أكد جيكوب ماثيو رئيس الجمعية الدولية للصحف وناشري الأخبار أن تأسيس أنظمة إعلامية فاعلة يعطي فرصا أكبر لصناعة النشر وذلك بالاعتماد على تطور التكنولوجيا والطباعة عالميا مشيرا إلى تبني دول الشرق الأوسط وناشريها سياسة التعامل مع مسارات الإعلام كافة معتبرا أن الصحافة التقليدية تواجه تحديات كبرى تتمثل في ضرورة اعتمادها على تعدد المهارات لضمان مستقبل صناعة النشر.

جاء ذلك امس في افتتاح مؤتمر الشرق الأوسط السابع للجمعية الدولية للصحف وناشري الأخبار تحت عنوان " معانقة المستقبل.. استراتيجيات ناجحة لدور الإعلام وعرض لدراسات محلية ودولية».. والذي يختتم أعماله اليوم في فندق ماريوت دبي ويناقش ستة محاور تشمل الإعلام الاجتماعي وهل هو الحل السحري للإعلام؟.. والقيادة وإدارة الموارد البشرية.. ومن الإعلام الأحادي إلى الوسائط المتعددة إلى إعلام ذكي.. والإبداع في غرفة الأخبار.. والحملات الإعلانية.. وأخيرا قوة الطباعة.

وأشار ماثيو في كلمته إلى أن تعدد مهارات الصحافة المطبوعة سيؤتي ثماره على المدى الطويل في منافستها للصحافة الالكترونية بما في ذلك تقديم النسخ الآنية والمرئية والمسموعة للصحافة التقليدية مشيرا إلى أن أفضل طريقة للاحتفاظ بالقراء هي تقديم أفضل محتوى صحافي مع الإبقاء على التواجد عبر الوسائط الإعلامية المتعددة والجديدة مؤكدا على ضرورة وجود معايير للجودة في الصحافة التقليدية بما في ذلك جودة وتميز المحتوى.

وأشار إلى أن المؤتمر سوف يناقش الابتكارات الإعلامية الجديدة وكذلك حرية الصحافة وأهميتها في مواجهة التحديات التي يريدها القراء والشعوب في الدول النامية مطالبا بضرورة التفاؤل بإيجاد الصحافة الحرة في ظل الأوضاع السياسية التي تسود المنطقة وألمح إلى زيادة التوقعات والمعايير بشأن الصحافة الحرة في ظل نشاط الفضائيات والإعلام على الانترنت وانخفاض سقف الرقابة على الصحف وملاحقة الإعلام للتحرر السياسي في كوريا وأوروبا الشرقية وأميركا ووجود الصحافة الديناميكية ما أتاح فرصا أفضل للصحافة لخدمة القراء بشكل أمين وشفاف.

التميز في الصحافة

وتحدثت بعد ذلك الأميرة ريم العلي رئيسة المؤسسة الأردنية للإعلام والتي تهدف إلى تحقيق التميز في الصحافة والإعلام العربي وضيفة المؤتمر مؤكدة أن التطورات التي تشهدها وسائل الإعلام حاليا تتم بسرعة كبيرة تصعب من إمكانية معرفة شكل الصحافة التقليدية مستقبلا معتبرة أن الصحافة الحرة من الأساسيات في كل مجتمع صحي.

وأوضحت أن الصحافة الإقليمية لم تتأثر كثيراً مع تطور الصحافة الالكترونية كما حدث في أوروبا حيث مازال القارئ يتمتع بحمل صحيفته ولكن هناك الكثير من الفرص لتطور الصحف محتواها الالكتروني على الانترنت معتبرة أن الوسائط المتعددة لا تمثل تهديدا إنما هي فرصة لتطوير الصحافة التقليدية كما أن الوسائط أداة مهمة لتتفاعل معها الصحافة التقليدية مع التحقق من المعلومات منوها إلى أهمية دور المحررين للتقصي وضرورة تقديم المزيد من الكفاءات الوطنية في بعض دول المنطقة من المواطنين العاديين الذين يصلوا إلى مناطق لا يمكن للصحافيين المحترفين الوصول إليها.

