المسعودي يقدّم وصفة تربوية محكمة لانتظام أطفالنا بسلاسة:

العام الدراسي الأول يرسم المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتبر الدكتور محمد المسعودي باحث تربوي ومتخصص في علم النفس المدرسي، أن العام الأول للطفل في المدرسة هو العام الأهم على الإطلاق في حياته الدراسية، مؤكداً أن علماء النفس والتربية لا يبالغون حين يرون أن هذا العام سيترك بصمة على سلوك الطفل واتجاهاته واستعداداته طوال العديد من السنوات المقبلة.

وأوضح المسعودي أن العام الأول يشكل بالنسبة إلى الطفل التحدي الحقيقي الأولي في مواجهة العالم الخارجي، فكلما كان طفلك مستعداً لمواجهة هذا التحدي زادت نتائج نجاحه وشعوره بالسعادة، إذ إن المهارات التي سيتعلمها ستساعده على تفجير أقصى طاقاته وتجعله ناجحاً في حياته على جميع المستويات الأكاديمية أو النفسية وبلوغ الذكاء العاطفي والانفعالي وتحقيق النجاح في جميع المجالات.

صدمة انتقالية

وقال إن الواقع يشير إلى أن المدارس تشغل جزءاً كبيراً من حياة كل طفل في العالم، ففيها يقضي الطفل 12 عاماً وآلافاً من الساعات، وقبل التحاقه بالمدرسة أو الحضانة يكون في منزله المحور الرئيس اهتماماً ورعايةً بالنسبة إلى والديه أو لأسرته.

ثم ينتقل بفجأة السنين الطفولية إلى عالم جديد وبعد ستة أعوام من وجوده ينتقل ليقضي ويتعلم مع أشخاص غريبين بالنسبة إليه لا يعرفهم ولم يلتق بهم من قبل، وهذا من أسباب الصدمة الانتقالية في مكان لم يعتد عليه، وذلك يضاهي في تصوره المحطات الانتقالية المهمة في حياة كل منا مثل بدء عمل جديد أو الانتقال لمدينة أخرى تجمعها البهجة، والخوف، والترقب.

اقتراحات للوالدين

وبمناسبة بدء العام الدراسي، قدم الدكتور محمد المسعودي، اقتراحات للوالدين اللذين يلتحق ابنهما بالمدرسة للمرة الأولى، تضمنت الآتي: قبل أول يوم دراسي حاول أن تفصل طفلك عنك لمدة 3 مرات بمواقع مختلفة داخل المنزل أو خارجه، مع زيادة عدد الساعات في كل مرة ليعتمد على نفسه استعداداً للبدء في التعود على ذلك، ولكي لا يشعر بفقدان الأمان الأسري، ويتعود على الاستقلال الذاتي.

ثم حاول أن يختار طفلك بنفسه احتياجاته الدراسية، وأن تكون له الحرية التامة في اختيار الألوان والأشكال، فهي مهمة بالنسبة إليه. وساعده على ترتيب احتياجاته (حقيبته، أدواته المدرسية) وإحساسه بالاعتماد على الذات قبل بدء الدراسة.

وتابع المسعودي: تحدث مع طفلك عما سيحدث بالمدرسة، واستبق الأحداث بالشرح المبسط (الإيحاء الإيجابي)، ولا تبالغ في ذلك كي لا يكون باهراً أو مهولاً بالنسبة إليه. واجعله يرتدي الزي المدرسي قبل أول يوم دراسي، وهنئه بذلك مقدماً وامتدحه والتقط له صوراً للذكرى والمتعة معاً، يمكن وضعها في إطار جميل داخل المنزل ليتمكن من رؤيتها بشكل مسبق لتشعره داخلياً بأهمية هذا اليوم.

شعور الافتقاد

وأضاف الباحث التربوي: اذهب مع طفلك في أول يوم دراسة واجلس معه، وشجعه على التعرف إلى المعلمات والطلبة وأجنحة المدرسة، ثم حاول التواري عنه بعض الوقت، وعد بعدها بفترة كي لا ينتابه الخوف والبكاء.

وعند ذهابه للمدرسة أعط شيئاً لطفلك يذكره بالمنزل ليساعده على التغلب على شعور الافتقاد والحاجة؛ مثل أن تعطيه ميدالية مفاتيح السيارة أو محفظتك الخاصة وبها مبلغ قليل لعله يحتاج شراء شيء من المقصف المدرسي. بعد عودته أول يوم لا تضغط على طفلك ليحدثك عن تفاصيل اليوم الأول وأحداثه، وأنصت له وهو يحدثك واهتم به فقط.

وأكد ضرورة ألا يترك الأب فرصة للطفل ليشعر بقلقه أو بوجود أي مخاوف أخرى، فذلك سيؤدي حتماً إلى زيادة توتره وإثارة مخاوفه. وأضاف: استقبله بالشوق والتعزيز الإيجابي ونشوة الفخر بأنه أصبح ذلك الطالب الكبير في المدرسة، ليمنحه ذلك تقديراً ذاتياً كلما تذكر ذلك. وتأكد أن طفلك سينجح في ذلك متى ما رأيت أنت ذلك أولاً وتعاملت معه بالتشجيع والدعم والحزم إن احتاج ذلك أحياناً.

تهيئة كافية

واختتم الباحث التربوي الدكتور محمد المسعودي، أن كثيراًَ من التربويين يركزون على مسألة التهيئة الكافية للطفل قبل دخوله للمدرسة لمواجهة هذا الحدث المهم في حياته، إذ تقول الطبيبة النفسية سو بيرني والمستشارة الأسرية الأسترالية: «من المهم حقاً أن تساعد طفلك على إجادة عدد من المهام والأنشطة قبل أن يبدأ للذهاب للمدرسة، فيجب أن تكون لديه القدرة على: ارتداء ملابسه وربط الأزرار والسحاب. وارتداء الأحذية والجوارب المدرسية.

والذهاب لدورة المياه بنفسه. والإدلاء باسمه كاملاً ورقم هاتف منزله (العنوان مهم جداً؛ لكنه يصعب على الوالدين معرفته عندنا). وتناول الوجبة المدرسية وعدم إضاعتها أو نسيانها. وطلب المساعدة إن احتاجها مع شرح أن المعلم سيسر لمعونته. والمحافظة على نقوده والذهاب للمقصف والمحافظة على النظام والهدوء. وكتابة اسمه الأول على الأقل.

والعد حتى عشرة. والإمساك بالقلم على النحو الصحيح. ومعرفة بعض المعارف كأسماء الحيوانات وتمييز الألوان وأجزاء الجسم. ومعرفة كيفية قلب صفحات الكتب. والعناية والمحافظة على متعلقاته وأدواته المدرسية. والجلوس والوقوف هادئاً مع حُسن الاستماع.

أضف إليها، كما قال المسعودي؛ حفظ الأبجدية باللغتين، وحفظ بعض من سور القرآن الكريم، وإذا كنت تعتقد بأن طفلك قد لا يستطيع أن يمارس كثيراً من نقاط القائمة السابقة فلا ينتابك القلق؛ فالمدرسة وزملاؤه ومعلمه سيعلمونه ذلك بالمحاكاة أو بالتعليم والتوجيه، وتذكر الآن هل كنت قبل دخولك للمدرسة متقناً كل ما سبق؟ وكيف تعلمت ذلك؟

Email