بعد إنهاء الدراسة في الجامعة، ينتظر الخريج معارض التوظيف بشغف عله يجد خلالها وظيفة مناسبة ترضي طموحه سواء أكانت في القطاع الخاص أم في إحدى الجهات الحكومية، وما أن تطأ قدماه أرض المعرض ينتابه شعور بالتفاؤل إزاء عدد الشركات والجهات معولاً الكثير من الآمال بعد أن أعلن القطاع الخاص رغبته وأبدى استعداده في استقبال أكبر عدد من المواطنين.

هذا السيناريو يتكرر عند إقامة معارض التوظيف مع اختلاف ثقة الجمهور بالوعود التي تقدمها الجهات، فالبعض يرى أنه لا جدوى من البحث عن عمل في معارض التوظيف باعتبار أن الشركات تبحث عن الدعاية والترويج. ومع إعلان عام 2013 عاماً للتوطين، همت طالبات جامعة زايد بدبي في معرض التوظيف 2013 بالجامعة، في البحث عن وظائف في شركات خاصة تتنافس في الامتيازات والحوافز التي تقدمها للمواطنين، بعد أن أدرك الجميع أهمية القطاع الخاص كونه حقلاً للخبرات وبيئة مناسبة لتطوير المهارات.

الحاجة لخريجي الهندسة

يقول أحمد ثاني الرميثي رئيس قسم توظيف المواطنين في أدنوك ومجموعة شركاتها، إن الشركة وظفت في معارض أقيمت سابقاً مجموعة من الطلبة والباحثين عن عمل، وعينت العام الماضي 2500 مواطن ومواطنة، وتسعى الشركة هذا العام إلى توظيف نحو 2700 مواطن في سرب المجموعة، مفيداً أن هذه الأعداد شملت خريجي الجامعات والكليات إلى جانب خريجي القسم العلمي من طلبة الثانوية العامة وخريجي معاهد التكنولوجيا التطبيقية، حيث بلغت نسبة التوطين حتى الآن 45 %. ويضيف إنهم في حاجة إلى خريجي الهندسة بمختلف تخصصاتها نتيجة ارتكاز نشاط الشركة على الوظائف الفنية في قطاع النفط والغاز، ومن الطبيعي أن تكون نسبة الشباب في هذه الوظائف هي العظمى بسبب صعوبة إيقاع العمل على الإناث، لافتاً إلى أن ابتعاد موقع العمل عن البيت أهم العوامل الطاردة التي لاحظها أثناء استلام الطلبات في المعرض.

سوق العمل

وفيما يتعلق بتوجيه الطلبة نحو احتياجات سوق العمل، يؤكد الرميثي أن ثمة معارض تقام باستمرار لتعريف الطلبة بأهم الوظائف التي تفتقر إلى المواطن، ولاحظوا أن الرغبة متوفرة لدى الطلاب في الانخراط بالوظائف الفنية على خلاف الطالبات اللاتي يرغبن في الالتحاق بالوظائف الإدارية.

ويوضح أن سقف الراتب الشهري لخريج الثانوية الملتحق بالعمل يبدأ من 20 ألف درهم، ويحصل بعد عام من تعيينه على علاوة السكن وترقية، كما يحصل على تفريغ للدراسة إذا كان مستوى الأداء عالياً، منوهاً إلى أن أيام العمل والإجازات متباينة باختلاف الوظيفة ومكان العمل.

استلام عشوائي

الطالبة خلود محمد، تشير إلى أنه يجب على الشركات عدم استلام الطلبات بشكل عشوائي، وعرض البدائل التي تناسب الباحث عن عمل في حال تعذر الحصول على ما أراد، مشيرة إلى أنها لم تجد الوظيفة التي تنسجم مع تخصصها "العلاقات الدولية"، وبحثت عن شواغر في العلاقات العامة ووظائف قريبة من تخصصها في الجامعة.

وتشك خلود في صحة ما يصرح به بعض المسؤولين بالنسبة لاعتماد توظيف أعداد ضخمة من الخريجين عبر معارض التوظيف، وتصف ما يردده بعض المسؤولين عن أرقام التعيين عبر الإعلام بأنها زائفة قياساً بما تستنتجه في تجربة الخريجات في معارض التوظيف، إذ تحتاج العملية إلى جهة رقابة تتفقد حقيقة الأرقام التي تعلنها الجهات عن التوطين.

