أكد الفريق سيف عبدالله الشعفار، وكيل وزارة الداخلية أن دولة الإمارات لم تدخر أي جهد في سبيل اغلاق ملف متابعة تعويض وتأهيل الأطفال؛ الذين سبق لهم الاشتراك في سباقات الهجن بدولة الإمارات نهائياً، بصورة مشرّفة وخطوات أشادت بها جميع المنظمات الدولية ذات الصلة، بعد اتخاذ الإجراءات الملموسة والعملية، والمعالجة بشفافية ونزاهة وعدل.

مؤكداً ما تنتهجه دولة الإمارات من قيم اجتماعية أصيلة وموروثات حضارية متجذرة، في تطبيق القوانين ومعالجة القضايا الاجتماعية والإنسانية، جاء ذلك خلال فعاليات الاجتماع الختامي لأعمال اللجنة الخاصة لمتابعة تعويض وتأهيل الأطفال؛ الذين سبق لهم الاشتراك في سباقات الهجن بدولة الإمارات، والذي عقد صباح امس في أبوظبي.

وحضر الاجتماع اللواء ناصر لخريباني النعيمي، الأمين العام لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والدكتور إبراهيم الزيق ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في دول الخليج واللواء ناصر العُوضي المنهالي، وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ؛ رئيس اللجنة الخاصة لتأهيل وتعويض الأطفال، الذين شاركوا في سباقات الهجن، واللواء خليل داوود بدران مدير عام المالية والخدمات بالقيادة العامة لشرطة ابوظبي،.

واللواء مطر سالم النيادي مدير عام الخدمات الإلكترونية والاتصالات بوزارة الداخلية، وسارة شهيل مديرة مركز إيواء، وعدد من السفراء وممثلي السفارات، وممثلي الدول الشقيقة والصديقة، من السودان وموريتانيا وباكستان وبنجلاديش، وممثلون عن وزارة شؤون الرئاسة ووزارة الشؤون الاجتماعية، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، وعدد من كبار الضباط بوزارة الداخلية والقيادات العامة للشرطة بالدولة.

وقال الفريق الشعفار إن دولة الإمارات: (قامت بجهود حثيثة وخطوات عملية في هذا الجانب، على مدار سنوات عدة، وكان أول من اهتم بالأطفال الركبية المغفور له ،بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،طيب الله ثراه، حيث وجه بعدم استخدام الأطفال صغار السن في السباقات، داعياً ،رحمه الله، إلى تسوية أوضاعهم وترحيل الصغار منهم على نفقته الخاصة، وانتهج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ،حفظه الله، النهج ذاته، حيث استمر اهتمامه بالأطفال الركبية، فأصدر سموه القانون رقم 15 لسنة 2005م والذي يمنع استخدام الأطفال دون سن الـ 18 في سباقات الهجن.

ومن خلال هذا الاهتمام لقيادتنا العليا، والمتابعة المستمرة من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أوكلت لوزارة الداخلية متابعة تنفيذ هذا القانون بالتعاون مع الجهات الأخرى ذات الاختصاص في الدولة، حيث أصدر سموه الكثير من القرارات لتشكيل اللجان وفرق العمل لمتابعة تنفيذ القانون رقم 15، ومتابعة جميع الأطفال من العزب وإيوائهم وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لهم، ومن ثم ترحيلهم إلى مواطنهم الأصلية).

دمج وتأهيل

وأشار إلى أن دولة الإمارات وقعت اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" لتأهيل الأطفال الركبية ودمجهم في مجتمعاتهم بإقامة مشروعات لهم في أوطانهم؛ في كل المجالات الصحية والاجتماعية والتعليمية، والعناية بمجتمعاتهم التي يعيشون فيها للرقي بها وتحسين حياتهم ورفع مستوى معيشتهم.

وقال إن اللجنة قامت بمتابعة تأهيل وتعويض الأطفال المشاركين سابقاً في سباقات الهجن بالدولة؛ لوضع خطة عامة لعملها بالتشاور والتنسيق مع جميع الشركاء، كما تابعت مشروعات التأهيل والدمج للأطفال في الدول المعنية والتي أشرفت عليها منظمة يونيسيف، لتحسين حياتهم بإقامة المؤسسات في مجالات التعليم والصحة والمؤسسات الاجتماعية.

