أثارت مأساة الشاب المواطن (ح، ر) 19 عاما الحديث عن أزمة الإسعاف العاجل ونظام التحويل الطبي بعد تعرضه لحادث مروري مؤسف على طريق دبا - مسافي فجر الأحد الماضي، أدخلته في وضع صحي صعب، بحيث استمرت معاناته مع رحلة الموت منذ نقل من موقع الحادث وساقه بجواره إلى أن وصل إلى المستشفى في محاولة إسعاف ما يمكن إسعافه وفق الإمكانات المتاحة، وساقه المبتورة ترقد في الثلاجة أملا في عودتها إلى جسده.

حيث يقترح أحمد الحفيتي نائب المدير التنفيذي لشركة الشرق للرعاية الصحية، إنشاء مركز طوارئ مجهز بإمكانات عالية يخدم كافة إمارات الدولة ومزود بخدمتي الإسعاف الأرضي والطائر للتعامل السريع مع كافة الإصابات الحرجة، بحيث يغني هذا المركز عن إجراءات التحويل والنقل الاعتيادية التي قد تستغرق الوقت الكثير من حياة المصاب.

فيما يشير د. محمد سعيد عبدالله مدير منطقة الفجيرة الطبية إلى أن تحويل الحالة يعتمد على توصيات الأطباء المشرفين على علاج المريض وإذا كانت مصلحة المريض تستدعي التحويل فإنه يتم تحويله فورا وخاصة للحالات الحرجة والطارئة ويبذلون كإدارة الجهود الكبيرة في سبيل ذلك.

أما عكس ذلك فإن أولوية العلاج تكون في المستشفى نفسه، مؤكدا أنه لا يوجد منع للتحويلات الطبية - كما يتداول البعض - وإن المسألة تنظيمية لا أكثر. وتفاقمت حالة المواطن (ح، ر) 19 عاما وتضاءلت فرص إعادة عضوه المفصول بعد رحلة مع الزمن لإيجاد مختصين أو سرير شاغر أو خدمة طبية متوافرة، تساهم في منعه من العيش بقية حياته في استجداء أمل أزهقته برقيات وإجراءات روتينية في وقت لا يسمح بإجرائها.

لتأتي بعد أكثر من 15 ساعة المباركة في عملية تحويله لمستشفى في إمارة أخرى ولكن بنسبة أمل تضعف فرص نجاح عملية إعادة ساقه المبتورة. فمدة شهر هي المدة الفاصلة بين هذه الحادثة وحادثة أخرى عندما أصيب شخص فجأة بجلطة قلبية حادة، ونقل على إثرها إلى أحد مستشفيات المنطقة ولكن كان الوقت ليلا ولا يوجد سرير شاغر في جميع غرف العناية المركزة بالمستشفى إلى جانب عدم وجود طبيب متخصص في حالته. فبقي على حاله في أحد أسرة التنويم الاعتيادية هناك تحت الملاحظة الدقيقة.

حيث تم التواصل مع المستشفيات الحكومية الأخرى لتحويله ولكن دون جدوى وكان الرد "لا شاغر". وبقي ثلاثة أيام تحديدا وأفراد أسرته يترقبون الفرج. إلا أنه في النهاية انتهى الانتظار بوفاته متأثرا بإصابته. ووفق ذلك، سؤال تبادر إلى أذهان عدد كبير من الناس في ظل ما تناقلته وسائل الاتصال الحديثة حول أسباب التشدد في التحويلات الطبية أو صعوبة كبيرة في قبول حالاتهم الحرجة والطارئة إلى المستشفيات المختصة والمتقدمة لأسباب ذات صلة إما بعدم توافر الأجهزة الطبية أو عدم توافر الكفاءة والمهارة الطبية المتقدمة لتشخيص الحالة المرضية في ظل ما تعانيه المستشفيات الموجودة من نقص في أطباء الاختصاص.

حيث أصبحت تلك الصعوبة تشكل حجر عثرة في طريق إسعاف مصابي الحوادث وبالأخص المرورية، ملتهما الساعات الذهبية لإنقاذهم فإما تفاقم من معاناتهم أو يموتون على أبوابه أو في رحلة البحث عن المستشفى المتوفر به المختصون. وطالبوا بضرورة إيجاد نظام متكامل وسهل يخدم عملية التحويل والنقل في وقت قياسي في ظل وجود إمكانيات متخصصة في مستشفيات أخرى، على اعتبار إنسانية إنقاذ الحالات الحرجة باختلاف جنسياتها ووظائفها، التي قد تكون نهايتها الوفاة أو الإعاقة في أغلب الأحيان.

وفي إطار ذلك، تحدث أخو المصاب ويدعى (م، ر) الذي بقي برفقته عن الجهود الكبيرة التي قام بها مستشفى دبا لإنقاذ حياة أخيه، غير أن إمكاناته بقيت بسيطة في إعادة الساق المبتورة بسبب عدم توفر استشاري أوردة. فالمشكلة التي واجهتهم محاولاتهم لأكثر من 15 ساعة للحصول على تحويل لمستشفى تخصصي يقبل حالته بغية إجراء تدخل جراحي يعيد ساقه لمكانها لكن دون جدوى.

