دعا عدد من الأسر المواطنة إلى إيجاد صيغة تعاقدية جديدة بين العمالة المنزلية وبين الأسر، وإخضاع هذه العمالة إلى دورات تدريبية تتناول تعريفهم بالعادات والتقاليد وكيفية التعامل مع الأسر المواطنة والعربية التي تستقدمها.

مشيرة إلى أنه على المكاتب المتخصصة بجلب العمالة أن تدرب وتهيئ ما لديها من عمالة منزلية على نماذج للبيوت الحديثة للتعرف إلى تربية الأبناء وإعداد الطعام والتنظيف، وفق آلية معينة تضمن أن تكون الخادمة على دراية بأجواء البيوت وما تحتويه من أدوات حديثة لا تستطيع الخادمة التعامل معها.

وتروي هذه بعضا من القصص عن خادمات لا يعرفن استعمال صنبور المياه أو الخوف من صوت أجهزة التكييف والظن أنه عفريت من الجن فيصبن بالذعر والهلع وربما الإغماء من شدة الخوف، لافتين الى أن بعضهن يتسببن في إحداث مشكلات أسرية بين الزوج وزوجته بسبب ما ترتديه الخادمة من ملابس غير محتشمة داخل المنزل والتعامل مع الزوج بشكل غير لائق.

عبء إضافي

وأكد الدكتور سيف الجابري مدير إدارة البحوث بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي أن الأسر المواطنة أو المقيمة في حاجة ماسة وضرورية للعمالة المنزلية لأسباب كثيرة منها خروج الزوجات للعمل وزيادة الاحتياجات والأعباء المنزلية.

لافتاً الى أن الأسر تصطدم بالعمالة المنزلية غير الماهرة والتي لا تعرف الواحدة منهن أبسط ما يطلب منها فتقوم ربة المنزل ولمدة ليست بالقصيرة بتعليمها وتدريبها، ثم تفاجأ بعد فترة من التعلم والتدريب بهروبها أو طلب زيادة الراتب أو تركها تعمل لدى جهة أخرى.

وأوضح الجابري أن العمالة المنزلية غير الماهرة تؤثر بالسلب على الأسر وعلى المجتمع وعلى استقرار الأسر المواطنة والمقيمة، لاحتياجها إلى فترة طويلة لتعلم عادات وتقاليد هذه الأسر وطريقة حياتها ومعيشتها، وقال إن المملكة العربية السعودية اتخذت قراراً باستقدام الأيدي العاملة للمنازل من جميع الدول حتى يكون هناك مجال للمنافسة ولا يكون هناك مبالغة في الأجر مثل ما هو موجود بالدولة.

أضرار متوقعة

وتحدث الدكتور الجابري عن ما يدفعه رب الأسرة من آلاف الدراهم لجلب الخادمة ثم بعد مرور شهر أو شهرين تقوم بالهرب إما بسبب العمل في محلات "الكوفي شوب" أو في منزل آخر بأجر أعلى مما تحصل عليه من كفيلها، وقال إن المتضرر من ذلك هو الكفيل سواء كان مواطنا أم مقيما، مستدركا أن المقيمين لديهم طرقهم في الحصول على الخادمة والتي لا تشكل عليهم أي اعباء مادية سوى الراتب فقط ودون تحمل إضافية.

وأكد الدكتور سيف الجابري على أهمية وجود معاهد أو أماكن لتدريب الخادمات للحصول على دورات للتعامل الصحيح مع الأسر وأبنائها ومع المجتمع بعاداته وتقاليده وثقافته، محملا أصحاب المكاتب مسؤولية هروب الخادمات وخسارة الكفيل.

تجربة شخصية

ويحكي الدكتور سيف الجابري تجربته مع هروب مربية كانت تعمل لدى الأسرة بسبب تَعُرفها على بعض من بنات جنسيتها واللاتي يعملن في تهريب الخادمات وذلك من خلال تواجدهن في احد المراكز التجارية، ليتفاجأ بهروبها، ثم كفالة مربية أخرى لا تعرف كيفية التعامل مع "حنفية" المياه أو الكهرباء أو أي من أدوات المطبخ وكأنها آتية من كوكب آخر أو من بيئة بدائية لا تعرف من المدنية شيئاً.

ودعا الجابري إلى أهمية وجود عقد محكم بين المكتب وبين رب الأسرة يتم بموجبه تحميل المكتب مسؤولية هروب الخادمة والتعهد بتوفير أخرى حتى لا يكون هو المتضرر الوحيد في هذه العملية، ويكون المستفيد الوحيد من يأوون الهاربات وتشغيلهن عند البعض من دون قيد أو شرط.

مسؤولية التأهيل

وقال عبد الله موسى الداعية الإسلامي إن هناك أسرا وعائلات وبحكم عاداتها وتقاليدها لا تتحدث مع الخادمات، وهناك من الخادمات من لا يستطعن التكيف مع هذه الأسر فيهربن ويتم تشغيلهن عند أسر مقيمة، ولذا فإن على أطراف العلاقة مسؤولية كبيرة للتقليل من مشكلات الخادمات وخاصة التي ترتبط بالهروب والعمل عند كفيل آخر أو في احد المحال بأجر أعلى ووضع اجتماعي مغاير لما كن عليه خلال عملهن بالبيوت.

وأضاف أن سلوكيات بعض الخادمات الأخلاقية وطريقة ارتدائهن للملابس تؤدي إلى حدوث خلافات أسرية بين الزوجين وتجعل الزوجة عصبية إذا رأت تعاملا بين الزوج والخادمة التي لا ترتدي ملابس محتشمة أثناء عملها في البيت.