وأوضحت أن هناك انخفاضا في عادات القراءة لدى الشباب وبالتالي فعلى وسائل الإعلام التقليدية أن تقدم برامج للشباب عبر شبكات ومجالات التواصل الاجتماع مضيفة أن المطلوب من المؤتمر أفكار جديدة لصحافة المنطقة إضافة إلى معلومات موثقة وجهود للحفاظ على المعايير الأخلاقية. وطالبت برصد كيفية التغيرات التي ستحدث في المنطقة بعد انطلاق ثورات الإصلاح وكذلك الانتقال من الصحافة الحكومية إلى الصحافة المملوكة للشعب ومدى مصداقيتها وما يقدم على الانترنت.

وطالبت المؤتمر بمناقشة مسائل مهمة مثل تلقي الأخبار في المنطقة والفرص المتاحة للصحافة والإعلام الإقليمي ومساندة الصحافة التقليدية للنجاة في تحديها للوسائط المتعددة والالكترونية والرفاء بأعلى معايير المهنية.

تاريخ انعقاد المؤتمر

وتحدث صالح الحميدان المدير العام لمؤسسة اليوم للإعلام السعودية ورئيس لجنة الشرق الأوسط في جمعية الصحفي وناشري الأخبار مستعرضا تاريخ انعقاد المؤتمر مشيرا إلى النمو الكبير في صناعة الإعلام في المنطقة والتحديات التي تواجهها داخليا وخارجيا ملمحا إلى تزايد حرية الصحافة والإعلام إقليميا مؤكدا أن المؤتمر يوفر فرص تبادل الخبرات والنجاحات ودراسة نقاط الفشل ويضع نظرة استراتيجية لمستقبل الصحافة في المنطقة ويمكنها من أن تقوم بالفعل ولا تنتظر رد الفعل لمواجهة تحديات الوسائط المتعددة.

ثورة إعلامية

وتحدث محمد عبدالله المدير التنفيذي لمدينة دبي للإعلام مشيرا إلى الثورة الإعلامية التي جاءت عبر الهواتف النقالة والانترنت والوسائط المتعددة إلى منطقة الشرق الأوسط ما يستوجب التوصل إلى طرق جديدة للتواصل مع الصحافة المطبوعة مشيرا إلى أن غرفة تجارة وصناعة دبي رصدت رؤوس أموال تدور بين 7.5 و 8.5 مليارات درهم تدور في صناعة الإعلام المطبوع بالإمارات خلال العام 2012 بالرغم من حرص الجمهور على الإعلام الالكتروني.

وأوضح أن الصحافة التقليدية تتمتع باعتبارها من وسائل الإعلام وتتفاعل مع الانترنت ولذا أصبح من الحتمي أن تتفاعل الصحف بشكل إبداعي حتى تبقي على زبائنها كصحافة تقليدية والكترونية في آن واحد وقال إن الصحافة التقليدية نجحت في تطوير منتجاتها على الانترنت في ظل زيادة عدد المقبلين على الصحافة الالكترونية وكل هذا يفرض التحول الضروري لشركات الصحافة وتحولها إلى الوسائط المتعددة للحفاظ على استمراريتها في الإمارات.. وأضاف إن هناك فرص لتفحص مصادر جديدة للدخل للصحافة التقليدية.

الجلسة الأولى

أكدت الجلسة الأولى للمؤتمر الترابط بين الصحافة الاجتماعية والوسائط المتعددة والحديثة والانترنت باعتبارها الوسيلة الأولى للتواصل الإخباري والاجتماعي بين الشعب الواحد والشعوب وبعضها.

وقالت مها عبدالرحيم أبو العينين رئيسة التواصل والعلاقات العامة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "جوجل" إن الانترنت يلعب دورا رئيسيا في نقل المعلومات وربط الشعوب والتواصل بين المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى حيث يستخدم الانترنت حاليا أكثر من ملياري نسمة.

وتعرضت مها إلى اعتبار الانترنت سلاحا ذا حدين مشيرة إلى خطورة إدمان الانترنت وقالت إنه يتم تحميل 60 ساعة من الانترنت في كل دقيقة وتوجيه 7 آلاف رسالة و175 ألف تغريدة كل دقيقة عبر الانترنت. وقالت إن مؤسسات الصحافة يمكنها أن تشرك القراء عبر الانترنت ليكون لهم صوت عبرها، يحقق ارتباطا قويا مع القراء والتواصل معهم في الحياة اليومية ووقت العمل.

