أشاد كبار المسؤولين والخبراء والمشاركون في تقرير المعرفة العربي 2010-2011 بدور مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، والجهود التي بذلتها ولاتزال من أجل إعداد التقرير بالتعاون مع المكتب العربي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وخاصة التقرير الأخير، والذي جاء تحت عنوان «إعداد الناشئة لمجتمع المعرفة» وحالة الإمارات ضمن التقرير.

والذي كشف عن واقع مجتمع المعرفة في الدول التي تضمنها التقرير، وما وصلت إليه، والجهود المبذولة من أجل الارتقاء بالطلاب والتغلب على المشكلات والتحديات التي تواجه الدول العربية للولوج إلى عالم مجتمع المعرفة. وأطلقت المؤسسة «حالة الإمارات» ضمن التقرير مؤخراً في أبوظبي.

والتي كشفت عن فجوة عميقة بين مستوى المهارات المعرفية لطلبة الدولة والمتطلبات المعرفية للولوج إلى مجتمع المعرفة، في حين أنهم أكثر جاهزية في المهارات الاجتماعية والوجدانية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في جودة النظام التعليمي، ومحاولة تصحيح وجهته ومقاصده وممارساته نحو بناء مجتمع المعرفة، مؤكدة أن الاعتراف بضعف النظام التعليمي وعدم مناسبة مخرجاته لعصر المعرفة يعد الخطوة الأولى في إصلاحه.

تطوير القدرات المعرفية

وقال معالي حميد محمد القطامي وزير التربية والتعليم إن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم لا تدخر وسعاً في سبيل تطوير القدرات المعرفية والبشرية، وإعداد أجيال من القيادات المؤهلة لدعم مسيرة التنمية في عالمنا العربي، وكذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صاحب الدور الرائد في مسيرة التنمية المستدامة عالمياً، ولا سيما التنمية البشرية.

وأضاف أن تقرير المعرفة العربي «2010/2011» ليس مجرد ثمرة تعاون وثيق وبناء بين الجانبين، وإنما يتجاوز بمنهجيته العلمية ومعاييره المعمول بها والجهد البحثي المبذول، حدود التقرير التقليدي، وإن كانت ثمة ملاحظات تتصل بحجم العينات العشوائية المعتمد عليها، وربط دراسة الحالة المتخصصة للدول محل الدراسة بنتائج عربية عامة، فإننا نرى أن التقرير يتخطى أطر الدراسات النمطية، ليقدم لنا في شكل مبسط وشامل ومفهوم، مرجعاً علمياً للبحوث المتخصصة، ورؤية مهمة يمكن أن تعزز عملية اتخاذ القرار في مؤسساتنا التربوية والتعليمية العربية، وإعداد الخطط والسياسات والاستراتيجيات لتطوير التعليم في عالمنا العربي.

صناع القرار

وتقدم سلطان علي لوتاه المدير التنفيذي بالوكالة لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، باسم المؤسسة، بالشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاح إطلاق تقرير المعرفة العربي 20120-2011 من صناع القرار والتربويين ومديري المدارس والمساهمة في جلسات النقاش، وخصوصاً حالة الإمارات، مشيراً إلى أن الجلسات تناولت أهم القضايا الراهنة، ومستقبل التلاميذ في الإمارات، ومناقشة أهم النتائج التي من شأنها أن تسهم في الأخذ بأيدي هؤلاء النشء لمجتمعات المعرفة، متمنياً أن يسهم التقرير في تحقيق استراتيجية المؤسسة المتمثلة في إيصال المجتمعات إلى عالم اقتصاد المعرفة.

المسوحات الميدانية

وقال الدكتور مغير الخييلي مدير مجلس أبوظبي للتعليم إن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، وشريكها الاستراتيجي المكتب العربي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أتاحا الفرصة لمجلس أبوظبي للتعليم للمشاركة في المسوحات الميدانية الخاصة بتقرير المعرفة العربي 2010/2011، حيث شارك المجلس في الدراسات الميدانية، والتي شملت 11 مدرسة حكومية وخاصة في أبو ظبي.

