دبي، كما عودتنا، تتوثب مع النمور وتنافس الحيتان.. ولكن هذه المرة.. في سوق السياحة العلاجية الإقليمي والعالمي، تسعى إلى القفز بحجم السياحة العلاجية السنوية من 6.1 مليارات درهم عام 2012، إلى نصيب أكبر من كعكة إقليمية تعادل 91.8 مليار درهم سنوياً، تنفقها حكومات ومواطنو دول مجلس التعاون الخليجي على العلاج في الخارج، وسعياً لاصطياد نصيبها في هذا السوق العالمي الذي يتوسع أكثر فأكثر سنوياً، ويقصده حالياً نحو ثلاثة ملايين مريض لتلقي العلاج في مراكز عالمية متخصصة لينفقوا أكثر من 220 مليار درهم.

وفيما تتفاوت تقديرات الاستشاريين الدوليين في وضع ومستقبل الرعاية الصحية، تتكشف تباشير الأمل بسوق واعد، حيث يتوقع الاستشاري «ألبن كابيتال» أن ينمو سوق الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل سنوي قدره 11 % ليصل حجمه إلى 162 مليار درهم بحلول عام 2015، بعد أن بلغ 94 مليار درهم في عام 2010.

ويشير التقرير الصادر عن مؤسسة الاستشارات والأبحاث العالمية «بزنس مونيتور إنترناشيونال» أن مجال السياحة العلاجية في الإمارات ينمو بنسبة 15 % سنوياً، وتحتل الإمارات مراكز متقدمة في تصنيف الوجهات السياحية العلاجية على الصعيد العالمي لتكون أبرز دول مجلس التعاون الخليجي في توفير العناصر المهمة للنهوض بقطاع الرعاية الصحية، بما فيها الخبرة المميزة للطاقم الطبي، وقدرة المريض على تحمل التكاليف وفترات الانتظار القصيرة.

وفي المؤتمر والمعرض الأوروبي للسياحة الطبية 2012 في برلين بجمهورية ألمانيا، تكشفت حقائق جلية عن سعي دبي للحصول على نصيب أكبر في كعكة السياحة العلاجية الإقليمية والعالمية، حيث يتوسع المجال أكثر فأكثر، حيث يتوجه سنوياً نحو ثلاثة ملايين مريض إلى خارج بلادهم لتلقي العلاج، لينفقوا نحو 367,5 مليار درهم عام 2012، (مقابل 290 ملياراً في عام 2010) و478 ملياراً بحلول عام 2015، بحسب توقعات مكتب «كاي بي إم جي» الاستشاري، وتعتبر وجهات قاصدي العلاج الأفضل والأرخص حتى الآن محددة.

جذب المستثمرين والمرضي

وعلى هامش فعاليات المؤتمر قال قاضي المروشد مدير عام هيئة الصحة في دبي إن فريق دبي جاء إلى برلين لتسويق استراتيجية للسياحة العلاجية بإمارة دبي للمستثمرين، ولجذب المرضى للعلاج، ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاستدامة المالية، ودعم الإمارة كوجهة عالمية في مجال الرعاية الصحية والإشراف على الأنشطة المتعلقة بالسياحة العلاجية بالإمارة، كذلك دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص والجهات المعنية بالسياحة، وتعزيز مكانة دبي كمركز إقليمي للتجارة والسياحة، طبقاً لخطة دبي الاستراتيجية 2015، ودعم الاستثمار ومتطلبات سوق العمل في الخدمات الصحية.

وأكد أن مبادرة دبي تحظى بمقومات نجاح قوية، تشمل الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، إضافة إلى موقع دبي الجغرافي المتميز بين دول المنطقة، ووجود بنية تحتية داعمة للسياحة العلاجية، كشبكة الطيران والفنادق والمراكز التجارية والمهرجانات وكثير من الأنشطة التراثية والسياحية الأخرى.

وتوفر عناصر البيئة السياحية، الإقليمية والدولية، وهذه العوامل كلها تعطي فرصة لنمو السياحة العلاجية بشكل مطرد، وأضاف المروشد أن وجود تشريعات متطورة ومرنة ومتفقة مع التشريعات الاتحادية والاتفاقيات الدولية والمنظمات ذات العلاقة توفر فرصة جيدة لتعزيز السمعة الصحية في الإمارة، وتنوع النسيج الاجتماعي المتعدد الثقافات، وعدم وجود حواجز لغوية يعطي فرصة لنمو هذا القطاع وتعدد مصادره.

