وجه الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة كلمة عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لتوحيد القوات المسلحة، أكد فيها أن قرار التوحيد كان بمثابة نقلة نوعية لمسيرتنا الاتحادية وركيزة من ركائز رسوخها وعلامة فارقة في تاريخ الوطن.

وفيما يلي نص الكلمة: احتفلت القوات المسلحة بالأمس بالذكرى الأربعين لقيام الدولة تحت شعار روح الاتحاد ونحتفي اليوم بالذكرى السادسة والثلاثين لتوحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة موحدة تتويجاً لحرص الآباء المؤسسين على ترسيخ الكيان الاتحادي وتثبيت أركانه وكان قرار التوحيد بمثابة نقلة نوعية لمسيرتنا الاتحادية وركيزة من ركائز رسوخها وعلامة فارقة في تاريخ الوطن وبداية لمرحلة جديدة في مسيرة قواتنا المسلحة مهدت لعملية تطوير وتحديث جذرية وشاملة بنيت على خطط علمية وعملياتية مدروسة.

وكان السادس من مايو لعام 1976 يوماً من أعز أيامنا وواحداً من أهم انجازاتنا وأقوى ركائز مسيرة اتحادنا إذ لم يكن بنيان دولتنا الاتحادية ليكتمل من دون سياسة دفاعية واحدة يتولاها جيش وطني واحد وأصبحت قواتنا المسلحة بفضل الله وبجهود قادة ميامين قوات عصرية في بنيتها وأطرها ونظم تسليحها وبرامج بناء كوادرها الوطنية واستطاعت استيعاب أحدث الأنظمة والأسلحة والتقنيات والعلوم العسكرية المعاصرة.

 

سنوات عامرة

واليوم ونحن نستعيد هذه الذكرى لابد من وقفة مع النفس نسترجع خلالها سنوات عامرة بالتجربة والجهد والتجرد حافلة بالجهد والعطاء لنتدارس ما تحقق من انجازات ونمضي قدماً إلى غدنا ونحن أكثر ثقة وكفاءة في الأداء نقف على أهبة الاستعداد لمواجهة التحديات والمستجدات ونتفاعل مع كافة المتغيرات، إن حرصنا الدائم على تزويد قواتنا المسلحة بأحدث الأسلحة والمعدات والتجهيزات لا تعني بأي حال من الأحوال تغيراً أو تحولاً في توجهاتنا السلمية .

ولكنه تأكيد لرغبتنا في السلام آخذاً بمبدأ (إذا أردت السلم فاستعد للحرب) متمسكين بالثوابت التي تنتهجها سياسة الدولة الخارجية القائمة على الالتزام بالحوار أسلوباً وبالتعايش السلمي وحسن الجوار والاحترام المتبادل وتكريس علاقات التعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر واعتماد الوسائل السلمية لتسوية الخلافات والاحتكام للشرعية الدولية دونما إغفال لحقنا في الدفاع عن وطننا وبناء القوة لقطع الطريق على كل من يحاول التعدي على مكاسبنا.

إن قواتنا المسلحة قد أثبتت كفاءتها من خلال الاختبار الفعلي والعملي الأول باستضافة أول تمرين لقوة درع الجزيرة على أراضيها فكان هذا بمثابة تجربة أكدت قدراتها الفائقة على التحرك والتحكم والسيطرة وحسن استخدام السلاح كما أثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية في حماية أمن المنطقة ضمن منظومة القوات المسلحة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وقامت قواتنا المسلحة بدور مشرف ضمن قوة الردع العربية لإعادة السلام والأمن في ربوع لبنان الشقيق مما أكسبها احتراماً على الصعيد العربي كما قامت بنداء الواجب بالمشاركة الفعالة في حرب تحرير الكويت وخاضت معركة التحرير بكفاءة .

وشاركت في عملية إعادة الأمل للشعب الصومالي تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة وكان الدور الذي لعبته قواتنا المسلحة على الساحتين الإقليمية والدولية مثالاً للانضباط ونموذجاً للتفاني في أداء الواجب وأعطت مساهماتها في عمليات الإغاثة والمساعدات الطبية في ميادين عملها كافة طابعاً إنسانياً لما تقوم به قواتنا من واجبات ومهام فكانت خير ممثل لقيم دولتنا وثقافة وأصالة شعبنا مقدمة النموذج والقدوة ومجسدة معاني الخير ومعبرة عن روح المبادرة وقوة الالتزام ومعززة السياسة الحكيمة لدولة الإمارات التي أملت هذا التوجه.

 

أمن الأشقاء

إن استراتيجيتنا تتفاعل عضوياً وترتبط محورياً بأمن الأشقاء في دول مجلس التعاون ومن هذا المنطلق جاءت مشاركاتنا في تنفيذ واجبات قوة درع الجزيرة التي تمثل أحد أركان وآليات التعاون العسكري بين دول المجلس.

واليوم ونحن نحتفل بهذه المناسبة لا تزال قواتنا المسلحة تواصل بدعم قيادتها الحكيمة تحقيق المزيد من التقدم والتطور في كافة المجالات من خلال امتلاك أفضل التقنيات التكنولوجية العسكرية مع الحرص الدائم على التدريب ومواكبة كل جديد لاستيعاب أحدث النظم الدفاعية والتجهيزات التقنية لتظل قواتنا دائماً في مصاف الجيوش الحديثة وتظل كعهدها دائماً ركناً أساسياً في معادلة الأمن والاستقرار بالمنطقة والشرق الأوسط وهي دائماً على أهبة الاستعداد لحفظ أمن الوطن والمواطن وقطع الطريق أمام أي محاولات تهدد حقوقها أو تمس سيادتها ومكتسباتها.

وينبغي أن يكون ما تحقق من إنجازات للقوات المسلحة في ظل الاتحاد دافعاً قوياً ومحفزاً لمزيد من العمل الجاد والمثابرة ومضاعفة الجهود من أجل دوام الارتقاء أكثر وأكثر بالجاهزية والكفاءة العسكرية والقتالية وبما يواكب أفضل التطورات العسكرية مع الحرص على ديمومة اليقظة والقدرة على التفاعل الخلاق مع كافة المتغيرات الإقليمية والدولية.

ويسعدني في هذه المناسبة أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله»، وإلى سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى إخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وإلى سيدي الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، سائلين الله أن يعيد عليهم هذه المناسبة باليمن والبركات وعلى القوات المسلحة بكل الخير، وأن يديم لها الرفعة والعزة والمنعة وإننا في هذه الذكرى المجيدة وإحساساً منا بأهمية مسؤوليتنا تجاه هذا الوطن المعطاء نجدد العهد والولاء لقيادتنا الرشيدة بأن نكون الجند الأوفياء والدرع الواقية للوطن والعين التي لا تنام.