أكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير دولة الرئيس التنفيذي لـ"مصدر" أن الإمارات اتخذت في السنوات الأخيرة خطوات مهمة لتعزيز استدامة استخدام موارد الطاقة والمياه، حيث اعتمدت معايير إلزامية متعلقة بكفاءة الطاقة والمياه في المباني والأجهزة المنزلية وقطاع الزراعة..

 كما تم اعتماد أوائل برامج إنتاج الطاقة منخفضة الكربون في المنطقة مثل مشاريع رائدة في مجال الطاقة المتجددة والتقاط الكربون وتخزينه، ومشاريع الطاقة النووية، إضافة إلى تأسيس "مصدر" التي تعتبر من أكثر المبادرات ريادةً في مجال التنمية الاقتصادية الاستراتيجية والتي تقوم بالاستثمار في البحث والتطوير وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة في شتى أنحاء العالم، بما في ذلك محطة "شمس 1" للطاقة الشمسية المركزة في أبوظبي.

ومصفوفة لندن لطاقة الرياح في المملكة المتحدة. جاء ذلك في كلمة له خلال جلسة نقاش رفيع المستوى تحت عنوان "حلول عمليّة للتنمية المستدامة وتغير المناخ في ظل الترابط بين أمن الطاقة والمياه" استضافتها دولة الإمارات بالتعاون مع رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 مايو الحالي بالمقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك.

توازن دقيق

وشارك الجابر بإدارة الجلسة وأعرب في كلمته عن تقديره لتعاون الأمم المتحدة مع دولة الإمارات في تنظيم الحدث وقال: "تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية العمل لضمان التوازن الدقيق المطلوب بين النمو الاقتصادي والاجتماعي من جهة، والموارد المحدودة لكوكب الأرض من جهة أخرى.. فمن دون هذا التوازن، لن نستطيع بناء مستقبل مستدام لأجيال الغد..

ويقوم هذا التوازن على عنصرين حاسمين هما الطاقة والمياه، فمن دونهما، لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية ولا يمكن مكافحة الفقر وتفادي نشوب النزاعات.. ولقد قامت قيادتنا الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاق عدة مبادرات تهدف إلى تحويل هذه التحديات إلى فرص مجدية".

طاقة متجددة

ونوه إلى أن دولة الإمارات تقوم بدعم مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث يعتبر صندوق الشراكة مع دول المحيط الهادئ، الذي تبلغ قيمته 50 مليون دولار نموذجاً على هذه الجهود.. ويعمل الصندوق على تمويل مشاريع توليد الطاقة المتجددة في البلدان الجزرية المطلة على المحيط الهادئ بما يسهم في دعم مبادرة الطاقة المستدامة للجميع التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة.

وأضاف معاليه إنه علاوة على ذلك، تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة "أسبوع أبوظبي للاستدامة" في يناير من كل عام والذي يوفر منصة عالمية رفيعة المستوى تجمع قادة عالميين ضمن مجموعة من المؤتمرات والفعاليات التي تناقش الترابط بين أمن الطاقة والمياه، بما فيها "القمة العالمية لطاقة المستقبل" و"القمة العالمية للمياه".

وتقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بدور فاعل في تحديد أجندة التنمية لما بعد عام 2015، بما في ذلك المشاركة في مجموعة العمل المفتوحة للأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة.

دور حاسم

وشارك في الجلسة مسؤولون حكوميون من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وممثلون عن مختلف الجهات والأطراف المعنية.. وأكد المشاركون خلالها أهمية الترابط بين قطاعي الطاقة والمياه ودورهما الحاسم في تحقيق التنمية المستدامة.

وتناولت جلسة النقاش المبادرات التي تعهدت بها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في مجالات متعددة منها التصدي لتحديات إدارة الطلب على الطاقة والمياه، ومظاهر تغير المناخ وكيفية الحد منها، والأهداف والأُطر الدولية في مجال الطاقة والمياه، وأولويات التنمية العالمية لما بعد عام 2015، والدور المهم لكل من الابتكار العلمي وصياغة السياسات الجديدة والتطورات التكنولوجية في مجال الطاقة المستدامة وإمدادات المياه، إضافة إلى سبل تحفيز الاستثمار والتعاون وتحسين كفاءة استخدام الموارد والحد من انبعاثات الكربون.

