أبدى نحو نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي قلقهم حيال تناقص وتدني أعداد المواطنين من إجمالي سكان الدولة، الأمر الذي دعاهم إلى دق ناقوس الخطر حول هذه المشكلة التي تتزايد باستمرار، دون أن تبحث الأجهزة والمؤسسات المعنية بالدولة عن حلول حاسمة لها، وإيجاد مخرج لقلة أعداد المواطنين.
وعلى الرغم من ان المشكلة قديمة إلا أنها متجددة، وتفرض نفسها على أرض الواقع، مع كل تعداد سكاني في الدولة، والذي يظهر انخفاض أعداد المواطنين، مقابل المقيمين في الدولة، حيث بلغ عدد سكان الدولة، وفقاً لآخر تعداد سكاني، وأحدث الإحصاءات 8 ملايين و260 الف نسمة، منهم 947 الف مواطن، أي بنسبة لا تصل إلى 12 % من اجمالي السكان.
ونظراً لأهمية القضية وما تفرضه من هواجس تؤرق المجتمع بمختلف فعالياته وقطاعاته، بادر المجلس الوطني الاتحادي إلى تقديم طلب لمناقشة سياسة الحكومة في زيادة أعداد المواطنين إلى مجلس الوزراء، الذي أصدر قراره بالموافقة على مناقشة الموضوع، وتكليف معالي الدكتورة ميثاء الشامسي وزير دولة بحضور جلسة المناقشة.
وقد تحمس 19 عضواً من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، البالغ عددهم 40 عضواً، بتقدم طلب المناقشة، وهو عدد كبير من الأعضاء يصل إلى نصف العدد، الأمر الذي يعكس ويؤكد مدى أهمية الموضوع وخطورته على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرها، لذا فإنهم كانوا حريصين على ان تبدأ الدورة الجديدة للمجلس، وعلى أجندته هذا الموضوع الحيوي.
مقدمو طلب المناقشة
وقدم طلب المناقشة، الأعضاء أحمد عبد الله الأعماش وأحمد محمد رحمة الشامسي وحميد محمد بن سالم وسلطان سيف السماحي وشيخة عيسى العري والدكتور عبد الله حمد الشامسي وفيصل عبد الله الطنيجي ومروان أحمد بن غليطة والدكتورة منى جمعة البحر والدكتور يعقوب علي النقبي وأحمد عبيد المنصوري وأحمد محمد بالحطم العامري وسلطان جمعة الشامسي والدكتور شيخة علي العويس وعائشة أحمد محمد اليماحي وغريب أحمد الصريدي ومحمد بطي القبيسي ومصبح سعيد الكتبي ونورة محمد الكعبي.
التركيبة السكانية ونقص المواليد
وقال الأعضاء في طلب المناقشة: (على الرغم من توفير الدولة للرعاية الصحية والاجتماعية للمواطنين بمستوى عال، إلا أننا نواجه مشكلة في نقص أعدادهم، حيث أصبحت العلاقة عكسية بين مشكلة التركيبة السكانية ومعدل الإنجاب في الأسرة الإماراتية، إذ كلما تفاقمت مشكلة التركيبة السكانية نقص عدد المواليد في الأسرة الواحدة).
وأضافوا أن الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الدولة وما صاحبها من تغيرات اجتماعية، انعكس صداها على الأسرة، وكانت عاملاً مهماً في حدوث ذلك، حيث أصبحت الأسر تعاني اليوم من مشكلات، أهمها الديون ومشكلات السكن والحصول عليه، إضافة إلى الغلاء المعيشي، وعدم كفاية بدل الأبناء لمواجهة متطلباتهم الحقيقية على النطاق المجتمعي، الأمر الذي أدى إلى خروج المراة للعمل، وما تولد عن كل ذلك من مشكلات جديدة، تمثلت في عزوف الشباب عن الزواج، وارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع، وكذلك ارتفاع معدلات الطلاق بين المواطنين، مؤكدين أن كل ذلك من شأنه أن يقلق أي مجتمع، لما لهذا الأمر من تأثيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية.
