حققت القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة تطوراً مدهشاً منذ بداياتها المتواضعة الأولى لدى قيام دولة الاتحاد لتصبح اليوم قوة عسكرية عصرية عالية التأهيل والتجهيز قادرة على الذود عن أرض الوطن وحماية مواطنيه في الوقت الذي تساهم فيه في توفير الأمن والاستقرار على مستوى المنطقة لتظل على الدوام حامية للاتحاد ودرعاً للوطن.

جاء ذلك خلال التقرير الذي أعده قسم الإعلام العسكري مديرية التوجيه المعنوي بالقيادة العامه للقوات المسلحة بمناسبة مرور 36 عاما على توحيد القوات المسلحة .

وجاء في التقرير .. نحتفل اليوم جميعا بيوم من أمجد أيامنا الوطنية ونستعيد معاً بكل فخر واعتزاز وإكبار ذكرى مرور ستة وثلاثين عاما على توحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وشعار واحد وقيادة واحدة.

وبهذه المناسبة يتملكنا شعور عميق بالامتنان والعرفان والتقدير للقائد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الذي استطاع بمؤازرة من إخوانه القادة المؤسسين توحيد قواتنا المسلحة لتكون درعا حامية وسياجا منيعا يحفظ للوطن سيادته وأمنه واستقراره ويدافع عن إنجازاته ومكتسباته ومستقبل أجياله .

وكان قرار توحيد القوات المسلحة في السادس من مايو عام 1976 إيذاناً بمرحلة جديدة أطلقت الطاقات لعملية تطوير وتحديث شاملة مبنية على أسس علمية بهدف تعزيز قدرات قواتنا المسلحة التي استطاعت أن تثبت وجودها في أكثر من معترك سواء خلال مشاركتها في عمليات حفظ السلام أو مساهماتها الإنسانية على جميع الأصعدة أو من خلال اشتراكها في تمارين ثنائية أو جماعية مشتركة.

وشهدت القوات المسلحة في السنوات الماضية عمليات تحديث جذرية أحدثت نقلة نوعية كبيرة في أدائها كماً وكيفاً في جميع أفرعها البرية والبحرية والجوية فأصبحت القوات البرية حديثة التسليح والتنظيم داعمة صنوف الأسلحة الأخرى لتحقيق الغاية المنشودة التي تساير استراتيجية القيادة في رعاية الوطن وحمايته حدوداً وانجازات وعلى أهبة الاستعداد للقيام بكافة العمليات العسكرية المحتملة للدفاع عن الدولة وإنجازاتها ومساندة الأجهزة المدنية وفقاً للاستراتيجية التي تضعها الدولة بما يتناسب والصالح العام لها إلى جانب توفير القوى البشرية المدربة تدريباً كاملاً لتشكل القوة المستقبلية الصالحة للتعامل مع الأزمات الطارئة والمتوقعة وأنواع التهديدات ..

كما قطعت القوات البحرية شوطاً من التغيير والتحديث لأهم ما يمكن تطويره وتأهيله فأخذت حماية سواحل الدولة وثغورها البحرية ومياهها الإقليمية حيزاً مهماً ضمن الاستراتيجية الكبرى للقيادة العامة للقوات المسلحة بهدف ضمان فرض السيادة البحرية لدولة الإمارات على مياهها الإقليمية الهدف الذي تم لأجله توفير الأسلحة البحرية المناسبة للتعامل مع أيّة مخاطر محتملة في هذا الاتجاه حمايةً للمياه الإقليمية والاقتصادية للدولة والطرق التجارية المؤدية من وإلى الدولة وحماية المصالح الاقتصادية في البحر.

وكانت أكبر عمليات التطوير والتحديث قد تمت في القوات الجوية والدفاع الجوي التي شهدت نقلات عملاقة في عمليات التطوير والتحديث مكنتها من الوصول إلى أعلى درجات التأهيل والتسليح تحقيقاً لهدف حماية أجواء الدولة وأراضيها .

حيث يرمي برنامج التسليح الاستراتيجي لهذه القوات إلى الحصول على أحدث تقنيات العصر في مجال قدرات التسليح الجوي والطائرات متعددة الاستخدام والطائرات المقاتلة ومنظومات الدفاع الجوي المتطورة فأصبحت قوة استراتيجية ضاربة قادرة على ردع أي تهديدات أو مخاطر تواجه الدولة.

 

رفع القدرات

وواصلت القوات المسلحة في إطار خططها لتأهيل ورفع قدرات الأفراد وإعدادهم إعداداً يتناسب مع التقنيات الحديثة فاتسعت دائرة التعاون العسكري لتشمل آفاقاً جديدة للتعاون مع جيوش الدول الشقيقة والصديقة وذلك على مستوى الزيارات المتبادلة والدورات التدريبية، إذ قامت قواتنا المسلحة بعدة تمارين مشتركة مع هذه الدول اتسمت بالجدية والكفاءة العالية التي عكست ما يميز ضباط وأفراد قواتنا المسلحة من حرص على حسن الأداء والانضباط فكان من أحدث هذه التمارين العسكرية المشتركة تمرين "خليج 2012" الذي جرى على أرض الدولة في أبريل الماضي بين قواتنا المسلحة والقوات الفرنسية.