ولا تجد الطالبة رحمة إسماعيل فرقاً بين العمل في القطاع الحكومي أو الخاص، بل تجد العمل في القطاع الخاص هي الخطوة الأولى للخريج كونه يفتقر إلى الخبرة والكفاءة المهنية، لذلك يعتبر الكثيرون العمل في القطاع الخاص جسر عبور للوصول إلى القطاع الحكومي، مؤكدة أنها تنأى عن التفكير بهذا المنطق وتعتزم العمل في وظيفة تناسب تخصصها الجامعي.

ولا تمانع رحمة الالتحاق بالعمل في القطاع الخاص، وإنما ترحب بشدة بانضمامها في هذا القطاع كونه يساهم في تطوير لغة العصر لديها، كما أنها لا تعير ساعات العمل الطويلة في المؤسسات الخاصة أهمية، مفيدة أن العمل مع الموظفين الأجانب من العيوب التي ترصدها على القطاع الخاص، محبذة العمل في بيئة تزخر بالكوادر الوطنية.

وترى أن طالبات الجامعات والكليات بصفة عامة لديهن الرغبة في العمل قبل انتهاء الدراسة، وتستشف هذه الحقيقة عبر زيارة الطلبة لمعارض التوظيف قبل التخرج بأشهر لمعرفة حجم العرض في سوق العمل، وارتفع مستوى الوعي بين الجميع فيما يتعلق بالعمل في القطاع الخاص باختلاف المهن، وما عزز رغبة الأفراد نحو هذا القطاع مبادرة "أبشر" التي تقتضي تقديم المزايا والحوافز للمواطنين العاملين.

كما تؤكد ميسون علي طالبة، أن توجيهات القيادة وتشجيعها للمواطن ساهم في غرس الثقة بالمواطن، والدليل تقاطر الكثير من الطالبات أمام أجنحة المعرض لاسيما الشركات الخاصة التي كانت تشكو من عزوف المواطنين عنها، وتغير هذا المشهد بالكامل بعد أن أدرك المجتمع أهمية العمل في القطاع الخاص. بيئة عمل 5 نجوم تجذب الطالبات

أكد عاطف أحمد مدير الموارد البشرية في مجموعة الحبتور، أن نظرة المواطنين السلبية تجاه القطاع قد تغيرت في السنوات الأخيرة، وأدرك الجميع أن هذا القطاع ذو أهمية في اكتساب المهارات الشخصية وصقلها مثل تعلم اللغة الانجليزية، ما عزز من دافعية الطلبة نحو القطاع الخاص عبر معارض التوظيف تثبت هذه الحقيقة.

امتيازات

وتحرص المجموعة على تقديم امتيازات تخص المواطنين العاملين مثل الخصم 30 % على جميع خدمات ومنتجات الشركة بما فيها شراء السيارات أو استئجارها والفنادق والحصول على مكافآت مالية أعلى من الموظفين الباقين والحصول على بدل تذكرة سفر، لاسيما وأن المجموعة أبرمت عقداً مع مبادرة «أبشر» لخدمة المواطنين العاملين.

ويرصد مدير الموارد البشرية في مجموعة الحبتور اهتمام الطالبات المتأرجح بين وظائف الموارد البشرية والاتصال والإعلام، وبالرغم من هذا الاستنتاج إلا أنه يؤكد أن الإناث أكثر تفاؤلاً بالعمل في القطاع الخاص، كما تسعى الشركة إلى توطين 100 مواطن هذا العـام.

مقياس

مي البوفلاسة مسؤولة علاقات المجتمع في مجموعة الحبتور، تقول: إن بيئة العمل سواء كانت في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي هي المقياس الذي يجب النظر إليه بعيداً عن الحوافز المالية وساعات العمل، وحري بكل شركة أن تجد امتيازات تضمن بها أريحية الموظف كي يرتفع معدل الإنتاج وجودته، ما يزيد في انتماء الفرد للمؤسسة التي ينتمي لها.

وتعكف مجموعة الحبتور إلى توفير جملة من المميزات لموظفيها مثل توفير صالة رياضية راقية للرجال وأخرى للنساء، تحفيزاً للموظفين نحو ممارسة الرياضة وحرصاً على اختصار الوقت لمن يجد صعوبة في ممارسة الرياضة بعد الخروج من الشركة، إلى جانب توفير مصلى ضخم يضم أعداداً كبيرة من المصلين.

علاوة على ذلك، توفر الشركة وجبة غداء للموظفين عالية الجودة يومياً مجاناً، كما حرصت الشركة على تأسيس مدرسة مجاورة كي يسهل على الموظفين متابعة أبنائهم عن كثب، لاسيما وأن الكثير من المتزوجين يرفضون العمل في القطاع الخاص كي لا يكونوا بعيدين عن أبنائهم، وساهمت فعلاً هذه المزايا في تحقيق الرضا للمواطن عن العمل في الشركة إلى جانب الموظفين الآخرين.