وأشارت إلى 6 نقاط اعتمدتها "جوجل" في عملها تشمل أولا التركيز على المستخدم الذي يحدد المادة المطلوبة والناجحة وثانيا تمكين الآخرين ومعرفة التغذية الراجعة وإتاحة الفرصة للجميع لبث الأخبار من خلال قناة على اليوتيوب وثالثا التعامل مع الأفكار التي تأتي من أي مكان ومن أي شخص ورابعا التفكير في المشاريع الكبيرة التي تبدأ بخطوات صغيرة وخامسا عدم الخوف من الفشل مع التركيز على كيفية الاستفادة منه إن وقع وسادسا تعلم كيف يمكن أن تطلق الشركات الكثير من المنتجات ثم تحسينها حسب رغبة الجمهور.

ثم تحدث ريتشارد نيكل نيابة عن شركة ساتشي اند ساتشي عن تسويق العلاقات التجارية عبر الانترنت وأساسيات وسائل الإعلام الاجتماعي في التسويق والتبضع وترويج العلامات التجارية وتحدث عن المستهلك الذي يدخل هذه الإعلانات ويتخذ قراره بالشراء.

تطور القيادة.. استراتيجيات مستقبلية

كما تحدثت آرلين ماكمان المدير التنفيذي لمؤسسة (تطوير القيادات الشابة في وان إفرا) في باريس ومديرة العمل التطويري في الديمقراطيات الناشئة، والتي تعلم الصحافة في كل من بلغاريا وفرنسا، حاولت من خلال مداخلتها الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المرتبطة بعلاقة الصحف بجمهورها، ولا سيما الشباب منهم من جهة وبكيفية كتابة الأخبار الصحافية في غرف الأخبار وقالت إن ( عملي هو أن اقنع الصحف بأن تهتم بالشباب من جهة وأن أجعل الشباب يهتمون بالصحف من الجهة الأخرى)، وذلك على طريق خلق جيل جديد من القراء، جيل يتسم بالشباب بصورة كاملة مع الحفاظ على الجمهور بكامله.

وأشارت ماكمان إلى تجربة الشباب العربي بهذا الخصوص، مؤكدة أن هناك الكثير الذي يمكن أن نتعلمه منهم، الأمر الذي بينه مسح قامت بها (ون إفرا) وخصصته لهذه الفئة العمرية، لكنها نبهت كذلك إلى خطورة الطرق الخاطئة في التعامل مع وسائل الاتصال الاجتماعي ووسائل الإعلام عموما، وقالت إنه من الخطأ التعامل معها على أنها وسائل لإيصال المعلومة فقط، وإنما يجب التركيز كذلك على قضايا أخرى مثل البيئة والنظافة على أساس ثلاثة شروط ترتبط بأن تكون المسائل المطروحة للنقاش حقيقية والصحافة موثوقة التي يجب على العاملين فيها أن يفكروا بوصفهم ينتمون إلى فئة الشباب كشرط ثالث، فضلاً عن ضرورة أن تكون وسيلة التواصل الاجتماعي حاضرة في الوقت والمكان المناسبين.

إشراك الجمهور

وللتدليل على ما ذهبت إليه ماكمان، ساقت مثالاً استمدته من تجربة خاضتها صحيفة (الغارديان البريطانية) عام 2008 على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، متيحة الفرصة أمام قرائها لقراء وكتابة مقالة، ما زاد من عدد القراء ووسع رقعة الشرائح الاجتماعية المهتمة بالصحيفة بما في ذلك الشباب الصغار، الذين أعطتهم الصحيفة فرصة إعداد الأخبار وشكلت لهذا الغرض غرفة أخبار خاصة بهم، على قاعدة بناء الثقة ومبدأ ( إن لم تخبرني، فسأكتشف الأمر بنفسي)، لكنها حذرت كذلك من مغبة أن تقحم المؤسسة الصحافية نفسها إقحاما في وسائل التواصل الاجتماعي.

