ندوة في الأمم المتحدة تعرض التطورات الإيجابية الحقوقية في الإمارات وتؤكد:

حقوق الإنسان مصانة والتوقيفات تتم وفق القانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدّم مركز المزماة للدراسات والبحوث ومجموعة من الخبراء الإماراتيين، استعراضاً موثّقاً للتطورات الإيجابية الجارية في دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان، وخاصة في مجال الحقوق الأساسية وحقوق المرأة والطفل والعمال.

ونظم مركز المزماة ندوة خلال الاجتماع غير الحكومي للمنظمات الأهلية الذي يعقد بالتوازي مع المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والذي شاركت فيه الإمارات بشكل رسمي أيضاً.

واستعرض ممثلون للمجتمع المدني في الإمارات، جوانب مختلفة من الملف الإماراتي في هذا الخصوص، مسلطين الضوء خصوصاً على الإجراءات القانونية التي اتبعت في ما يتعلق بحالات التوقيف التي جرت لأعضاء ما أطلق عليه «التنظيم السرّي» للإخوان المسلمين.

وكان مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد ناقش الاثنين تقرير دولة الأمارات العربية المتحدة في إطار الدورة الخامسة عشرة للاستعراض الدوري الشامل، وهي الدورة التي بدأت بتاريخ 21 يناير، وتستمر لغاية الأول من فبراير المقبل، ويجري فيها استعراض أوضاع حقوق الإنسان في 14 دولة عضواً في الأمم المتحدة.

ممارسة جديدة

والاستعراض الدوري الشامل هو ممارسة جديدة في صعيد عمل آليات حقوق الإنسان. وبدأ العمل بها بعد تأسيس مجلس حقوق الإنسان عام 2006. وبموجب هذه الممارسة، أصبحت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عرضة لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان فيها كل أربع سنوات رسمياً، مع وجود متابعات واجتماعات ذات صلة بين الدورات.

وهذه هي المرة الثانية التي يجري فيه استعراض حالة حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية، إذ أجريت المراجعة الأولى خلال الدورة الثالثة عام 2008.

عرض

وقدم الدكتور سالم حميد رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث، عرضاً عاماً لأوضاع حقوق الإنسان، وعلاقة المجتمع المدني بإجراءات المراجعة الدورية الشاملة، ومساهمة المجتمع المدني في تلك الإجراءات، وأوضح مراحل تطور حقوق الإنسان في الإمارات، وشرح اهتمام الدولة ورعايتها لهذا الموضوع.

وتناول الدكتور سالم حميد ما تنشره بعض المنظمات غير الحكومية الغربية من تقارير عن انتهاكات مزعومة في دولة الإمارات، مبيناً أن هذه التقارير تستند إلى معلومات خاطئة، ولا تعرض الصورة الحقيقية، وموضحاً أن ما قيل عن توقيفات قضائية لبعض الأشخاص من أنها طالت ناشطين مستقلين مسالمين في مجال حقوق الإنسان. وتساءل «هل يعتبر من يخطط لقلب نظام الحكم في بلد ما ناشطاً مستقلاً مسالماً في حقوق الإنسان؟ وهل يعتبر من يخطط لتفجير محطّات المترو ناشطاً في مجال حقوق الإنسان؟ أم هل يعتبر من يود تفجير برج ومبانٍ موظفة لخدمة المجتمع، ناشطاً مسالماً ومستقلاً في مجال حقوق الإنسان؟»

وأكد على أن ارتباط هذه النشاطات بمخططات أجنبية لها أهداف تخريبية في دولة الإمارات، وبالتالي فإن المجتمع هو من يطلب إجراءات حاسمة من الدولة ضد هذه النشاطات، ويطالب بمحاسبة من يقوم بها. وعرّج في هذا السياق على نشاط تنظيم الإخوان المسلمون في الإمارات، مبيناً أن من يستهدفون بنشاطهم تغيير نظام الحكم في الدولة وخلق المشاكل، وبالتالي، فإن نشاطهم هو نشاط غير سلمي، ولا يمكن اعتباره نشاطاً في مجال حقوق الإنسان.