شبكة صحية عالمية

وبالإضافة إلى وجود بنية تقنية عالية المستوى، يوفر فرصة لتطوير شبكة بيانات صحية متخصصة عالمية، دبي مدينة جاذبة للاستثمار بشكل عام، وهناك اهتمام من العديد من المستثمرين بهذا القطاع (كبريات المستشفيات العالمية، الدعم الحكومي للقطاع الصحي من خلال إنشاء مدينة دبي الطبية كمنطقة حرة لجذب الاستثمارات وتشجيع السياحة العلاجية، دعم استراتيجية القطاع الصحي 2011-2015.

وجود قطاع طبي خاص متنامٍ بشكل متسارع، وجود بنية صحية متميزة وتمتلك تخصصات نادرة على مستوى الإقليم، مثل مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث، مركز الوراثة، مركز الثلاسيميا، مراكز للإخصاب، مراكز جراحات القلب المفتوح، مركز دبي للسكري، مركز دبي للأبحاث والتكنولوجيا، عدد من المستشفيات التخصصية...

وغيرها، حصول المستشفيات الحكومية وعدد من المستشفيات الخاصة على شهادات الاعتماد الدولية في الجودة، وجود عدد كبير ومميز من الأطباء والجراحين والاختصاصيين والممرضين الأكفاء الحاصلين على تعليم مميز وتنوع جنسياتهم، بحيث تتعدد لغات التواصل، إدخال سياسة للتأمين الصحي الإلزامي في إمارة دبي قريباً.

وأوضح أن القطاع الطبي في دبي يوفر الآن مستويات راقية من الخدمات المتميزة الداعمة للسياحة العلاجية بإمارة دبي، وتشمل نماذج مهمة، مثل عمليات تبديل المفاصل، عمليات القلب المفتوح والقسطرة، استحداث فحوصات الدم باستخدام المواد الصيدلانية المشعة والذي يعتبر الأول من نوعه في دولة الإمارات، عمليات تصحيح النظر عن طريق زراعة عدسات داخل العين والليزك، استخدام تقنية علاج أمراض القلب الخلقية عند الأطفال دون عمليات القلب المفتوح، عمليات شلل القولون الخلقي للأطفال، جراحة الأورام للأطفال، عمليات إصلاح تشوهات الجهاز البولي المعقدة، عمليات الترميم الناتجة عن الحروق والحوادث.

خريطة العالم السياحية

وأشار المروشد إلى أن هناك العديد من الحقائق التي يجدر تسجيلها بشأن نمو السياحة العلاجية في دبي والدول المجاورة، حيث من المتوقع أن يرتفع حجم السياحة العلاجية في دبي إلى 6.1 مليارات درهم هذا العام، كما ينفق مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 91.8 مليار درهم سنوياً على العلاج في الخارج، والدول الأكثر نمواً في مجال السياحة العلاجية هي الهند وتايلاند وسنغافورة، بالتالي، ونظراً لوضع دبي المتميز على خريطة العالم السياحية، فمن المتوقع لها أن تتمكن من الحصول بسهولة على جزء من سوق السياحة العلاجية.

وأوضح أن دبي تستقطب عدداً من السياح المستخدمين لخدمات الرعاية الصحية، ونسعى لزيادة نسبتهم، حيث يقدر مجلس السفر والسياحة العالمي النمو السنوي لعدد السياح في دبي بحوالي 7.2 % حتى عام 2015 ، فأعداد السياح إلى الإمارة في تزايد مستمر، ما يخلق فرصة جيدة للاستثمار في السياحة العلاجية محلياً، وجذب المزيد ممن يسعون للعلاج.

وفي نفس الوقت التمتع مع أسرهم بالإغراءات السياحية المتعددة في الإمارة، الزيادة في عدد السياح بلغت 11 %، وطول مدة الإقامة زاد بنسبة 14 % بين عامي 2010-2011، والمتوقع أن يصل عدد السياح في عام 2015 إلى 14 مليون سائح.. ووفقاً لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، فقد ارتفع عدد الغرف الفندقية في دبي من 51 ألفاً و168 في عام 2007 إلى 64 ألفاً و179 غرفة حالياً.