وذلك يتطلب النجاح في أن يكون لهذه الوسائل نقاط مشتركة مع الشباب من خلال ملامسة اهتماماتهم كالقيام بحملات الدفاع عن البيئة ومعرفة مصادر قلق الشباب، على ان تكون داخل الشبكة بشكل طبيعي فضلاً عن إتاحة الفرصة أمام الشباب كي يتعرفوا على العاملين في تلك الوسائل.

ومن أهم الوسائل الناجحة في خلق بيئة قائمة على التعاون والثقة بين وسائل الإعلام وجمهور المتلقين، ذكرت ماكين تجربة موقع ( زيرو هورا) البرازيلي، الذي عمد إلى الخلط بين الأجيال والربط بينها في جزئية تتعلق بالخبر، حيث طلبت من القارئ الشاب تخصيص تلخيص الأخبار كي يتلوها على الأطفال والأشخاص المتقدمين في العمر، ما يسمح بتعزيز البيئة الاجتماعية بين في وسائل الاتصال الاجتماعي.

وللتعلم أكثر حول مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، دعت ماكمان إلى المشاركة في القمة العالمية للقراء الشباب التي ستعقد في سبتمبر المقبل في بانكوك، وكذلك في مهرجان حلم الانضمام للصحافة الموجه للصغار ومؤتمر هامبورغ لصناعة الأخبار.

الجلسة الثانية.. دروس القيادة

أما الجلسة الثانية، فقد جاءت تحت عنوان (القيادة وإدارة الموارد البشرية) وأدارها ديفيد بوتر مؤسس مؤسسة (ديفيد بوتر للاستشارات) في المملكة المتحدة، الذي قال إن العالم برمته يتطلع إلى القيادة حتى إن عدد الكتب التي تتناول هذه الموضوع يصل إلى 50 ألف كتاب، منوها إلى أن مفهوم القيادة يعني تقديم الخدمات للآخرين وأن القيادة لا تربط بتحقيق الربحية فقط، إنما بتأدية دور في المجتمع أيضا وأن المؤسسات في العالم تحظى بفرصة القيادة ومن بينها الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، لأن من يقود العربة هم المستهلكون، الذين يتطلعون إلى المستقبل، ما يفرض على القيادة التحضر لهذا المستقبل واحتضانه، حيث يتعين خلق المستقبل بأيدينا مع الأخذ في الاعتبار أن الناس ينقسمون عادة إلى ثلاثة أنواع، فمنهم من يصنع الأحداث ومنهم من يشارك فيها ومنهم من يتفرج عليها.

كما تحدث بوتر عن مفهوم القيادة التحولية، أي قيادة الجيل الثاني، وهي برأيه قيادة من نوع جديد تتطلب السباحة مع الأمواج مثلما تتطلب تعلم 10 دروس للقيادة تتلخص بعشر كلمات تشكل أحرفها الأولى عبارة القيادة بالإنجليزية أي ( ليدر شيب) وتلك الكلمات هي الإصغاء والرؤية واتخاذ القرار والمبادرة والتصدي للمخاطر والاستدامة والتواضع والارتجال والإلهام والربحية والشغف.

الثقة بين المحررين

في السياق ذاته، عرضت ناجا نينسن رئيس تحرير التلفزيون في مؤسسة (برودكاستنغ كوربوريشن) الدنماركية، لحالة دراسية حول البث في الدنمارك، الأمر الذي يخلق الكثير من الصعوبات، لا سيما وأن عدد العاملين في المؤسسة لا يتجاوز 500، بينما حجم العمل زاد أضعافا خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما دفع قيادة المؤسسة إلى التركيز على المنافسة واستغلال الوقت، وتحويل جانب من القيادة من المديرين إلى المتخصصين بالمحتوى الصحافي، فضلاً عن الانتقال من موقع انتقاد المجتمع إلى موقع الانتقاد وإيجاد الحلول وطرح خيارات بديلة وخلق جو من الثقة والتعاون بين المحررين.