توقيفات قضائية

وتناول محمد سالم عضو جمعية الإمارات لحقوق الإنسان قضايا حقوق الإنسان، وبعض الجوانب المتعلقة بالتوقيفات القضائية والإجراءات القانونية التي جرى اتباعها. وتحدث عن شهادات بخصوص زيارة المعتقلين والاطمئنان عليهم، والتأكيد على أنهم سيحظون بمحاكمة عادلة، ويتوفر لهم دفاع، وكيف أنهم يلمسون أن الدولة حريصة كل الحرص على كل أبنائها، ولا يهمها سوى الحفاظ على أمن المواطنين، بما يكفل أن تستمر مسيرة التنمية والتحديث.

حقوق العاملين

ومن طرفه، تحدث محمد الشامسي رئيس مجلس تنسيق المنظمات المهنية في الإمارات، عن الجوانب القانونية التي تنظّم العمل في الإمارات، وأهمية ذلك في توضيح حقوق العاملين وترسيخها طبقاً للنصوص الدستورية ذات الصلة. وأكد أن ثمة إيماناً حقيقياً في الإمارات من أن ترسيخ حقوق الإنسان يعدّ الأساس السليم للتنمية، بل هو حجر الزاوية في مختلف المشاريع التنموية.

وأوضح الشامسي أن احترام حقوق العاملين يعتبر واحداً من الأهداف الأساسية في سياسة دولة الإمارات ، وينطلق ذلك من نصوص دستورية واضحة. وتناول جوانب من قانون العمل، مبيناً كيف أنها تضمن توازناً واضحاً في الحقوق والواجبات، كما أنها تحدد معالم العلاقة بين العاملين وأرباب العمل بطريقة قانونية شفافة. وبين الجوانب المتعلقة بالمنازعات التي قد تحدث، وسبل الوصول إلى حلول مرضية على أساس القانون والتشريعات ذات الصلة.

مساعدات إنسانية

وقدّمت المحامية نادية عبد الرزاق محمدي، عرضاً تناولت فيه ما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدّة من مساعدات إنسانية لمختلف دول العالم.

وتحدّثت في هذا السياق عن حجم المساعدات والدول المستفيدة منها من مختلف أنحاء العالم، وكيف أن هذه المساعدات تسهم في مساعدة هذه البلدان، وتسهم في مكافحة الفقر والمرض، كما تسهم في رفع مستوى التعليم في هذه الدول، وأشارت إلى أن هذه المساعدات تقدم لأغراض إنسانيّة بحتة.

وفي عرضها لفلسفة الإمارات من وراء تقديم هذه المساعدات، قالت المحامية نادية إن ثمة جانبين يدفعان لتقديم هذه المساعدات، الأول: هو الالتزام بالدين الإسلامي، حيث تنبع هذه المساعدات من الإيمان بمساعدة الغير حسب تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. أما الجانب الثاني، فإن الدولة تحرص على أن تخصص جزءاً من ثرواتها لمساعدة من يحتاج إلى ذلك من الدول والشعوب الفقيرة.

وعن تصاعد هذه المساعدات، أوضحت أنها تضاعفت خلال السنوات الأخيرة «وإذا أخذنا عام 2011، نجد أنها وصلت إلى حدود ملياري دولار أميركي، وهو ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما سبق ذلك العام من مساعدات».

وعن القطّاعات التي وجهت إليها هذه المساعدات، قالت إنها تضمنت مشاريع في مختلف أنحاء العالم، منها توفير ملاجئ لمشردين أو من الذين لا يتوفر لهم مأوى، كما وجهت لقطاعات فقيرة أو لمناطق يجتاحها الجوع والمرض، وساهمت هذه المساعدات في بناء المدارس ومحطات الطاقة المتجددة وتشييد السدود وطرق المواصلات، فضلاً عن المساهمة في حلّ المنازعات.

وفي مداخلتها، عرضت المحامية عايشة الطنيجي بعض أوجه التشريعات القانونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي توفّر إطاراً قانونياً لممارسة المرأة لحقوقها. كما تناولت ما يتعلق من تشريعات بحقوق الطفل والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الإمارات. وتحدثت في هذا الصدد عن المشاركة الفعّالة للمرأة الإماراتية في مختلف القطّاعات، ونسبتها العالية في العمل وفي المراكز القيادية، وهو ما يضعها في المقدمة، قياساً بأقرانها من النساء في المنطقة العربية.