والشركاء الاستراتيجيين لهيئة الصحة في تنفيذ هذه المبادرة هم هيئة الصحة بدبي، دائرة السياحة والتسويق التجاري، القطاع الصحي الخاص، وكالات السفر والسياحة، مدينة دبي الطبية، الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب.

واستعرض المروشد الجهود التي تقوم بها هيئة الصحة بدبي لتعزيز فرص الاستثمار الصحي في الإمارة وتسهيل الوصول إلى المعلومات المتعلقة بآلية وفرص الاستثمار، وتبسيط إجراءات التراخيص الطبية للأفراد والمنشآت الصحية في الإمارة.

ولفت المروشد إلى الدور الريادي الذي تقوم به هيئة الصحة بدبي لتطوير وتحديث وتنظيم القوانين والتشريعات الناظمة للعملية الاستثمارية في الإمارة، ومراجعة هذه القوانين بشكل دوري لمواكبة التطورات العالمية في هذا المجال، وبما يتماشى مع استراتيجية حكومة دبي التي تركز على ضرورة الاعتماد الدولي للخدمات الطبية المقدمة في الإمارة، مشيراً إلى الوضوح والشفافية التي تتسم بها هذه التشريعات لضمان الاستقرار الاستثماري في قطاع الرعاية الصحية في الإمارة.

جذب الاستثمار الصحي

ولفت مدير عام هيئة الصحة بدبي إلى الخدمات المتميزة التي أطلقتها هيئة الصحة بدبي مؤخراً، والهادفة إلى تعزيز الفرص الاستثمارية وتسهيل الوصول إليها، وتبسيط إجراءات الحصول عليها، ومنها نظام «شريان» الإلكتروني لتسجيل وترخيص المنشآت والمهن الطبية في إمارة دبي لتوحيد إجراءات التراخيص المهنية للأطباء والكوادر المهنية المختلفة الراغبة بممارسة مهنة الطب في إمارة دبي.

مشيراً إلى أن البرنامج الذي يتسم بالشفافية يتيح لجميع الممارسين المهنيين من أطباء عامِّين واختصاصيين وفنيين وممرضين التقدم لإنهاء كافة إجراءات ومراحل الحصول على التراخيص الطبية للمهنيين والمنشآت الطبية في الإمارة بشكل إلكتروني من خلال 300 مركز متخصص في 135 دولة على مستوى العالم.

نظام شريان

وأوضح مدير عام هيئة الصحة بدبي أن نظام شريان الإلكتروني سيمكن الأفراد والراغبين في الاستثمار بقطاع الرعاية الصحية من التعرف من بلدانهم إلى شروط وآلية الحصول على التراخيص الطبية لهذه المنشآت في الإمارة، والتقدم بطلب إلكتروني للتسجيل والتراخيص وإجراء التعديلات وأخذ الموافقات على الطلبات، ومراجعة المخططات ودراسة الجدوى إلكترونياً.

وأشار إلى أن عدد المنشآت الطبية القائمة في دبي وصل إلى 2100 منشأة، تشمل المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات والصيدليات والمستودعات، لافتاً إلى أن القطاع الصحي بدبي يحظى بأكبر عدد من المرافق الصحية. وأضاف أنه تم خلال الربع الأول من العام الحالي افتتاح مستشفيين، الأول في منطقة القوز، والثاني في منطقة القرهود، وجار العمل حالياً في 5 مستشفيات أخرى.

لافتاً إلى أن عدد المستشفيات العاملة في الإمارة سيصل إلى 25 مستشفى. وأشار إلى أن حصول كافة المستشفيات الحكومية على الاعتراف الدولي يؤكد أن جميع المنشآت الصحية العاملة في إمارة دبي تطبق المعايير الدولية، وستكون بذلك الإمارة الأولى على مستوى الدولة التي تلتزم فيها كافة المرافق الصحية بتقديم خدمات ذات جودة عالية تضاهي المراكز والمستشفيات العالمية.

وقالت ليلى الجسمي المدير التنفيذي لقطاعي السياسات والاستراتيجيات الصحية بهيئة الصحة بدبي إن 70 % من المؤسسات الصحية في إمارة دبي حصلت على الاعترافات الطبية الدولية، والمؤسسات التي لن تتجاوب مع متطلبات الجودة الصحية لن تجد مكاناً لها في دبي مستقبلاً لأن المريض سيبحث عن المؤسسات التي تقدم له خدمات علاجية وفق معايير عالمية تضمن له الحقوق والواجبات.