تفريغ

وتشدد على ضرورة التفات القطاع الخاص إلى قضية التفريغ للدراسة، فالكثير من المواطنين ينضمون إلى الشركة بشهادة ثانوية عامة، وبعد مرور الوقت يطالب الكثير من الموظفين بالحصول على تفريغ لتكملة الدراسة، وشاع في أوساط الشباب أن معظم الشركات لا تمنح الفرصة للموظف كي يستكمل الدراسة، مشيرة إلى أن تراعي هذه النقطة وسمحت للبعض بالعمل صباحاً والدراسة في المساء، وثمة نماذج استفادت من هذه الفرص.

تجربة أولى

 

تقف الخريجة إيمان السويدي حائرة بين جدية الشركات في تقديم الوظائف من خلال معارض التوظيف، ولم تترك التجربة الأولى مع معارض التوظيف مساحة للتفاؤل، إذ قدمت في أحد معارض التوظيف قبل أشهر للعمل في شركات ومؤسسات كثيرة، وأبدت الكثير من الجهات استعدادها كي تنضم إلى طاقم العمل، ولم يتصل أحد منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، مؤكدة أن غالبية الشركات لا تبحث من معارض التوظيف سوى الدعاية والترويج لشركاتها.

وتشاطرها الرأي الطالبة شيخة الشامسي، وتضيف أنها كشفت عن نوايا غير صادقة لبعض الشركات أثناء تقديمها لعشرات الجهات للالتحاق بالعمل في وظائف متواضعة وبسيطة في قسم المبيعات وخدمة العملاء وغيرها، ورغم هذه المحاولات المكثفة للحصول على الوظيفة لم تبادر أي جهة بالاتصال. إقبال الطالبات على جناح فلاي دبي

في جناح فلاي دبي في معرض التوظيف داخل جامعة زايد في دبي كان الإقبال كبيرا عليه من قبل الطالبات لثقتهن بوجود شواغر وفرص عمل للخريجات لأن بيئة العمل ملائمة لهن بعد تدريبهن وإجادة العمل المطلوب منهن خاصة وان الذين تم تعيينهم سابقا أثبتوا جدارتهم وتبوأوا مناصب ادارية عالية.

المتحدث باسم فلاي دبي قال: إن الناقلة سعت لتوطين حوالي 20% من وظائفها خلال العام المنصرم، وعلى الرغم من عمر الناقلة القصير إلا أنها تعد بيئة عملٍ جاذبة، فعلى سبيل المثال استقبلت الشركة 80 ألف طلب توظيف من باحثين عن عمل خلال عامها الأول، كما استقبل جناح الشركة خلال معرض التوظيف في جامعة زايد طلباتٍ عدة لطالبات من تخصصات العلاقات العامة وتقنية المعلومات، وتندرج هذه التخصصات ضمن احتياجات الشركة المتمثلة في توطين الوظائف المالية والإدارية، وستنظر الشركة في جميع طلبات الالتحاق وستختار الكفاءات الأنسب حسب المعايير المعتمدة .

ويضيف إن عدد العاملين في فلاي دبي بعد مرور 3 سنوات من بدء العمليات بلغ نحو 1600 موظف ينتمون إلى أكثر من94 جنسية، والشركة حريصة على تواجد المواطنين الأكفاء ضمن فريق عمل يضم العديد من الجنسيات، وذلك في مختلف الدرجات الوظيفية، وتسعى باستمرار إلى استقطاب الكوادر الواعدة، وتوفير ما تحتاج إليه هذه الكوادر لينجحوا ويسهموا في نجاح الشركة".

ويذكر المتحدث أن كادر الشركة يضم نخبة من الكفاءات الوطنية في مناصب إدارية رفيعة مثل الرئيس التنفيذي ورئيس العمليات التجارية ورئيس قسم الشحن ورئيس قسم الشراكات والأرباح الجانبية، إضافة إلى الحضور الوطني القوي في الأقسام الهامة مثل الموارد البشرية والحجوزات وغيرها من الأقسام الحيوية.

ان أرقام طلبات التوظيف المقدمة للشركة دليل على الثقة بها وعلى تقديم خدمات متكاملة ضمن تخصصها، وهذا الاستقطاب للخريجين والخريجات سيبقى مستمرا ما دامت الشركة بحاجة الى أيادٍ عاملة ماهرة ، خاصة ان الشركة تتوسع في أعمالها سنويا.