ونظراً لتشابك وتداخل أكثر من قضية وتأثيراتها السلبية في أعداد المواطنين، فإن الأعضاء حددوا محاور ثلاثة رئيسة لمناقشة الموضوع، يتناول الأول القضايا الاجتماعية المؤثرة في معدلات الإنجاب، والذي يتضمن ارتفاع نسبة العنوسة، وارتفاع معدلات الطلاق بين المواطنين، والمحور الثاني يدور حول القضايا الاقتصادية المؤثرة في معدلات الإنجاب، والذي يتضمن توفير السكن الملائم، وزيادة الموارد المالية المخصصة لصندوق الزواج، وزيادة المخصصات المالية المحددة للأبناء، والمحور الثالث والأخير يدور حول تطوير التشريعات المتعلقة بعمل المرأة.
دور المجلس
وقال أحمد عبيد المنصوري عضو المجلس الوطني الاتحادي، إن طلب مناقشة هذا الموضوع، يأتي انطلاقاً من دور المجلس التشريعي والرقابي على أداء الحكومة، نظراً لأهميته القصوى، وتأثير تناقص أعداد المواطنين على مختلف جوانب الحياة، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً، لذا بادر الأعضاء مقدمو الطلب إلى طرحه ووضعه على بساط البحث والنقاش مع الحكومة، من أجل الخروج ببعض البرامج والاستراتيجيات والخطط التي تساعد الحكومة على إيجاد حلول لها.
استراتيجية موحدة
وأضاف أن هناك أكثر من جهة مسؤولة ومعنية بهذا الموضوع، وعليها التعاون والتنسيق معاً لإقرار استراتيجية موحدة للتعامل معه، وأن يتم تفعيل بعض القوانين التي تشجع زيادة أعداد المواطنين وترجمتها على أرض الواقع.
بالإضافة إلى إقرار وسن التشريعات التي تساعد على تحقيق ذلك، مع طرح المبادرات والخطط التي تتعلق بالجانب الاجتماعي، وتتماشى مع الأعراف والتقاليد، مشيراً في هذا الصدد إلى ان هناك بعض القوانين مثل الموارد البشرية، لا تسمح للمواطن ان يكون لديه عدد كبير من الأولاد، وذلك بتقليل بدل الأبناء، الذي كان يصرف في السابق، الأمر الذي أدى إلى إحجام المواطنين عن الإنجاب.
تكاليف المعيشة
وأوضح ان الجانب الاقتصادي مهم جداً في هذه القضية، ويؤثر في المواطن، مثل عدم توفر السكن الملائم، وإقامة بعض المواطنين في شقق سكنية صغيرة لا تستوعب أعداداً كبيرة من الأولاد وارتفاع تكاليف المعيشة، الأمر الذي يتطلب البحث عن حلول لهذه المشكلة مشيراً إلى انه لو كل قطاع قام بالدور المنوط به، لساعد ذلك على زيادة أعداد المواطنين، من خلال تقديم حوافز لهم لتشجيعهم على وزيادة معدلات الإنجاب.
وأشار المنصوري إلى انه سيتم خلال بحث ومناقشة الموضوع دراسة تشجيع الطلبة على الزواج المبكر أثناء الدراسة في اللجنة المؤقتة المكونة من مقدمي الطلب، الأمر الذي يسهم في زيادة أعداد المواليد المواطنين الذي يشكلون مستقبل الوطن والاعتماد عليهم في عملية التنمية.
وأكد أن اللجنة ستركز كذلك على الآثار السلبية المترتبة للأنماط المعيشية الحديثة، والتي أدت إلى انشغال الزوج والزوجة في العمل لفترات طويلة، ما يؤثر في الإنجاب وتربية الأولاد فيما بعد، كل ذلك يجعلنا حريصين على الخروج بخطة لزيادة أعداد المواطنين، تتماشى مع استراتيجية الدولة، وفقاً للمحاور التي سوف تتبناها اللجنة في مناقشتها للموضوع.
تيسير الزواج المبكر
وقال أحمد محمد رحمة الشامسي عضو المجلس الوطني الاتحادي ان الموضوع اجتماعي بحت، يتعلق بالتركيبة السكانية وتأثيراتها الاجتماعية، ولذلك طلبنا من الحكومة مناقشته من أجل مساعدة المواطنين على زيادة أعداد المواطنين من خلال تسهيل عمليات الزواج في سن مبكرة، بعد أن لوحظ في الفترة الاخيرة ان عدد كبير من المواطنين يتزوجون في سن متأخرة، للظروف الاقتصادية، وارتفاع تكاليف المعيشة.