وقالت الجسمي إن نسبة الصرف على الخدمات الصحية في دبي من الناتج المحلي الإجمالي وصلت إلى 2.5 % حسب تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2009، مشيرة إلى أن النمو السكاني والتوسع الجغرافي الذي تشهده دبي سنوياً سيرفع حجم الطلب على الأسرَّة إلى 160 % بحلول عام 2025، وهو ما نعمل على مواكبته بالشراكة مع القطاع الخاص من خلال تشجيع الاستثمار.

وقالت الجسمي إن السياحة الصحية تحظى باهتمام من جميع الدول، حيث يقدر حجمها على مستوى العالم بأكثر من 220 مليار درهم سنوياً، منها حوالي 91.8 مليار درهم حصة دول الخليج، وشددت على ضرورة تطوير الخدمات الطبية في القطاع الطبي بشقيه العام والخاص، واعتماده دولياً لتقديم خدمات طبية وعلاجية وفق معايير عالمية تسهم بتعزيز موقع ومكانة دبي على خريطة السياحة العلاجية، لتكون دبي مدينة الإبداع والجودة والتميز، من خلال إعادة هيكلية القطاع الصحي في الإمارة، وجذب أطباء عالميين في مختلف التخصصات الطبية على مدار العام في المستشفيات الحكومية، حيث بلغت الزيادة سنوياً 10 %.

استدامة التمويل الصحي

ورأت الجسمي أن دور هيئة الصحة في دبي في تشجيع الاستثمار يتمثل في ضمان الاستقرار والتنظيم والشفافية، لا سيما في المجالات ذات التأثير المباشر في الاستثمار في مجال الرعاية الصحية، ووضع سياسة مستدامة للتمويل الصحي من شأنها أن تؤدي إلى عائدات استثمارية في مجال الرعاية الصحية، مثل (الأسعار التنافسية، ودراسة احتياجات دبي في الطلب على خدمات الرعاية الصحية، ضمان حصول الفرد على الرعاية الصحية) وتحديد الثغرات والفرص المتاحة في النظام الصحي للمستثمرين من القطاع الخاص من خلال دراسة احتياجات دبي لبناء سعة الخدمات السريرية، وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسهيل الاستثمارات ذات الأهمية الاستراتيجية، وستتكفل هيئة الصحة بتوفير المناخ الآمن وكافة المعلومات للمستثمر من خلال القيام بتحليل المسح الصحي للأسرة .

وتقييم الطلب على الخدمات الصحية. إضافة إلى دعم استراتيجية الهيئة لقطاع الصحة والرعاية الصحية لتحقيق أهداف خطة دبي الاستراتيجية من خلال توفير الموارد البشرية الطبية، ويشمل ذلك توفير رعاية صحية وصحة عامة عالية الجودة والنوعية كمحفز لخيار استقطاب الموارد البشرية المتميزة واستقرارها، و فتح باب الإبداع باعتباره نقطة جذب للاستثمار في مجال الصحة.

وتمكين المستثمر من تحمل تكاليف الرعاية الصحية الأساسية للعاملين في بيئة خالية من الضرائب، والوضوح والاستقرار في التمويل الصحي كأحد المحفزات الرئيسة للاستثمار، وسن القوانين والتشريعات الخاصة بتنظيم طبيعة العلاقة بين مقدمي ومتلقي الخدمات وحماية المستهلك، وهذه كلها من المحفزات الأساسية لتشجيع الاستثمار.

 

توجيهات حمدان بن محمد

 

تشكل توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، الدوائر المحلية المعنية بإعداد أفكار وتصورات بناءة نجاحا للمبادرة الجديدة لهيئة الصحة في دبي الخاصة في السياحة العلاجية في إمارة دبي، وكافة المبادرات التي تسهم في تعزيز سمعة دولة الإمارات، وتوفير سبل العيش والتواصل الإنساني والحضاري بين شعب الإمارات والشعوب الشقيقة والصديقة، خاصة الدول المجاورة في مجلس التعاون.

. وأكد سموه أهمية إطلاق مجموعة جديدة من الخدمات والتسهيلات المشتركة بين هيئة الصحة ودائرة السياحة والتسويق التجاري والإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب والمعنيين مباشرة في توفير خدمات قطاعي الرعاية الصحية والسياحة في دبي. وكان سموه استعرض مبادرة هيئة الصحة في دبي الخاصة بتدعيم السياحة العلاجية في إمارة دبي.