توقيفات قضائية

وتحدث في الندوة المحامي زايد الشمسي، رئيس جمعية المحامين والحقوقيين في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شرح ما يتعلق بالتوقيفات القضائية التي طالت ما يسمى بـ «التنظيم السرّي» للإخوان المسلمين، مبيناً أن هذه الاعتقالات جرت باتباع كل الطرق المحدّدة بالقانون، وأنها لم تحدث اعتباطاً، وإنما بعد تحرٍ وإجراءات وتحقيقيات أولية قادت إلى تحديد أسماء الذين جرى اعتقالهم، وأوضح أن الاعتقالات قد تمتّ بموجب أذون قضائية صادرة من الجهات القضائية المختصة.

وبين الشمسي أن منظمتهم على اطلاع بظروف المعتقلين، وأنهم يحظون بمعاملة جيدة، ولا صحة مطلقاً لما يشاع من ظروف سيئة لهؤلاء المعتقلين. وعبّر عن ثقته بأن المعتقلين سيحظون بمحاكمات تتوفر فيها معايير المحاكمات العادلة وفقاً للقانون.

حقوق المرأة

وقدّمت الكاتبة والإعلامية رجاء صالح الشحي في ورقتها، عرضاً مهمّاً عن القوانين التي تنظم حقوق المرأة في الإمارات، ومدى التطور في هذه القوانين، التي استطاعت المرأة الإماراتية بموجبها أن تحتل مكانة مرموقة في المجتمع. وشرحت الكاتبة مستوى التعليم الذي تحصل عليه المرأة في الإمارات، وكيف أن هذا التعليم هو متاح للجميع، وتشكل المرأة نسبة كبيرة في قطّاع التعليم.

وأوضحت الكاتبة في هذا المجال، مدى الاهتمام الذي توليه القيادة في الإمارات لهذه الحقوق، وكيف أن هذه القيادة لم تصطنع حواجز بينها وبين الشعب، بل إن كل الأبواب مشرعة أمام المواطنين، وهذا يعد عاملاً مهماً في تطور مختلف القطّاعات، ومنها قطّاع المرأة. وتحدّثت عن القانون الجديد الذي صدر في الإمارات، والذي يعطي الحق لأبناء المرأة الإماراتية المتزوجة من أجنبي من الحصول على الجنسية الإماراتية. واعتبرت هذا القانون إضافة جديدة للمزايا التي تحصل عليها المرأة الإماراتية، ويجعلها متقدمة على غيرها في الكثير من المجالات.

وعرّجت الكاتبة والإعلامية رجاء الشحي على موضوع العمال المهاجرين، الذين يشكلون نسبة كبيرة في الإمارات، وكيف أنهم يتمتعون بحقوق أساسية، ويتمتع أولادهم بكل الحقوق الخاصة في التعليم، كما أن تحويلاتهم لبلدانهم تصل إلى ما يقرب من 20 بليون دولار أميركي سنوياً، معتبرة أن هذا الرقم يدلل بوضوح على حجم مشاركتهم، وحجم ما يحصلون عليه من دخول في الدولة، ويؤكد وجود القوانين التي تنظم حقوقهم وتحميها.

تساؤلات

 

اختتمت الندوة التي حضرها عدد من ممثلي المنظمات الأهلية العربية والعالمية في مجال حقوق الإنسان، بتوجيه بعض الأسئلة للمتحدثين، تتطرق إلى بعض جوانب حقوق الإنسان في الإمارات، وخاصة ما يتعلق بحق أبناء الإماراتية المتزوجة بأجنبي من الحصول على الجنسية الإماراتية بعد سن 18 سنة، وكيفية تطبيق هذا القانون.

وطرح متداخلون تساؤلات عن دور الإعلام الإماراتي، وعدم تسليطه الضوء على الحقائق المتعلقة بالتوقيفات القضائية لخلية «التنظيم السري» وكيفية تطبيق القانون.

ورد المتحدثون الإماراتيون بأن الإعلام ربما لم يشأ التدخل في القضية، ما يعتبر نوعاً من الضغط، بل ترك للإجراءات القضائية أن تأخذ مجراها، مشيرين إلى أن إعلام الإمارات يترفع عن التدني إلى مستوى الإعلام الهابط الذي أصبح السمة الواضحة لبعض القنوات الفضائية التي تنفذ أجندة معينة ومخططاً لها.

وحضر الندوة عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الأمم المتحدة، وممثلون عن منظمات غير حكومية وإعلاميون، كما حضر الندوة، ممثلاً عن الأمم المتحدّة، قسم المنظمات غير الحكومية.

Email