للمشاعر الصادقة قوة تمكنها من اجتياز الحواجز وتشتيت المبررات والانتصار على أي خصم مهما كانت قوته ومكانته، وكيف يكون ذلك مع مشاعر الأم لأطفالها الصغار! هذه المشاعر الجياشة تحتضنها دائرة محاكم رأس الخيمة يومياً، لكنها تغيب عن البال حسب درجة تأثيرها، لكن مشاعر أم الطفلتين التي احتضنت أبناءها بعد انتزاعهما منها من قبل جديهما عنوة، أبت ان تغيب عن بال عبدالله الشيبة الشحي عضو لجنة المصالحة الذي تداول هذه القضية ووضع حداً لمعاناة العائلـة.

 

تفاصيل

بدأت تفاصيل القصة كما يروي الشيبة عندما صدر حكم بسجن الزوج نتيجة تراكم الديون عليه وعجزه عن سداد المبالغ المستحقة عليه، الأمر الذي ترك زوجته وحيدة في المنزل مع طفلتيها الاثنتين اللتين لم تتجاوزا الخمس والثلاث سنوات، في هذه الأثناء كان حزن والدي الزوج عظيماً على ابنهما ما جعلهما يتهمان الزوجة بأنها سبب مشكلات الزوج ودافعه للاستدانة من أجل ان يلبي رغباتها، ويقــررا أنهــا غيـــر مؤهلـــة لتربيـــة الطفلتيـن، ومن ثم قامــا بأخـــذ الطفلتــين عنـــوة منهــا.

وأضاف عضو لجنة المصالحة ان المفاوضات استغرقت شهوراً مع الجدين لإرجاع الطفلتين لحضن والدتيهما، التي كانت تتواصل باستمرار مع كل قريب وبعيد للتوسط لهــا عنــد الجدين لأخــذ الطفلتيــن أو حتــى لقائهمــا، لكن الجديـــن تعنتـــا بصـــورة كبيـــرة لحين تم إقناعهما بضرورة التواجد في المحكمــة مــن أجــل تقريــر مصيرهمــا.

يروي عبدالله الموقف الذي دار في غرفة المصالحة قائلاً "كان الملفت للنظر في الجلسة سكون الطفلتين وشرودهما بصورة واضحة للعيان، كأنهما أجساد فقدت الروح في حضن جديهما لا يتكلمان ولا يضحكان ولا يبديان أي مشاعر، لحين طرق باب الغرفة والذي كان أداة سحرية لمست الطفلتين اللتين استشعرتا الشخص الذي يقف خلف الباب فاتسعت أعينهما بترقب، ثم دوت صرختين من أعماق روحهما التي ردت لهما فجأة بمجرد ان شاهدا والدتهما فارتميا بأحضانها وألصقت دموع الأم ودموعهما بعضهم ببعض رافضين الانفصال طوال مدة الجلسة التي حركت مشاعر الجميع حتى الجد والجدة".

 

موافقة

وأكد الشيبة ان موقف الطفلتين كان أفضل وأبلغ من أي مفاوضات قديمة حدثت لإقناع الجدين بأهمية بقاء الأطفال مع والدتهما، حيث وافق الجدين على ان يبقى الأطفال مع الأم بشرط بقاء الجميع في منزل الجد ليشرف على الاعتناء بالطفلتين وأمهما، وقامت لجنة المصالحة كذلك بإيجاد حل لقضية الأب المدين وتواصلت مع أهل الخير لسداد المبلغ وتقسيطه للدائنين، ورجع الأب لأحضان عائلته التي رغم كل الخلافات فقد كانت المحبة والاهتمام الدافع الأول والوحيد له.