مسكون بالبراءة جاء سؤال الطفلة فاطمة لوالدها العقيد حسين العوضي الذي كان يستعد للانطلاق الى عمله بارتداء بزته العسكرية مع ارتسام ملامح الجدية والصلابة على وجهه: ما الذي تفعلونه هناك في مكان عملكم في الشرطة يا أبي؟
خلال ثوان معدودات حلت مكان الملامح الجدية ملامح أخرى ضاجة بالحنان والحب لابنته التي لا تمل من البحث عن المعرفة.. فداعب بيده خصلات شعرها المنسدلة على جبينها المضيء.. وابتسم: لن يطول الوقت حتى اخبرك بأدق التفاصيل واندفع الى سيارته تودعه نظرات ابنته الحانية والمليئة بالأسئلة.
كانت تبحث باستمرار عن إجابات لأسئلة كثيرة تواجهها يوميا، وخاصة عندما يعود والدها الى البيت وهو يحاول جاهدا اخفاء آثار التعب والارهاق خلف ابتسامات يوزعها هنا وهناك على الاولاد الذين كانوا ينتظرون عودته بفارغ الصبر، إلا أن العين الخبيرة.. عيني فاطمة.. كانتا دوما تنجحان في رؤية ما وراء هذه الابتسامات والضحكات التي انخرط في خضمها اشقاؤها مع والدهم، فما الذي يفعله والدها؟.. وما هي طبيعة عمله التي تجعله مثقلا بكل هذا التعب الذي يمنحه أيضا كل هذا الكم من الرضا المرتسم على ملامح وجهه؟..
وتكثر الاسئلة عندما تذكر احدى زميلاتها أن والدها يعمل مهندسا وتلك تقول ان والدها يعمل طبيبا.. وأخرى معلما.. فكل هذه المهن والاعمال مفهومة طبيعتها، إلا أن طبيعة عمل الشرطي بقيت بالنسبة لها غامضة.. وبقي السؤال يكبر بالنسبة لها..
وتقول فاطمة البالغة من العمر 13 عاما، وتدرس في الصف الثامن: (بداية لم تكن لدي معلومات كافية عما تقوم به وتقدمه وزارة الداخلية من خدمات سوى بعض المعلومات البسيطة عن المرور والدفاع المدني وأنهم يقومون فقط بإطفاء الحرائق، في حين إن هناك مجموعة وأنواعا من الشرطة لا اعرف ماذا يعملون؟ وما هي مهامهم في وزارة الداخلية؟).
وتضيف: (والدي يعمل في وزارة الداخلية في مجال الإعلام والعلاقات العامة وكثيرا ما كنت اسأله ماذا تعمل بالتحديد؟ وعندما اذهب أو أعود من المدرسة اسأل والدي لماذا لا تقود سيارة مرور مثل الآخرين؟ كما أن زميلاتي يسألنني دائما ماذا يعمل والدك في الشرطة؟ بالإضافة الى العديد من الأسئلة عن دور الكثير من المسميات الشرطية التي لم أجد لها جوابا شافياً).
مطالب
وتقول بحزن: (للأسف المنهاج الدراسي وخاصة مادة التربية الوطنية لا تقدم معلومات كافية عن مهام الشرطة، وعندما يخبرني والدي بأن هناك إدارات مختلفة تخدم الجمهور وتحقق الأمن في البلد، اتساءل عن ماهية هذه الإدارات وأتمنى لو أحظى بشرف زيارتها، ولكن يبدو أن ذلك امر صعب التحقيق والجواب أصعب لأن هذه الادارات متناثرة هنا وهناك، وأهمس: ليتها تجتمع في مكان واحد حتى أتعرف عليها).
وتضيف: (يبدو ان همساتي المثقلة بالأمنيات قد وصلت الى مسامع والدي الذي اكد لي بأنه يفكر في سؤالي دائما وسيعمل على تحقيقها بإذن الله).
وتقول فاطمة: (كانت البداية عندما طلب مني كواجب مدرسي ذات يوم أن اكتب عن مهام رجال الدفاع المدني - ولأنه نادرا ما تكون هناك زيارات ميدانية لمثل هذه الجهات الشرطية، التي يمكن أن تغني عن الكم الضئيل من المعلومات في المنهاج الدراسي - قام والدي باصطحابي الى إدارة الدفاع المدني في الشارقة حيث حصلت على معلومات كثيرة عن مهامهم، والتقطت الصور الفوتوغرافية الجميلة وأنا ارتدي الزي الخاص بهم، وحينها اطلقت امنيتي الهامسة بان تتحقق مثل هذه الأمنية لكل الطلاب والطالبات).
وأضافت: (في يوم 27 نوفمبر الماضي ضمن احتفالات الدولة باليوم الوطني 40 حقق والدي أمنيتي بإقامة قرية وزارة الداخلية في حديقة المطار في ابوظبي ودعاني لحفل الافتتاح وتم تكريمي من قبل الفريق سيف الشعفار وكيل وزارة الداخلية، وكم كانت فرحتي كبيرة فها هي كل أجنحة وزارة الداخلية وإداراتها المختلفة في مكان واحد ورائع واستطيع التجول بينها ومعرفة ماذا تعمل وزارة الداخلية لتحقق مفهوم الأمن وتتلاحم مع أفراد المجتمع بصورة جميلة فهناك المرور والدفاع المدني والخدمات المالية واستوديو التصوير ومسرح الجريمة وميدان الرماية والعديد العديد من الأجنحة والفعاليات والمسابقات المفيدة وعلمت أنها تعمل متكاتفة لإسعاد المجتمع والحفاظ على امن البلاد).
وقالت فاطمة: (في الختام أقول شكرا والدي الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لأنك حققت لي اغلى أمنية بإقامة هذه القرية والإجابة على أسئلتي وأسئلة أفراد المجتمع كافة ، وسعادتي كبيرة مع اطفال بلادي لانتقال القرية في أنحاء الدولة .. والدي العقيد حسين العوضي شكرا لك ولكل رجال الشرطة الذين ساهموا في تحقيق حلمي برؤية قرية وزارة الداخلية حقيقة على ارض الواقع).