وأضاف ان من الأفكار التي سيتم دراستها، بحث منح صندوق الزواج دعماً أكبر، وزيادة الميزانية والتخصصات المالية له، لزيادة قيمة منح الزواج، لتسهيل زواج المواطنين الشباب وتقليل سن الزواج إلى 23 او 24 سنة، بدلاً من وصوله حالياً إلى 28 سنة، كما سيتم بحث خلق الأجواء الملائمة والصحية التي تساعد المرأة على الاهتمام بأسرتها، مثل تيسير حصولها على اجازة الوضع ورعاية الأبناء وخروجها مبكراً إلى التقاعد.
وعدم ربط التقاعد بسن المرأة، بل بمدة خدمتها، لأنه في قانون الموارد البشرية يشترط تقاعد المرأة عن سن 50 عاماً، بشرط ان تخدم 20 عاماً، وهذا الربط غير عادل، ويؤثر سلبياً في استقرار الأسرة، حيث هناك نساء وصلن إلى عمر الاربعين، ومنهم من عمل وهن في سن 18 عاماً ولا يستطعن التقاعد، وهذا لا يتماشى مع التوجه لتوفير الأجواء المناسبة للمرأة، لكي تتفرغ لبيتها وأسرتها، وبما ينعكس على زيادة معدلات الإنجاب والمواطنين.
استطلاع آراء المجتمع
وأشار إلى أنه من خلال عمل اللجنة، سيتم طرح كافة الأفكار المتعلقة بالموضوع، وسيتم استطلاع آراء مختلف فئات ومؤسسات المجتمع، وخاصة الشباب والأسرة، ونحاول نقل رغبات المجتمع بشأن هذه القضية إلى الحكومة.
مستقبل الوطن
وقال علي عيسى النعيمي عضو المجلس الوطني الاتحادي إن الموضوع سبق وتحدث فيه الأعضاء عدة مرات لأنه يتعلق بمستقبل الوطن والتركيبة السكانية والخلل الموجود فيها، وينعكس على العديد من القضايا الاخرى، مثل زيادة نسبة العنوسة بين المواطنات وتأخر سن زواج المواطنين بشكل عام، وزيادة زواج المواطنين من اجانب وزواج المواطنات من غير المواطنين، كل هذه الأسباب جعلت الموضوع يتحرك في أروقة المجلس، وكانت من الأسباب لمناقشة الموضوع باستفاضة ورفع توصيات بشأنها إلى الحكومة لتكون عملية قابلة إلى التطبيق على المدى القصير والمتوسط والطويل.
إحالة 7 مشروعات قوانين وموضوعات عامة إلى لجان المجلس في الجلسة الأولى
أحال المجلس الوطني الاتحادي خلال جلسته الأولى من دور انعقاده العادي الثاني من الفصل التشريعي الخامس عشر، التي عقدها يوم الثلاثاء 6 نوفمبر 2012، إلى لجانه ثلاثة مشروعات قوانين وأربعة موضوعات عامة، تجسيداً لدوره في ممارسته اختصاصاته التشريعية والرقابية ومناقشة مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطنين.
وحرص المجلس خلال جلسته الأولى على إعادة تشكيل لجانه الثماني واختيار أعضائها، حيث أكد معالي محمد أحمد المر رئيس المجلس ضرورة أن تجتمع اللجان بأسرع وقت، وأن تنتخب رؤساءها، لتبدأ عملها في مناقشة جميع ما يحيله المجلس إليها.
ودعا رئيس المجلس إلى بذل كل الجهود، والعمل في هذا الاتجاه لتحقيق آمال المواطنين وتطلعاتهم في مجلس فعال في أَدائه، ومتفاعل عن قرب مع قضاياهم، وحاضر للتعامل بكفاءة واقتدار معها ومع مستجداتها، واضعين نصب أعيننا الوفاء بالأمانة التي شرفتنا بحملها قيادتنا الحكيمة، وأوكلنا إياها شعبنا العزيز.