وأكد أن أهمية التقرير تكمن في مشاركة أهم الجهات التعليمية الحكومية والخاصة وصناع القرار ووزراء التربية والتعليم في الدول المشاركة في المسوحات الميدانية، ومساهمتهم في جلسات النقاش من أجل التطرق إلى أهم قضايا التعليم، وتقديم المقترحات لإعداد الأجيال القادمة لولوج مجتمع المعرفة، وتتمثل المقترحات بالهدف المستقبلي للعملية التعليمية والفكر التربوي المعاصر لتحقيق التنمية المستدامة.

وقال إن المجلس استعان بمؤسسة عالمية متخصصة في المناهج لتقييم مدى مواءمة المناهج الدراسية في مدارسنا مع أهداف رؤية أبوظبي 2030 الاقتصادية، والتي تعتمد على الاقتصاد القائم على المعرفة. وكذلك دراسة مواءمة المناهج واحتياجات سوق العمل، حيث تتطلب سوق العمل خريجين في مجالات الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، والرقائق الدقيقة، وعلوم الفضاء، والصناعات النفطية، والرعاية الصحية، والتعليم، وغيرها من التخصصات المطلوبة، بما يدعم قدرة الإمارة التنافسية اعتماداً على العنصر البشري.

مهارات التعامل مع المعرفة

وأكد الدكتور عبد الله الخنبشي مدير جامعة الإمارات العربية المتحدة أن نتائج تقرير المعرفة حملت مفاجأة، وقرعت، ليس جرساً واحداً، بل أجراساً عدة، لم تكن المفاجأة بوجود فجوة بين القيم التي جاءت طبيعية وبين المهارات، بل كانت المفاجأة من تدني مستوى المهارات لدرجة كبيرة، ومن هنا جاء قرع الأجراس، حيث إن الحاجة لامتلاك مهارات التعامل مع المعرفة أصبحت ضرورة، كتعلم القراءة والكتابة.

فقد تغير تعريف الأمية، ليصبح عدم المقدرة على التعامل مع المعارف التي عمت وتناثرت في فضاءات متعددة، وأصبحت اليوم على شكل «الغيمة» في عالم دائم التغير والتطور، يحتاج النشء فيه إلى مهارات معرفية ومنظومة قيمية ترشده لتوظيف المعرفة، وهذا يستدعي المكون الثالث وهو التمكين، فالتقرير جاء ليصف حالة تحمل تحدياً حقيقياً عاجلاً لكل ذوي الهمم العالية، ولا ينفع معه إلا العمل، ولا يكفي التمني.

وأوضح الدكتور إبراهيم البليهي المفكر الإسلامي أن المجتمعات العربية لن تتحرك للإفلات من قبضة التخلف المشين والمهين إلا إذا أزدهر مجتمعٌ عربي، لأن المقارنة هنا ستكون واضحة وفاضحة، وما يجب التذكير به هنا هو أنه خلال القرن العشرين كانت المجتمعات المتخلفة أكثرية ساحقة في العالم كله.

وكان العرب من ضمن هذه الأكثرية المهانة بالفقر والتهميش والعجز والشلل الشامل، ولكن في العقود الأخيرة تواثبت الأمم والشعوب في كل القارات، وتحررت من جاذبية التخلف، وانفكَّتْ من أسْره، وتخلصت من هوانه، وانطلقت تتدارك ما فات وتزاحم المجتمعات المزدهرة وتحاول أن تصل إلى القمة. وأضاف أنه في بلداننا الإسلامية، وثبت ماليزيا لتصير واحداً من النمور الظافرة.