قيادة الصحافة إلى المستقبل

لم يكتف الاعلامي الإماراتي سعيد الغامدي في معرض تحليله لماهية وسمات قيادة الصحافة إلى المستقبل، في توصيف وذكر مزاياها، بل ناقش مدى امكانية قدرة أي من الأشخاص على القيام بهذه المهام، وواقع إذا ما كان مثل هؤلاء موجودين. وأكد الغامدي في هذا الصدد أن القادة الذين كانوا ناجحين ضمن هذا المجال، عليهم أن يحرصوا على بناء أنفسهم في مجال إدارة الإعلام واستراتيجياته. كما استعرض الإعلامي الإماراتي طبيعة الخبرات التي يمكن أن تضع الأشخاص في أفضل المناصب العليا ومواقع القيادة البارزة.

الإعلام القديم والحديث

عقد عبد العزيز بن ملحم وكيل وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية عقد مقارنة بين الإعلام القديم والاعلام الحديث، مستعينا برسم كاريكاتيري يظهر الإعلام القديم على شكل تلفزيون صغير الحجم بينما الشخص العامل فيه كبير الحجم، وفي المقابل، فإن الإعلام الحديث يتجسد في تلفزيون كبير الحجم وكادر قليل العدد يعمل فيه، وذلك في إشارة إلى موضوع رأس المال البشري في مجال الإعلام بجانبيه وسائل الاعلام الاجتماعي والضمان الاجتماعي.

حيث تكون الصحافة التقليدية بحاجة إلى رضى المستهلك واسواق الشركات المعلنة، حيث تواجه وسائل الإعلام التقليدية مجموعة من التحديات على رأسها التلكؤ، ما يدعو إلى ضرورة التحول من وسائل إعلام تقليدية إلى إلكترونية وسائل إعلام، حيث يلعب الهاتف النقال دورا كبيرا، وحيث لم يعد الناس بحاجة إلى قراءة الأخبار في الصحف، وتحدث بن ملحم عن استراتيجية إعلامية تقوم على مقولة (من الجمهور إلى الجمهور ومن صنع الجمهور). خالد سليمان من مجموعة الغامدي إخوان في دبي قال إن دبي تركز منذ البدايات على تطوير الموارد البشرية وفي مجموعة الغامدي أيضا.

تكريم خاص

كرمت جمعية الصحف وناشري الاخبار ظاعن شاهين المدير التنفيذي للصحافة بمؤسسة دبي للاعلام ورئيس تحرير «البيان» ومحمد عبد الله مدير مدينة دبي للاعلام والاميرة ريم العلي والشيخة انتصار السالم العلي الصباح وعبد العزيز بن سلطان وزامر اميتان من الضيوف والمشاركين في المؤتمر.

وقدم كريستوف رايس رئيس الجمعية دروع خاصة بالمناسبة الى المكرمين. انتصار الصباح: توقف دعم الصحف مرهون بوصول البترول دون الـ60 دولاراً

أكدت الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، أن جميع وسائل الإعلام ستتطور مع الوقت رغماً عنها، حتى تظل على اتصال دائم بالمجتمع والعالم، اللذين لا تستطيع الانقطاع عنهما، ولكنها أوضحت أن شيئاً واحداً بيده أن يقضي على مستقبل الصحافة المكتوبة، وقالت لـ"البيان": إذا اختفت الكتب والأوراق نهائياً من المدارس والجامعات وتم اعتماد النظام الإلكتروني في الدراسة، فهذا يعني احتضار الصحافة المكتوبة، ولكننا اعتدنا منذ صغرنا على أن الكتاب مصدر ثقة.

وعن تقييمها للدور التقدمي الملحوظ للصحافة الكويتية المكتوبة واقترابها للصحافة الإلكترونية، أوضحت الشيخة انتصار الصباح، أن ثقة الكويتيين بالصحافة التقليدية أكبر من ثقتهم بالصحافة الإلكترونية، واستطردت قائلة: تعتمد الصحافة الإلكترونية على المبادرات السريعة، والشباب في جميع أنحاء العالم ينجذبون نحو مواقع التواصل الاجتماعي لأنها ذات إيقاع معلوماتي سريع، ولكنهم عندما يبلغون سن الثلاثين، سينضجون أكثر، كما ستتغير طريقة تفكيرهم، ويعيدون حساباتهم، وسيتجهون نحو الصحافة الكلاسيكية.