وأضاف أن وزارة الداخلية وقعت مذكرات تفاهم مع الدول الأربع التي تعتبر مصدراً للأطفال، والتي تم بموجبها تشكيل لجان محلية في كل من السودان وموريتانيا وباكستان وبنغلاديش؛ ليتم تعويض كل طفل شارك في سباقات الهجن على ضوء البروتوكول الذي وضعه مستشار اللجنة بارت، وأعطيت اللجان المحلية فرصة كافية للأطفال لتقديم الدعاوى الخاصة بالتعويض بعد الإعلام المكثف بكل الوسائل للإعلان عن بدء التسجيل للتعويض.

وأكد اللواء ناصر العُوضي المنهالي، وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ؛ رئيس اللجنة الخاصة لتأهيل وتعويض الاطفال؛ الذين شاركوا في سباقات الهجن، أن إنجاز اللجنة لمهمتها كان نتيجة جهد وعمل جماعي كبير شاركت فيه قطاعات المجتمع الرسمي والمدني والقيادات كافة، ما جعله نموذجاً نال استحسان الحكومات والمجتمعات المدنية في الدول المعنية، وحظي باعتراف وتقدير المنظمات الدولية.

وقال إنه تم الاغلاق النهائي لجميع ملفات الأطفال الركبية بأسلوب نال رضا الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية، لافتا الى إعداد اللجنة محاضر الإغلاق النهائي في كل من الدول الاربع المعنية بحضور الوزراء المعنيين وممثلي منظمة الأمم المتحدة، وتم اعلان كافة تفاصيل الإغلاق في وسائل الاعلام بكل شفافية.

وبيّن أن اللجنة قامت بمتابعة إجراءات وزارة الداخلية والوزارات والهيئات الأخرى التي أسهمت في تطبيق القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 2005، والقرارات الوزارية والتوجيهات الصادرة بشأنه؛ كما قامت بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية وحكومات الدول المعنية والمجتمعات المحلية بالتحقق من المتضررين؛ وتقدير التعويضات وتسليمها وفقا لمعايير شارك في وضعها خبراء دوليون في القانون.

إشادة دولية

وقال إن اللجنة تابعت أعمال إنشاء مرافق مشروع الإمارات للتعليم والتأهيل في الدول والمجتمعات المحلية مصدر الأطفال؛ الذين سبق مشاركتهم في رياضة سباق الهجن من خلال زيارات متواصلة إلى مناطق نائية في الدول الأربع المعنية، بلغت 72 زيارة تجاوزت عدد أيامها 590 يوماً.

وأكد الدكتور إبراهيم الزيق، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في دول الخليج، أن دولة الإمارات العربية المتحدة أبدت اهتماماً كبيراً بحماية حقوق الطفل على مختلف المستويات، وهذا جليّ من خلال تبني سياسات وتطوير تشريعات وبرامج وخدمات لحماية الأطفال واليافعين المعرضين للخطر، ولمساعدتهم وبناء قدراتهم ودمجهم في مجتمعاتهم في حال تعرضوا لأي أذى.

وقال إن الإمارات تعاملت مع القضايا الحاسمة لحقوق الطفل بغاية الشفافية والدليل على ذلك القضاء على مشكلة أطفال ركبية الهجن، فما أن تنبهت الدولة إلى خطورة السباقات على هؤلاء الأطفال، وعلى ما يتعرضون له من انتهاك لحقوقهم، أصدرت القانون الاتحادي رقم (15) لسنة 2005 في شأن تنظيم المشاركة في سباقات الهجن، والذي يحظر في المادة الأولى منه مشاركة الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة في سباقات الهجن، وفي هذا الإطار جاء توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة الداخلية في الدولة ومكتب يونيسيف لدول الخليج العربية عام 2005.

وأضاف: (قدمت يونيسيف المساعدة التقنية للإمارات التي برهنت على جديتها والتزامها بالقضاء على هذه المشكلة خلال مراحل تنفيذ المشروع منذ عام 2005 ولغاية 2010، فلقد تمت إعادة 1100 طفل من أطفال ركبية الهجن إلى مواطنهم الأصلية، كما تمت إعادة تأهيلهم ولم شملهم مع عائلاتهم وإدماجهم في مجتماعاتهم، وذلك من خلال الشراكات التي أسست بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، ومكاتب يونيسيف في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبنغلادش وباكستان والسودان وموريتانيا، فالأطفال اليوم يتمتعون بحقهم في اللعب والتعليم والبقاء مع عائلاتهم).