وكذلك تركيا في سنواتها الأخيرة، ولكن معظم الدول الإسلامية التي تبلغ ستين دولة، مازالت في عداد الدول الأكثر تخلفاً وفقراً وفساداً واستبداداً، أما نحن العرب، فلا يمكن اعتبارنا حتى في ذيل المسيرة الحضارية، بل نحن الآن خارج المسيرة تماماً، بل إننا نسير في اتجاه معاكس كلياً لمسيرة الحضارة. إن هذا الواقع العربي البائس يستوجب إحداث زلزال فكري في المجتمعات العربية يؤدي إلى إعادة تأسيس العقل العربي. ومواصلة الجهد الكثيف والدقيق والحازم لبناء عقل عربي جديد منفتح على كل الآفاق. وقادر على استثمار كل الإمكانات العظيمة المتنوعة المتاحة. وذلك من أجل مستقبل يليق بأمة تضم اثنتين وعشرين دولة عربية.

تمكين الناشئة

وقالت الدكتورة آمنة خليفة الأستاذ بجامعة الإمارات العربية المتحدة: أسفر تقرير المعرفة العربي لعام 2010-2011 عن مجموعة من الحقائق التي تستحق التوقف عندها، والتأمل فيها، ومناقشتها بموضوعية وشفافية، ليمكن التعرف إلى أسبابها والمسؤول عنها ومحاولة بلورة وسائل وأساليب تعمل على تمكين الناشئة من امتلاك المهارات المعرفية والوجدانية والاجتماعية والقيم، مع توافر بيئات تمكينية على اختلافها، سواء كانت الأسرة أو المدرسة أم وسائل الإعلام أو مؤسسات المجتمع المدني من أجل مساعدة الشباب من الولوج إلى مجتمع المعرفة.

وأضافت أن نتائج التقرير تظهر أن هناك ضعفاً وتحديات تواجه الناشئة للولوج إلى مجتمع المعرفة، ولاشك أن معرفة تلك التحديات هو الخطوة الأولى لمعالجتها، ويبقى العزم والإرادة والرغبة الصادقة لتجاوز تلك التحديات ومعالجة الخلل في المناهج والوسائل والأدوات، وإعداد المعلم والبيئة المحيطة.

تنفيذ التقرير

وطالب إلياس بو صعب المدير التنفيذي للجامعة الأميركية في دبي، اللجنة المنظمة للتقرير تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ ما ورد في التقرير في الدول المعنية، حتى يكون العمل مجدياً وله مردود عملي على الشعوب العربية، وأود الإشارة إلى أن القيم التي يتبناها الطفل تأتي عبر المحيط الذي يعيش فيه، ويأتي في المرتبة الأولى دور الأسرة التي تؤهله للنضوج والانخراط في مناهج تعليمية مكملة لمسيرة تربية الأسرة، إلى جانب وجود تكامل بين الأدوار التي تقع على عاتق الأسرة أولاً، ثم المدرسة.

 

 

 

بناء وتأهيل

 

 

وقال الدكتور عبد الرزاق الأشول وزير التربية اليمني إن تقرير المعرفة العربي 2010-2011 يتطرق لأحد أهم عناصر مجتمع المعرفة، والمتمثل في الإنسان العربي وسبل بنائه وتأهيله. وقال الدكتور سعد بن طفلة العجمي وزير الإعلام الكويتي السابق، جاء التقرير دراسة لحالة وصول الأجيال العربية الشابة للمعرفة والمعلومة وأدواتها الحديثة.

وكانت نتائج الدراسة سلبية، لعدم وصول الجيل الناشئ للمعرفة لعدة أسباب ومعوقات، أبرزها الأمية التي لا تزال نسبها مخجلة بين كثير من الشعوب العربية، وثانيها الجهل الرقمي بما يدور في مجتمع المعرفة، وهو أمية جديدة تعد معياراً في قياس المعرفة والتعليم.

وأضاف أن نتائج الدراسات الميدانية عللت ضعف مهارات المعرفة لدى الشباب بضعف المناهج ورداءتها، وغياب دور المؤسسات المدنية والأسرية، وانعدام السياسيات التنموية، ولذا تشير النتائج إلى ضعف مهارات مثل مهارة التحليل النقدي، ومهارة التواصل الكتابي، وحل المشكلات، والتخطيط للمستقبل، وإدارة الوقت، ونوقش مدى مساهمة المناهج وطرق التدريس السائدة في بناء مهارات المعرفة التي تتطلب بيئات تمكينية مناسبة.