مشيرا إلى أن العملية صعبة وتحتاج لأجهزة متطورة ومتقدمة، لافتا إلى أن المحاولات أتت ثمارها ولكنها جاءت متأخرة كون أخاه في حالة سيئة جدا وبات الأمل ضعيفا في إعادة ساقه وفق التقارير الطبية الأخيرة. مقترحا في ضوء ذلك إلى أهمية توفير طبيب متخصص دائم في الإسعاف يعاين الحالات في موقع الحوادث لتقرير وضعها إن كانت بحاجة إلى نقل أم لا، إلى جانب توفير نظام آلي ينسق عمليات التحويل مباشرة إلى المستشفيات التي تناسب تخصصاتها الحالات المحولة.

 

تجربة سابقة

وقال المواطن حسن إبراهيم الذي عايش هذه التجربة: "إن رحلة الموت منذ نقل المصاب من موقع الحادث وبالأخص في حوادث المرور إلى مستشفيات ندرك مسبقا إمكانيات كادرها عن تشخيص إصابات الحوادث والتدخل لإسعاف المصابين دون أن نغفل جهودهم الجبارة في إنقاذ حياة شخص، فالتحويل يكون بوابة نجاة لإجراء تدخل جراحي أو علاجي عاجل.

وما يكاد شخص يحتاج إلى تحويل حتى يبدأ رحلة البحث عن واسطة لإيجاد سرير شاغر في أحد المستشفيات المتخصصة، وتكثر البرقيات والمطالبات، حتى لا يكاد يبيت الليل من كثرة الاتصالات والسؤال بين أفراد العائلة والأصدقاء حول إيجاد واسطة، غير أن رحلة الموت تستغرق ساعات طويلة رغم أن 50 دقيقة كافية لنقل المصاب فوريا في تقرير يفسر حالته الخطيرة، في حال كانت تتوفر آلية نظام تحويلي ناجحة".

 

مركز طوارئ

من جانبه، يقترح أحمد الحفيتي نائب المدير التنفيذي لشركة الشرق للرعاية الصحية، إنشاء مركز طوارئ مجهز بإمكانات عالية يخدم كافة إمارات الدولة ومزود بخدمتي الإسعاف الأرضي والطائر للتعامل السريع مع كافة الإصابات الحرجة، بحيث يغني هذا المركز عن إجراءات التحويل والنقل الاعتيادية التي قد تستغرق الوقت الكثير من حياة المصاب.

موضحاً طبيعة عمل "مركز الطوارئ" المقترح كجهة ثابتة ومتخصصة في التعامل مع كافة الإصابات الحرجة والتخصصية على أن يتمتع بإمكانات جراحية عالية الجودة، فضلا عن ارتباطه الإلكتروني مع كافة مستشفيات الدولة الحكومية و الخاصة التي من المفترض أن تخدم حياة المصاب في الوقت المناسب. على أن يكون دور هذا المركز حيويا في استقبال الحالات والعمل على نقلها السريع للمستشفيات الأخرى في حالة تلقي خدمات الإسعاف الأولية.

موضحا أهمية أن يكون لهذا المركز إدارة ثابتة تتعامل مع كافة البلاغات التي تصل المركز وفق أرقام تواصل ثابتة، لتحد من عشوائية الإجراءات والاتصالات التي تتم لإيجاد مستشفى متخصص يقبل استقبال الحالة الطارئة.

فإن خدمة الإسعاف العاجل ومدى استجابتها السريعة بتقديم علاج مناسب للحالة أو بخدمات النقل الطبي السريع في غاية الأهمية، والتي يعاب عليها في أغلب الأحيان بالتأخر، أو باستكمال دورها في الإنقاذ بعض الرعاية الطبية للمصابين بمستشفيات التي في الأغلب تكون غير متخصصة.

لا منع للتحويلات

 

أشار د. محمد سعيد عبدالله مدير منطقة الفجيرة الطبية إلى أن تحويل الحالة يعتمد على توصيات الأطباء المشرفين على علاج المريض وإذا كانت مصلحة المريض تستدعي التحويل فإنه يتم تحويله فورا وخاصة للحالات الحرجة والطارئة ويبذلون كإدارة الجهود الكبيرة في سبيل ذلك. أما عكس ذلك فإن أولوية العلاج تكون في المستشفى نفسه، مؤكدا أنه لا يوجد منع للتحويلات الطبية - كما يتداول البعض - وإن المسألة تنظيمية لا أكثر وإن أي حالة مرضية بحاجة لمعالجة لا تتوافر في المستشفيات الحكومية فإن المريض يحول إلى المستشفيات التي تتوافر فيها تلك الخدمة. مؤكدا أن حياة المريض خط أحمر ولا تهاون بها.