واستمع من مدير عام هيئة الصحة ومساعديه إلى أهم ملامح المبادرة التي ترمي إلى تعزيز مكانة دبي العالمية كوجهة مفضلة للسياحة العلاجية، من خلال تضافر الجهات الحكومية المعنية والجهات المماثلة في القطاع الخاص، لاستحداث نموذج تكاملي فريد من نوعه ومنظومة خدمات ممتازة ومتميزة في الإمارة.

وشكلت هيئة الصحة في دبي فرق عمل خاصة تنحصر مهامها في وضع الأسس والركائز الرئيسة لتنفيذ المبادرة، مع الأخذ بعين الاعتبار وضع مقومات وأسباب نجاح المبادرة، بما يتواءم وتوجهات التنمية الشاملة التي حددتها خطة دبي الاستراتيجية حتى عام 2015. ووجه سمو ولي عهد دبي الجهات المختصة وذات العلاقة بالمبادرة بتركيز جهودهم واستخلاص النتائج الطيبة من المشاورات التي يجرونها للخروج بهذه المبادرة إلى حيز التنفيذ والنجاح، وتحقيق الأهداف الوطنية المرجوة.

 

مدينة دبي الطبية تستثمر 66 مليار درهم

 

تعد مدينة دبي الطبية أول منطقة حرة للرعاية الصحية في العالم، تم إطلاقها بقرار من صاحب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بهدف تأسيس مركز إقليمي للتميز في قطاعات خدمات الرعاية الطبية والتعليم الطبي والأبحاث في منطقة الشرق الأوسط، ولتعزيز مكانة دبي كبوابة مركزية للمنطقة، وجسر بين أوروبا وآسيا، وللعمل على تقديم أفضل الخدمات الطبية والوقائية لسكان الدولة والمنطقة.

ونجحت مدينة دبي الطبية التي قدرت تكلفة إنشائها بـ 30 مليار درهم، في أن تكون الكيان الطبي الأول والرائد في المنطقة، لتستطيع بذلك تأسيس علاقات راسخة مع أبرز المؤسسات الطبية في العالم التي حرص العديد منها على أن تكون مدينة دبي الطبية مقراً لأول فروعها العالمية، بهدف توفير خدمات طبية راقية، فضلاً عن توسيع قاعدة الكوادر البشرية العاملة في قطاع الرعاية الصحية ونشر الثقافة العلمية من خلال الأبحاث والدراسات التطبيقية.

وتم تطوير المدينة على مرحلتين، تضم الأولى، والتي تمتد على مساحة 1.4 مليون قدم مربعة، مجمعاً طبياً متكاملاً يتألف من مستشفيات ومراكز للعيادات المتخصصة ومراكز لإعادة التأهيل وأخرى لزراعة الأعضاء، بجانب شركات لصناعة الأدوية والتجهيزات الطبية، كما أنها مقر لمجمع محمد بن راشد آل مكتوم الطبي الأكاديمي.

وتراوحت نسبة الإقبال على المنشآت الطبية في المدينة بين ما يقرب من 60 و65% من المرضى، سواء من داخل أم خارج الدولة، وهي نسبة كبيرة مقارنة بعمر المدينة.

في مبادرة تنظيمية حرصت المدينة على إطلاق مركز التخطيط والجودة، ومركز إعداد نظام إلكتروني لتسجيل المعلومات في إطار مركزي منظم ومحدد، ويعد مركز التخطيط والجودة للخدمات الطبية في مقام الهيئة التنظيمية والتشريعية الأولى للمدينة، الذي تم تأسيسه لتحقيق أعلى المعايير العالمية لخدمات الرعاية الطبية، وتطوير قوانين الرعاية الصحية والطب التكميلي ونظام تقديم وتحليل المعلومات الصحيحة، ولدعم قسم ملاحظات العملاء لضمان تحقيق أعلى مستويات الخدمة.

ومن ثم إرضاء العملاء، وقد حصل مركز التخطيط والجودة للخدمات الطبية على اعتماد «الأسكو» لتشكيل مجموعة متكاملة من معايير العيادات الطبية الخارجية، ليكون بذلك أول مؤسسة بالعالم تطور وتبني مثل هذه الإجراءات، بجانب ذلك فهو من مهامه التصديق على شهادات ترخيص المؤسسات الطبية التي تلتزم بتطبيق هذه المعايير، ويهدف المركز لضمان أعلى درجات الجودة للخدمات المقدمة للمرضى، بينما يقدم المركز مقاييس الأداء لمزودي خدمات الرعاية الصحية لتعزيز عمليات التطوير والتحسين المستمر.