وتابعت: تعمل معظم القوى العاملة الكويتية، في القطاع الحكومي الذي يوفر لهم الصحف مجاناً بشكل يومي، ما يدفعهم لتخصيص جزء من وقتهم لقراءتها، وخاصة أن خدمة "الأون لاين" غير متوفرة خلال وقت الدوام، وهذه خطوة إيجابية تبقي على الصحافة المكتوبة وتحفظ لها مكانتها، فضلاً عن أنها تُباع للحكومة بسعر مضاعف عن السعر الفردي، والحكومة مضطرة لشرائها لسبب مهم، وهو حتى تغير ثقافة أفراد المجتمع وتعودهم على قراءة الصحف، وليس كما يظن البعض أنها تريد إيصال صوتها للكويتيين، فلا يوجد في الكويت صحف موالية للحكومة وأخرى ضدها أو معارضة لها، كما أنه لا توجد جريدة واحدة تدعم الحكومة، فبالرغم من هذا الدعم الكبير لها إلا أنها لا تزال ملتزمة الحياد والموضوعية. وبسؤالها عن إمكانية استمرار هذا الدعم الحكومي، قالت ضاحكة: ستظل الحكومة تدعم الصحف الكويتية، لحين نزول سعر البترول عن الـ60 دولاراً.

وعن ارتباطها بقراءة الصحف مع فنجان القهوة الصباحي، عبرت الصباح عن اهتمامها الكبير بقراءة الصفحات الثقافية لأنها إيجابية وملهمة وتشجع على التطوير، واستطرد قائلةً: لا أحب قراءة الأخبار السياسية، وأكتفي بالاطلاع السريع على العناوين العريضة، وأنا فخورة بالتحول الإلكتروني للصحف الكويتية مقارنة بباقي صحف دول الخليج. وحول مستقبل دولة الكويت، نفت الشيخة انتصار الصباح، أن تكون الكويت في منأى عما يحدث في مصر وتونس، وقالت: الكويت تتبع مصر وتونس، لأن القومية العربية تسري في دماء الكويتيين بشكل قوي.

وعلقت الصباح على الأحداث الجارية في مصر، وقالت: لطالما كانت مصر تحكم من قبل الجيش، وحتى ينتهي الجيش لا بد من أن الأمر يؤلم بقوة، وحسني مبارك، كانت لديه فرصة ذهبية ولكنه لم يستغلها من وجهة نظري الشخصية، لأنه من المفروض ألا يستغلها، فقد مشى على نهج من سبقوه دون إراقة دماء، وفي نهاية المطاف، المسألة لا تحتاج إلا إلى وقت وتحكم بمشاعرنا الإنسانية، فلا يجوز أن نحكم على نجاح أو فشل الثورة المصرية خلال عام أو عامين، فالانقلابات لا تحدث دون تضحيات وشهداء. ريم علي لـ «البيان»: انتهى عهد الإعلام الحكومي

صرحت الأميرة ريم علي، مؤسس ورئيس معهد الإعلام الأردني لـ"البيان"، أنها ليست خائفة على مستقبل الصحافة المكتوبة في المنطقة، لأن تمسك نسبة كبيرة من الجمهور بالقراءة والمطالعة يعكس مدى ثقتهم فيها كمصدر دقيق للمعلومات، ومدى قدرة الصحافة المكتوبة على الوصول إليهم وملامسة همومهم والتعبير عنها، ومضت قائلة: على وسائل الإعلام اليوم، مواكبة تطورات العصر، والالتزام بالأخلاق، والحفاظ على مصداقيتها تحت أي ظرف، بالإضافة إلى التركيز على نوعية المواد التي تطرحها، فضلا عن التلاحم مع جيل الشباب لاستقطابهم، لا أن تكون في مواجهة مع هذه الفئة التي تعد عنصرا مهما في عملية البناء والتغيير.

وأضافت: كنت أهتم بالاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما كنت أعمل في ميدان الصحافة، حتى ألتقط الأفكار الجديدة، وأرى ماذا يدور في الخفاء.

ودعت إلى ضرورة أن تتحول الصحافة الحكومية إلى صحافة تخدم العامة، شرط أن تتعاون كل حكومة مع شعبها للوصول إلى ذلك، خاصة بعد عواصف التغيير التي شهدتها عدة دول عربية، وتابعت: على الرغم من وجود بعض الأجهزة الإعلامية في بعض البلدان العربية، لا تزال تعمل ضمن الإطار الحكومي دون حسيب أو رقيب، إلا أن على جميع الحكومات أن تفهم أن عهد الإعلام الحكومي انتهى وولّى، وأن عليهم فتح حوار ونقاش هادئ مع شعوبهم.