مشيرا إلى ان على مكاتب الاستقدام والتشغيل مسؤولية تأهيل الخادمات وتعريفهن بعادات وتقاليد الأسر، داعيا الأسرة التي تود الحصول على خادمة من مكتب إخباره بمواصفات من تحتاج إليها وعاداتها حتى لا يحدث مشكلات تؤدي إلى خسارة تقع على الكفيل بمفرده.

تنظيم العلاقة

ومن جانبه، قال سعيد مبارك المزروعي نائب مدير عام جمعية بيت الخير إن تنظيم العلاقة بين رب العمل والعمالة المنزلية آن لها أن تأخذ حيزاً كبيراً من الأهمية وأن تكون هناك صيغة عمل جديدة بين الهيئات الجالبة لهذه العمالة وبين المؤسسات الحكومية المعنية وبين الأسر المحتاجة للعمالة.

مقترحا أن تكون العمالة مستقلة وضمن الشركات التي تتولى جلبها وتكون طرفاً في العلاقة بينها وبين الجهة المرسلة عبر قوانين واتفاقيات ضامنة لحقوق الكل وليس لحق طرف واحد على حساب طرف آخر أو أطراف متعددة، كما نرى اليوم أن الخاسر هو الكفيل وليس المكتب أو الخادمة.

وأضاف أنه يجب أن تبتعد الجهات الحكومية عن أن تكون طرفاً في هذه العلاقة إلا من خلال تنظيم الجلب والحفاظ على القوانين وتطبيقها وإدارة العملية بشكل متوازن ووفقا للإجراءات الصحيحة، مشيراً إلى أن هناك عدداً من القواعد ربما تسهم في حل المشكلة جزئياً وتشمل شرط المبيت وهل يكون عند المستفيد أم لا، وعدد ساعات العمل والدوام الرسمي والأجر الشهري، بما يضمن تجنيب رب الأسرة المساءلة والحفاظ على الصورة الطيبة للدولة في المحافل الدولية.

واقترح المزروعي أن تشيد أماكن للعمالة من النساء في مكان وللعمالة الذكور في مكان آخر وتقوم عليها إدارة مستقلة ومسؤولون إداريون وقانونيون تشرف عليها الحكومة وتكون حقوقهم الإنسانية محفوظة، وتجنيب الأسرة المقيمة دفع مبالغ كبيرة في جلب الخادمة وفي ذات الوقت تجنيبه تشغيل هاربة وتعريضه للمساءلة، وبذلك تكون العملية مقننة ومنظمة بهذه الإجراءات الواضحة بدلا من ضبابيتها.

ويحكي المزروعي حكاية هروب الخادمة التي تعمل عند الأسرة فيقول: بالرغم من تعامل الأسرة مع الخادمة بشكل طيب إلا أنها غافلتنا وهربت، وعندما ذهبت لتقديم شكوى في الشرطة قال لي أحد الموظفين انه هو شخصياً تعرض لمثل هذه الحالة!!.

تدريب

وأشارت فوزية طارش مدير إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أهمية خضوع الخادمات وعمالة المنازل إلى تدريب ومن خلال المكاتب المعتمدة من إدارة الإقامة وشؤون الأجانب لمدة أسبوعين على الأقل مع تعريفهن بعادات وتقاليد الأسر والعائلات وطريقة التعامل معها، وأن يرفق ذلك مع العقد الذي يوقع بين الأسرة وبين المكتب.

مضيفة أن الاستفسار من جانب القنصليات والسفارات عن مكان نوم الخادمة وعدد أفراد الأسرة استفسار مشروع حتى يتم الاطمئنان على راحتها وعلى كيفية تعامل الأسرة معها، حتى لا يكون هناك مجال للهروب بسبب المعاملة غير اللائقة.

معلومات ضرورية

بينما رأت ناعمة الشامسي رئيس قسم التمكين الأسري في وزارة الشؤون الاجتماعية أن كثير من السفارات والقنصليات تسببت في تعالي الخادمات على الأسر والاشتراط عليها والاعتراض على كبر البيت وعدد الأفراد، وتردد أنها كانت تحسب أن البيت صغير وعدد أفراد الأسرة اقل مما هو موجود.

مضيفة أن إمداد العمالة المنزلية بمعلومات عن عادات الأسر في الإمارات وتقاليدها وثقافة الدولة يساعد كثيرا في استقرار الخادمة مع الأسر والتكيف من خلال معرفتها بهذه العادات والتقاليد والاطلاع على كل ما ستقوم به من مهام، مؤكدة أن التدريب يجب أن يشمل إعداد الطعام وتربية الأبناء.

طرفة

 

روت ناعمة الشامسي واقعة طريفة بطلتها خادمة من الجنسية الهندية رأت صورة لها وهي صغيرة في مكتب لجلب العمالة وبعد أن قامت باختيار الفتاة صاحبة الصورة فوجئت بأن التي جاءت لتعمل في المنزل سيدة كبيرة في السن وأن الصورة مأخوذة لها وهي صغيرة في السن، مضيفة أن المشكلة الأكبر تجاوزت التزوير في الصورة إلى مشكلة اخرى أكبر وهي أن هذه الخادمة حسبت أن صوت المياه والمكيف هو صوت جني يسكن المنزل فتصاب بالإعياء والإغماء من فرط الخوف والهلع، وتم تسفيرها بعد شهرين فقط من عملها بالمنزل.