وجاء مركز تسجيل المعلومات في إطار إعداد نظام إلكتروني مركزي لتسجيل جميع سجلات المرضى التي تتطلبها عمليات مراقبة أنظمة إدارة الجودة، وإعداد التقارير الإحصائية وأغراض التخطيط المختلفة، ما أسهم بقدر كبير في الحفاظ على خصوصية بيانات المرضى، ضمن السجلات الطبية الإلكترونية.

ولإبراز أهمية الاحتفاظ بسرية بيانات المرضى، نظمت مدينة دبي الطبية أكثر من ندوة في هذا الشأن، منها ندوة بعنوان يوم حماية بيانات المرضى بالتعاون مع الجمعية الأميركية لإدارة المعلومات الصحيحة (AHIMA)، وذلك بهدف تعريف العاملين بالمركز أهمية حماية تلك البيانات، وتقديم كافة الإرشادات اللازمة لتطبيق السياسات التي من شأنها التشديد على أهمية توفير الخصوصية والسرية التامة لبيانات المرضى.

 

 

عوامل وأسباب النمو

 

 

تعود السياحة الطبية بعائدات مالية وفيرة على البلدان التي ينشط فيها هذا النوع من السياحة. فعلى سبيل المثال، قُدِّرت عائدات تركيا من قطاع السياحة الطبية، وبخاصة الناتجة عن المرضى القادمين من دول الخليج، بما يقارب 7.5 مليارات درهم (ملياري دولار أميركي) في عام 2005.

من المتوقع أن تسهم خدمات الرعاية الصحية للمرضى الخارجيين والمرضى الداخليين بنسب 82 % و18 % على التوالي من حجم السوق المحلي.. ومن المتوقع أن تكون سوق المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأسرع نمواً في هذا القطاع.

وفقاً لبيانات حكومة دبي، شكلت عائدات قطاعات التجارة والنقل والسياحة نسبة 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في دبي في عام 2011، حيث تعتبر هذه القطاعات حجر الزاوية في الاستراتيجية الحالية لاقتصاد الإمارة.

يتطلع مطار دبي الدولي إلى زيادة طاقته الاستيعابية من 60 مليون مسافر في الوقت الحاضر، إلى 90 مليون مسافر بحلول عام 2018، في حين تواصل طيران الإمارات فتح خطوط جوية جديدة، في إطار دعم شبكة خطوطها لربط دبي بمختلف مناطق العالم.

الطلب على خدمات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون، آخذ في الازدياد بشكل ملحوظ، نظراً لارتفاع معدلات النمو السكاني، وارتفاع مستويات الدخل، وزيادة عدد المسنين، شيخوخة السكان، انتشار الأمراض المزمنة.

ارتفع متوسط العمر المتوقع في دول مجلس التعاون من 60.5 سنة في عام 1978 إلى 73 سنة في عام 2004.

من المتوقع أن عدد السكان فوق سن 60 عاماً في دول مجلس التعاون سيرتفع إلى 15 مليوناً بحلول عام 2050.. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يُرتقَب أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً بأكثر من سبعة أضعاف خلال السنوات الـ 25 المقبلة.

بلغ متوسط النمو السكاني في دول مجلس التعاون 3 ٪ سنوياً على مدى السنوات الـ 5 الماضية، وهو من أعلى معدلات النمو في العالم.. وهذا الارتفاع سيؤدي بالتالي إلى زيادة الطلب الإجمالي على الرعاية الصحية.

ساهمت أنظمة الرعاية الصحية المتطورة في تحسين الكثير من جوانب الحياة والصحة في دول مجلس التعاون.. فعلى سبيل المثال، انخفض معدل وفيات الرضّع من 69 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية في عام 1978، إلى 10 حالات وفاة فقط لكل 1000 ولادة حية في عام 2007.

معدلات الخصوبة في المنطقة مرتفعة جداً، ما ينعكس في الحجم الإجمالي للأسر التي تضمّ من 8 إلى 10 أشخاص في الكويت والمملكة العربية السعودية على التوالي.

