الأطفال أمانة أهاليهم ومجتمعاتهم ، مبدأ لا يمكن الاختلاف عليه، وإنما تختلف الظروف والوسائل التي تمكن الأهل والمؤسسات من الحفاظ على هذه الأمانة، من هذا المنطلق حرصت مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال على اختيار برامج وتنظيم فعاليات توعوية من شأنها ان تضمن أمان الأطفال وطفولتهم باعتبارها هي أيضا أمانة يتعين توفيرها لكل طفل ضمن العملية التربوية وضمن التنشئة ، كونها حقا من حقوقه.
وحملة " طفولتي أمانة" التي تنظمها المؤسسة ، تعمل على توعية الأهل بأهمية حماية طفولة أبنائهم وضمان سيرها بالشكل الملائم لهم نفسيا واجتماعيا وتعليميا والاهم من ذلك امنيا، كي لا ينشئوا وتظل الذكريات الأليمة محفورة في أذهانهم للأبد مؤثرة سلبا على حياتهم وحياة من حولهم، او في أسوأ الأحوال ان لا تسمح لهم الظروف بالعيش للتذكر ما حدث لهم ولا التأثر به من أي ناحية كانت
فالاحصائيات العالمية تعد مؤشرا خطيرا لما يتعرض له الاطفال من مختلف انواع الاساءة حول العالم، فبحسب تقرير اليونيسيف (منظمة الامم المتحدة للطفولة) هناك 300 مليون طفل حول العالم هم ضحايا سوء المعاملة والاستغلال، وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية 53 الف طفل في العالم لقوا حتفهم بسبب القتل عام 2002، وما بين 133 و 275 مليون طفل في العالم يتعرضون للعنف المنزلي سنويا، و 50% من الاطفال يتم اجبارهم على العمل في الجنس التجاري، بالاضافة الى 220 مليون طفل ينخرطون في العمل حول العالم بحسب منظمة اليونيسيف عام 2004
لذلك ارتأت المؤسسة تبني هذه الحملة للعام الثالث على التوالي، من منطلق حرصها على تنشئة هؤلاء الأطفال والعناية بهم، وفقا لرؤيتها ورسالتها وأهدافها التي لا تحيد عنها ، والتي أنشئت من اجلها، لحماية ووقاية وتوعية الأطفال من التعرض لأي تنوع من أنواع العنف او الاستغلال، بالإضافة الى توعية أهاليهم للتنبه قبل وقوع الإساءة للأطفال، حيث تستمر الحملة حتى نهاية ابريل الجاري، وتستهدف الأطفال حتى 12 سنة ، وأولياء أمورهم أيضا.
ولم تأت تلك الحملة بشكل تقريري بحت ، او على هيئة تقارير او رسائل توعية تأتي على استحياء ومن بعدي، فعلى العكس من ذلك، خرج فريق مختص من المؤسسة متبنيا الحملة ،وناقلا إياها بين أكثر المراكز التجارية اكتظاظا بالعائلات والأطفال، ولم تكن حملة لتوزيع المنشورات التوعوية على الأهل ومن ثم ينتهي الأمر، بل تعدت الحملة كل ذلك .
حيث خصصت المؤسسة منصة لها تضم كراسي صغيرة وطاولات للأطفال من كل الأعمار ليستمتعوا بالتلوين والرسم، برفقة ذويهم، ومن ثم الحصول على الحلويات التي تعد في نظرهم من أعظم الجوائز وأهمها في كل المناسبات، ومن ثم يتم توزيع المنشورات التوعوية على الأهل حول الحملة ، وأهدافها وأهميتها.
كما لم تأت فعالية الرسم اعتباطية او لمجرد إضاعة الوقت بالتسلية فحسب، اذ تشير شمس المهيري مسئول الاتفاقيات الدولية والشراكة في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال إلى ان فعالية الرسم اتت متعمدة كي يعبر الأطفال عما بداخلهم ، فالأطفال يعبرون بالرسم اكثر مما يعبرون فعليا بالكلام في اغلب الأحيان، مؤكدة ان المؤسسة وبعد انتهاء الطفل من لوحته ، تتم كتابة اسمه عليها ويتم اخذ معلومات الأهل لإعادة الاتصال بهم فيما بعد، لأن ما حصل لم يكن الا بداية الطريق.