وأكد أن مشروع الإمارات لمعالجة موضوع أطفال الركبية يعتبر تجربة فريدة من نوعها في مجال حماية الأطفال، وقصة نجاح يحتذى بها؛ فلقد تعدى أثر المشروع أطفال الركبية السابقين واستفاد أطفال آخرون في بنغلادش وباكستان والسودان وموريتانيا من برامج تنموية، كما تم رفع وعي الأهل وقادة المجتمع وتعبئة وتدريب القوى كافة في المجتمعات المعنية على قضايا استغلال الأطفال، وآليات التصدي لها وساهم المشروع في خلق حوار حول السياسات المرتبطة ببيئة حماية الأطفال.

تعويضات متميزة

وقال العقيد عبدالله سر الختم، رئيس الوفد السوداني؛ في كلمة له في الاجتماع الختامي، إن عدد الأطفال الذين تم تعويضهم في السودان بلغ 2552 طفلاً، بعد أن تمت مقابلتهم؛ وتعويضهم بمبلغ قدره 7 ملايين دولار أمريكي، ما انعكس إيجاباً على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وتوجه بالشكر والتقدير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على جهودها الجبارة واهتمامها بمعالجة أوضاع الأطفال الركبية، وكذلك متابعة وزارة الداخلية، بهذا الشأن.

وقدم عرضاً مختصراً لتجربة وزارة الداخلية في السودان بشأن مشروع التعويض وآلياته، وعمل آلية بناء على مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع دولة الإمارات في أبريل عام 2007، إضافة إلى التوقيتات الزمنية وإغلاق الملف وتصفيته وحل اللجنة في أبريل عام 2010.

وتوجه محمد محمود ولد حم ختار، أمين عام وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة في جمهورية موريتانيا، بالشكر والتقدير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ومنظمة الأمم المتحدة، على دعمهما ومواكبتهما للجهود التي بذلت من أجل تعويض الأطفال، وأعلن عن إغلاق ملف تعويضات الأطفال الموريتانيين المشاركين سابقاً في سباقات الهجن بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.

وقال إن الجمهورية الاسلامية الموريتانية ودولة الإمارات العربية المتحدة قامتا بتنفيذ برنامج خاص لإعادة دمج الأطفال الموريتانيين المشاركين في سباقات الهجن سابقاً، وتحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية في المناطق التي ينحدر منها هؤلاء الاطفال في مجال التعليم والصحة، والعمل على إيصال تلك الخدمات إليهم وفق الأهداف المرسومة.

وأكد أن وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة حرصت على دمج هذه الفئات في العملية التنموية من خلال تنفيذ منظومة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج الخاصة بهم، وتوفير العناية والحماية لهؤلاء الأطفال ودمجهم في المجتمع الموريتاني.

وقالت آمنة إمام، المدير العام لمكتب حماية الطفولة والأمن القومي في اقليم البنجاب بباكستان، إن هناك 2000 طفل تم تعويضهم، وقد قمنا بإعادة تأهيلهم وإدخالهم المدارس، وكذلك قدمت الإمارات مساعدات لـ"900" شخص ممن شاركوا بسباقات الهجن.

وبينت أنه بفضل المشاريع التي أقامتها دولة الإمارات للأطفال الركبية بباكستان، فإن هناك 70 ألف طفل استفادوا من هذه المشاريع ، وقد قمنا بتوعية المجتمع والأسر بعدم استغلال الأطفال؛ والحفاظ عليهم وعدم وقوعهم مرة أخرى في أمور مشابهة.

وشاهد الحضور فيلماً وثائقياً بعنوان: العودة الآمنة، أعدته منظمة يونيسيف بالتعاون مع وزارة الداخلية، وتضمن شهادات لمجموعة من الاطفال الذين شاركوا في سباق الهجن سابقاً، والجهود التي بذلتها الإمارات لمعالجة قضيتهم.