تنفق حكومات دول مجلس التعاون حوالي 7.5 مليارات درهم (ملياري دولار أميركي) سنوياً لإرسال مواطنيها إلى الخارج لتلقي خدمات الرعاية الصحية.

من المحتمل أن تكون العوامل الديمغرافية المحرك الأساس لقطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن النمو السكاني السريع والشيخوخة يعززان بشكل كبير من الإنفاق على الرعاية الصحية.

التحسن التدريجي في المعايير وفي البنية التحتية الصحية لدول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة تغلغل التأمين، من شأنه أن يزيد من عدد المرضى الذين يختارون العلاج محلياً، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على أسرَّة المستشفيات.

وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، من المتوقع أن يزيد عدد السكان في دول المجلس بنسبة 2.2 % سنوياً في الفترة ما بين 2010 و 2015، مقابل 1.1 % على المستوى العالمي.

معدلات البدانة في دول مجلس التعاون أعلى بكثير من المعدلات العالمية، وهذا من شأنه أن يزيد من انتشار الأمراض المزمنة، وبالتالي زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية.

متوقع أن تزداد تغطية التأمين الصحي على مدى السنوات القليلة القادمة، حيث ستقوم حكومات الدول الخليجية بفرض التأمين الصحي، الأمر الذي سيعطي دفعة إضافية لقطاع الرعاية الصحية في المنطقة.

تكلفة الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي آخذة في الارتفاع نتيجة لزيادة استخدام التكنولوجيات الجديدة المتقدمة، كشفت الدراسات أن التقنيات الطبية الحديثة رفعت تكاليف الرعاية الصحية بين 38 و 62 %.

 

استقطاب المستثمرين والمرضى

 

شارك وفد يمثل القطاعين العام والخاص بدبي برئاسة قاضي المروشد مدير عام هيئة الصحة بدبي بفعاليات المؤتمر والمعرض الأوروبي للسياحة الطبية 2012 في برلين بجمهورية ألمانيا، خلال الفترة من 25 -27 أبريل 2012، بمشاركة ممثلي هيئة الصحة بدبي، وسلطة مدينة دبي الطبية، ودائرة السياحة والتسويق التجاري والقطاع الطبي الخاص مستشفيات الأميركي بدبي.

وكوزمسيرج والإمارات والمركز الطبي الحديث، والسعودي - الألماني. وعكست المشاركة تضافر الجهود القطاعين العام والخاص لاستحداث نموذج تكاملي فريد من نوعه، ومنظومة خدمات ممتازة ومتميزة في الإمارة للتعاون في تطبيق العديد من المبادرات لدعم السياحة الطبية، في حضور عشرات الوفود الحكومية والخاصة، و300 متخصص من حول العالم. وأكدت الدكتورة عائشة عبد الله المدير العام لسلطة مدينة دبي الطبية، المكانة والخبرة العالمية التي حققتها مدينة دبي الطبية بحصولها على الاعتماد الدولي في مجال تقديم الخدمات العلاجية المتميزة، والتركيز على تحسين التجربة التي يمر بها كل مريض.

لافتة إلى وجود عدد كبير من مشاريع الرعاية الصحية في الدولة والداعمة للسياحة الطبية، والاستثمارات المتزايدة في هذا المجال، والدعم الحكومي المستمر لتطوير البنية التحتية، والسياسات والإجراءات المتعلقة بالرعاية الصحية.

وأكدت أهمية مشاركة دبي في هذا المنتدى الدولي للسياحة الطبية لتبادل الأفكار والفرص الاستثمارية، وأفضل الممارسات مع قادة الرعاية الصحية والسياحة الطبية، مشيرة إلى أن مدينة دبي الطبية تضم عدداً كبيراً من الشركات والمؤسسات الألمانية التي تقدم خدمات الرعاية الصحية والخدمات الداعمة لهذا القطاع، حيث يوجد العديد من شركات تصنيع الأدوية.

 

 

الأفيال والحيتان

 

 

قال إنريك مايولاس مدير مركز برشلونة الطبي في إسبانيا، وهو يسوق لجذب زبائن للعلاج في مشفاه، إن دبي التي عادة ترسل مرضاها لتلقي العلاج في الخارج، وخاصة ألمانيا، تسعى إلى استقبال مرضى من الأجانب، حيث أنشئت منطقة طبية حرة، تستهدف علاج مرضى البلدان المجاورة إقليمياً في سبيل الانطلاق نحو العالمية، ويضيف، الجميع يسعى وسوف نرى النتيجة، فساعون كثر في هذا القطاع يغضون النظر عن عدد من المخاطر والمشاكل.