حيث يتم فيما بعد عرض كل تلك اللوحات والرسومات على الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في المؤسسة ، ممن مهمتهم قراءة ما بين الخطوط والألوان ومعرفة نفسية الطفل وما يعانيه ومن ثم قام بنقله على الورقة وأوضحت انه بعد الانتهاء من التحليل يتم الاتصال بأهل الطفل لتقديم الشرح لهم عما قدمه طفلهم وما يحاول إيصاله.
حضور
ام علياء وحمد وحمدة قالت انها اتت الى مركز " مردف سيتي سنتر" وهي تبحث عن المكان المخصص للفعالية بعد ان قرأت في الصحف تفاصيل المؤتمر الصحافي الذي تم من خلاله الإعلان عن هذه الفعالية، وقالت: " انا ام لثلاثة أبناء أكبرهم علياء وهي الآن تتجاوز العشرة أعوام وأخاف عليها كثيرا لكثرة ما اسمع عنه في وسائل الإعلام من أساليب خطيرة ومخيفة للتحرش بالأطفال، خاصة واننا في مجتمع خليط يضم من مختلف جنسيات العالم ومن العادات الغريبة، وحاولت كثيرا توعيتها وتنبيهها لأهمية ان لا تصغي لأحد غريب او تسمح لأي غريب من الاقتراب منه.
نادية علاء الدين أتت برفقة ولديها احمد (7 سنوات) ومحمد (4 سنوات) ،أتت إلى المنصة الخاصة بالفعالية ظنا منها انه مرسم أطفال فرغب أطفالها بالمشاركة، اما عندما علمت بحقيقة الفعالية سعدت بها جدا وأبدت اهتماما كبيرا، مشيرة إلى انها دائما ما تحاول توجيه أطفالها بضرورة عدم الاقتراب من اي شخص غريب مهما حاول معهما ،.
وتضيف: " اشدد عليهما دائما بضرورة عدم الاقتراب من الغرباء او اخذ منهم اي نوع من الحلوى او الهدايا مهما كانت ، لأن بعض ضعاف النفوس يستخدمون تلك الخدعة لمعرفتهم كيف يحب الأطفال تناول الحلويات ايا كان مصدرها، كما أوصيهم دائما بعدم السماح لأحد باحتضانهم او تقبيلهم الا اذا كان من العائلة فقط وأمام عيني.
استعداد
الطفلة سلسبيل البالغة من العمر 8 سنوات ، أتت برفقة والديها وهي تستعد على عجل للدخول الى المرسم، وعلى الرغم من ان والديها لا يعرفان سبب الفعالية الا أنهما أبديا اهتماما كبيرا بمفهومها وهدفها، حيث يشير والد سلسبيل الى تخوفه الشديد مما يسمعه من قضايا التحرش بالأطفال مما يجعله طوال الوقت حريصا على ان لا تغيب ابنته عن عينه خاصة في مجتمع يصفه بمتعدد الجنسيات وفيه الكثير من العادات الغريبة التي يشكل بعضها خطرا على الأطفال، فيما تقول والدتها انها دائما ما تتحدث لا بنتها بشيء من التوضيح حول ما يتعين عليها القيام به.
ويقول والد سلسبيل انه يحرص دائما خلال توجيه ابنته إلى عدم تخويفها من الناس ممن هم حولها كي لا تصبح انطوائية او تخاف من كل شيء دون داع، لذل فهو يثمن ما تقوم به مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال من توعية أولياء الأمور نحو هذه الأمانة الكبرى وهي طفولة أبنائنا.
اصغر المشاركات كانت الطفلة منة محمد عزيز وتبلغ من العمر 3 سنوات ، كانت قد انتهت للتو من رسم لوحتها بكل فخر على الرغم من صغر سنها، وتقول والدتها انها تتحاشى الحديث معها في هذه الأمور خوفا من ان لا تستوعب ما يقال لها، وحين أعلمناها بأن الأطفال في مثل سن ابنتها قد يتعرضون أيضا للمشاكل، أكدت انها لا تعرف كيف توصل المعلومة لها .