وفي الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح جلسة النقاش، أعرب فوك جيريميك، رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، عن "خالص الشكر والتقدير الجزيل إلى الإمارات العربية المتحدة التي بذلت جهوداً كبيرة معنا لتنظيم هذه الجلسة رفيعة المستوى".

تعزيز الحوار

وكان للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، كلمة ألقاها بالنيابة عنه وو هونجبو، مساعده للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وشدد فيها على أهمية تعزيز الحوار من أجل ضمان أمن الطاقة والمياه وتحقيق التنمية المستدامة.

وأكد بان كي مون أن ضمان الوصول إلى الطاقة والمياه يشكل عاملاً حاسماً للحد من الفقر والارتقاء بمستويات الرعاية الصحية وتحقيق التنمية المستدامة.. وقال "علينا توسيع آفاق الأفكار المطروحة والتحلي بنظرة شاملة كي نضمن الاستغلال الأمثل للموارد إذ إننا بحاجة إلى حلول عملية قادرة على بناء عالم أكثر استدامة وضمان النمو المستمر وتحقيق الازدهار مع المحافظة على البيئة وحمايتها".

وشارك في جلسة النقاش ممثلون رفيعو المستوى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من الشركات والمؤسسات الأكاديمية.

مشاركة رفيعة

وكان من المشاركين في جلسة النقاش إيزابيلا تيكسيرا، وزيرة البيئة في البرازيل؛ ويانز بوتوكنيك، المفوض الأوروبي للبيئة؛ ورزان خليفة المبارك، الأمين العام لهيئة البيئة ـ أبوظبي؛ وعدنان أمين، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" والبروفيسور جيفري ساكس، مدير حلول الشبكات التنمية المستدامة للأمم المتحدة ومعهد الأرض بجامعة كولومبيا .

والدكتور راجندرا كومار باتشوري، رئيس الفريق الدولي المعني بتغير المناخ والمدير العام لمعهد الطاقة والموارد؛ ويوهان روكستروم، المدير التنفيذي لمعهد المرونة في استوكهولم، وسامانثا سميث، مديرة الصندوق العالمي للطبيعة وتغير المناخ العالمي ومبادرة الطاقة وجيف سيبرايت، نائب رئيس البيئة والموارد المائية لدى شركة كوكا كولا.

منهجية شاملة

وشدد النقاش على أهمية تبني منهجية شاملة ومتكاملة تضمن التوزان بين الطاقة والمياه باعتبارهما أهم ركيزتين للتنمية المستدامة.. فالمياه ضرورية لاستخراج الطاقة وتوليدها.. كما أن الطاقة ضرورية لمعالجة المياه وتنقيتها ونقلها. وأكد المشاركون ضرورة مواصة العمل وبذل الجهود لتحقيق التقدم المنشود، إذ لا يزال نحو 3ر1 مليار نسمة يفتقدون إلى مصادر الطاقة كما يعاني 5ر3 مليارات نسمة من ندرة موارد المياه النظيفة.

ودعا المتحدثون إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية مشددين على اعتماد منهجية عمل جديدة ذات بصمة كربونية منخفضة.. مؤكدين أن النمو السكاني المتوقع خلال العقود المقبلة سيزيد من الضغوط على الموارد المحدودة، لذا ينبغي أن يكون الترابط بين الطاقة والمياه من أهم أهداف التنمية لمرحلة ما بعد عام 2015.

فرص متاحة

أوضح معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر أن هذا النقاش رفيع المستوى نجح في تسليط الضوء على الفرص المتاحة مثل تعزيز انتشار مشاريع الطاقة المتجددة، وابتكار آليات جديدة للتمويل، وتعزيز كفاءة الموارد، والتخطيط المتكامل للتشريعات والسياسات، فضلاً عن الفرص الكبيرة لنمو قطاع الطاقة المتجددة في إفريقيا والشرق الأوسط".

وقال "تؤكد مشاركة دولة الإمارات في تنظيم هذه الجلسة على التزامنا المستمر تجاه مبادرات التنمية المستدامة والتركيز على الطاقة المتجددة والترابط بين الطاقة والمياه سواء على المستوى المحلي أو العالمي". وضم وفد دولة الإمارات العربية المتحدة المشارك في جلسة النقاش كلا من إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية، ووزارة الطاقة، والبعثة الدائمة لدولة الإمارات في الأمم المتحدة، وهيئة البيئة ـ أبوظبي، و"مصدر"، و"معهد مصدر". وقام تلفزيون الأمم المتحدة على الإنترنت بنقل وقائع جلسة النقاش على الهواء مباشرة.