمط الحياة البدوية، كانت معظم مخيمات الإبل والجمال تقع دائما في بساتين الغاف. كما أنها المأوى الوارف الذي يستظل بفيئه الإنسان والحيوان في شهور الصيف الحارقة.

والواقع أنه لطالما اعتبرت شجرة الغاف بمثابة النسخة الطبيعية لتكييف الهواء، فإن الناس يستعملون خشب شجر الغاف في بناء البيوت المسقوفة، حظائر الماشية، المجاري وغيرها، بالإضافة الى استخدام أخشاب أشجار الغاف الميتة كحطب وقود للشواء. جمال أشكالها وقوة تحملها وطول فترة بقائها أكسبها مكانة ومقرا في المدينة بوصفها أشجار للزينة.

حماية البيئة

تنمو شجرة الغاف منفردة أو على شكل مجموعات وغابات صغيرة، وتمتلك قدرة عجيبة على التأقلم المثالي مع البيئة الصحراوية القاحلة. ويساعدها على ذلك، نظام شامل ورائع يتمثل في طبيعة جذورها التي يُمكن أَن تصل الى أعماق بحدود 30 مترا للامتصاص المياه الجوفيّة،. كما ان نبتاتها المكشوفةَ تتطور عند انكشافها للهواء فتعمل على تخصيب التربة عن طريق إطلاق النيتروجين. إضافة إلى ذلك، قدرتها على مُقاومة الجفاف لفترات طويلة والملوحة العالية، يبقيها دائمة الخضرة على مدار العام وهي مميزات تضعها في مرتبة عالية في نظام البيئة الصحراوية.

خصائص ومسميات

يمكن أن تنمو أشجار الغاف الى ارتفاع 25 مترا، أما في الصحراء القاسية، فمعظمها يستغرق وقتا طويلا للنمو الى ما يصل ما بين 8-12 مترا فقط. في سنوات النمو السبع الأولى، فهي تنمو بارتفاع لا يتجاوز الـ70 سم في خلال خمس سنوات، يمكن لشجرة الغاف أن تعيش 100 عام على الأقل.

ولشجرة الغاف أسماء بحسب مراحل عمرها حيث تسمى في صغرها بالحضيب، ثم ان ترعرعت وكبر عودها سميت نشوة، ثم تسمى عودا، كما تسمى بالغاف وتسمى مجموعة الغاف كذلك أعودا أو كيلة،

وكسبت شجرة الغاف اهتماما سكانيا كبيرا، حيث اطلق اسمها على الأشخاص مثل «أم أغافة» و«غافان» و«غويفة» بوحضوب، وأم غافة، وغافن، وغويفة، وأعواد الشويهي، وعلى بعض المناطق والطرقات والمدارس، وزارة التربية والتعليم أطلقت اسم الشجرة على مدرستين هما: مدرسة عود التوبة ومدرسة أم غافة بمنطقة العين.

غذاء ودواء

سلطة «المجيجية»، تعتبر من أهم أطباق السطلة المحلية، التي كانت تتصدر موائد الطعام، حيث تستخدم أوراقها الغضة الطرية، ويضاف إليها بعض منتجات الألبان والروب، والسمك المجفف «جاشة»، وهي ذات قيمة غذائية عالية، كما أن مسحوق أوراقها يغلى بالماء وتأخذ عصارته كدواء الإيقاف حالة الإسهال، وثمار الغاف عندما تزهر تسمى «خرط» وثمارها تسمى «حتيل»، وهي على شكل قرون كما البازلاء وطعمها حلو، حيث كانت الناس تصنع منها عصيدة الحتيل، حيث تجمع القرون وتنظف وتسحن ويستخرج من مسحوقها طحين يستخدم في صناعة العصيدة، بعد اضافة اليانسون والدهن، وكانت طيور «الرعابي» تعشش فوق أغصانها.

طريقة التقليم

طريقة تقليم شجر الغاف لها مواسم وادوات وطريقة خاصة في تقليم الأطراف دون قطعها كما هو الحال باستخدام المناشير الكهربائية والديزل، فيما يجب ان تستخدم الأدوات المحلية في عملية «تحليل» الشجرة، وهي قص الأغصان الصغيرة الطرفية وليس الكبيرة.

Email