واستطردت قائلة: التغيير لا يمكن أن يحدث بين يوم وليلة، بل بالتدريج، ومطالب الشعوب في الشارع كثيرة، وتحتاج إلى وقت حتى يتم النظر فيها، ووضع الحلول المناسبة لها.

 

ظاعن شاهين : نشر «المعرفة» وكشف الأسرار يهيئان الصحافة التقليدية للمنافسة

أكد ظاعن شاهين المدير التنفيذي للصحافة في مؤسسة دبي للإعلام ورئيس تحرير «البيان» أن على الصحافة التقليدية أن تتجه إلى نشر «المعرفة» بتفاصيلها المختلفة، وأن تعمل على كشف الأسرار والخبايا التي أدت للفعل ذاته، عوضاً عن نشر الأخبار لأن ردة الفعل تنتهي بنشر الخبر فلم تعد الصحافة التقليدية قادرة على الانفراد بالأخبار وتحديثاتها، فهي خاسرة سلفاً، بحكم الإمكانات المتاحة للوسائل الالكترونية والتي أصبحت أسرع منها في تغطية الأحداث، والتقاط الأخبار ونشرها أولاً بأول وتحقيق السبق الصحافي بسرعة تغطيتها للأحداث.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها ظاعن شاهين في مؤتمر الشرق الأوسط السابع الذي يعقد تحت شعار «معانقة المستقبل استراتيجيات ناجحة للإعلام» وأوضح شاهين أن تحليل الوقائع، والأخبار، والبحث عن اللقاءات والحوارات المتخصصة ذات القيمة المضافة، تغدو في ضوء المعطيات الجديدة، الزاد الرئيس للصحافة الحديثة، وعليها أن تجتهد كثيراً من حيث إيجاد تصورات مبتكرة تضفي على المحتوى والتصميم روحاً جديدة، وألا تبقى حبيسة القوالب الجامدة، فالمستقبل لن ينحاز إلا للصحف التي تتخذ من تصميم الصفحات والغلاف شكلاً مبتكراً، ومن تمازج الورقي بالإلكتروني منهجاً يحدده الواقع المعاش، فالصحافة الورقية مازالت تمتاز بامتلاك كتاب ومفكرين وصناع للرأي يحرص القراء على متابعة تحليلاتهم وتفسيراتهم للأحداث رغم تحقيق الصحف الإلكترونية للسبق الصحافي بسرعة تغطيتها للأحداث.

وقال شاهين إن التحديات المفروضة على الصحافة الورقية اليوم كبيرة جداً، البعض يشير إلى أن زوال الصحف الورقية أصبح مسألة وقت لا غير، وعلى الناشرين والقاطنين في سدة المؤسسات الصحافية أن يعوا ذلك جيداً، وأن يتهيؤوا للسؤال الصعب وهو كيف نؤخر غروب شمس الصحف الورقية أطول فترة ممكنة من الوقت ؟

مشيراً لوجوب عدم النظر من زاوية واحدة تجاه هذه المسألة الحيوية، عند التحدث عن صناعة يدخل في نسيجها أطياف كثيرة، صناعة تحدها المعرفة ورأس المال من جهة والإعلان والاستثمار والتقنيات والأدوات الطباعية من الجهة الأخرى، فلم تكن هذه الصناعة على مدى التاريخ البشري صناعة ترفيه ، بقدر ما هي صناعة تنوير وتثقيف وإثراء معرفي وتواصل بشري واستشراف لبوارق المستقبل وما تحمله الأيام من متغيرات.