وتم خلال الجلسة الأولى، إحاطة المجلس علماً بإحالة رئيس المجلس مشروع قانون اتحادي في شأن «الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة»، إلى لجنة الشؤون الخارجية والتخطيط والبترول والثروة المعدنية والزراعة والثروة السمكية.
ومشروع قانون اتحادي بشأن «التعليم الإلزامي»، إلى لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة، ومشروع قانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم الاتحادي رقم 2 لسنة 2004 «بشأن هيئة الإمارات للهوية»، إلى لجنة الشؤون الداخلية والدفاع.
وتنص المادة «84» من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي على «يعرض الرئيس على المجلس مشروعات القوانين الاتحادية المقدمة من الحكومة للنظر في إحالتها إلى اللجان المختصة، ما لم تطلب الحكومة النظر في المشروع على وجه الاستعجال أو يرى الرئيس أن له صفة الاستعجال مع بيان أسباب ذلك، فيحيله إلى اللجنة المختصة مباشرة مع إخطار المجلس بذلك في أول جلسة تالية، وتوزيع المشروع على الأعضاء برفقة جدول الأعمال».
ويختص المجلس وفقاً للدستور في النظر في مشروعات القوانين الاتحادية، حيث يمارس دوره التشريعي في مناقشة مشروعات التعديلات الدستورية ومشروعات القوانين الاتحادية، ومشروع الميزانية العامة للدولة ومشروعات حساباتها الختامية، وإبداء الرأي في المعاهدات والاتفاقيات الدولية»، وللمجلس أن يوافق على مشروعات القوانين أو يعدلها، أو يرفضها، وله أن يبدي ما يراه من ملاحظات.
إلزامية التعليم
وأكدت المذكرة التوضيحية لمشروع قانون اتحادي في شأن التعليم الإلزامي، أن التعليم هو أحد العناصر الأساسية في تقدم الشعوب، فقد كفله دستور دولة الإمارات وجعله إلزامياً، حيث نصت المادة 17 من الدستور على أن التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع، وهو إلزامي في مرحلته الابتدائية، ومجاني في كل مراحله داخل الاتحاد، ويضع القانون الخطط اللازمة لنشر التعليم وتعميمه بدرجاته المختلفة والقضاء على الأمية»، مشيرة إلى أنه وتأسيساً على ذلك فقد صدر القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1972 في شأن التعليم الإلزامي.
وبينت المذكرة أنه ونظراً لصدور المرسوم الاتحادي رقم 20 لسنة 2009 في شأن انضمام الدولة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي بدأ نفاذها في 2 سبتمبر 1990، ونصت المادة الأولى منها على أن لأغراض هذه الاتفاقية يعنى الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق»، الأمر الذي تطلب معه إعادة تنظيم تشريع التعليم الإلزامي، سواء من حيث المراحل التعليمية الإلزامية أو من حيث سن الإلزام، بما يجعله يتفق وأحكام اتفاقية حقوق الطفل المنضمة إليها الدولة.
حماية الموارد الوراثية النباتية
وأشارت المذكرة التوضيحية لمشروع قانون اتحادي في شأن «قانون الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة» إلى أن الهدف من مشروع القانون هو حماية وصون الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، واستدامة استخدامها وتبادلها والاستفادة منها، بما يسمح باستدامة استخدامها للأغذية والزراعة، سواء كغذاء للإنسان أو أعلاف للحيوان، بما يحقق استراتيجية الدولة بشأن تعزيز الأمن الغذائي.
وتكمن أهمية الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة في التركيز على المحافظة على مخزون الجينات الوراثية للمحاصيل الزراعية وتطويرها، والاقتسام العادل والمتكافئ للمنافع الناشئة عن هذه الموارد.
كما يهدف مشروع القانون إلى تنظيم الحصول على الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة وتداولها، من أجل الزراعة والأمن الغذائي، وضمان اقتسام المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية النباتية على نحو عادل ومتكافئ، ومشاركة جميع أصحاب المصلحة في تنفيذ البرامج والأنشطة المتعلقة بحماية وصيانة الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، وتشجيع أنشطة البحث العلمي الخاصة بالموارد الوراثية النباتية بالتنسيق مع أصحاب المصلحة، وحصر وتوثيق وتصنيف الموارد الوراثية للأغذية والزراعة الموجودة في الدولة.
