يعتزم مستشفى توام افتتاح مركز لزراعة الخلايا الجذعية في غضون الأشهر المقبلة، وذلك بعد أن أثبت العلاج بالخلايا الجذعية نجاعة عالية في علاج الأمراض المستعصية ومنها الثلاسيميا وأنيميا الدم وحوالي 70 مرضا آخر مما سيضع حداً لسفر المواطنين وغيرهم للخارج لإجراء مثل هذا النوع من العمليات المكلفة جدا، لا بل وسيشجع على السياحة العلاجية خاصة مع سياسة الانفتاح التي تنتهجها الدولة وسهولة الحصول على تأشيرات الزيارة والإقامة ان استدعى الأمر، وافتقار معظم دول العالم لمثل هذه التقنيات الرائدة.

ويؤكد الدكتور محمد جالودي رئيس قسم الأورام في مستشفى توام أن قرار افتتاح المركز يأتي بعد أن قطعت دولة الإمارات شوطا كبيرا في خدماتها الصحية، لافتا إلى أن جميع الإمكانيات والتقنيات بما فيها الكوادر الطبية والأجهزة والمعدات والإمكانيات المادية أصبحت متاحة وبشكل كبير . وقال الدكتور جالودي في تصريحات لـ " البيان" على هامش مؤتمر السرطان الذي نظمته جائزة حمدان للعلوم الطبية بالتعاون مع هيئة الصحة في دبي مؤخرا أن تكلفة زراعة الخلايا الجذعية خارج الدولة تكلف المريض الواحد ما يقرب من مليون درهم نظرا لأن المريض يحتاج لفترة طويلة من الإقامة في الخارج مع المتبرع والمرافقين في حين ستنخفض التكاليف إلى أكثر من النصف في حالة إجرائها في الدولة، مؤكدا ان الأهم في العملية هو توفير المتبرع الذي يشترط أن يكون من أقارب المريض من الدرجة الأولى كالأخ أو الأخت .

 

اكتشاف

وقد اكتشف العلماء أن العلاج بنخاع العظم أو الخلايا الجذعية التي يتم استخلاصها من دم حبل السرة بعد الولادة، تحتوي على خلايا يمكن تشكيلها بعدة طرق لعلاج مختلف الأمراض التي قد تصيب المولود نفسه في مراحل الكبر لا بل وقد يستفيد منها مرضى آخرون في حال تطابق الأنسجة، وبالتالي سارعت معظم الدول المتقدمة بما فيها دولة الإمارات بإنشاء ما أصبح يعرف ببنوك دم الحبل السري "الخلايا الجذعية" ومنذ ذلك الحين ولغاية الآن تم إعادة البسمة والأمل لعشرات الآلاف من المرضى من مختلف الأعمار والجنسيات في كافة دول العالم منهم ما لا يقل عن 80 مريضا من الإمارات.

 

خلايا شبيهة

ويؤكد الدكتور علي رضا مدير المختبرات في هيئة الصحة أن دم الحبل السري يحتوي على ما يُسمى بالخلايا الجذعية، وهي خلايا شبيهة بخلايا نخاع العظام، تعين الإنسان على إنتاج خلايا العظام والغضاريف والعضلات، إضافة إلى خلايا الكبد والخلايا التي تشكل بطانة الأوعية الدموية، والمهم في الأمر أن لحفظ دم الحبل السري فوائد مستقبلية كبيرة؛ حيث أن الخلايا الجذعية المستمدة من دماء الحبل السري يمكن استخدامها بنجاح، حيثما تطلب الأمر تدخل الأطباء لمعالجة صاحب الدم من الأمراض المستعصية مثل مختلف أنواع سرطانات الدم، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة التي نشرت مؤخرًا في الدوريات العلمية أن دم الحبل السري يمكن أن يعالج بنجاح العديد من الأمراض الخطرة مثل سرطان الدم وسرطان الثدي والرئة بالإضافة إلى بعض أمراض الدم.

 

ميزة رئيسية

ويضيف: "الميزة الرئيسية للخلايا الجذعية والتي تسببت في السعي الحثيث لإجراء البحوث حولها بالعديد من الدول تتمثل في كونها خلايا غير مكتملة الانقسام، قادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم. وبالتالي يمكن اعتبارها نظام (إصلاح وتجديد) للجسم، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد أودع فيها استطاعة تكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة بعد أن تنمو وتتطور، وعليه يمكن أن تزرع في جسم الإنسان في المكان الذي به تلف لأحد الأعضاء فيستعيد العضو وظيفته.

حيث تنمو وتنقسم الخلايا الجذعية مكان الأنسجة التالفة، وهي بذلك يمكن أن تكون علاجًا سحريًّا لأمراض وحالات إعاقة كثيرة تتضمن مرضى باركنسون (الشلل الرعاش)، والزهايمر، وإصابات الحبل الشوكي، والصدمات، والحروق، وأمراض القلب، والتهاب المفاصل، والشلل الرباعي، بل وقد تصبح بديلاً لعمليات زرع الأعضاء لتصبح عملية زرع خلايا فقط تنمو لتكون أعضاء بديلة.

وتتجلى قدرة الخالق في أن الخلايا الجذعية الموجودة في مشيمة واحدة تكفي لإعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي عند طفل مصاب بابيضاض الدم (وهو مرض يتميز بانقسام خلايا الدم البيضاء بصورة غير سوية مما يوجب قتلها بالمعالجة الكيماوية)، وتكفي لعلاج شخص بالغ في حال تنميتها في ظروف خاصة.