أنماط تحريرية

وأكد شاهين أنه لا بد من استنباط أنماط تحريرية مختلفة تواكب ثورة الوسائل الإلكترونية الجديدة، والابتعاد عن المطولات، إضافة إلى إعادة هيكلة المقالات والقصص الإخبارية والحوارات والاستطلاعات وأن لاتترك المسائل حسب الاجتهادات، بل يجب إخضاعها لأنموذج واضح يبتعد عن تمطيط فكرة ما وتكرارها. إضافة إلى العمل بخطين متوازيين بين الورقي والإلكتروني بحيث يعمل الأول بإمكانياته وصدقيته لخدمة الثاني، ويقوم الثاني بسرعته وقدرته على الوصول إلى تمكين الأول والترويج له بحيث يعمل الورقي والإلكتروني كرديفيين منفصلين متصلين.

العلاقة الثلاثية

وأشار إلى أهمية العلاقة الثلاثية بين التخطيط والمحتوى والشكل لجلب القارئ ، فلا يجب إهمال أي من هذه العناصر الثلاثة، رغم أن هناك قراء يهتمون بالشكل وهناك آخرون يهتمون بالمضمون فقط وهو ما يخلق في صلب الصحيفة صراعاً دائماً بين المحررين والمصممين، وبالتالي فإن المحتوى الجيد لابد أن يواكبه شكل متميز من أجل إصدار صحيفة ناجحة.

وحذر شاهين من أنه لا يجب على الصحافة التقليدية التأخر كثيراً في عملية التجديد والتطوير، وعليها في هذا الصدد أن تستلهم التجارب الجديدة التي رسمت أفقاً ناصعاً، مثل تجربة اليابان وتجارب الدول الاسكندينافية التي بذلت خلال السنوات الطويلة الماضية مجهودات كبيرة في هذا الاتجاه، علماً أن نسبة قراءة الصحف في تلك الدول تبقى هي الأعلى في العالم.

وكذلك عليها أن تعي واقعها أمام الزحف التقني وأدواته الهائلة، وأن تحول تحديات الواقع الجديد إلى فرص، بالابتعاد عن الخوف من التطوير الجذري في الأنماط السائدة التي تتعاطاها الصحافة الورقية من قرون خلت، عليها العمل على تحسين نوعية الصحافة الإلكترونية بدلًا من نبذها، لأن مستقبل الصحافة يكمن في تطورها، فالصحف الورقية التي ستضطر للانتقال إلى الشبكة لا بد أن تنقل «نوعيتها» معها كي تستمر، وتبقى مرحلة الانتقال فرصة رائعة للمؤسسات الصحافية لتقليص تكاليف الورق والطباعة والنقل والتوزيع التي تشكل عادة ثلث تكلفة المؤسسة الصحافية، فلن تتقدم هذه المؤسسات في النجاح ما لم تقتصد في التكلفة لتوظف الفائض في تحسين نوعية الصحافة الإلكترونية.

ضخ الأفكار الجديدة

أشار شاهين إلى أن على الصحافة التقليدية أن تضخ أفكاراً جديدة في جسد الصحافة الورقية، وأن توائم بينها وبين الوسائط الأخرى الحديثة، فهي تملك مقومات كثيرة لعل أهمها المصداقية والمهنية العالية التي لاتتوافر اليوم لدى أغلب الوسائل الجديدة، فلا تزال الصحافة الإلكترونية بجميع مجالاتها وتنويعاتها في المنطقة العربية مجالاً وليداً وجديداً، فهي لا تمتلك حتى الآن تراثاً قوياً من التقاليد والقواعد التي تحظى بالقبول والاحترام، لذا فهي بمثابة بيئة خصبة لانتشار الإشاعات والأخبار الكاذبة والملفقة بسرعة فائقة وغير معهودة في الصحافة المطبوعة، لأنها تعيش عبر الإنترنت كوسيط قائم على آليات فائقة السرعة في نقل وتبادل المعلومات على نطاق واسع.

واختتم شاهين قائلًا إن الصحافة الورقية ستظل محتفظة بكينونتها وقوتها وانتشارها شريطة أن تطور من نفسها وتستفيد من الثورة التكنولوجية التي لا تتوقف عن إنتاج كل ما هو جديد يومياً، فالعلاقة بين الصحافة الإلكترونية والمطبوعة ليست مظلمة ولا ظالمة، ولا هي علاقة إلغاء وإقصاء وإنما هي علاقة تكامل وتنافس لصالح القارئ والرأي العام، وعلى هذا الاتجاه والتوجه يجب أن يراهن الجميع.