كما جرت على أرض الدولة في فبراير 2011 فعاليات التمرين العسكري المشترك بين قواتنا البحرية والقوات البحرية لجمهورية مصر العربية الشقيقة وذلك في إطار التعاون والتخطيط المشترك وتبادل الخبرات في المجالات العسكرية بين البلدين الشقيقين للمساهمة في دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة والخليج العربي.

إن خطط وبرامج الإعداد والتدريب بمختلف صنوف قواتنا المسلحة تحظى باهتمام بالغ وهي تسير بخطوات سريعة وكبيرة مرتكزة على أرقى نظم التدريب العسكري المتقدم التي تقوم عليها أحدث النظريات القتالية المعاصرة وذلك من أجل إرساء استراتيجية عسكرية متكاملة وموحدة لتصبح قواتنا المسلحة سداً قوياً منيعاً في وجه التحديات كافة المحدقة والتي تساهم في توفير سبل الأمن والأمان والاستقرار للمنطقة.

 

..وإحدى أدوات حفظ الأمن والسلم الدوليين

 

 

في إطار عقيدتنا العسكرية القائمة على صوت الحق والدفاع عنه والاحترام الكامل للقوانين والالتزام الثابت بالمبادئ جاءت مشاركة قواتنا المسلحة ضمن قوات حفظ السلام الدولية التي تشكل إحدى أدوات حفظ الأمن والسلم الدوليين وكان الدور الذي لعبته قواتنا في الساحتين الإقليمية والدولية مثلاً في الانضباط ونموذجاً للتفاني في أداء الواجب وأعطت مساهماتها في عمليات الإغاثة والمساعدة الطبية في ميادين عملها كافة طابعاً إنسانياً لما تقوم به من واجبات ومهام وشملت هذه المساهمات التي امتدت لسنوات خارج الوطن جميع الأصعدة عربياً وإقليمياً ودولياً.

وقد كانت أولى المشاركات عام 1976 في لبنان ضمن قوات الردع العربية لدرء مخاطر تفجر حرب أهلية كما ساهمت قواتنا ضمن قوات درع الجزيرة في تحرير دولة الكويت عام 1991 وانضمت قواتنا مع قوات الأمم المتحدة في عملية إعادة الأمل للصومال عام 1992 بعد أن طحنته حرب أهلية كما قدمت المساعدات للآلاف من المحتاجين والمشردين ..

وفي أول مبادرة لها في أوروبا عام 1999 أقامت قواتنا المسلحة معسكراً لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب - وذلك في كوكس/ بألبانيا كما قامت بالمشاركة في عمليات حفظ السلام في كوسوفا كما عادت قواتنا ثانية إلى لبنان عام 2001 لتخوض غمار تحد جديد تمثل في تطهير الأرض في الجنوب اللبناني من الألغام وتخفيف معاناة السكان وفي محيطها الإقليمي عام 2003 كانت قواتنا المسلحة سباقة إلى المشاركة للدفاع عن دولة الكويت وشعبها ضمن قوات درع الجزيرة وفي نطاق الإنسانية أيضاً تعاظم دور قواتنا المسلحة في عمليات الإغاثة الكبرى التي نفذتها خلال زلزال 2005 الذي ضرب شمال جمهورية باكستان الإسلامية.

وفي عام 2008 لعبت القوات المسلحة دوراً حيوياً في عمليات إغاثة المنكوبين في اليمن من جراء ما لحقهم من أذى نتيجة الظروف الطبيعية العنيفة والكوارث من السيول والفيضانات وفي جمهورية أفغانستان الإسلامية تلعب قواتنا المسلحة والمشاركة ضمن قوات "الايساف" دوراً هاماً وبارزاً في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني بالإضافة إلى إعادة إعمار ودعم وتطوير الأمن والاستقرار والذي يعكس على الدوام حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على دعم الشعب الأفغاني في مسيرته لإعادة بناء دولته ومؤسساته الوطنية.

وتقدم مهمة "رياح الخير" دليلاً واضحاً على رغبة دولة الإمارات وحرصها على دعم الشعب الأفغاني في إعادة بناء دولته عن طريق إعادة تشييد البنية التحتية ومساعدته في التغلب على ظروفه المعيشية الصعبة وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

 

الجنود

ويبذل الجنود الإماراتيون أقصى جهودهم لتحقيق الاستقرار في أفغانستان ومساعدة الأفغان في جميع المجالات بما في ذلك النواحي العسكرية والتنمية الاقتصادية وذلك في محاولة للمساعدة في النمو الاقتصادي في بلد يعاني من تراث طويل من الحروب الأهلية والعنف وعدم الاستقرار.

ومما لاشك فيه أن المشروعات الإنسانية في مجالات الرعاية الصحية والتعليم وتوفير البنية التحتية الأساسية للمجتمعات المحلية لا يمكن أن يحالفها النجاح في بيئة تتسم بعدم الاستقرار وتردي الأوضاع الأمنية.

وضمن طلائع من قوات درع الجزيرة المشتركة بعثت القوات المسلحة في 2011 قوة أمنية إلى مملكة البحرين التزاماً بالعهود والاتفاقيات الأمنية والدفاعية المشتركة وانطلاقاً من حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على المساهمة في أي جهد دولي تشارك قواتنا المسلحة بطائرات من القوات الجوية للقيام بالدوريات الدولية لتنفيذ حظر الطيران فوق ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل حماية المدنيين من أبناء الشعب الليبي الشقيق.