وأقر كريستيان أوت- سيساي من مجموعة »فيفانتس« الألمانية للاستشفاء، أن المنافسة ليست بسهلة، لكنه يستدرك أن السوق واسعة جداً، وبالتالي فإن المنافسة لا تأتي على حساب أي كان، وتقوم »فيفانتس« حالياً بتجهيز عدد من العيادات في برلين بـ«غرف مريحة» لمرضاها من الأجانب، ووضعت فريقاً فندقياً في خدمتهم. في موازاة ذلك، أعدت برلين خدمة طوارئ خاصة لهؤلاء المرضى الأجانب، وخصوصاً عائلاتهم، بحيث تنظم لها مثلاً جولة سريعة للتسوق أو زيارة إلى المتحف.

وقال جورج سوراس من القسم التجاري المركز الاستشفائي الخاص »هيجييا غروب« أثينا، إن الناس يأتون إلى اليونان من آسيا للعلاج، ولأنهم يرغبون أيضاً بمشاهدة أكروبوليس أثينا.. ويفاخر كذلك بأن كلفة عمليات الجراحة التجميلية، وتلك الخاصة بزرع أعضاء اصطناعية تجبيرية، تتم بأسعار أقل بـ 70 % مقارنة مع بقية بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وتبرز الوجهات التقليدية لمن يبحث عن علاج أقل كلفة مقارنة مع كلفة العلاج في بلده، فتستقبل المكسيك المرضى الأمريكيين، في حين يقصد الآسيويون تايلاند والهند وماليزيا، وفي أوروبا تقدم المجر خدماتها الخاصة بالعناية بالأسنان، وتقدم كل من التشيك والسلوفاك العلاج الطبيعي للأوروبيين، وذلك مقابل كلفة تتحدى كل منافسة ممكنة.

وإلى جانب دبي يوجد لاعبون جدد أيضاً، فالحكومة التركية مثلًا، «ترغب في أن تكون لاعباً فاعلاً» في هذا السوق، حيث العيادات والمستشفيات الخاصة تمسك بزمام الأمور، يؤكد أمين كاكماك مدير هيئة السياحة الطبية التركية..

وكانت أنقرة أطلقت برنامجاً يقضي بهدم المستشفيات القديمة واستبدالها بمؤسسات مخصصة للأجانب بشكل أولي، وهي تستهدف خصوصاً العملاء من البلدان العربية والخليج، ولكنه قال »نسعى إلى ذلك وفقاً لإمكاناتنا، ولنا خصوصيتنا ومهاراتنا.. ولكننا لسنا الأفضل حتى الآن، خصوصاً عند المقارنة بالألمان«.

أما الموسرون الخليجيون والروس فيقصدون ألمانيا وبريطانيا لتلقي العلاج، فيما يتوجه الأفارقة الأثرياء إلى فرنسا، في حين يقصد سكان أميركا اللاتينية ميامي في الولايات المتحدة، يؤكد كيث بولارد الذي يشرف على موقع الإنترنت المتخصص «تريتمانت أبرود» (العلاج في الخارج)، السياحة الطبية لا تأتي على صعيد عالمي وإنما إقليمية بشكل عام.

 

 

فرص استثمارية

 

 

واستعرض قاضي المروشد الفرص الاستثمارية الجديدة المتاحة حالياً في إمارة دبي، وخاصة في مجال المستشفيات المتخصصة بعلاج وتشخيص الأورام، وعيادات الإخصاب، وعيادات معالجة السكري، وعيادات طب الأطفال، ومراكز إعادة التأهيل القصوى التي تقدم الخدمات للمرضى ممن يحتاجون للإقامة في هذه المراكز، ومراكز المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.

ولفت المروشد إلى الانتعاش الذي يشهده قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والنمو المتسارع للاستثمار في هذا القطاع الذي يتوقع له أن يشهد نمواً خلال العام الجاري مقداره 16 %، لافتاً إلى زيادة الطلب على الأسرَّة في المستشفيات بنسبة 160 % بحلول عام 2025، متوقعاً زيادة عدد زيارات مرضى العيادات الخارجية المحتاجين لدخول المستشفى بنسبة 350 % في الدولة.